رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سلام المسيح... اليوم نواصل رحلتنا عبر الزمن نلف فيها أماكن ونلتقى بشخصيات واليوم لقائنا مع....{{ عزرا}} *{ عزرا هذا صعد من بابل وهو كاتب ماهر فى شريعة موسى} {عز 7: 6}... *سلام يا أصدقاء... هيا بنا لنقابل عزرا الكاتب ها هو يحمل أوراقه ومحبرته. ربما كان عزرا صاحب المنبر الخشبى هو أول واعظ فى كل التاريخ بالمعنى المألوف المعروف الذى نراه الآن فى التفسير والتعليم والوعظ بين الناس.. *وقد سبقه ولا شك الكثيرون من القضاة والأنبياء والملوك الذين تحدثوا بكلمة اللّه إلى الناس بكل حماس وقوة وحمية، فى التعليم والزجر والوعظ،والتوبيخ أحياناً... *غير أن عزرا يكان يكون الأول من نوعه الذى صنع منبراً خشبياً وجمع الناس حوله ليعظهم ويشرح لهم كلمة اللّه، على النحو المألوف الآن عند جميع الوعاظ فى كل مكان، وحق للبعض أن يدعوه لذلك أبا الوعاظ وأمراء المنابر فى كل التاريخ... *ومن المهم أن تعلم أن عزرا الكاهن كان أول « كاتب » فى شريعة موسى، بالمعنى الذى عرف به نظام « الكتبة » المشهور فيما بعد.. *أى أن الرجل الذى لا ينسخ الشريعة فحسب بل يعلمها ويشرحها للناس،كانت كلمة « الكاتب » قبل عزرا تقصر على الناسخ الذى ينسخ الكلمة كباروخ الذى كتب لإرميا... *لكن عزرا الكاتب أعطى الكلمة مفهوماً أعمق وأقوى فهو الناسخ والشارح الذى يتعمق فى فهمها والوعظ بها للناس، وقصته جديرة بأن تروى للمؤمنين عامة، وللواعظ على وجه الخصوص... *ولعلناً نلاحظه بعد ذلك فيما يلى.. *هل لك أن تخبرنا يا عزرا من أنت ؟ *أنا عزرا ومعنى إسمى{اسم عبرى معناه عون والإسم نشأ كاختصار لأسم عزريا }... *ولقبت بالكاتب إذ أننى كنت موظفًا فى بلاط إمبراطور الفرس (أرتحتشستا) ومستشارًا له فى شؤون الطائفة اليهودية التى كانت تقيم فى ما بين النهرين منذ أيام السبى..... *وعندما سقطت بابل العظيمة أمام جحافل الفرس عام {538 ق.م}... *وإعتلى كورش الفارسى عرش الإمبراطورية العظيمة، كان من أول أعماله أن سمح للمسبيين من اليهود الذين سباهم نبوخذ ناصر أن يرجعوا إلى بلادهم وقد تمكنوا بعد متاعب كثيرة من بناء الهيكل وتدشينه، وإقامة العبادة فيه حوالى عام 516 ق.م. *وأعقب ذلك فترة تبدلت فيها الأحوال وإختلط الراجعون من السبى بالوثنيين وتزاوجوا معهم وضعفت عزيمتهم وروحهم المعنوية والدينية، وباتوا فى أمس حاجة إلى مصلح وهاد وواعظ، وقد تحقق لهم ذلك فى شخصى الضعيف الذى أعطاه لى أرتحشستا الملك عام 458 ق.م... *إذ أمرنى بالذهاب إلى أورشليم، أنا ومن يريد أن يذهب معى من الباقين من السبى فى بابل وأعطانا الملك أموالا وقرابين وذبائح تقدم لبيت اللّه.... * وقد وصلت ومعى حوالى 1700 رجل إلى أورشليم بعد خمسة شهور، وهناك قمت بإصلاح العظيم، وإنقضى على ذهابى ثلاثة عشر عاماً... *وكل الذى نعلمه أنه ظهر هذه الفترة إلى جانب نحميا وظهر ليكون معلم الأمة وواعظها، والأمير الأول من أمراء المنابر فى التاريخ. *كنت من سبط لاوى، وقد دونت فى