رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ولم يتركنى الآب وحدى تدّعى إيلين هوايت النبية المزعومة للأدفنتست السبتيين فى كتابها المشهور بعنوان “مشتهى الأجيال” أن يسوع المسيح الابن الوحيد، الإله المتأنس، قد انفصل عن الآب وقت آلامه. كما ينزلق البعض من الكُتّاب، ويتحدثون عن الترك الحتمى الذى تركه الآب للابن وقت الصلب لكى لا يلحق عار الصليب بالآب، ويستندون فى ذلك إلى قول السيد المسيح على الصليب: “إلهى إلهى لماذا تركتنى” (مت27: 46، انظر مز22: 1). عدم الترك، وعدم الانفصال يلزمنا أن نبحث فيما ورد فى الكتب المقدسة عن استحالة ترك الآب للابن بمعنى تباعده عنه، واستحالة انفصاله عنه بأى حال من الأحوال. عدم الترك نبدأ بما قاله السيد المسيح نفسه وسجّله القديس يوحنا الرسول فى إنجيله فى عدة مواضع: ففى حديث السيد المسيح مع تلاميذه فى ليلة آلامه وقبل القبض عليه وصلبه مباشرة قال لهم: “هوذا تأتى ساعة وقد أتت الآن تتفرقون فيها كل واحد إلى خاصته وتتركوننى وحدى. وأنا لست وحدى لأن الآب معى” (يو16: 32). وفى حديثه مع اليهود، أراد أن يشير إلى أن أحداث صلبه وقيامته المقبلة سوف تكشف للكثيرين أنه هو الله الكلمة المتجسد الذى قهر الموت وانتصر عليه بموته وبقيامته. وأن هذه الأمور كلها هى بتدبير إلهى واحد، وبقدرة إلهية واحدة، لا ينفصل فيها الابن عن الآب، ولا يترك فيه الآب الابن “فقال لهم يسوع: متى رفعتم ابن الإنسان (أى متى رفعوه على الصليب) فحينئذ تفهمون أنى أنا هو. ولست أفعل شيئاً من نفسى، بل أتكلم بهذا كما علمنى أبى. والذى أرسلنى هو معى ولم يتركنى الآب وحدى لأنى فى كل حين أفعل ما يرضيه” (يو8: 28، 29). وقد قال إشعياء النبى عن واقعة الصلب: “أما الرب فسرَّ (أى كان مسروراً) بأن يسحقه بالحزن إن جعل نفسه ذبيحة إثم يرى نسلاً تطول أيامه ومسرة الرب بيده تنجح” (إش53: 10). فقول السيد المسيح: “لم يتركنى الآب وحدى، لأنى فى كل حين أفعل ما يرضيه” (يو8: 29) ينطبق بالأكثر على واقعة الصلب التى قدّم فيها طاعة حتى الموت للآب السماوى، وصنع مسرته. بدليل قول إشعياء النبى عن الآب أنه “سر بأن يسحقه بالحزن” وعن مسرة الآب به “ومسرة الرب بيده تنجح”. وإذا كان الآب لم يترك الابن وحده فى أى وقت منذ أن أرسله إلى العالم، لأنه يفعل فى كل حين ما يرضيه، فمن باب أولى لا يتركه حينما يفعل مسرته فى طاعة كاملة بتقديم نفسه ذبيحة من أجل خلاص العالم. ولا شك أن عبارة كل حين تشمل وقت آلامه. عدم الانفصال معلوم يقيناً أن الجوهر الإلهى واحد لا يتجزأ ولا ينقسم. ولذلك فإن الآب والابن والروح القدس يجمعهم معاً جوهر واحد وكينونة واحدة ولهم طبيعة إلهية واحدة، بالرغم من التمايز الأقنومى لكل منهم، إذ أن الآب له الأبوة والابن له البنوة والروح القدس له الانبثاق. وقد تكلّم السيد المسيح كثيراً عن وحدانيته مع الآب فقال فى حديثه مع الآب عن تلاميذه: “ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحدٌ” (يو17: 22) وقال أيضاً: “ليكون الجميع واحداً كما أنك أنت أيها الآب فىّ وأنا فيك ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا ليؤمن العالم أنك أرسلتنى” (يو17: 21). وقال لليهود: “إن كنت لست أعمل أعمال أبى فلا تؤمنوا بى. ولكن إن كنت أعمل، فإن لم تؤمنوا بى فآمنوا بالأعمال لكى تعرفوا وتؤمنوا أن الآب فىّ وأنا فيه” (يو10: 37، 38). وقال لهم أيضاً: “أنا والآب واحد” (يو10: 30)، بما لا يدع مجالاً للشك فى عدم الانفصال. وقال السيد المسيح لتلميذه فيلبس ولسائر تلاميذه: “الذى رآنى فقد رأى الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب. ألست تؤمن أنى أنا فى الآب والآب فىّ. الكلام الذى أكلمكم به لست أتكلم به من نفسى لكن الآب الحال فىَّ هو يعمل الأعمال. صدقونى أنى فى الآب والآب فىَّ” (يو14: 9-11). إنه من المستحيل أن ينفصل الآب عن الابن من حيث لاهوته وإلا دخلنا فى تعدد الآلهة. كما إنه من المستحيل أن ينفصل لاهوت الابن عن ناسوته، أى أن تنفصل طبيعته الإلهية عن طبيعته الإنسانية. فمثلاً حينما قال السيد المسيح لتلميذه فيلبس: “الذى رآنى فقد رأى الآب.. ألست تؤمن أنى أنا فى الآب والآب فىَّ”، من الواضح أن الذى رآه فيلبس هو جسد السيد المسيح المتحد باللاهوت، أى هو الله الكلمة المتجسد، ولا يمكن لفيلبس أن يرى لاهوت المسيح مجرّداً، لأن الله الابن قال لموسى عن مجد لاهوته: “الإنسان لا يرانى ويعيش” (خر33: 20). وقال القديس يوحنا الإنجيلى عن الآب: “الله لم يره أحد قط. الإله الوحيد الجنس الذى هو فى حضن الآب هو خبّر” (يو1: 18). أى أن لاهوت المسيح حينما اتحد بالناسوت، أعطانا الإمكانية أن نرى الله حينما تجسد الله الكلمة. فعبارة “الذى رآنى فقد رأى الآب” تؤكد عدم انفصال الناسوت عن اللاهوت فى المسيح الواحد. ونفس الأمر ينطبق على أعمال السيد المسيح التى عملها، وكلامه الذى قال وهو فى الجسد فهذه كلها كان يعملها وينطق بها بناسوته المتحد باللاهوت. مثل لمسه بيده للأبرص الذى شفاه “فمدّ يده ولمسه.. وللوقت ذهب عنه البرص” (لو5: 13)، وعبارة “لعازر هلم خارجاً” (يو11: 43) التى نطق بها بفمه وأقام لعازر من الموت. وعن ذلك قال السيد المسيح: “الكلام الذى أكلمكم به لست أتكلم به من نفسى (أى منفصلاً عن الآب). لكن الآب الحال فىَّ هو يعمل الأعمال” (يو14: 10). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مشيئة الله في حياتنا بـ لم يتركني الآب وحدي |
لم يتركني وحدي |
وانا لست وحدي لان الآب كائن معي |
مجد وحيد من الآب |
أنا لست وحدى لأن الأب كائن معى |