رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تمَّهُل الحكمة «طِلْبَتكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَامْرَأَتكَ أَلِيصَابَاتُ سَتلِدُ لَكَ ابْنـًا .. وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ» ( لوقا 1: 13 ، 14) سمع الله طلبة الزوجين القديمة، وأرسَل ملاكًا لزكريا يُبشـره: «طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَامْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا، وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ، وَكَثِيرُونَ سَيَفْرَحُونَ .. لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ الرَّبِّ»، وبالفعل صار يوحنا عظيمًا؛ بل هو أعظم المولودين من النساء بشهادة رب المجد نفسه ( مت 11: 11 ). وهنا الدرس الأول لنا، فالله الحكيم القدير عندما يتمهَّل في الاستجابـة لطِلباتنا، ليس لكي يعذبنا أو يتلذَّذ بذُّلنا، ولا لكي يحرمنا من فرحٍ لازمٍ وجازمٍ لنا، ولكن لديهِ تعالى حكمة إلهية جليلة، تجعله ينتظر علينا لكي يُعطينا ”يوحنا“ الأفضل والأعظم والأبقى لنا، سواء هنا، أو في الأبدية، وإن أدركنا هذا، فسيستمر فرحنا، ليس فقط بعطايا محبته (نجاح، زواج، أموال، إنجاب، خدمة)، ولكن سنفرح أيضًا بتمهُّل حكمته!! وبمجيء يوحنا انتهت مشكلة زكريا وزوجته نظريًا، ففرح هو بلقب ”أبي يوحنا“، وفرحت زوجته بتهاني الجيران لها. ولكن مهلاً، فلم تنتهِ القصة عند الله بعد، فقد أكمَلَ الملاك كلامه عن يوحنا قائلاً: «وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا .. لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَبْنَاءِ، وَالْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ الأَبْرَارِ، لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْبًا مُسْتَعِدًّا» ( لو 1: 17 )، وهنا كل العجب!! فيوحنا هذا سيكون له دور مزدوج في خطة الله وملكوته، جزء منه يخص المسيح ابن الله، محور أفكاره ومشورته؛ وجزء آخر يخص الناس الخطاة، محور محبته ورحمته، وهذا الأمر لم يفكر فيه زكريا من قبل!! وهنا الدرس الثاني لنا، فالله المُحب لا يكتفي بأن يُفرِّحنا باستجابته الرائعة لطِلباتنا، ولا حتى بتسديده الوافي لحرماننا، ولكنه تعالى لديه خطة شمولية رائعة لفرحنا؛ خطة متسقة ومتكاملة مع بعضها البعض، وفيها عوامل كثيرة غيرنا؛ نحن أحد عواملها، وليس كل عواملها، وبالتالي ففرحنا لن يكتمل، إلا باكتمال فرح الله، وهذا لن يتم إلا وفق أجندته الشمولية، وتوقيتاته التي لا تعرف العشوائية. فيا ليتنا نضع تجاربنا وآلامنا وحرماننا - مهما كانت - في جملة اعتراضية، وفي الوقت نفسه نواصل علاقتنا وشركتنا مع إلهنا الذي يُحبنا ويبغي سعادتنا، ولعلَّنا أيضًا نُدرك حكمته الإلهية من تمهُّله علينا، لأنه ببساطة لن يرضى بأقل من ”يوحنا“ لنا، فنخرج من شرنقتنا الذاتية، ونتأمل خطته المتسقة الشمولية، ووقتها سنفرح حين يفرح هو، وتتم فينا الكلمات الرائعة: «وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ»! . |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|