منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 15 - 07 - 2021, 06:18 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,830

القديس مرقس الأنطوني
القديس مرقس المتوحد بجل أنطونيوس



سيرة القديس العظيم مرقس الانطونى




سيرة القديس العظيم مرقس الانطونى شفيع المقلعين عن التدخين



ولد هذا القديس فى منشأة النصارى فى صعيد مصر من اب اسمه مخلوف وام مباركة اسمها اودكسيه .. وتعهدا طفلهما فى ضوء العين الساهرة فنما هذا الطفل فى النعمة وتقدم فى الفضيلة على غرار صموئيل النبى.
ولما بلغ هذا الطفل الخامسة من عمره وكانت امه سائرة به الى البيعة اذا بشيخ قديس هو الانبا ساويرس اسقف اسيوط فى تلك الايام حمل الطفل على يديه ثم سأل عن اسمه .. فقال الطفل انا اسمى مرقس فتنبأ من اجل القديس قائلا :"بالحقيقة اقول لك ياابنى إن الرب يجعل لك اسما شائعا كمرقس الأول صاحب كورة مصر".

ثم باركه ودفعه الى امه ومضى .. لذا فرحت والدته وشرعت تجاهد من اجل تربيته أكثر من ذى قبل خاصة بعد أن تنيح والده وتركه فقادته امه الى ينبوع الماء الحى وكان هو ينمو فى النعمة كل يوم. فكان وهو طفل إذا رأى امه تقف لتصلى يقتدى بها ويشد وسطه بزنار مثلها .. ويظل قائما فى الصلاة معها حتى تفرغ من صلاتها.... وكانت امه متسامحة رحومة بازلة تعطى بسخاء وما كان فقرها بعائق امام اعمال الرحمة ... فإذا ما قرع بابها مسكين ولم تجد ما تعطيه تنهض باحثة عن بيض الدجاج وشىء من الغلال لتقدمه ملتزمة بالرحمة ، وقد تناهت فى العطاء حتى كان منزلها مآوى للمحتاجين .. من هنا كانت ترتسم فى ذهن الطفل صور الكرم والفضائل فشب مطبوعا على الرحمة .. شغوفا بالفضيلة فكان اذا خرج لعمله يتصدق على الجياع بطعامه ويمكث صائما حتى يعود الى والدته وكان يحمل على كتفيه القربة ليسقى المساكين وهو مغتبط النفس. كانت امه تصوم كل يوم الى التاسعة فشب الطفل على هذا المنوال فكان يصوم على طريقة امه وكان طعامها البقول وقد تاثر جيرانها بأسلوبها هذا فتعلموا الصوم منها.

فى الثالثة والعشرين من عمره اشتاق ان ينتظم فى سلك الملائكة فودع امه قاصدا احد الأديرة بالريف فلم يجد هناك الرهبان حريصين على الصوم الى التاسعة فتركهم عائدا الى امه فلما رأته وبخته قائلة :"ياابنى مرقس كنت أظن انك مت وما عدت أبصر وجهك البتة لأن الذى صار راهبا مات عن العالم .. كيف تنسى قول الكتاب "ليس احد يضع يده على المحراث وينظر الى الوراء يصلح لملكوت السموات" . فقام القديس مسرعا ومضى الى برية القديس انطونيوس ودبر له العلى ان يكون فى رعاية القمص ميخائيل النعناعى الذى فرح به جدا فشرع يعلمه وأرسله الى دير القديس الانبا بولا ليتتلمذ هناك إذ كان حديث السن وهدف القمص من ذلك اتاحة الفرصة للقديس للوحدة وعدم مخالطة الناس.

وقد أطاع مرشده فلم يخالط أحدا وحفر لذاته قبرا داخل البستان وشرع يصوم فيه يومين يومين وكان فى بداية رهبنته يصبر نفسه ويقول "لا تقلقى يانفسى ولا تحزنى لأنه مكتوب بالعشاء يكون البكاء وفى الصباح السرور .. ها اليوم أنت صائمة حزينة وفى الغد تأكلين وتفرحين". وكان يقول لنفسه هذا كل يوم حتى تدرج على الصوم ثلاثة أيام وأربعه ثم الاسبوع كله.

