تعزية أسر شهداء حلوان والعمرانية
البابا تواضروس الثاني
ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عظته الأسبوعية البوم الأربعاء، من كنيسة القديسة العذراء مريم والقديس الأنبا بيشوى بالأنبا رويس، بالكاتدرائية في العباسية
“باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين. تحل علينا نعمته وبركته من الآن وإلي الأبد آمين.
نقرأ اليوم جزء من رسالة بولس الرسول إلى فليمون (1-25:1)
واستطرد البابا كلمته قائلاً: في البداية نذكر اخواتنا الشهداء في حلوان والعمرانية ونقدم التعازي لأسرهم ونتعزى معهم ويجب أن يعطينا هذا الأمر ان نكون في غاية الاستعداد دائما لملاقاة الله، وبصلي من أجل اخواتنا المصابين والمجروحين من أجل أسرهم ونصلي من اجل الكنيسة ،واهنئكم ببداية العام الجديد 2018 ويكون عام سلام ومحبه وان تستيقظ القلوب النائمة والقلوب التي باعت نفسها لعدو الخير.
“لقد اخترت اليوم هذه الرسالة لأنها رقم ١٨ في العهد الجديد بمناسبه العام الحديد ٢٠١٨م واخترت فيها أية واحده فقط نتأمل فيها اليوم وهذه رسالة شخصية وجهها الرسول بولس إلي صديقه فليمون من أجل عبده الهارب أُنسيمس الذي التقي به في السجن بروما، وآمن علي يده وتاب واعتمد. وبعد فترة أعاده الرسول ومعه هذه الرسالة.
وهي رسالة مملوءة حبًا وحملت تطبيقا عمليا للمبادئ المسيحية، ونري فيها إنشغال بولس الرسول بمشكلة العبد أُنسيمس مع سيده فليمون ونسى آلامه هو الشخصية وأنه مسجون، لكن يفيض من حبه لكل من فليمون وأُنسيمس.
وفى الايات(١٠:١١) “أطلب إليك لأجل ابني أُنسيمس الذي ولدته في قيودي، الذي كان قبلا غير نافع لك ولكنه الآن نافع لك ولي” ونتأمل اليوم في هذه الجملة “الذي كان قبلا غير نافع لك ولكنه الآن نافع”
مع بداية عام جديد فلنبدئ بداية نافعه ربما كانت حياتك انت ايها الانسان غير نافعه ولكن نأخذ أنسيمس رمزا لنا ونغير من حياتنا ونكون نافعين، واتحدث عن الجسد وأعضاءه كتطبيق عملي لهذه الآية (الذي كان قبلا غير نافع لك ولكنه الآن نافع لك ولي).
الله اعطانا اجساد نعيش بها والروح تستخدم الجسد كعطيه أي وسيلة. لكن بعد الناس اعتبروا ان الجسد مجال لشهوات كثيرة والأخطاء.. ومثال لذلك صحة الجسد أمر مطالب به مثل الشخص السمين الذى يأكل كثيرا، ونجد اليوم أن في دولة عظيمة مثل انجلترا بدأت في تقنين الشكولاتة للأطفال وبالتالي صحة الجسد انت مطالب بها. وستقف اجسادنا يوما امام الله وليست نفوسنا فقط؛ وسينظر إلى اعضاءنا وكيف استخدمناها لذلك اعضاء جسم الإنسان قد تكون غير نافعة ونتذكر في سفر الأمثال آية (6: 16) “هذِهِ السِّتَّةُ يُبْغِضُهَا الرَّبُّ، وَسَبْعَةٌ هِيَ مَكْرُهَةُ نَفْسِهِ عيُونٌ مُتَعَالِيَةٌ، لِسَانٌ كَاذِبٌ، أَيْدٍ سَافِكَةٌ دَمًا بَرِيئًا، قَلْبٌ يُنْشِئُ أَفْكَارًا رَدِيئَةً، أَرْجُلٌ سَرِيعَةُ الْجَرَيَانِ إِلَى السُّوءِ،شَاهِدُ زُورٍ يَفُوهُ بِالأَكَاذِيبِ، وَزَارِعُ خُصُومَاتٍ بَيْنَ إِخْوَةٍ” وكان لنا سلسلة تأملات في هذا السفر .
