ثانيا : نبدأ فى تفسير كل اصحاح :
والتفسير لابونا تادرس يعقوب الملطى
تفسير سفر يونان -
المقدمة
1. انتهى سفر عوبديا بهلاك أدوم (رمزاً لهزيمة الشيطان بالصليب) وإقامة صهيون (أي الكنيسة). وأن الكنيسة سترث الأمم وتمتد شمالاً وجنوباً، رمزاً لدخول الأمم للمسيحية.
ويجئ سفر يونان ليعلن الله صراحة قبوله للأمم في شكل إرسالية أحد أنبيائه ليدعو الأمم للتوبة (نينوى).
2. يُظهر هذا السفر أن الله هو إله الجميع يهوداً وأمم، يحب الجميع ويريد أن الجميع يتوبون فيخلصون.
والكتاب المقدس مكتوب أساساً لليهود، لذلك يركز على تعاملات الله مع الشعب اليهودي.
إلا أننا ومن خلال الكتاب المقدس نلمح إهتمام الله وتعامله مع كل الشعوب، وأنه لم يَقْصِرْ تعاملاته على اليهود فقط.
وهذا نراه
[1] في إرسال يونان لشعب نينوى الوثني
[2] الله يتعامل مع بلعام، وبلعام وثني، ولكنه يتنبأ عن المسيح
[3] الله يكلم أيوب بل نرى أصدقاء أيوب (وكلهم ليسوا يهوداً) يروا رؤى سماوية
[4] الله يتكلم مع أبيمالك ملك الفلسطينيين أيام أبونا إبراهيم
[5] ملكي صادق كان كاهناً لله العلي، (بل وبارك إبراهيم). ولم يكن يهودياً
[6]الله يكلم فرعون ونبوخذ نصر بأحلام.
[7] لم يكن يونان هو النبي الوحيد الذي له تعاملات ورسالة موجهة للوثنيين بل إيليا كان له رسالة مع صيدون، وإليشع مع أرام.
3. بينما نجد اليهود يقاومون الأنبياء ويضطهدونهم إذ بأهل نينوى يقبلون كرازة يونان. وتكررت هذه الصورة، إذ رفض اليهود المسيح وقبله الأمم.
4. تنبأ يونان بن أمتاى في أيام يربعام الثاني ملك السامرة (2مل25:14) وقد تنبأ أن الله يرد حدود السامرة إلى مدخل حماة شمالاً وإلى بحر العربة جنوباً وكان نبياً لإسرائيل (مملكة الشمال) حوالي سنة 825-784ق.م. وعاصر عاموس النبي.
5. جاء في التقليد اليهودي أنه ابن أرملة صرفة صيدا الذي أقامه إيليا النبي (1مل18) ويرى البعض أنه كان مناسباً أن يرسل يونان للأمم حيث أن أمه أممية.
6. لا يوجد غيره بهذا الاسم ولا غير أبيه باسم أمتاى.
7. كلمة يونان في العبرية تعني حمامة وتعني أيضاً متألم. وكلمة أمتاى تعنى الحق. وبذلك يكون المعنى الرمزي للسفر أن المسيح المتألم (الذي حل عليه الروح القدس مثل حمامة ليمسحه فيصير رئيس كهنة ليقدم ذبيحة نفسه) والذي دفن في القبر ثلاثة أيام، كبقاء يونان 3أيام في جوف الحوت. والمسيح هو الحق. ثم كان خروج يونان من جوف الحوت رمزاً لقيامة المسيح.
8. قد لا توجد نبوة صريحة من فم يونان النبي عن المسيح في هذا السفر إلا أنه:
أ- صار يونان بنفسه نبوة عن عمل المسيح الفدائي أي موته وقيامته.
ب- إنذاره لنينوى بخرابها إن لم تتب كان نبوة، لكنها لتوبتها لم تهلك.
ت- ذهابه للأمم الوثنية (نينوى) كان نبوة عن قبول الأمم.
ث- نبوته في (2مل25:14). كل هذا يجعل منه نبياً عظيماً.
ج- هو من جت حافر في الجليل وهي تبعد مسافة ساعة سيراً على الأقدام عن الناصرة، فهو جليلي كما كان المسيح من الجليل.
9. نينوى عاصمة مملكة أشور. وهو على نهر دجلة مكان مدينة الموصل حالياً. وكان أهلها أغنياء ويعبدون الإلهة عشتاروت. وسماها ناحوم النبي مدينة الدمار ملآنة كذباً وأختطافاً. عُرف ملوكها بالعنف الشديد. وكانت تسليتهم جذع أنوف الأسرى وقطع أيديهم وأذانهم وعرضهم للسخرية والهزء أمام الشعب. وقد دمر نبوبلاسر ملك بابل نينوى.
10. نرى الله في هذا السفر سيداً على كل الخليقة فهو: [1] يرسل نوءاً عظيماً ثم يوقفه حين يريد [2] يعد حوتاً ليبتلع يونان ثم يلقيه حين يريد الله [3] ينبت يقطينة ثم يأمر دودة لتأكلها وتتلفها [4] يرسل ريحاً شرقية لتضرب يونان. وقد تبدو هذه الأفعال أنها عنيفة ولكنها كانت لتحقق مصالحة الله مع الإنسان وتعلن محبة الله. ولقد تاب يونان فعلاً وإستفاد من الدروس وهكذا تابت نينوى ولم يهلك شعبها. ربنا كان الدواء مراً لكنه يؤتي نتائج مبهرة.