وقد أقام القديس فى دير الانبا بولا ست سنوات لم يشاهد يوما فيها يجلس الى المائدة ليأكل مع الرهبان .. كذلك لم يشاهد يوما وهو يأكل فقد كان لا يأكل سوى بمفرده حتى لا يعرف احد مقدار صومه .. وقد كان يلزم العلمانيين الذين يزورونه الصوم الى التاسعة كل يوم حتى لا يشتهى أحدهم الطعام.
وقد كان هذا الشيخ لا يكف عن التعب فكان تارة يعمل فى قطع الحجارة بالمعاول وتارة أخرى يكد فى البستان بالفأس أو يعمل فى البناء فى الدير أو يشتغل فى أعمال الفخار .. ومرات يعمل فى الخوص أو فى حمل الحجارة . فكان لا يتأخر عن أى عمل يحتاج اليه الدير مهما كان مرهقا أو متعبا فكان يقبله بفرح من أجل ان يتعب جسده ويزيد فى نسكه.

حبه لاسفار العهد القديم:

أحب الانبا مرقس سفر المزامير وسفر ارميا النبى من كل قلبه لما فيهما من تعزية وغذاء روحى دسم يتناسب وحياة هذا الناسك العظيم صاحب الدموع الذى كثيرا ما كان يشاهد مصليا باكيا متنهدا ولا غرابة فى ذلك فإن أرميا النبى الذى يلقب بالنبى الباكى يقول فى مراثيه :"ياليت رأسى ماء وعينى ينبوع دموع فأبكى نهارا وليلا قتلى بنت شعبى".
فكانت دموعه المستمرة من أجل البعيدين سببا فى رجوعهم وتوبتهم .

وكان يحب سماع مراثى ارميا النبى بطريقتها الحزاينى ومن شدة تعلقه بهذا النبى العظيم الذى يماثله فى صفة الدموع كان بمجرد ان يتلى هذا السفر يلزم الانبا مرقس جميع الأباء والحضار بالسكوت التام قائلا لهم ان النبى صاحب السفر حاضرا الآن فى وسطنا.

المزمور المفضل:

ولما كان يحب أرميا النبى ومراثيه كذلك أحب مزامير داود النبى وكان يهذى فيها نهارا وليلا وأصبح طعامه وشرابه البسيط مختلطا بدموعه ومزاميره وتسابيحه فكان الانبا مرقس يقول دائما لأولاده :"يجب ألا نكف عن الدموع نهارا وليلا" ، وكأن حال الانبا مرقس يقول :
غـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــريبا عــــــــــــــــــــــــــــــــــشت فى الدنيا نـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــزيلا مــــــــــــــــــــــــــــثل أبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــائى
غــــــــــــــــــــــــــــــــــريبا فــــــــــى أســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاليب ى وأفـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــكارى وأهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــوائى

وكان حتى بلغ التسعين من عمره يطيع رئيس الدير ولا يرفض له طلبا البتة وكثيرا ما كانت الشياطين تحاربه فيترك لهم القلاية ويخرج يجرى فى البستان وكانوا يحاربونه بالزنا فيطرح نفسه قرب الفرن حتى يتآذى لحمه أو يطرح جسمه على الشوك حتى يمتلىء بالجروح وبلغ فى تعبه وجهاده أنه كان يطرح نفسه للناموس ليهرب منه النوم.

وقد صمد هذا القديس منتصرا على روح الضجر وثبت هادئا فى ديره سبعين سنة مااستطاع الروح الخبيث أن ينقله من مكان لآخر ولقد اعانته السماء فكان له سلطان ان ينتهر الشياطين.
وكثيرا ما كان الدير يخلو من القمح فيخلو كذلك من الرهبان الا من هذا الراهب الذى كان يتغذى بالعشب والماء ولا يرضى ان يذهب الى الريف ابدا حتى أن أمه المباركه ظلت تكتب له مدة أربعة وعشرين سنة حتى يذهب ليراها قبل نياحتها فلم يكن يقرأ رسائلها بل كان يبللها بدموعه. وقد كان دائم البكاء ولم يكن هذا القديس يحتذى بحذاء فى قدميه حتى انه كان عند عمله فى الحطب تدمى قدماه فيسيل دمه على الحطب .. وكان يرفض ان يحتذى بحذاء امعانا فى الزهد وعدم الاهتمام بالراحة الجسدية.