سفرى نسبى حتى هارون الكاهن... *وكان حلقياً الكاهن، جدى القريب هو الذى إكتشف سفر الشريعة فى بيت الرب، ولقد قص على جدى ماذا فعل يوشيا يوم قرأ السفر أمامه، وكيف مزق ثيابه وإتضع أمام الرب، وقام بإصلاحه العظيم... *وقد إكتشفت بنفسى هذا السفر عندما قيل عنه « هيأ قلبه لطلب شريعة الرب والعمل بها »{عز 7: 10}. *عشت فى بابل وأرشليم متعظاً بكلمة اللّه عميق التأمل فيها، أحفظها وأعمل بها قبل أن أطلب من الآخرين العمل بها... *وإذا كان من الواضح أنك يا أبانا فوق منبرك.الخشبى كنت أول الوعاظ وأبوهم بالمعنى المفهوم حديثاً فقد حمل دون شك فى أعماقك خصائص الواعظ الناجح... *نعم يا أولادى إن أهم سمات الواعظ{{ أموراً أربعة}} توفرت فى شخصى الواعظ، والكاتب الماهر فى شريعة السماء.. *ولعل أولها {التقوى}... كنت عميق الشركة مع اللّه، وتستطيعوا أن تبينوا ذلك، من أننى عشت فى بابل أنهل من الكلمة الإلهية، وأحرص على دراستها وتطبيقها فى حياتى والواعظ الناجح هو المستفيد الأول من العظة... *وقد كانت تقواى بارزة فى أكثر من إتجاه، فكنت من أعمق الناس إحساساً بالخطية، ويكفى أن تروننى وقد إكتشفت فى أورشليم إختلاط الشعب وتزاوجهم مع غيرهم من الشعوب، وقد هالنى هذا وأفزعنى إلى أبعد الحدود... *« فلما سمعت بهذا الأمر مزقت ثيابى وردائى ونتفت شعر رأسى وذقنى وجلست متحيراً، فإجتمع إلى كل من إرتعد من كلام إله إسرائيل من أجل خيانة المسبيين، وأنا جلست متحيراً إلى تقدمة المساء. وعند تقدمة المساء قمت من تذللى وفى ثيابى وردائى الممزقة جثوت على ركبتى وبسطت يدى إلى الرب إلهى. * وقلت اللهم إنى أخجل وأخزى من أن أرفع يا إلهى وجهى نحوك، لأن ذنوبنا قد كثرت فوق رؤوسنا، وآثامنا تعاظمت إلى السماء منذ أيام آبائنا نحن فى إثم عظيم إلى هذا اليوم، ولأجل ذنوبنا قد دفعنا نحن وملوكنا وكهنتنا ليد ملوك الأرض للسيف والسبى والنهب وخزى الوجوه كهذا اليوم والآن كلحيظة كانت رأفة من لدن الرب ليبقى لنا نجاه ويعطينا وتدا فى مكان قدسه لينير إلهنا أعيننا ويعطينا حياة قليلة فى عبوديتنا » {عز 9: 3 - 8 }. *وإذا كان اليهود اللذين حولى لا يرون هذه الرؤية أو يشعرون بهذا الإحساس، فإن مرجع الأمر هو أننى أعمق حساً وأكثر إدراكاً للذنب والخطية... * ومع أننى شخصياً كنت بعيداً عن هذا الإثم، إلا أننى بنعمة الله كنت عميق التقوى، أشعر بأن خطايا شعبى هى خطاياى وآثامهم هى آثامى، وبعدهم عن اللّه، كأنما أشارك فيه على النحو المفزع القاسى البعيد.. *وكنت إلى جانب هذا، تقياً فى يقينى بإلهى وإعتمادى عليه، كانت كلمتى المفضلة أو التى هى شعار حياتى { يد اللّه الصالحة علينا}{عز 7: 9، 8: 18}... *الصفة الثانية { المواهب الطبيعية }... هى الصفة الثانية فى حياة الواعظ والمواهب اللازمة لكل واعظ تبدأ أولا بقدرته على التفكير السليم الواضح، ثم تمتد بعد ذلك إلى العاطفة المتدفقة والفيض الزاحر من المشاعر والأحاسيس التى تتملكه... * وهو إلى جانب هذا يحتاج إلى الخيال القوى المجنح الذى