ما يريده الآب يفعله الابن والروح القدس
كيف شرح الرب يسوع هذا "لَا يَقْدِرُ ٱلِٱبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا إِلَّا مَا يَنْظُرُ ٱلْآبَ يَعْمَلُ. لِأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهَذَا يَعْمَلُهُ ٱلِٱبْنُ كَذَلِك . لِأَنَّ ٱلْآبَ يُحِبُّ ٱلِٱبْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ، وَسَيُرِيهِ أَعْمَالًا أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُم (هذه عن الأعمال التي سيعملها المسيح في المستقبل كإقامة لعازر وهذه أعظم من شفاء مريض بيت حسدا الذي كان حوار المسيح مع اليهود بسببها في هذه الآيات)" (يو5: 19-20). وتعبير أن الابن يرى فكر الآب وينفذه، يشير للإتحاد التام بين الآب والإبن. فليس مخلوق يعرف ويطلع على فكر الآب سوى الابن والروح القدس. فالابن يعرف تماما فكر الآب، وحيث أن الابن هو قوة الله، فهو ينفذ تماما فكر الآب أو إرادة الآب.
وبنفس الأسلوب فلكي يقول السيد المسيح لليهود أنهم في توافق مع فكر الشيطان ويعملون ما يريده الشيطان قال لهم "أنتم تعملون ما رأيتم عند أبيكم" (يو38:8). قال المسيح لهم ذلك لأنهم أرادوا أن يقتلوه، والشيطان كان قتالا للناس منذ البدء (يو8: 44).
وقوة الله وحكمته لا ينفصلان عن الله، فما يريده الآب ينفذه الابن قوة الله دون أن ينفصل عن الآب، فهو قوة خالقة خارجة من الآب (مولودة من الآب) تخلق كل شيء – وأيضًا تحفظ كل الخليقة "حامل كل الأشياء بكلمة قدرته". وقوة الله تعمل دون انفصال عن الآب (عب1: 3). وهكذا الروح القدس يحيي الخليقة دون أن ينفصل عن الآب.
لا يمكن أن يحدث انفصال بين الآب وحكمته فيكون الآب بلا حكمة.
وهكذا لا يمكن أن ينفصل الآب عن روحه فيظل الآب بلا روح.
يقول رب المجد "لَا يَقْدِرُ ٱلِٱبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا إِلَّا مَا يَنْظُرُ ٱلْآبَ يَعْمَلُ" ويقول "أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل" (يو5: 17) فالآب يعمل أعمالا غير منظورة، والابن الخالق يعمل الأعمال المنظورة. ويمكن تصور هذا كما لو كان عندي فكرة وأنفذها بيدي بدون أي انفصال بين ما في ذهني وبين يدي التي نفذت ما في فكري.
مثال آخر: مهندس في فكره تصميم رائع، ويطلع عليه آخر يقوم بتنفيذه (وهذا مستحيل فكيف يطلع الآخر عليه). في هذا المثل المهندس صاحب الفكر والمنفذ شخصان مختلفان، أما بالنسبة لله فالآب والابن واحد، لذلك فالابن يطلع ويعرف فكر الآب تماما فينفذه.
مثال مما يحدث الآن:- تقوم شركة بتصميم منتج أو سلاح حديث، وتكون تفاصيل ورسومات هذا المنتج على الكمبيوتر الخاص بالشركة. وتقوم شركة أخرى بالتجسس على الكمبيوتر الخاص بالشركة المصنعة (عن طريق الهاكرز hacking) فيصبح كمبيوتر الشركة المصنعة كأنه كتاب مفتوح أمام الهاكرز hackers فيأخذون التصميم ويقومون بتصنيعه.
أما عن الروح القدس فيقول القديس بولس الرسول "لِأَنَّ ٱلرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ ٱللهِ. لِأَنْ مَنْ مِنَ ٱلنَّاسِ يَعْرِفُ أُمُورَ ٱلْإِنْسَانِ إِلَّا رُوحُ ٱلْإِنْسَانِ ٱلَّذِي فِيهِ؟ هَكَذَا أَيْضًا أُمُورُ ٱللهِ لَا يَعْرِفُهَا أَحَدٌ إِلَّا رُوحُ ٱللهِ" (1كو2: 10-11). ولذلك يقول أن ما يسمعه الروح فهو الذي يعلنه لنا، أي ما يريد الآب أن يصل إلينا هذا يعرفه الروح فيخبرنا به "وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ ٱلْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ ٱلْحَقِّ، لِأَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ" (يو16: 13).