وعندما كبر هذا القديس انقطع فى قلايته عن كل شىء عدا الصلاة الجماعية فكان لا يكاد يسمع صوت الناقوس حتى يكون أول الإخوة بالكنيسة ليحضر الصلاة الجماعية وكان مع ذلك يحرص على فضيلة الصمت فكان الاعراب الذين حول الدير يسمونه الراهب الساكت.
وكان بكاؤه ممزوجا بالابتسامة حتى ان الذين كانوا يرونه كان يزول عنهم جزع قلوبهم ويزول حزنهم وكان الكثيرون لثقتهم فى هذا القديس يكتبون خطاياهم فى كتابات يرسلونها الى هذا القديس فكان لا يشهرها بل كان يمحو الكتابه بدموعه ويصلى الى الله حتى يغفر لهم الخطايا.

والمزمور المفضل للأنبا مرقس والذى كان يردده كثيرا هو المزمور 30 ومطلعه:"أعظمك يارب لانك احتضنتى ولم تشمت بى أعدائى أيها الرب الهى صرخت اليك فشفيتنى يارب أسعدت من الجحيم نفسى وخلصتنى من الهابطين فى الجب رتلوا للرب يا جميع قديسيه واعترفوا لذكر قدسه".

تعليق:

وهذا الكلام شكر لله الذى احتضننا ونجانا من أسر الشيطان واختارنا له أبناء وورثة حتى الذين كانوا فى أسر الشيطان فى الجحيم "نزل اليهم المسيح من قبل الصليب" وكرز للأرواح التى فى السجن (اى الجحيم) وأخرجهم محتضنا اياهم. كذلك هذه الايات تعبر عن الحرب الروحية التى يجتازها المسيحى فى سر التوبة والاعتراف فالخاطىء شخص مريض يصرخ الى الله طالبا الشفاء وله أعداء أقوياء.
وتعتبر هذه الايات من ناحية أخرى عن شكر حزقيا احد ملوك اسرائيل عندما خلصه الرب من الأشوريين ونجاه من الموت وطلبه من الشعب ان يرتل للرب ويعترف بخلاصه.

وتنطبق الآية التى تقول:" فى العشاء يحل البكاء وفى الصباح السرور" على حزقيا الملك الذى مرض فى المساء وفى الصباح عفى عنه الله وأمر ان يطول عمره 15 سنة . وبالمثل ففى وقت نياحة الانبا مرقس الأولى بكى أولاده بكاء مرا وطلبوا من الرب ان يبقيه لهم قليلا فأطال الرب فى عمره سنتين ريثما يتدبروا امورهم للارشاد الروحى من بعده.

زمان نياحة الانبا مرقس:

أورد الشيخ لتلاميذه بعض العلامات عن زمان نياحته.
وفى ذات يوم تطلع اليهم وعند جلوسه الى المائدة قال:"ياأولادى ان الرب الذى جمعنا ههنا قادر يجمعنا فوق".
وقال أيضا:"قد رأيت بيدى ورقة وأنا أقول تقدموا يا جميع الشعوب وابكوا على".
وذات مرة صنع لنفسه تابوت من الخشب وكان لا يكف عن الجلوس امامه باكيا. وقام مرة وهدم البقعة التى كان يجلس عليها ويعلم منها.
وقد تمدد مرة فى البستان وأشار الى تلاميذه والى المكان الذى يريد أن يدفن فيه.
وجاءه انسان يودعه قائلا:"نعم ياابنى ان كنت فى كل مرة تأتى وتبصرنى بالجسد ولكن الآن ما عدت تبصرنى سوى بالروح..".