يرتفع ويعلو إلى العرش الإلهى، ويتجاوز الحدود المادية والمنظورة بين الناس... *الصفة الثالثة فى الواعظ {هى المعرفة}.... والمقصود بالمعرفة هو القدرة على الإحاطة بالكثير من المعلومات والحقائق،... وواضح أن عزرا كان على حظ كبير من الحنكة والدراية والإلمام.... **الصفة الرابعة هى{ المهارة}... إذا كانت هذه هى المقاييس الوعظية الفنية، فإن عزرا الكاهن الماهر فى شريعة اللّه، كان من أقدر الوعاظ وأظهرهم، ويحق القول إنه أبوهم التاريخى القديم فى المنبر الذى أقامه.... *وقد تكررت مرات فى إختباراتى الشخصية وعندما سمح لى الملك بالذهاب إلى أورشليم على رأس القافلة التى أشرت إليها، وزودنى بالتبرعات السخية، رأيت فى ذلك يد اللّه معى... *وقد حملت معى تقدمات و هذه الثروة تغرى اللصوص وقطاع الطرق فى رحلة تستغرق خمسة أشهر، وقد أبيت أن أستعين بقوة حارسة أو أطلب من الملك جيشاً وفرساناً لنجدتى لأننى كنت قد سبقت فأخبرت الملك « إن يد إلهنا على كل طالبيه للخير وصولته وغضبه على كل من يتركه »{عز 8: 22 }.... *فصام الشعب وصلى وساروا فى طريقهم مشمولين بالحراسة والرعاية الإلهية حتى وصلوا إلى أورشليم.... *حقا يا أصدقاء إن عزرا الكاهن الماهر فى شريعة اللّه كان من أقدر الوعاظ وأظهرهم، ويحق القول إنه أبوهم التاريخى القديم فى المنبر الذى أقامه. *وتاريخ الوعظ اليهودى قد إبتدأ من هذا الرجل العظيم عزرا.... *لقد وعظت الشعب من فوق منبر خشبى مرتفع ومما لا شك فيه أن المنبر كان مرتفعاً ليستطيع الشعب أن يرانى ويستمع إلى.... *ولكن الإرتفاع له معنى أعمق من ذلك، فالمنبر ينبغى دائماً أن يكون مرفعاً عن المقعد، لأنه يحمل صوت اللّه وسلطانه.... *ويفهم الجميع بأن الواجب الأول للمستمع أن يكون خاضعاً مطيعاً لكلمة اللّه وأمره، أما الواعظ نفسه فقد كان أميراً من أمراء المنبر وواعظاً نموذجياً مجيداً.... *إذ وعظ بحياته وسيرته قبل أن يعظ بلسانه وكلامه إذ كان رجلا غيوراً تقياً مصلياً، وعندما بدأ وعظه، بدأ بداءة الشخص المتمكن من تأملاته ودراسته وإرشاد الروح القدس له... *وما أجمل مادة موضوعه، إذ لم تكن هذه المادة فلسفة وعلماً، منطقاً وخطابة وبلاغة، لقد كانت قبل كل شئ وبعد كل شئ، كلمة اللّه التى قرأها ببيان وفسر معناها للسامعين... *حدثنا يا عزرا عن الإصلاح العظيم الذى قمت به .. لقد كان أثر الكتاب بالغا وعميقاً فى حياة الشعب، وعندما إلتفوا حول منبرى حيث أفسر لهم كلمة اللّه. *وذكر فى نحميا فى الأصحاح الثامن من سفره: « إجتمع كل الشعب كرجل واحد إلى الساحة التى أمام الباب وقالوا لعزرا »( نح 8: 1). *كانت رغبتهم قوية إلى الدرجة أنهم إستمروا من الصباح إلى نصف النهار يستمعون .. « دون ضجر أو ملل وقد بدا إحترامهم للكلمة فى وقوفهم عندما فتح عزرا السفر، وفى سجودهم للرب عند صلاته. وقد تأثروا إلى درجة الدموع إذ بكوا حين سمعوا كلام الشريعة، ثم ذهبوا يعملوا بما سمعوا.. *وفى الحقيقة إن القياس الصحيح لتأثير الكلمة الإلهية ليس فى مجرد ما يسكب