11. غالباً فقد عاد البحارة إلى الميناء، إذ كانوا لم يبتعدوا عنه، وهم كانوا قد ألقوا بكل أمتعتهم في البحر. ونشروا قصة يونان، وإذا بيونان يظهر ويعرفون منه قصة الحوت ونجاته. وينتشر الخبر ويصل إلى نينوى، ثم يصل يونان إلى نينوى. وقد يكون هذا سر توبتهم العجيبة. حقاً كل الأمور تعمل معاً للخير للذين يحبون الله. لقد حول الله عناد وهرب يونان إلى سبب بركة لأهل نينوى وللبحارة الذين آمنوا. لقد أخرج الله من الجافي حلاوة.
12. مشكلة يونان هي نفس مشكلتنا، أننا نتذمر على الله حين نرى أن أفكار الله وخطته تختلف عن أفكارنا وخطتنا. فلنسلم بأن الله لا يخطئ في أفكاره قبل أن يهيج البحر من حولنا أو يبتلعنا حوت لو تخاصمنا مع الله.
13. عن إمكانية بقاء يونان ثلاثة أيام في جوف الحوت: نقاد الكتاب المقدس يريدون حذف الآيتين "أعد الرب حوتاً عظيماً ليبتلع يونان" و "أمر الرب الحوت فقذف يونان إلى البر". ولكن إلى هؤلاء أن يعرفوا أنهم لن يجنون فائدة من تحريف كلمة الله لتطابق معلوماتهم.
أ- أشار السيد المسيح لهذه القصة في (مت39:12-41)
ب- هناك أبحاث عن الحيتان ووجد أن هناك نوع يمكن أن ينطبق عليه هذه القصة. وفيه يكون الحوت ضخماً وبلا أسنان. وهو يسير في الماء فاتحاً فمه على مدى إتساعه. ثم يقفل فكيه ويضغط بلسانه على الماء خلال تجويف في فمه به ما يشبه الشبكة فيخرج الماء تاركاً الغذاء وراءه. ويبلغ طول هذا النوع (50-95قدم) وقد سد أحد حيتان هذا النوع قناة بنما. وتجويفه الأنفي أبعاده تصل إلى (14×7×7 قدم) وإذا ابتلع الحوت شيئاً ووجده كبيراً فإنه يقذفه إلى هذه الحجرة، وإذا شعر أن شيئاً كبيراً في رأسه فإنه يسبح إلى أقرب شاطئ ويقذفه هناك. وقد أخرجوا صياداً من هذا التجويف بعد 48ساعة من ابتلاع الحوت له. وكان حياً، ولكنه في حالة إغماء من تأثير الصدمة، وكان ذلك بعد أن اصطادوا الحوت بقنبلة، وسمى هذا الشخص يونان القرن العشرين. وكان ذلك في القنال الإنجليزي.
14. الله يكشف لنا خطأ النبي ليكون لنا رجاء. فإذ قبل الله هذا النبي بعد أن هرب منه رافضاً تنفيذ ما أمره به، فإن هذا يعطينا رجاء أن الله سبقبلنا إن قدمنا توبة. ولقد سطر النبي هذه القصة معترفاً بخطاياه. ولكن علينا أن لا نتمادي في اتهاماتنا له، بل نذكر ثقل المهمة التي كلفه الله بها، وهي أن يذهب ليكرز لشعب وثني وعدو.
15. نينوى المدينة العظيمة: تكرر هذا اللفظ في (1:1 + 1:3 + 3:3 + 11:4) ونفهم من (تك11:10،12) أن هناك عدة مدن أحاطت بمدينة نينوى هي رحوبوت عير وكالح ورسن بين نينوى وكالح. وفي سفر التكوين يسمى هذه المدينة المكونة من الأربع مدن المدينة الكبيرة (تك12:10) ويسميها هنا المدينة العظيمة وهذه كما نطلق الآن لفظ القاهرة الكبرى على القاهرة القديمة والجيزة وحلوان والقليوبية فكان هناك نينوى الأصلية
وغالبا فهذه كان لها سور ثم انضمت لها 3 مدن وهي كالح ورحوبوت عير ورسن وبنوا حولهم كلهم سور واحد عظيم احتوى نينوى المدينة العظيمة أو نينوى المدينة الكبيرة كما يسميها سفر التكوين أو كما نسميها الآن نينوى الكبرى.
وفي يونان (3:3) نسمع عن نينوى العظيمة مسيرة ثلاثة أيام. وهذا يعني تحديد محيط المدينة الكبيرة، فهذه يقطعها السائر على قدميه في 3 أيام أما نينوى الأصلية فمحيطها يقطعه السائر على قدميه في مسيرة يوم واحد إذاً القول مسيرة يوم أو مسيرة 3أيام هي طريقة لتحديد محيط المدينة.