**** المذبح ****
----------------------
ان المذبح هو قدس الاقداس , وفيه يجتمع الله مع الناس ويقف الملائكة مغطين وجوههم من بهاء عظمة مجد الله ويرفعون اصواتهم بالتقديس قائلين قدوس قدوس قدوس رب الصباؤوت مجده ملئ كل الارض ...
موقع المذبح
--------------
اما موقع المذبح فيكون بين درج الكهنوت وباب الهيكل اى بين كرسى الاسقف وبين الشعب .. وحيث ان الكرسى يشير الى عرش الاب والمذبح يشير الى عرش الابن .. ففى موقع المذبح هنا معنى الوساطة بين الله والناس ...
ويكون المذبح قائما فى وسط الهيكل دون ان يلتصق بالحائط ويظهر هذا من قول الرائى " فسمعت صوتا واحدا من اربعة قرون مذبح الذهب الذى امام الله " رؤ 9 : 13 .. وقال ايضا وجاء ملاك اخر ووقف عند المذبح ومعه مبخرة من ذهب واعطى بخورا كثيرا لكى يقدمه مع صلوات القديسين جميعهم على مذبح الذهب الذى امام العرش " رؤ 8 : 3 ...
ومالمذبح سوى رسم لقبر السيد المسيح او هو الجلجثة حيث صلب , لذلك وجب ان يكون قائما بنفسه كما ذكرنا ...
تاريخه
-------
المذبح كما يفهم من لفظه هو مكان الذبح لان العادة كانت قديما ان تربط الذبيحة فوقه وتذبح ثم تحرق بالنار او تأتى نار من السماء فتتقبلها ويشتمها الله رائحة رضى ... ثم تطورت الحالة فى ايام موسى النبى فلم يذبحوا فوق المذبح بل الى جواره حيث يصبون دم الذبيحة فى قناة ويحملون اللحم بعد تنظيفه ويضعونه على المذبح لحرقه بخورا للرب ...
واول ذكر للمذبح ... هو ... الذى ابتناه نوح ثم المذبح الذى بناه ابراهيم وبعده اسحق ويعقوب وموسى وسليمان ...
نبوات عن المذبح فى المسيحية
-------------------------------------
ولقد تنبأ الانبياء قديما عن المذبح فى المسيحية فقال اشعياء النبى عن مصر : فى ذلك اليوم يكون مذبح للرب فى وسط ارض مصر وعمود للرب عند تخمها "اش 19 : 19 " وقال ملاخى النبى " لانه من مشرق الشمس الى مغربها اسمى عظيم بين الامم وفى كل مكان يقرب لاسمى بخور وتقدمة طاهرة لان اسمى عظيم بين الامم قال رب الجنود " ملا 1 : 11 ...
ويتضح من هاتين النبوتين ومن غيرهما ان المقصود هو مذبح المسيحية .. اذ لايمكن ان يكون المقصود به مذبح الوثنين فى مصر , لان مثل هذا يكون مذبحا للشيطان .. ولا يمكن ان يكون مذبح اليهود لانه من مجرى الحديث يتضح رفض الله لمذابح اليهود .. ولان الذبيحة حسب الناموس لا يمكن تقديمها خارج اورشليم كما يتضح من رسالة القديس اكليمنضس "41 " اذ يقول فليست فى كل مكان كانت تقدم ايها الاخوة القرابين اليومية او ذبائح السلامة او ذبائح الخطية والتعدى بل فى اورشليم فقط وحتى فى اورشليم لم تكن تقدم فى كل مكان بل فى المذبح امام الهيكل فقط وكل ماكان يقدم كان يفحصه اولا بتدقيق رئيس الكهنة ...
اذا لابد ان يكون المقصود هو مذبح المسيحية , وعلى مذبح المسيحية لاتسفك الدماء بل تقدم الذبيحة الحية الناطقة غير الدموية اعنى بها ذبيحة السيد المسيح على مثال الجلجثة .. ولكنها بلا الم .. فلا غرابة اذا تسمى المذبح عندنا المائدة المقدسة او مائدة الرب ...
تسمية المذبح
-----------------
ويسمى المذبح ايضا منبرا . ومضجعا .. وخدرا .. وكرسيا .. وقبة .. ومذبح الغفران ...
