عقلانيّاً، يتساءل إنسان اليوم، لماذا بلغة الدين نسمّي أفعالاً وتصرّفاتٍ ما “خطيئةً”؟ ما دامت هذه أحياناً كثيرةً تبدو مفيدةً لي شخصيّاً، ومناسبة أو مريحة، وتلبّي لديّ شهواتٍ دون أن تضرّ أحداً آخر، ولربّما أحياناً تبدو مفيدة له أيضاً؟ لماذا هذا المفهوم “العتيق” و”المعقّد” للخطيئة؟
عقلانياً، يحلّل غالبيّة الناس اليوم مفهوم الخطيئة، مصطدمين بالمفاهيم “الدينيّة” القديمة لها! هم يرغبون إذاً بتجاوز كلّ الموانع وكلّ رادعٍ أخلاقيٍّ، حتّى ولو كلّفهم ذلك أحياناً إسكات صوت الضمير الداخلي، متساهلين مع كلّ ما يتركه هذا الأسلوب التحليليّ من غموضٍ داخليّ. ويحتكمون بعد ذلك إلى تسمياتٍ جديدةٍ لتلك التصرفات من أجل تبريرها. ولو أنّنا تناولنا أدقّ التصرفات وأهمّ المسلكيّات الإنسانيّة، وتساءلنا ما هو تحديد الإنسان المعاصر للخطيئة فيها، لوجدنا أنّنا غالباً ما نفسد ذلك مستبدلين الرشوة بالشطارة مثلاً، وخالطين الحبّ بالزنى أحياناً، ومحوّلين الخدمة إلى الاستخدام، ومعوّضين عن المحبّة بالمصلحة، ومحدّدين السعادة بالرفاهيّة… ولا نتأخر عن تحليل ذلك بعقلانيةٍ تبرّر كلّ ذلك.
من كتاب سفر الكلمة- الجزء الأول
للمتروبوليت بولس يازجي