وقد عرف الشيخ بإعلان الهى ميعاد نياحته وقد ادركه التعب والضعف ورقد على فراش المرض فجمع تلاميذه وأخذ يعذيهم ويقويهم وظل الرهبان يومها يبكون طوال الليل ، وكان الشيخ يودعهم قائلا :"يا ما توحشونى يا أولادى ، ياأما أوحشكم انسكم وتعزيتكم وقراءتكم الكتب امامى فى كل ليلة ، يا ما يوحشنى اجتماعكم الصالح عندى وافتقادكم لى بكرة ووسط النهار وعشية ، يا ما يوحشنى عظم اجتهادكم ومعاونتكم فى كل يوم . ولكن يا أولادى اذى وجدت دالة عندكم وقبلتم وصيتى فليس لى وصية سوى ان تحبوا بعضكم بعضا". وكان الشيخ يتكلم باكيا لذا بكى تلاميذه الليل كله حتى أشرق الصباح فنظر اليهم الشيخ وقال :"يكفيكم ياأولادى ، تبكون وتحزنون أنفسكم ، ولقد أعلمهم ان الساعة قد حانت ، ولكن افرحوا بالرب. فمن أجل بكائكم الكثير رأيت فى هذه الليلة أبوينا الشيخين القديسين أنبا بولا وأنبا انطونيوس قد سجدا امام كرسى السيد المسيح وسألاه أن يتركنى لكم قليلا".

فلبث الانبا مرقس فى مرضه سنتين ، وقد كان فى مرضه سندا لهم وعونا أكثر من وقت قيامه سليما فى وسطهم وكان لا يفتر عن العمل حتى وهو فى مرضه حتى التصقت عظامه بالأرض من ملازمته للفراش. وكان يعلم الرهبان دائما وهو يعمل حتى ضعف جدا لدرجه انه إذا وضع الضفائر بجانبه يعجز عن أن يمد يديه ليأخذها ويلزم أن يعطيه له أحد الاخوة ، وكان أحيانا إذا ما لم يستطيع أن يتناول من الأسرار المقدسة يأتى ملاك الرب ليناوله اياها – وكان يرتل دائما مزمور داود النبى:"أعظمك يارب لانك قلبتنى ولم تشمت بى أعدائى". وهو مزموره المفضل.
ولما اشتد المرض بالشيخ وكان الاخوة يطلبون من الرب ان يريحه كان يوبخهم من أجل صغر نفوسهم قائلا :"أين هو يا أولادى الدود الكبير الذى كان يتناثر من أعضائى مثل ايوب الصديق فى زمانه؟ واين هى القروح الصعبة التى يسيل منها الدم واين هى الضربات الكثيرة التى اصبت بها فى جسدى كما اصيب ذلك البار فى زمانه؟".

ولما اقتربت الساعة صار الشيخ يزود اولاده بالنصائح والارشاد ويوصيهم بالسير معا بالمحبة حتى تنهد بالروح وصرخ قائلا:"قوموا ياأولادى وتفرقوا لانى وصلت الى المينا كما هو مكتوب انه قد حضرت الساعة ليتفرق كل انسان منكم الى مكانه". فصار الاخوة يسألونه ببكاء مر عن مصيرهم بعده فقال :"اما سمعتم ما قاله مخلصنا ان كنتم تحبوننى فاحفظوا وصاياى والذى يحبنى ويحفظ وصاياى انا لا افارقه البته بل هوذا انا حاضر معه فى كل وقت احضر اليه وأعزيه وأتراءى له". وصار يحدثهم هكذا الى الساعة التى علم انه يسلم الروح فيها حينئذ نزع للوقت ما كان عليه من الثياب وصار عاريا وترك نفسه هكذا ولم يرض ان يلصق بجسده شيئا . كان يقول لهم: "انظروا يااولادى كم عشت من العمر امامكم وهكذا كما ولدت فى العالم عاريا فهكذا أنا خارج منه عاريا". لم يتبعنى ثوب ولا زاد ولا هما ولا يكون لكم رغبة قط فى شىء من مقتنيات هذا العالم البتة بل اتركوا عنكم ما هو اسفل واطلبوا ما هو فوق فإن مصيرنا نحن الكل الى ما هو هناك ولا ينفعنا فى تلك الساعة لا خلا ولا صديقا ولا مالا ولا أولادا بل لا ينفع كل واحد منا سوى ما صنعت يداه ان كان خيرا ام شرا".

