رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البابا شنودة الثالث مخافة الله هناك وسائل أخرى كثيرة نصل بها إلى محبة الله. وسنتكلم عنها بشيء من الإيجاز، ومنها: مخافة الله. محبة الخير. محبة الناس، وبالتالي الخدمة. وسائط النعمة. تذكار الموت والدينونة. المخافة هي بداية الطريق إلى المحبة. يقول الكتاب المقدس في سفر الأمثال "بدء الحكمة مخافة الرب" (أم 9: 10)، ويقول المرتل في المزمور "رأس الحكمة مخافة الرب" (مز 111: 10). فكيف ذلك؟ وما العلاقة بين المخافة والمحبة؟ بينما يقول القديس يوحنا الرسول: "لا خوف في المحبة. بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج" (1يو 4: 18). حينما تبدأ بالمخافة، سوف تطيع الله وتنفذ وصاياه: على الأقل ستخاف من عقوبته، ومن يوم الدينونة الرهيب، ومن العذاب الأبديوبطاعة الوصايا سوف تجد فيها لذة، وتجدها نافعة جدا لحياتك، كما كان داود النبي يتغنى بوصايا الله، وبشريعته وناموسه، في مزاميره. ويقول "وصية الرب مضيئة تنير العينين من بعد"، "وصايا الرب مستقيمة تفرح القلب"، "تصير الجاهل حكيما"، "اشتهى من الذهب والإبريز الكثير. وأحلى من العسل وقطر الشهاد" (مز 19). ويقول أيضًا في المزمور الكبير "اذكر لعبدك كلامك الذي جعلتني عليه أتكل، هذا الذي عزاني في مذلتي" بكل قلبي احفظ وصاياك"، "بشريعتك أتلذذ " الكل كمال وجدت منتهى. أما وصاياك فواسعة جدًا "كم أحببت شريعتك. اليوم كله هي لهجي" (مز 119). وبمحبة وصايا الله، نحب الخير. وبمحبة الخير، نصل إلى محبة الله. المحبة للخير ربما في بادئ الأمر نغصب أنفسنا على محبة الخير، ولكننا بتوالي ممارسته نعمله بكامل إرادتنا، بل وبرغبة قلوبنا. ولا نستطيع أن نخطئ (1يو 3: 9). وأنا أقول محبة الخير، وليس مجرد عمل الخير، فقد يفعل الإنسان الفضيلة خوفًا، أو خجلًا من انتقاد، أو الناس، أو اتقاء للعقوبة، أو حفظا لسمعته، أو مجاملة، أو مجاراة للمجتمع، أو رياء بينما يحب الخطية في أعماقه. ليست هذه المظاهر هي التي توصل إلى محبة الله. فالمقصود ليس هو عمل الخير بل محبة الخير إن الله لا يهمه الخير الذي نعمله مضطرين، أو مجبرين. كما لا قيمة للخير الذي نبغي من ورائه مديحًا أو مجدًا من الناس أو إعجابًا.. لأننا في هذه الحالة، يكون حبنا هو للمديح والإعجاب وليس للخير، كما إننا أجر ما فعلناه هنا على الأرض (مت 6: 2، 5) إنما الخير الحقيقي، هو الذي نعمله حبا للخير ذاته، وحبا لمن نصنع معهم الخير، وحبا لله نفسه.. وعندما نحب الفضيلة والخير، سنحب الله تلقائيًّا. لأن الله هو الخير المطلق. وهكذا يمكن للإنسان البار أن يحب الله بعكس الخاطئ الذي يحب الخطية، ولا يستطيع أن يحب الله معها في نفس الوقت، لأنه لا شركة بين النور والظلمة، ولا خلطة للبر والإثم (2كو 6: 14).. وكالوجوديين الذين يظنون أن الله يعطل ممارستهم لشهواتهم، فينكرون وجود الله الذي يدعو إلى الخير، ويعاقب على تلك الشهوات. أما أنت إذا أحببت البر والخير، فستجد أن الله هو مثلك الأعلى فيما تحب، فتحبه.. وإذا أحببت الخير، ستجد أنك قد ارتفعت فوق مستوى الصراع مع الخطية. إن عبارة الجسد يشتهى ضد الروح. بل روح البار هي التي تقود جسده. وروح الله يقود هذه الروح البشرية (رو 8: 14). إذا أحببت الخير، وصار جسدك هكذا مقدسا، سيكون فعلا هيكلا للروح وروح الله يسكن فيه (1كو 3: 16). وتدخل في شركة الروح القدس (2كو 13: 14). وروح الله هو الذي يسكب محبة الله في قلبك. لأنه هكذا قال الرسول"..محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا" (رو 5: 5). إذن احتفظ بسكنى الروح القدس فيك، وبشركتك مع الروح القدس في الفكر والعمل، لكي تحتفظ أيضًا بمحبة الله في قلبك. ولا تحزن روح الله بأي عمل يضاد مشيئة الرب. وهكذا تعيش باستمرار في محبة الله. الذي يحب الخير ويحب الله، جهاده الروحي هو جهاد لذيذ وبلا تعب، جهاد للنمو في الخير ومحبة الله.. إنه لا يجاهد ضد نفسه ليغصبها على حياة الفضيلة. فمادام يحب الفضيلة، طبيعي أنه لا يغصب نفسه عليها، بل يمارسها بفرح وبشوق، ويجد لذته فيها. وهكذا يحب الصلاة، ويحب الله الذي يكلمه في صلاته. ويحب الكتاب المقدس، ويحب الله الذي أرسل إليه هذه الكلمات التي تشبع نفسه. ويحب الكنيسة وكل أسرارها المقدسة. ويجد فيها نبعا روحيا يرويه وينميه. ويفعل كل ذلك بلا تغصب. لماذا؟ لأنه دخل إلى راحة الرب، دخل سبته الذي لا ينتهي، الذي يتدرج فيه من خير إلى خير أكبر. ويرتبط الخير عنده بمحبة الله ارتباطًا وثيقا وعجيبا، فالخير يقوده إلى محبة الله ومحبة الله تقوده إلى الخير. وتصبح كل منهما سببا ونتيجة بالنسبة إلى الأخرى. الذي يحب الخير، لا يرى وصية الله ثقيلة كما الرسول (1يو 5: 3)، ذلك لأنه يحبها بل إن الذي يحب الرب ويحب البر، قد ارتفع فوق مطالب الناموس، إذ قد دخل في الحب إنه يفعل الخير بلا وصية. بل بطبيعته الخيرة. ليس هو محتاجًا إلى وصية تدعوه إلى الخير. في محبته للخير، عاد كما كان صورة الله. وأصبح الخير من عناصر نفسه، يفعله كشيء عادى طبعي، لا يبذل فيه جهدًا. يصير الخير في حياته، كالنفس الذي يتنفسه، دون أن يشعر في داخله أنه يفعل شيئًا زائدًا أو عجيبا، دون أن يحاول ذلك.. ولذلك فهو أيضًا لا يفتخر أبدًا الخير، باعتبار أنه أنه شيء عادى.. إنه يحب الله، ويحب فيه الخير الذي يشتهيه. ويصبح الله هو شهوته ولذته. ويجد في الله مثالياته التي يفقدها العالم. لذلك يزهد العالم، ويجب دائما أن يلتصق بالرب، كما قال داود النبي "أما أنا فخير، وعاشرة وعاش معه. واختبر معه لذة الحياة الروحية، لذلك يقول مع عذراء النشيد "أمسكته ولم أرخه" (نش 3: 4). محبة الناس الذي يحب الخير، يحب الناس، لذلك يصنع معه خيرًا. ومحبة الناس توصله إلى محبة الله. وكما قال الرسول: "إن قال احد أنى أحب الله، وهو يبغض أخاه، فهو كاذب". لأن من يحب أخاه الذي أبصره، كيف يقدر أن يحب الله الذي لم يبصره؟! (1يوحنا 4: 20). إن أردت أن تحب الله، ابدأ أولًا بمحبه الناس. أخدم الناس، ساعدهم، احترمهم، ابذل نفسك عنهم. وعندئذ تجد أن محبه الله قد دخلت تلقائيًا إلى قلبك. أعط من قلبك حبًا لكل المحتاجين إلى الحب. أعط حبًا للأطفال، للعجزة والمسنين، للأيتام، للمحتاجين إلى الحب. أعط حبًا للأطفال، للعجزة والمسنين، للأيتام، للمحتاجين والفقراء، للمعوقين، للذين ليس لهم أحذ يذكرهم أخدمهم جميعًا، وستجد أن محبة الله قد دخلت قلبك بقوة. وستجد أيضًا أنك ترفع قلبك إلى الله ليساعدك على خدمتهم. وأنك تشكره إذ قدم لك احتياجاتهم.. تحبهم، لأنهم أولاد وشعبه. وتحبه لأنه يحبهم ويساعدك على محبتهم. وتجد أن محبة الله في قلبك ترتبط أيضًا بمحبة الناس. إن أحببته تحبهم. وإن أحببتهم تحبه.. لذلك فإن السيد المسيح حينما قال إن الوصية الأولى هي محبه الله، قال "والثانية مثلها: تحب قريبك كنفسك" (مت22: 39). تأمل في كلمة (مثلها) وكلمة (كنفسك).. لذلك فإن الخدمة توصل إلى محبه الله. الخدمة توصلك إلى محبة الله، ومحبة الله ترسلك إلى الخدمة، بشرط أنها لا تكون خدمة روتينية ولا مجرد نشاط. إنما خدمة ممتزجة بالحب. الحب هو الذي يدفع إليها، والحب يكون من نتائجها. فأنت تخدم الناس لأنك تحب ملكوت الله، وتحب لهم أن يدخلوا هذا الملكوت، وأن يحبوا الله الذي تحبه والذي يحبك. انظر ماذا قال السيد المسيح عن تلاميذه للآب "عرفهم اسمك، وسأعرفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به، وأكون أنا فيهم" (يو17: 26). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الصليب علامة المحبة محبة الله ومحبة البشر محبه الخير |
تقوى الإرادة : مخافة الله، ومحبة الله |
متى إذن يبدأ في أن يفقد محبة الله ومحبة الخير؟ |
الله والناس |
محبة الخير ومحبة الغير بقلم: البابا شنودة الثالث |