ظهر الله لبولس الرسول في رؤيا بالليل وقال له: "لا تخف، بل تكلم ولا تسكت، لأني أنا معك. ولا يقع بك أحد ليؤذيك" (أع18: 10).
القديس بولس أخذ هذه العبارة، وعاش بها، ممتلئًا من الإيمان قوة. وقف قدام ليساس الأمير، وفِيلكس الوالي، وأمام العزيز فَسْتوس وأغريبا الملك. ولم يستطع أحد منهم أن يؤذيه. بل على العكس خافوا منه. لماذا خفتم أيها الملوك والأمراء من هذا الأسير المقيد بالسلاسل؟ يجيبون: لم نخف منه، وإنما من الإله الذي معه، من الرب الساكن فيه... بولس هذا في شخصه نستطيع أن نقدر عليه. ولكن لا نقدر عليه عندما يقول: "أحيا لا أنا، بل المسيح الذي يحيا في" (غل2: 20).
قبض ليساس الأمير على القديس بولس، فماذا فعل به؟ هل آذاه في شيء؟ كلا. بل أعد قوة مسلحة تتكون من 200 عسكري، و70 فارسًا و 200 رامح، فأركبت القديس بولس، وأوصلته سالما إلى فيلكس الوالي بقيصرية... (أع23: 23، 24) صحيح يا رب، أنت معنا. ووقف القديس بولس أمام فيلكس "وبينما كان يتكلم عن البر والتعفف والدينونة العتيدة أن تكون، أرتعب فيلكس..." (أع24: 25).
ارتعب الوالي من أسيره المقيد، من القوة العجيبة التي تخرج منه، من الله الذي معه، من عمانوئيل...
وقف القديس بولس أمام الملك أغريباس، فكانت النتيجة أن قال له الملك: "بقليل تقنعني أن أصير مسيحيًا" (أع26: 28). وشهد عنه قائلًا: "إن هذا الإنسان ليس يفعل شيئًا يستحق الموت أو القيود". هذه فكرة عن عمل عمانوئيل إلهنا، عندما يكون معنا، ويحطم كل قوة أمام عبيده، فلا يقع بهم أحد ليؤذيهم.
هذا هو عمانوئيل الذي كان مع الثلاثة فتية في أتون النار "فلم تكن للنار قوة على أجسامهم، وشعره من رؤوسهم لم تحترق، وسراويلهم لم تتغير، ورائحة النار لم تأت عليهم" (دا3: 27)، حتى انذهل نبوخذ نصر قائلًا: "ليس إله آخر يستطيع أن ينجي هكذا"...