ولما دنت اللحظة الأخيرة أشار لتلاميذه واخوته ان يخرجوا ويتركوه وحده وكانت الساعة السادسة من النهار وكان ناقوس الصلاة قد ضرب فلما خرج الاخوة للصلاة وتركوه وحده اسند رأسه على احد تلاميذه ورشم اعضاؤه وحواسه بالصليب واسلم الروح للوقت فى تلك الساعة بكل هدوء وراحة حتى ان جماعة من الاخوة لم يصبروا الى ان يكملوا الصلاة بل حضروا ووجدوه قد اسلم الروح فحزنوا عليه حزنا عظيما وحملوا جسده الى البيعه وقام القمص ابرام بتجنيزه بعد أن كفنه بأكفان نقية ووضع جسده فى تابوت من الخشب النقى حسب طقسه واستحقاقه ثم اضاف على جسده فى ذلك التابوت من اللبان النقى والعندروس ثم اخذ عمامة جديدة من كتان وضنعها كاللفائف ووضعها على جسد القديس الشيخ وقبره فى قبر جديد داخل البستان ورثاه بقوله: "لمن تركتنا يا مركبة اسرائيل وعصا قوته المثبت لنا؟ لمن تركتنا يا أب الايتام ومعزى صغيرة النفوس؟ يا من كان بك فرحنا واجتماعنا؟ لمن أودعتنا ايها الراعى الصالح والأب الشفيق الذى ما غفل عن حراسة أولاده ورعايتهم يا جامع شملنا جميعا".
يا من كنت تعزى صغيرنا وكبيرنا بكلامك الحلو . بالحقيقة قد تم علينا يا أبانا القديس قول الكتاب اضرب الراعى تتبدد الخراف . بالحقيقة اليوم تفرق اولادك ، وتشتت الاجتماع الصالح الذى اعتاده الاخوة فى حياتك. اليوم انقطع الطريق من كثرة الجموع الواردة اليك فى كل حين. اليوم اصبح الفقراء بغير زاد. والأكام تنوح على ساكنيها.
اليوم تصرخ الجبال نوحا. والأودية تصيح على قاطنيها".

وكانت نياحة الشيخ فى الساعة السادسة من يوم الاثنين الثامن من شهر أبيب 1102ش (شهر يوليو 1386ميلادية).
ولقد ابصر احد الاخوة يوم انتقال الشيخ عساكر وأجناد نورانية لا يحصى لها عدد. نزلوا من السماء وأحاطوا بالدير. ثم ظهرت امرآة حاملة طفلا صغيرا وقد غلب ضوءها نور الشمس وجلست بجانب هذا الأب وقبلت نفسه النورانية اليها. وكان جميع القديسين يرتلون حولها وهم فرحون حتى اصعدوها الى السماء بفرح ومجد.
ولقد ابصر أب كاهن الانبا مرقس بعد انتقاله وهو قائم بجانب ابيه الانبا انطونيوس امام كرسى السيد المسيح له كل المجد والبركة.
وكانت صفوف القديسين تأتى وتتبارك منه . وكان الانبا مرقس يسأل بصراخ أن يباركوا هذا الكاهن قائلا :"اعطوه اعطوه . اى عطية الروح القدس التى يكون بها خلاصه". ذلك لأن الكاهن كانت عيناه قد لزمتا العمى من كثرة البكاء وهو يسأل الله ان يكون له نصيب مع القديسين. لذا فرح هذا الكاهن بهذه الرؤية.
بركة صلواته فلتكن معنا . آمين.

مواقف من حياة القديس
التجاؤه للقديسين عندما يهيج عليه العدو:

فى دفعة هجمت عليه امرآة غير مؤمنة داخل منزله وأخذت تتوسل اليه قائلة:"ارحمنى فان لى زمانا وأنا معذبة من اجلك بشهوة الخطية وانى الآن اشتهى ان تقوم وتكمل لى ما اريده منك". فما كان منه الا ان انتهرها وطردها قائلا:"اما تذهبى عنى ياامرآة الى الشهيد مرقريوس أبى سيفين وتنذرى له بربعتين غزل من عمل يديك كيما يخلصك مما أنت فيه من ألم الخطية".
ملاك الرب يحرس حمارته:
وحدث ذات مرة انه عبر على البيعه ببلدته وكان معه حمارة عليها حنطة فلما رأى الجمع قائمين فى القداس لم يحتمل ان يترك القداس ويمضى دون ان يشترك فيه ففتش على من يودع عنده الحمارة والحنطة فلم يجد احدا فأخذته امانته القوية بالسيد المسيح ورشم الحمارة والحنطة بعلامة الصليب لكى يحرسها الرب ودخل الى البيعة وحضر القداس وتناول من الاسرار المقدسة وخرج بعد التسريح فوجد حمارته والحنطة لم يتعرض لها احد فمجد اسم المسيح الذى استجاب لندائه ولم يخيب امله.
جهاده ضد الأحلام الشريرة:
وما كان قد يمضى الى البيعه ويحضر عيد من الاعياد الا ويطوى ليلته بكاملها. ففى احد ليالى أعياد القديس انبا شنودة اب الرهبان بينما كان يطوى ليلته كالعادة اذا بعدو الخير قد عانده بحلم ردىء فى رؤيا الليل فقام وضرب على ذلك الحلم ثلاثمائة مطانية (سجدة) ولم يقبل ان ينتصر عليه العدو ويمنع ذاته عن القربان المقدس.
يشجع المؤمنين على الاستشهاد:
سمعت بخبر هذا الشيخ امرآة من بنات مصر راهبة اسمها افرونية فتزيت بزى الرجال واتت اليه فشجعها هذا الشيخ وللوقت ارسلها الى مصر واعترفت هى ونسوة اخريات ونلن جميعا اكليل الشهادة وقد كن كثيرات لا يقدرن على الاتيان اليه فكان يرسل لهن تلاميذه مثل يعقوب ابو مقيطف ليشجعهن.
يرى ما لا يراه غيره:
رأيت هذا الشيخ إذا أبطأ حضور القافلة عن الدير يحزن الاخوة كثيرا لعدم حضورها ، كان هذا الشيخ يأخذ القليل من الخبز ويضعه على المائدة كمن يجهز المائدة وبعدها لا يشعر الاخوة إلا فى الغد حتى تأتيهم القافلة وكذلك كثيرا ممن كانوا يحضرون لزيارة هذا الدير كان يخبرنا باتيانهم قبل حضورهم وكنا نحن نستعد لملاقاتهم.
يغسل الخطابات المرسلة اليه بدموعه:
ارسل اليه قس من اولاده بكتاب من القيامة المقدسة (أورشليم) فقرب الشيخ ذلك الكتاب من عينيه ومن خديه وبرح يغسله بدموعه امامنا وبعد نياحة الانبا مرقس كان هذا القس من عادته ان لا يصنع قط قداسات ولا صلوات فى القيامة المقدسة الا ويذكر اسم القديس مع القديسين المذكورين فى مجمع القداس ولهذا دعاه هذا الشيخ قبل انتقاله وباركه.. لأن هذا الشيخ كان يذكر الجميع ويبكى على خطايا الجميع.
يرى الشهيد مرقوريوس:
فى ذات مرة جاز جماعات من الأعراب على الدير فرفع هذا الشيخ نظره الى فوق وقال بالحقيقة أقول لكم يا أولادى ان هوذا الشهيد مرقوريوس قد خرج ليطرد الاعراب عن الدير وهكذا لم يمكث الكلام قليلا حتى اختفى الاعراب فى تلك السنة وأقاموا سنين لم يسكنوا البرية.
يرى مثلما كان يرى أبوه انطونيوس الكبير:
- فى مرة ابصر الشيخ نفس اخ راهب تنيح بدير القديس الانبا بولا وهى صاعدة الى السماء فلما اعلم الشيخ الاخوة بصعودها شك بعضهم ولم يصدقوا بما ابصر حتى وافاهم انسان من هناك ان ذلك الاخ تنيح فى الساعة التى خبر عنها الشيخ.