الإنسان من دموع، قد تكون وقتية، مهما كانت غزارتها، وكثرتها، بل فيما تترك من أثر فى حياة الإنسان وسلوكه، عندما وعظ بولس فى أفسس ... « كان كثيرون من الذين يستعملون السحر يجمعون الكتب ويحرقونها أمام الجميع. وحسبوا أثمانها فوجدوها خمسين ألفاً من الفضة »( أع 19: 18، 19 ) نعم لقد كانت الكلمة الإلهية أقوى . *وقد كانت كلمة اللّه حية وفعالة عندما ناديت بها وليس أدل على هذا من إنفصال الكثيرين من القادة والشعب عن الزوجات الوثنيات اللواتى تزوجوا منهن. *والحرص على تقديس يوم السبت والإمتناع عن التعامل والبيع والشراء مما كان سارياً فى ذلك الوقت، والأخذ بالحياة المقدسة، والحرص على التدقيق فى مراعاة الفرائض، والطاعة للشريعة الإلهية... *وقد فعلوا هذا كله بالدخول فى العهد المقدس مع اللّه.... *إن النجاة أو الدفاع عن مدينة أورشليم لا يتحقق بمجرد بناء سورها فالقرميد والملاط والقلاع والشرفات قد تحقق دفاعاً جزئياً... * غير أن أعدى أعداء أية مدينة ليس خارجها، بل داخلها، إذ أن أقوى دفاع فى حياة المدينة، ليس ما هو مادى، بل ما هو أدبى وروحى... * فإن لم يحرس الرب المدينة بالمبادئ العظيمة والمثل النبيلة المستقرة فى عقول وقلوب مواطنيها، فباطلا يتعب الحارس الذى يحرس أسوارها »... « ومن ثم فإن الإنتباه الأعظم ينبغى أن يتحول من أسوار المدينة إلى قلوب الناس الذين يسكنون فيها، إذ يلزم أن تتحول الأفكار إلى السبل الروحية التى يستطيع بها خادم اللّه إنهاض الحياة الروحية وتقويتها فى نفوس الناس، وهو يفتح الكتاب أما مهم معلماً إياهم شريعة اللّه السماوية بفهم وبيان »... *ومن المهم أن تختم هنا بما ذكره نحميا فى الأصحاح الثامن من جواب الشعب على الكلمة الإلهية إذ ردد بعمق وسجود: آمين آمين... *والكلمة « آمين » من أكثر الكلمات شيوعاً وترديداً على لسان المؤمنين دون أن يدركوا على الأغلب عمقها وكنهها والكلمة فى أصلها العبرانى تعنى« ليكن هكذا » فعندما نرددها فى صلاة أو ترنيمة أو بركة، نحن نقصد أن نقول فى الختام.. *ليكن هكذا يارب، فإذا ردد المؤمنون معاً « آمين »، فإنها تبدو، كما كان المسيحيون الأوائل، كالرعد الهادر أو كموج البحر الذى يضرب على الصخور... *وقد كان هناك تقليد عند اليهود أطلقوا عليه « آمين اليتيم ».ويقولون إن هذه الآمين، هى التى يقولها الناس بدون وعى أو فهم أو تأمل، وأن من يقولها يموت ويصبح أولاده يتامى... *وعلى العكس من ذلك، إذا نطقها إنسان بكل هيبة ووقار وحرص وإيمان، فإن أبواب الفردوس ستفتح أمامه... *لقد كان المجتمعين حولى صوتهم يهدر كالرعد القاصف وهم يقطعون العهد مع اللّه فى صيحة قوية. « آمين آمين ».. *نعم لقد عبرت بهم برزخ الضياع والتقهقر والتعاسة والردة، إلى الحياة المباركة االتى خرجت من سبى أقسى من السبى البابلى، سبى الخطية والإثم والشر. * ليتنا نحن الخطاة، أفراداً كنا أو بيوتاًً أو كنيسة، نفعل هذا لنفلت من السبى القاسى الرهيب..... |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|