في ساعات ضعف المسيح على الصليب أكتُشِفَ ضعف الله ، وضعف الله هو أقوى من قدرة الإنسان ، فأثبت أخيراً أن قدرة الله على الصليب غلبت كل المتحدين ، وغلب سلاح الموت بقوة القيامة . فالذي ينظر اليوم إلأى الصليب في ضوء الحياة المسيحية الجديدة لعرف أنه يعني لجميع المتكلين عليه قدرة الله وحكمته . ففي موضوع الإيمان بالمصلوب ، وعمل الصليب الكفاري يصبح الإنسان قادراً على استخدام حريته في سبيل الآخرين ودعوتهم إلى السير خلف المصلوب . فرسالة القيامة مرتبطة بالمصلوب ، والفصح لا يمحو الصليب ، بل يثبته ويضفي عليه معنى ، فيجب ألا تظلل رسالة القيامة رسالة الصليب ، لأن الصليب ليس مرحلة عابرة أو مؤقتة نحو الخلاص ، ولا طريقاً إلى الثواب ، بل هو توقيع المصلوب الدائم . لا يمكن أن ينظر الإنسان نظرة صحيحة إلى الفصح إن لم يحفظ في باله يوم الجمعة العظيمة . أن الذي يرى في سر الصليب الغامض تعبيراً عن نعمةٍ ومحبة ذلك الإله الذي لم يدين أحداً ، بل نقبلهم من أول مرة ووضع ثقته فيهم وأحبهم . ذلك الإنسان لم يعد خادماً أو عبداً مصلوباً ، بل صار إنساناً حقيقياً ومثالاً للجميع . وصار أبناً لله الجالس في عرشه .