رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
معنى الإستشهاد في المسيحية ” آباؤنا الشهداء، استقبلوا الاستشهاد، ليس فقط باحتمال ورِضَى، وإنما بالأكثر بفرحكانوا يرون الاستشهاد هو أقصر طريق يؤدى إلى أفراح السماء، إنها مجرد لحظات وساعات، يكونون بعدها في أحضان آبائنا إبراهيم وإسحق ويعقوب، وفي مجمع القديسين، وكانوا يرون الاستشهاد شركة في آلام المسيح، وشركة معه في موته، وبالتالي شركة معه في مجده، وكانوا يرون أن الاستشهاد هو خير تعبير يعبرون به عن محبتهم لله وصدق إيمانهم. ” تستحضرنى هذه الكلمات لمثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث عن الإستشهاد إثناء رؤية صور أجساد شهداء ليبيا التى أعلن عن رجوعهم الى مصر بعد أن كشف النائب العام الليبى، الصديق الصور، عن عثور السلطات الأمنية الليبية على رفات الـ21 قبطيا في مدينة سرت الليبية، والذين تم ذبحهم على يد تنظيم داعش ، الأمر الذى جعل المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية اعتبار يوم 15 فبراير من كل عام عيدًا لشهداء الكنيسة في العصر الحديث، وهو اليوم الذى وافق مقتل 21 قبطيًا على يد تنظيم داعش في ليبيا، وجاء اختيار المجمع المقدس لهذا اليوم تخليدًا لهم لانه كان بشعًا هز العالم والإنسانية جمعاء، كما يتوافر فى هذا الحدث عناصر الشهادة في المسيحية لدى الضحايا، وهي التعذيب، الاختيار، ثم القتل لعدم ترك العقيدة . تخليدا لسيرة هؤلاء الشهداء انتجت مطرانية سمالوط للاقباط الارثوذكس كاتب جديد تحت أسم “أكليل في الغربة ” تناول الكتاب سيرة ٢٠ شهيد من ابناء المطرانية ومطرانية مطاي، لوجود عدد منهم تابعين لها ولم يذكر تفاصيل حياة الشهيد ماثيو الافريقي لكون حياته مجهولة الكتاب تناول صور نادرة لحياة الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداء للمسيح . أرتباط المسيحية بالاضطهاد وعن أرتباط المسيحية بالاضطهاد يقول المتنيح الأنبا يوأنس أسقف الغربية فى كتابه “الاستشهاد في المسيحية ” إن الاضطهاد أرتبط بالمسيحية وهو يسير معها جنبا إلي جنب، وأحيانًا يصل إلي النهاية وهو ما نقول عنه الاستشهاد، وأول اضطهاد تعرضت له المسيحية كان من اليهودية إذ ولدت المسيحية في وسط المجتمع اليهودي، ورفض اليهود السيد المسيح وصلبوه، واضطهدوا أتباعه بالقتل والتعذيب أو بالوشاية وإثارة الجماهير أو بالمقاومة الفكرية، بعدها دخلت المسيحية الناشئة في صراع طويل مع الوثنية متمثلة في الإمبراطورية الرومانية بما لها من سلطة الدولة وقوة السلاح، وقد وصل هذا الصراع إلي حد الإبادة أي الاستشهاد، وأستمر الصراع حتى أوائل القرن الرابع حين قبلت الإمبراطورية الرومانية الإيمان بالمسيح وسقطت الوثنية. الإمبراطورية الرومانية ونيرون عن أول إضطهاد للأمبراطورية الرومانية يقول الانبا يوأنس كان الاضطهاد الذي أثاره نيرون هو أول الاضطهادات التي كرستها الإمبراطورية الرومانية، وأرتبط باستشهاد عمودين عظيمين في الكنيسة هما الرسولان بطرس و بولس، وقد ابتدأ في السنة العاشرة من حكم هذا الطاغية بأمره وتحريضه عام 64م حين أتهم نيرون المسيحيون الأبرياء بحرق روما وكانت كارثة مدمرة لم ينجو من هذا الحريق سوي أربعة أقسام من الأربعة عشر قسما التي كانت تنقسم إليها المدينة العظيمة والتهمت السنة النار أعرق الآثار والمباني ولم ينجو منها الناس والبهائم ، وحتى يبعد الشبهة عن نفسه الصق نيرون التهمة بالمسيحيين المنبوذين، وسرعان ما بدء في سفك الدماء وأستخدم أبشع الوسائل في سبيل ذلك، صلب البعض إمعانا في السخرية بالعقوبة التي تحملها السيد المسيح، وألقي البعض للحيوانات المفترسة في مسارح الألعاب الرياضية، ولكن كل الاضطهادات