وكما يسمى المذبح عندنا " مائدة " كذلك يسمى عند اليونان مائدة الرب .. وترد هذه التسمية فى ليترجياتهم ونقرأ هذه اللفظة ايضا فى 1كو 10 : 21 ويسمونه ايضا المائدة المقدسة ونجد فى كتاب القديس اغناطيوس فى رسالته الرابعة الى اهل فيلادلفيا كلمة " محل الذبيحة " ويقصد بها مذبح سر الشكر ونجد هذه الكلمات بالذات فى عب 12 : 10 ...وبهذه الكلمة يذكر اوسابيوس فى كتاب تاريخ الكنيسة 10 - 4 و 44 المذبح العظيم الذى فى Tyre ويفسر القديس اثناسيوس الرسولى فى كتابه كلمة ترابيزة بكلمة المذبح ... وذكر ايضا بولس الرسول فى حديثه الى الاثينيين فى اريوس باغوس اذ قال " لاننى بينما كنت اجتاز وانظر الى معبوداتكم وجدت ايضا مذبحا مكتوبا عليه الاله المجهول أع 11 : 23 ...
مادة المذبح
--------------
1- المذابح الخشبية
------------------------
وقديما كان يصنع المذبح من الخشب اشارة الى صليب المخلص ودلالة على شجرة الحياة التى كانت فى سط الفردوس وخوفا من الاضطهاد اذ كانوا يضطرون الى نقله من مكان الى مكان , ومن المعروف ايضا ان السيد المسيح عمل فحصه المبارك على مائدة من الخشب لذلك سارت الكنيسة الاولى على هذا المنوال , ويؤكد اباء الكنيسة القبطية واليونانية امثال اثناسيوس الرسولى وابتاتيوس واغسطينوس ان المذابح كانت من الخشب ...
ويضع القديس اثناسيوس امامنا الدليل القاطع على انه فى افريقيا بقى استعمال المذابح الخشبية حتى اواسط القرن الرابع اذ يتحدث عن انتهاك الاريوسين حرم الكنيسة القبطية فى الاسكندرية وحرقهم المائدة المقدسة مع اشياء اخرى فى الكنيسة ...
ويذكر القديس اغسطينوس فى مقاله ال 185 ان الاسقف الارثوذكسى مكسيميانوس قد تهشم مع المذبح الخشبى الذى التجأ تحته .. كما انه يذكر فى موعظته 159 - 1 ان المذبح فى ايامه كان متحركا اى انه كان من الخشب ...
وقد وجد فى الهيكل الاعلى فى كنيسة اللآتران فى روما مذبح من الخشب على شكل القبر .. ويؤكد الباحثون ان القديس بطرس احتفل بالعشاء الربانى على هذا المذبح .. وهذا كله مما يؤكد لنا اقدم المذابح كانت خشبية ...
2- المذابح الحجرية
----------------------
وكما صنع المذبح من الخشب كذلك صنع او بنى من الحجر ليكون مثال القبر الذى دفن فيه المخلص .. والمذبح فى حقيقة امره قبر , ولكنه يختلف عن سائر القبور فتلك تحوى عظاما نخرة اما هذه فتحوى خبز الحياة ...
ومن الامور التى لا ريبة فيها ان المذابح الحجرية قديمة العهد سواء كان فى مصر ام فى بلاد الغرب .. وقل من يشك فى وجود علاقة بين المذابح الحجرية وقبور الشهداء , ففى الوقت الذى كان يقدس فيه على موائد خشبية فى بيوت الرسل كان اخرون يقدسون فى الكنائس التى بنيت فى اماكن الشهداء فوق الحجر المقدس الموضوع فوق قبورهم ...
انه فى ابتداء المسيحية وفى ايام الاضطهادات كان المسيحيون يقدسون فوق المقابر ايام دفن الشهداء او فى ايام تذكارتهم ولكن حينما حل السلام على الكنيسة بنيت كنائس فى اماكن الاستشهاد او نقلت عظامهم الى هذه الكنائس التى سميت بأسمائهم .. ويذكر القديس اغسطينوس مذبحا قد اقيم فى مكان استشهاد القديس كبريانوس ...
