رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
انتصار الملك بقدرة الله
المزمور الثامن عشر 1. المزمور الثامن عشر هو مزمور شكر يُنشده الملك بعد نصر أعطاه الله إياه. وهو مزمور نقرأه أيضًا في 2 صم 22، على لسان الملك داود بعد أن نجّاه الله من أعدائه. في هذا المزمور يتذكّر المؤمنون في الليتورجيا وجه الملك داود وغيره من الملوك، متطّلعين إلى الملك المخلّص في الأزمنة الآتية، إلى داود الجديد الذي سيكون بحسب قلب الرب فيسلك في طرقه ويعمل بوصاياه. 2. انتصار الملك سببه قدرة الله وعونه. آ 2- 4: مقدّمة. الملك يعلن ثقته بالرب: الرب صخرتي، ملجأي، منقذي... القرن علامة القوّة والسلطان. والضعيف يتعلّق بقرون المذبح لينعم بحماية الله له (1 مل 2: 28- 35). آ 5- 7: يصوّر المرتّل الخطر المحدق بالملك، ويصرخ في ضيقه بكلمات تعبّر عن عالم الموت الذي يكتنفه ويضيّق عليه: الموت، الخراب، الشيول أو مقر الأموات. آ 8- 16: ويتدخّل الله بشكل عجائبي كما ظهر على جبل سيناء (خر 19؛ رج قض 5: 4؛ حب 3: 9؛ أي 26: 29). تزلزلت الأرض بفعل غضب الرب، وطلع البركان. نزل الرب على السحاب، وركب على الرياح كما على الكروبيم، فتبعته العاصفة بالبروق والرعود وسيول المياه. آ 17- 28: الله يخلّص ملكه الذي يُنشد له نشيد الخلاص. إن حضور الرب في السماء والأرض جعل الملك في مأمن من أعدائه مهما عظمت قوّتهم. الرب رضي عن الملك بسبب أمانته للعهد، وكافأه بحسب برّه وأعمال يديه. آ 29- 31: خاتمة نشيد الشكر الذي بدأ بالآية 5، ومقدّمة لنشيد النصر الذي يبدأ بالآية 32. آ 32- 51: الملك يُنشد النصر بعد أن تغلّب على أعدائه. والفضل في ذلك يعود إلى الربّ، ولهذا يُنشد الشعب: ليحيَ الله الذي يصنع رحمة للمسيح مليكه. 3. نقرأ في هذا المزمور صورًا تعبّر عن الأخطار المحدقة بالمرتّل. كما نسمع صلاته وصراخه إلى الرب ليستجيب له دعاءه. عند ضيقي أدعو الرب، فيسمع من هيكله صوتي، وصراخي أمام وجهه يبلغ مسمعَيه. تجاه الخطر المحدق به، يعرف المرتّل أن أعماله الصالحة هي درع له. ولكنه يعرف أكثر أن الله هو القدير، هو صخرة وملجأ ومعقل، وهو يحارب عنه ويعضده بيمينه. إن الله هو من يعطي الخلاص والنصر لمليكه. الله حاض الآن في هيكله، وهو يسمع أصوات المصلّين، كما كان حاضرًا على جبل سيناء وسط البروق والرعود، وكما كان حاضرًا وقت الطوفان. هو يحفظ أحبّاءه، ويهتمّ بالبائسين المساكين، ويخفض عيون المترفّعين المتكبّرين. هو حاضر في شعبه يخلّصه من أعدائه، وهو حاضر في الكون الذي خلقه. 4. كان يهود بعد الجلاء يتذكّرون داود عندما يصلّون هذا المزمور، ويتطلّعون إلى داود الجديد والملك المنتظر. أما نحن فنصلّيه متطلّعين إلى يسوع المسيح ابن داود (مت 1: 1) الذي مجّده الرب بسبب أمانته (فل 2: 8) وأعطاه النصر على القوّات والسلاطين (كو 2: 15) أي الموت والجحيم، وأخضع كل شيء تحت قدميه (أف 1: 21)، وجعله رئيسًا لكنيسة تضمّ اليهود والأمم الوثنية (1 كور 12: 13)، وقلّده سلطانا ملكيًا مطلقًا كما يقول سفر الرؤيا: "يخرج من فمه سيف مسنون ليضرب به الأمم، فيرعاهم بعصا من حديد... وكان مكتوبًا على ردائه: ملك الملوك وربّ الأرباب" (رؤ 19: 15- 16). ونحن المؤمنين، إخوة المسيح الذي هو بكرنا (روم 8: 29)، قد خلّصنا يسوعُ من سلطان الموت (كو 1: 13)، وبرّرنا بدمه (روم 5: 9) وها نحن ننتظر خلوده عندما يُبتلع الموتُ في الغلبة (1 كور 15: 54). 5. ظهور الله حين يسمع الربّ صلاة عابده، يحرّك الطبيعة كلّها. فسيّد التاريخ هو سيّد الكون لأنه خالقه. ويعبّر المرتّل عن ذلك بصور عن زلزلة الأرض، وتدخين الجبل بسبب البركان. نزل الله على الغيوم، فاستشاطت العاصفة وكان البرد والرعد وعلا صوت الله، والبروق التي تفتح أتلامًا في السماء، والمياه التي تتحرّك من مكانها. صوّر المرتّل هذه الخبرة الروحيّة، فاستعان بذكريات من العالم الوثنيّ حيث الآلهة تصارع قوى الطبيعة قبل أن تتغلّب عليها. ولكن المرتّل نقَّى صُوَره من كل ما يشتم منه رائحة شرك، وهذا ما يبيّن أن المزمور يختلنك عما نقرأه في سائر آداب الشرق. الربّ وحده يملك على كل هذا، وقدرته تجعل الشاعر هادئًا رغم تحرّك الكون كله. لا نجد خوفًا ولا رعدة، بل مهابة ووقارًا. ولقد عاد إلى نصّ سفر الخروج حين التقى الرب بشعبه على جبل سيناء (خر 19: 16 ي)، وإلى نص سفر الملوك الأول (19: 11- 12) حين كلّم الرب إيليا، كما استعان بهتاف الشعب بعد عبور البحر الأحمر (خر 15: 1 ي) وبنشيد دبورة (قض 5: 1 ي)، فعاد إلى تاريخ الخلاص. لقد عرف شعب اسرائيل أساطير غريبة وتفاسير ميتولوجيّة عن كوارث طبيعية، وسمع بآلهة من العالم الفوقيّ والعالم التحتيّ يتصارعون دون هوادة، سمع بآلهة خيّرة وآلهة شرّيرة. ولكنه عرف أن واحدًا وحيدًا يحقّ له اسم الله، وهو يهوه. أما ما نجد في الكون فخلائق تخضع للرب. لم نعد أمام حرب ومجابهة تُخيف الانسان، بل أمام ظهور قوّة الله. ولهذا، فالذي يحبّ الله لا يخاف من قوى الطبيعة أكانت منظورة أم غير منظورة. وكان الوثنيّون يعتبرون أن الحرب تتكرّر كل سنة، فلا ينتصر الإله إلاّ ليعود إلى الحرب، أما يهوه الرب فانتصر مرّة واحدة، والشعب يتذكّر انتصاره في الأعياد ليحتفل به. تذكّر بنو اسرائيل أعمال الله في أخبار تاريخيّة حيث ينتصر الله على أناس يعبدون آلهة مقيّدة وساقطة. وهكذا يعيش الشعب الأعمال لا في سرّ ولا في أعمال تدرُّج، بل في الواقع التاريخيّ. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|