ونأخذ خمسة امثلة من خمسة أعضاء كيف كانت غير نافعة ويمكن ان تكون نافعة. ونطبق الآية ( الذي كان قبلا غير نافع لك ولكنه الآن نافع لك ولي)،
اولاً: اليد
اليد التي منحها الله لنا وقد تستخدم اليد في السرقة او الضرب أو التعذيب والعنف والإرهاب وممكن ان تستخدم اليد في الاستخدام المعنوي، بأن يكتب مقالات او جمل على وسائل التواصل الاجتماعي او بشكل أخر و تثير البلبلة والأكاذيب وهكذا يدك لم تكن نافعة .
ومع بداية السنة الجديدة نجعل ايادينا نافعه مثل ان نمدها بالإحسان للفقراء والمساعدة للضعفاء وصنع الخير وفى امثال 3 (لا تمنع الخير عن أهله حين يكون في طاقة يدك ان تفعله ) وممكن ايضاً ان تستخدم يدك في تطييب جراح الناس، والله لم يعطيك يد لتمارس عنف بل لتكون خيراً لك ولغيرك، والذى يمارس العنف هو شخص غير نافع، وممكن ان تستخدم يدك في الصلاة ليكن رفع يدى قدامك كذبيحة ارفع يدك كتقديم ذبيحة. “دَعَوْتُكَ يَا رَبُّ كُلَّ يَوْمٍ. بَسَطْتُ إِلَيْكَ يَدَيَّ. “
ثانياً: القدم
الإنسان الشرير يسير في طرق معوجة ويمشي برجليه للشر، أي عندما يمشي الإنسان برجليه للانضمام لأخرين او لتفجير مكان وصنع شر هذا استخدام ضار لقدميك، ورجليك بتحملك حيث تشاء، فعندما كنت طفل رضيع كانوا يحملونك لكن الآن لديك قدرة للمشي فأجعل قدميك تأخذك للنفع كما نقول (قدم السعد) ، ويقول داود النبي مز 122: 1): فَرِحْتُ بِالْقَائِلِينَ لِي إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ نَذْهَبُ)
والقدم هي التي تحملك لزياره المرضى والمساجين،
فهل وقفت امام الله وشكرته على نعمه قدميك انت مكلف باستخدام قدميك فى المصلحه العامة والنفع واجعل اقدامك اقدام سعد تخدمك وتخدم غيرك، مثل قصة الإبن الضال، الذي أخذته قدميه للشر حتى ترك والده وذهب مع أصدقاء السوء حتى صار راعى خنازير .
ثالثا: العين
هذ العضو اكتر عضو نستخدمه كل يوم، ويقولوا ان العين أساس المعرفة وتتدخل في ٧٥٪ من استقبال المعرفة الدراسة والعمل والخدمة العين هي الطريق للتعليم والعيون انواع توجد عين لا تنظر سوى الشر وعين لا تقرأ إلا كل ما هو فاسد وعين تمتلئ بالشهوات الرديئة، ويوجد عين طماعة وعين الإنسان فارغة دائماً وأسأل نفسك هل عينيك غير نافعه فيها شر وجشع ؟
ويوجد أيضاً عين ناقضة دائماً، ناقضة لكل شيء ومن فضلة القلب يتحدث اللسان، وعين تفتش في اخطاء الاخرين وتحتقرهم وإياك ان تظن أن العين لا تحاسب فما تصنعه عيناك تكون امام الله في الدينونة، إذا كانت عيناك غير نافعة فأبدأ مع السنه الجديدة واجعلها نافعة وترتفع عن الارضيات بل ثبتها على السماء.