بقيت المذابح الحجرية مستعملة فى الكنائس الغربية والشرقية فى الوقت الذى كانت فيه المذابح الخشبية موجودة .. ونلاحظ ان المؤمنين انهم استعملوا القبور كمذابح فى ايام فقر الكنيسة المادى والاضطهادات ...
3- المذابح المعدنية
-----------------------
وكما صنع المذبح من الخشب ليدل على صليب المسيح وعلى شجرة الحياة ... ومن الحجر اشارة الى قبر المخلص ... كذلك صنع من المعدن الثمين كالفضة والذهب مبالغة فى اكرام مائدة الرب ... ويذكر لنا التاريخ ان احد الناس قدم مائدة فضية لكنيسة الرها وزنها 720 رطلا ...
ويخبرنا سوزمان وهو اول من ذكر هذا النوع من المذابح عن بلخاريا ابنة الملك اردكايوس انها قدمت مذبحا ذهبيا الى كنيسة اجيا صوفيا فى سنة 414م ...
وجاء عن قسطنطين الملك الظافر انه اهدى كنيسة ماربطرس برومية مذبحا من ذهب مرصعا بالجواهر .. وذكر عنه انه شيد فوق مذبح كنيسة اللاتران قبه من الذهب الابريز تتدلى منها قناديل ذهبية وتعلق حولها استار من جهاتها الاربعة ...
ونجد فى كنائس الغرب مذابح من معادن ثمينة ومنها مذبح القديس امبروسيوس فى ميلان والذى اقيم قبل سنة 735م فصدر هذا المذبح من الذهب واما عجزه فمن الفضة وهو مزين ببروايز فى داخلها رسوم بالميناء وهى جميلة جدا ...
شكل المذبح
---------------
ومهما كانت مادة المذبح فحسب الطقس القبطى يجب ان يكون المذبح على شكل اطول مما من الشرق الى الغرب كنظام صحن الكنيسة , وجاز ان يكون مكعبا ...
وقد كانت الكنيسة القبطية هى اسبق الكنائس فى جعل المذبح كشكل القبر .. اما فى بلاد الغرب فقد تشكلت المذابح عندهم فوجدت مذابح عبارة عن لوحة مقامة على اربعة اعمدة واحيانا خمسة اعمدة واحياد على عمود واحد .. ثم اقتدت كنائس الغرب بكنيسة مصر فأصبح الغالب عندهم للمذابح هو شكل متوازى مستطيلات ...
ويجب ان يكون المذبح فارغا حيث توضع فيه عظام القديسين ... والمعروف عن المذابح القبطية الا ينحت فيها رسوم ايا كانت وحتى الصلبان فلا نجدها على مذابحنا انما يكتفى برسم ثلاثة صلبان بالميرون المقدس .. وهذا يوافق امر الله لموسى الا يستعمل الازميل فى عمل المذابح لئلا يتدنس خر 20 : 25 ...
اما فى كنائس الغرب فجرت العادة ان ينقشوا فوق كل مذبح خمسة صلبان واحد فى الوسط واربعة فى الاركان , اما فى اليونان اذ يكتفون بثلاثة صلبان فوق المذبح فيجعلون واحدا فى الوسط واثنين على الجانبين .. كذلك نقشوا على كل عمود من اعمدة المذبح ثلاثة صلبان فيكون مجموعها 15 صليبا .. هذا وثلاثة صلبان بالميرون المقدس فوق المذبح على اسم الثالوث الاقدس ..
ويمنع قطعيا ان يقوم المذبح على درج يصعد عليه الكاهن , وهذا المنع بأمر الهى حتى لاتنكشف عورة الكاهن , وحتى لايدخله الغرور والكبرياء " خر 20 : 26 ...
نقل المذبح
------------
ونلاحظ انه ابتداء من القرن 13 قد طرأت تغييرات على المذبح فى بلاد الغرب فالغيت القبة التى تظلل المذبح كما تزحزح المذبح من مكانه واتجه الى الشرث حتى التصق بالحائط الشرقى ....
وهذا يخالف التقليد القديم والوضع الذى رأه القديس يوحنا رؤ 8 : 3 ...