- فى يوم ما سقطت شجرة لوز كبيرة من اشجار الدير فأخبر هذا الشيخ الاخوة وقال بالحقيقة اقول لكم ان رئيس الاساقفة قد وقع فى مرض صعب فى مصر ومات وهكذا لم يمكث هذا الكلام غير مسافة الطريق حتى اتى الخبر ان البطريرك قد اسلم الروح فى اليوم الذى خبر عنه الشيخ.
علاقته بالقوات السمائية:
اصيب هذا الشيخ يوما من ضربة فأس فكسرت اصبعه فوضع الشيخ يده على صورة السيدة ام النور وقد ظن الاخوة انه سيموت لوقته لعظم الضربة فسمع من الصورة صوتا قائلا:"قم ياابنى مرقس لن يصيبك موت فى هذا الزمان بل تعيش لقيام آخرين".
لا يتلذذ بطعام هذا العالم:
كان لا يتلف قط شىء من الدير إلا ويسمونه "مرقس" كاسم الشيخ إذ انه كان من عادته ان لا يصنع شيئا من حاجات الجسد إلا ويتلفه امامهم حتى يقاوموه ويخاصموه.
لا يسمع أحد صوته:
كان اذا تكلم احد الاخوة مع اخيه بكلام بطال امام الشيخ انه يزجره ويقول له:"قال ماراسحق يا ابنى احبب السكوت" حيث كان قد درس هذا الميمر من صغره وحفظه عن ظهر قلب.
يحب الجميع ولا يحزن احدا:
يوما ما خاصم الاخوة الطباخ فى الابعين المقدسة وامتنعوا ان يأكلوا طعامه فاحضر الشيخ قليل من البيض وشواه على الجمر ثم اكل منه مشويا وكان لهذا الشيخ نحو سبعين عاما لم يدخل فاه بيض بالكلية ولما تناول ذلك البيض قال:"نعم يااولادى خير لى ان اكل بيض فى الاربعين ولا ادين اخى ولا احزنه".
يعلم اولاده فى كل حين:
أهدى انسان ذات يوم لهذا الشيخ وعاء مملوء عسل نحل فأخذ الشيخ الوعاء بما فيه وطرحه تحت العقود الى جانب بيت الخلاء (دورة المياه) فلما علم الاخوة خاصموه . فاجابهم :"يااخوتى لا تخاصموننى فان الموضع الذى هو صائر اليه أودعته اياه". فلما سمع الاخوة لنتفعوا لرفضه الأشياء الجسدية.
من أراد ان يكون عظيما فليكن أخر الكل:
كان اذا نظر انسان منا يتذمر على رفيقه .. فى وظيفه من وظائف الدير كان يجيبنا:"حقا اقول لكن يا اولادى اننى فى مرات كثيرة كنت اقوم عن رفقائى بما عليهم من العجين للمجمع وهو ما يساوى ثلاثة اردب وربع اردب ولا ارى ان اجادل اخوتى واحزنهم بكلمة واحدة لأن هكذا امرنا المسيح يا أولادى ان يحتمل الانسان منا ثقل صاحبه كما احتمل هو بذاته الألم عنا".
انا هو الرب شافيك:
اصيب هذا الشيخ بلسعة عقرب فى عمله بالحطب فلما سأله الاخوة ان يستعمل قليل من الترياق حينئذ الشيخ وطرحه على الارض وقال :"يا ضعيفى الايمان ليس للراهب شفاء ولا ترياق الا المسيح وحده". ثم اخذ قليل من الخل ورشمه بعلامة الصليب واستعمله كترياق وشفى للحال.
يرحم الضعفاء ويستر عيوبهم:
كان قائما يحصد مع الحصادين واذ هو يرى امرآة تأتى وتسرق ما يحصده فلما نظرها هذا الآب أخبرنا انه صار يجمع مايأخذه كل يوم ويضيفه لهذه المرآة فوق على ما تحصل عليه حتى تعجبت من رحمته وأخذت تبكت نفسها بعظم صنيعه.
لا تظهر امام الناس صائما:
وإذا نظر الى انسان منا يفتخر بصومه الانقطاعى امام الاخوة كان يقول:"حقا اقول لكم يا اولادى ان عشية الليلة كنت أبات فيها طاوى كنت أخذ خبزى وطعامى امام الاخوة وآتى فى خفية واضعه فى المزود ولا اظهر لأحد فى الدير انى صائم البته".
منهجه فى الصوم وتقديره له :
فى مرة اقمنا عند هذا الشيخ الصيف كله وكنا اذا اتينا لنأكل كان يترك ما يحمل اليه من طعام بل ولا يطعمنا سوى القراقيش والخل الممزوج بالماء لانه ماكان يشتهى ان احدا يكون له رغبة فى مـآكل قط. .. وقد رآينا علمانيا اسمه سيداروس الزمه الشيخ ان يصوم للتاسعة هو وثوره وحماره.