رابعاً: الأذن
الأذن جهاز في جسم الانسان مفتوح دائماً وهى ايضا تسمع في أي اتجاه ولا تحتاج للنور، يوجد شخص يسلم اذنه للسوء والكلام الفارغ وكل افكار عدم الوقار ويوجد شخص يسلم أذنه للهرطقات وعدم الإيمان، فماذا تسمع اذنك، يوجد شخص يهوى سماع ألفاظ خارجة ورديئة حتى يصير مردداً لها. ومع بداية السنه الجديدة إجعل اذنك نافعة، وفى التقاليد الرهبانية عند زيارة الأديرة لما نقابل الاب الراهب نقول له (قول لي يا ابى كلمه منفعة) مثل الأنبا بولا عندما “قال من يهرب من الضيقة يهرب من الله” خمس كلمات لكن عاشوا طويلاً حتى الآن فالكلمة الحلوة تستمر وتشجع وتعزى، وكلنا نعلم القصة الرهبانية عندما كان القديس يرجع قلايته كان ينفض أذنه من الكلام حتى لا تدخل كلمة ردية الى مكانه المقدس، مثل أنواع الموسيقى التي انتشرت مؤخراً التي تثير الشهوات الجنسية فيفقد الإنسان سلامه ونقاوته، ويوجد شخص يستمع للفضائح والأكاذيب
اجعل اذنك نافعة، ولتكن حكيماً في استخدام الأذن واعرف الأحاديث التي يجب ان تصغى اليها والأحاديث التي يجب ان لا تعطيها أي اهتمام .
خامساً: اللسان
اللسان له وظيفتين الأولى التذوق والثانية النطق
فماذا يخرج من لسانك كلمات ردية ام حسنة! ومن فضلة القلب يتحدث اللسان، وهل لسانك لا يذكر سوى الأمور المعوجة والقبيحة ويحب النفاق ويميل للألفاظ الخارجة ،وهل تشتكى من لسانك؟؟
واحياناً نواجه مشاكل بسبب اللسان، كلمة واحدة قد توتر العلاقة بين الأزواج، فهل لسانك كان غير نافعاً العام الماضي؟ فكل كلمة بطالة سوف تعطون عنها حساب ليوم الدين، فمن ذا الذى يخلص اجعل لسانك حكيم ولا تندفع (حلاوة الشفتان تزيد علماً ) في امثال ١٦ ومثل تعبيرنا الخاص (فلان لسانه ينقط سكر). لا تجعل لسانك يجعلك تنحرف وليكن كلامكم كل حين بنعمة مصلحاً لتعلموا كيف يجب ان تجاوبوا كل أحد، وليكن كلامك كلام موزون والمرة السابقة تحدثنا عن عبارة ((أحبك يارب ياقوتي احفظ لسانك فى طهارته ونقاوته اجعل دائما. لسانك يتحدث عن الله (اخبر باسمك أخواتي)
ويقول أيوب طالما اتنفس “لن تتكلم شفتاى إثمًا”،
راجع نفسك مع بداية عام جديد واجعل يدك وعينك واذنك وقدميك و لسانك نافعين .
مثل بولس الرسول وهو بيكتب عن انسيموس (الذي كان قبلا غير نافع لك ولكنه الآن نافع لك ولي)
واختتم البابا كلمته.. “بنعمه المسيح عيد الميلاد المجيد على الأبواب وكل سنه وحضراتكم طيبين، وسنصلى هذا العام في الكنيسة بالعاصمة الجديدة وهذا العام نحتفل بمرور ٥٠ عام على انشاء الكاتدرائية التي موجودين فيها كاتدرائية مارمرقس وهذه مناسبة طييه وترتيب من الله وأكيد البابا كيرلس فرحان لأن من خمسون سنة افتتحها مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وهذه الكاتدرائية ساهمت الدولة فى بناءها وبعد خمسون سنة يقدم لنا التاريخ صفحة جديدة بافتتاح كاتدرائيتنا الجديدة بحضور السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وستتوقف العظة اسبوعين ونعود يوم ٢٤ يناير الجاري
نعمه الله الآب تكون معكم آمين