العلاقة مع أشور
دبر الرب فى مرحلة السبى أن يتعرف ملوك بابل ومادى وفارس على أنبياء الرب أمثال دانيال النبى الذى حكى وفسّر لنبوخذ نصر الملك حلمه المختص بالممالك التى سوف تتعاقب إلى مجيء السيد المسيح. وكان حلم الملك أن تمثالاً عظيماً بهياً جداً وهائلاً، رأسه من ذهب جيد. صدره وذراعاه من فضة. بطنه وفخذاه من نحاس، وساقاه من حديد. وقدماه بعضهما من حديد والبعض من خزف. وبينما كان ينظر الملك قُطع حجر بغير يدين وضَرب التمثال على قدميه اللتين من حديد وخزف فسحقهما فانسحق حينئذ الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب معاً وصارت كعصافة البيدر فى الصيف فحملتها الريح فلم يوجد لها مكان. أما الحجر الذى ضرب التمثال فصار جبلاً كبيراً وملأ الأرض كلها (انظر دا 2: 31-36).
وقد أطلق نبوخذ نصر على دانيال النبى اسم “بلطشاصر” (دا4: 8) وعيّنه كبيراً للمجوس (انظر دا 4: 9) فى المملكة وظل يشغل هذا المنصب أيضاً فى مملكة مادى وفارس التى جاءت بعد مملكة بابل.
كان الحجر الذى صار جبلاً كبيراً هو رمز للسيد المسيح الذى ولد بغير زرع بشر وهو ملك الملوك ورب الأرباب. وكان التمثال يرمز إلى الممالك المتعاقبة من مملكة بابل إلى مملكة مادى وفارس ثم ملك الاسكندر الأكبر وما أعقبه من ممالك أربعة والإمبراطورية الرومانية التى جاء بعدها المُلك الروحى الإلهى للسيد المسيح الذى فاق كل عظمة ممالك الأرض.
وبناءً على حلم الملك نبوخذ نصر وتفسيرات ونبوات دانيال، جاء المجوس من المشرق ليسجدوا للملك المسيح ويقدموا عبادتهم وقرابينهم. وبهذا وضع السيد المسيح فى بلاد المشرق أساس الإيمان بملكوته السمائى. وحينما بدأت الكرازة بالإنحيل فى تلك البلاد كان الأساس موجوداً فى واحدة من أقدم الحضارات الوثنية وأعتاها.