التي شنتها الدولة الرومانية علي المسيحيين ابتداء من نيرون تتضاءل أمام شد وعنف ووحشية الاضطهادات التي بدأها دقلديانوس وأكملها أعوانه، ولهذا السبب اتخذت الكنيسة القبطية بداية حكمه وهي سنة 284 م. بداية لتقويمها المعروف باسم تاريخ الشهداء ، ففي حُكم دقلديانوس لم توجد بلد في بلاد مصر إلاَّ وقد تخضَّب تُرابها بدم الشُهداء، ذلك الطاغية الذي أصدر أحكامًا بالإعدام لأكثر من 800 ألف قِبطي، حتى أنه تمادى فسفك دم بطريركها القديس بطرُس الأول المعروف بخاتِم الشُّهداء، وكان آخر من سُفِكَ دمه اثناء حُكمه ، وتعتبر اضطهادات دقلديانوس وأعوانه آخر مقاومة يائسة للوثنية الرومانية ضد المسيحية، وعلي الجانب الآخر تجلت بطولات المسيحيين وثباتهم أمام وحشية الوثنية وشراستها حتى بدت الوثنية في حالة إعياء، وأعتزل دقلديانوس الحكم في عام 305 م. بعد أن انتهي إلي نهاية سيئة ، وجاء قسطنطين وجدد اضطهاد المسيحيين لفترة قصيرة ، وهكذا يعتبر قسطنطين آخر الأباطرة الوثنيين وأول المسيحيين فقد جعل من المسيحية الديانة الرسمية للدولة الرومانية، وأمر بحفظ يوم الأحد، وصادر المعابد الوثنية وحوّل الكثير منها إلى كنائس . حلقات الاضطهاد العشر وعن حلقات الاضطهاد العشر يقول الانبا يوأنس منذ القرن الخامس الميلادي تعود المؤرخون علي تقدير الاضطهادات التي خاضتها الدولة الرومانية ضد الكنيسة المسيحية بعشرة اضطهادات كبيرة تحت حكم عشرة أباطرة هم على الترتيب: نيرون – دومتيانوس – تراجان – مرقس أوريليوس – سبتيموس ساويرس – مكسيمينوس – ديسيوس – فالريان – أوريليان – دقلديانوس، ولكن هذا التقسيم عرفي اصطلح عليه ولا يعني أن الاضطهادات حدثت عشر مرات فقط ، لقد حاول البعض أن يربط بين الضربات العشر في مصر وهذه الاضطهادات باعتبارها رمزًا لها، كذلك يربطون بين العشرة قرون التي للوحش الوارد ذكرها في سفر الرؤيا الذي صنع حربًا مع الخروف علي هذه الحلقات العشر من الاضطهاد. الشهداء ومكانتهم في الليتورجيا وعن رتبة الشهداء ومكانتهم في العبادة الليتورجية القبطية يقول القمص أثناسيوس فهمي جورج فى كتابه ” الإستشهاد في فكر الآباء ” تتمسك كنيستنا أُم الشهداء، بحق الشهيد في إكليل الشهادة، وترسمه دائِمًا حول رأس كل شهيد، لأنه إكليل البِر الذي يهبهه الرب الديان العادل للذين يحبون ظهوره ، وتكرم كنيستنا القبطية الذين شهدوا للمسيح بموتِهِم، تكريمًا عظيمًا، جنبًا إلى جنب في درجِة الرسولية، لذلك يُذكر الشهيد في الطقس الكنسي الليتورچي بعد الرسل الأطهار مباشرةً، وقبل جميع القديسين حتى لو كان هذا الشهيد موعوظًا، فمعمودية الدم تجعله يرقى إلى رُتبة تُماثِل الرسل على اعتبار أنه كارِز بدمه، بل وتكرم الكنيسة الشهيد حتى ولو كان طِفلًا، تضعه في درجة أعلى من القديسين بل والمُعترفين أيضًا. أمَّا الذين شهدوا ولم تبلُغ شهادتهُم حد سفك الدم، تُلقِّبهُم الكنيسة (بالمُعترفين – أومولوجيتيس)، فهم شُهداء أحياء ازدحم بهم القرن الرَّابِع، فجازوا العذابات والسُّجون، ولكنهم لم يقدموا للموت، لذلك رفعتهُم الكنيسة إلى درجِة الأسقفية بعد انتهاء حُكم دقلديانوس، وظلَّت رُتبة الشُهداء والمُعترفين في الطقس الكنسي أعلى من أي لقب كنسي، حتى أنَّ البابا أثناسيوس الرسولي لقَّبهُ البعض “بالمُعترِف” بسبب ما وقع عليه من مِحَن وضيقات، فرتُبة المُعترفين في الكنيسة أعلى من كل رُتبة كهنوتية. تكريم الأجساد حسب التقليد الكنسي تكريم أجساد الشهداء حسب التقليد الكنسي يقول القمص أثناسيوس فهمي جورج لقد حُسِبَت أجساد الشُّهداء منذ العصر المسيحي الأول (بدايات المسيحية) كذخائِر مُقدسة وروائِع ثمينة، تُوضع في أعظم الأماكِن وأقدسها تشبُّهًا بما جاء