يحمل الإنسان إذن في طبيعته قدرة الاتّصال بالله وكذلك بعناصر الدنيا الماديّة. فحين يميل إلى الطرف الأول يتطاير في العشق الإلهيّ، فيصير مثل الله بالنعمة وليس بالطبيعة؛ وعندما يميل إلى الطرف الثاني يفقد روحانيّته ويصير أقرب إلى المادّة لا حياة فيه، كذلك بالحالة وليس بالطبيعة. يمكن للإنسان أن يصير روحانيّاً أو ماديّاً بقدر ما يميل إلى الله أو المادّة، يمكنه بطبيعته أن يسلك في أحد الاتجاهَين.هذا التحوّل نحو الروح أو نحو المادّة ليس طبيعيّاً ولا عفويّاً ولا أوتوماتيكيّاً ولا بالصدفة! يقدر الإنسان على ما هو روحيّ كما يقدر على ما هو ماديّ، هذا في طبيعة الإنسان نعم، لكن أن يلتفت إلى ما هو روحيّ ويطلبه أو إلى ما هو ماديّ ويشتهيه ويجذبه، هذا في إرادته. إذ تلعب حريّة الإنسان الدورَ الأساسيّ في اختيار أحد الاتجاهَين وتقبّل جاذبيّة أحد الطرفَين، الروحيّ أو الماديّ.
المطران بولس يازجي متروبوليت حلب