الأنبا بيشوي مطران دمياط
أجعل شريعتي في داخلهم
قديمًا كانت الشريعة مكتوبة على ألواح من حجارة، وعندما أخذ موسى النبي الوصايا العشرة كانت مكتوبة بإصبع الله على لوحين؛ أربعة على اللوح الأول، وستة على اللوح الثاني. ولكن الله وعد في هذه المرة بأن تكون مكتوبة على قلوبنا.
إن الكتاب المقدس مكتوب على قلوبنا. وقد وعد السيد المسيح وقال "أما المعزى الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم" (يو14: 26). وأيضًا "وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية" (يو16: 13).
وقد تحقق هذا الوعد عندما بدأ التلاميذ في كتابة الأناجيل. فقد تذكروا كلام السيد المسيح. ومثال لذلك عندما كتب معلمنا متى البشير الموعظة على الجبل. فالروح القدس هو الذي أوحى إليه بهذه الكلمات وذكره بها. فعندما نقرأ الكتاب المقدس ونحن مصلون وخاشعون، و في حالة اتصال حقيقي مع الله. نشعر أن ما نقرأه موجود في داخلنا، وليس غريبًا عنا. كما إننا نعيش فيه، والله ينطق به في داخلنا بقوة الروح القدس الساكن فينا لذلك نستطيع أن نميز إن كان ما نقرأه هو كلام الله، أم كلام شخص آخر. ولذلك إذا فُرض أن شخصًا ادّعى أن لديه إنجيلًا، أو سفرًا من أسفار الكتاب المقدس، وقال إن هذا السفر ينسب إلى أسفار العهد الجديد أو أسفار العهد القديم. فإذا قرأنا هذا الكتاب بالروح نستطيع أن نكتشف إن كان هذا إنجيلًا حقيقيًا أم لا بدون أن نشعر بالاحتياج إلى الدراسة أو التعمق في التاريخ واللغات والعلوم.
إن الصغير مثل الكبير يستطيع أن يميّز كلام الله كما قال الكتاب "ولا يعلِّمون بعد كل واحد صاحبه وكل واحد أخاه قائلين اعرفوا الرب لأنهم كلهم سيعرفونني من صغيرهم إلى كبيرهم يقول الرب لأني أصفح عن إثمهم ولا أذكر خطيتهم بعد" (أر31: 34).