في سفر الرؤيا (6: 9) ”رأيت تحت المذبح نِفوس الذين قُتِلُوا من أجل كلمة الله ومن أجل الشهادة التي كانت عندهم“. ولعلنا نرى في تصميم القديس أمبروسيوس في وصيته على أن يُدفن جسده بجوار الشهيدين بروتاسيوس وجيرفاسيوس دليل على مدى ارتباط إيمان أمبروسيوس بقيمة أجساد الشُّهداء وشفاعتهُم. ويقول أيضًا المُؤرِخ يوسابيوس أنَّ مِلكِيِة أي كنيسة لجسد شهيد أصبح غِنَى وشُهرة فائِقين، بالإضافة إلى صحة الإيمان والعقيدة، لذلك صارت الكنائِس تتسابق على قِنيِة هذه الأجساد الغالية، حتى أنَّ بعض الكنائِس سامت أساقفة مسئولين عن أجساد القديسين التي تحتفِظ ببركِتها. وبالرغم من إلحاح الشُهداء أنفُسهُم برفض أي تكريم لأجسادهُم، إلاَّ أنَّ الكنيسة وفاءًا منها لشُهدائها، الذين قدَّموا أجسادهُم مذبوحة ودِماءهُم مبذولة، رأت من الضروري بل ومن الواجِب أن تُكرِّم أجسادهُم، فبعض الشُهداء لم يُمانِعوا أن تُحتفظ أجسادهُم للتذكار، كما جاء على لسان الشهيدة بربتوا ، لذلك مهما كانت الكنيسة صغيرة وفقيرة، لكنها تضُم رُفات شهيد، تصير موضِع جذب لكثيرين، لأنَّ الشُهداء يعملون صيادين للناس بعد شهادتهُم، إذ يصطادون ربوات من الناس إلى مواضِع أجسادهُم ومقصورات رُفاتهُم الكريمة. سيكلوجية الشهداء وصلواتهم وعن سيكلوجية الشهداء وصلواتهم وأدعيتهم لحظة استشهادهم يقول القمص أثناسيوس فهمي جورج لقد احتفظت لنا الكنيسة في ذاكِرتها بأعمال الشُهداء وأقوالِهِم وبطولاتِهِم واعترافِهِم حتى سفكوا دمائِهِم بفرح، ومن هذه الصلوات والأقوال نتعرَّف على روحهم ومعنوياتهم وسيكولوچياتهم، تلك التي كانوا يعيشونها لحظات تعذيبهم وقبيل ذبحهُم في ميادين الاستشهاد وساحاته، إنَّ هذه الصلوات والأدعية تفصِح عن غِنَى وعُمق النَّفْس الداخلية بتعبيرات تفوق كل أدب ، إنها تكشِف لنا عن معدن هؤلاء البواسِل المُجاهدين، وتربيتهُم وسيكولوچياتهُم، وإيمانهم وسلامِة نياتهُم، وثبات مقصِدهم في تلك الساعة الحاسِمة. إنها أدعية وصلوات قصيرة سهميَّة مُوجهة إلى الثالوث القدوس، لأنَّ الشهيد، بينما يُعذَّب، كان يُصلِّي ويتضرع ويشكُر ويُناجي الرب الذي عشقه ومن أجله تألَّم، طالِبًا المعونة الإلهية والثبات، طالِبًا الصفح والغُفران، بروح خشوعية تشعُر بعدم الاستحقاق، وكذا الصلاة من أجل المُعذبين، كما فعل إستفانوس رئيس الشمامِسة العظيم أوِّل الشُّهداء مُتمثِلًا أيضًا بدوره بالرب ولا يغيب عن بالنا أنَّ سِيَر الشُّهداء منذ العصور المُبكرة للكنيسة قد دخلت ضِمن العبادة الليتورچية، فلا يمكن أن نحتفِل بعيد شهيد إلاَّ من خلال القداس الإلهي. وهذه الصلوات والأدعية التي ردَّدها شُهداء الكنيسة وهم في القيود والسلاسل مُحاطين بالنيران والأُسود الضارية، والسيوف المسنونة والوحوش الجائِعة، والجنود والحرَّاس إنما هي ترجمة تعبيرية حياتية عن خبرة واختبار طالما عاشوه ومارسوه وتذوقوه ثم أتوا لكي يُختم عليه بالبركة الإلهية، بنوال نعمة إكليل الشهادة. امتزجت هذه الصلوات بالاعتراف بالإيمان في لحظات العذاب والألم وقبل الموت مباشرةً، ولا شئ يمتحِن النَّفْس ويختبِرها أكثر من الموت والعذاب، ولا شيء أعظم من الاستشهاد الذي تنبُع عظمته من الدم والنار والعذاب، والذين سجَّلوا لنا هذه الصلوات كانوا من الشهود الذين عاينوا الأحداث نفسها، وتُعد هذه النصوص من أقدم الصلوات، التي دوَّنها أُناس كانوا قريبين من النار والسيف ثم أسلموا أرواحهم لله لتكون دمائهم بمثابة بذار للإيمان فى كل العصور. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
تأملات ما بعد الإستشهاد |
الإستشهاد |
نحن ندعو الإستشهاد كمالا، |
الإستشهاد |
.( الإستشهاد المسيحي و مجد الشهداء ). |