قيمة الصوم عنده:
مرة يبست يدا هذا الشيخ فكان اذا اطعموه عدد من اللقمات وجرعه ماء ولا يرضى لنفسه ان يأكل بغير قياس البتة وكنا اذا سألناه ان يشفق على جسده كان ينتهرهم قائلا:"يا اولادى لا تأمنوا لهذا الجسد ولا ترخوا له ولو انه فى القبر لئلا نعطيه شبعه من الطعام والماء يحرك فينا الاوجاع الى الانتهاء".
يرى سيدنا المسيح تبارك اسمه:
فى مرة ابصر الشيخ سيدنا المسيح امامنا ونحن لا نفهم حتى فاق عقله مما كان فيه وأجاب :"بالحقيقة اقول لكم يااولادى ان سيدنا المسيح تبارك اسمه قد عبر علينا فى هذه الساعة واحد الاخوة سأله قائلا: من أنت؟ قال : انا راعى الخراف لا تخافوا..".
الانبا مرقس صديق السواح – ناظر الاله:
قال الشيخ:"عظيمة هى سيرة السواح لأنى رأيت سيدنا المسيح يحل من أجلهم بالجسد فى هذا المجمع المقدس مرتين كل عام ويعطيهم الأسرار المقدسة على يد الملائكة.
يرى القوات السمائية وقت القداس وفى الصلوات:
انتهر هذا الشيخ واحدا من الاخوة على كلامه وقت القداس وقال له:"أما تبصر ياابنى كيف ان ملائكة الله وقوف بخوف وسكون فى هذه الساعة المقدسة وقد احدقوا باشجار الدير من خارجه الى داخله لأجل القداس وأنت تتكلم".
عرض لأخ فكر زنا فى وقت القداس ثم تجاسر وتناول فانتهره الشيخ واخبرنا انه ابصر ملاكين وبيدهما سيفين من نار قد خرجا من المذبح ليضربا هذا الاخ فمنعهما الشيخ وأشار له ألا يعود لهذا الأمر.
تخلف أخ عن شرب المطانيات فى عشية الجمعة الكبيرة فانتهره الشيخ واخبره انه ابصر ملائكة الله تأتى وتسجد بخوف مع الجماعة الـ 400 مطانية وقارا للمتألم عنا.
هوذا غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس وإثمهم:
وفى مرة سمع الشيخ رعدا عظيما من السماء لم نسمعها نحن وقال:"بالحقيقة أقول لكم ياأولادى إن خطايا الناس وآثامهم قد علت الى السماء هوذا لى ثلاثة أيام وأنا اسمع الشهداء والقديسين يطلبون ان تباد الأرض وما عليها ولكن لم يدعهم المسيح قائلا :"أما تعلمون أن الفاخورى أذا كسرت صحفة واحدة يحزن ويتألم عليها أما تنظروا يا شهدائى آثار المسامير والحربة التى طعن بها جنبى بسببهم ، أما تنظروا آثار الضرب بالسياط الذى على جسدى من أجلهم انتظروا قليلا حتى يتوبوا عن خطاياهم وإلا امنع عنهم رحمتى".
عهد بينه وبين المسيح:
طرد رئيس الدير أحد الاخوة الى الريف بسبب خبزة واحدة فنظر الشيخ بغضب الى السماء ثم انتهر هذا الرئيس :"أمن أجل خبزة واحدة لم تحتمل أخوك هوذا الرب عن قريب يرسل غضبه عليكم .. ويرفع القمح عنكم". وهكذا لم يمض أربعين يوم على هذا الكلام حتى وقع غلاء عظيم على كورة مصر كلها وقد نهبت الأديرة حتى انه لم يترك بها قدح واحد غلة ومات كثير من الناس والبهائم من القحط والضيق فلما رأى الشيخ ما كان عاد وبكى الى الله حتى رد غضبه عن البلد قم اعلن له فى رؤيا انه لا يعود يجلب فى ايامه غلاء مرة اخرى وقد شهد لنا هذا الشيخ وقال :"لا تخافوا فإن بينى وبين المسيح قول ان الرغيف بفلس". هكذا أقام الشيخ الى حين إنتقاله والرغيف يباع بفلس.
رحمته حتى على الوحوش:
وجد هذا الشيخ ثعبانا كبيرا فى جحر داخل البستان فصار يضع له الطعام على الجحر كل يوم.
من يدك أعطيناك:
أرغم الشيخ أحد اولاده ان يعطى بدويا قليل من العسل وكان ذلك التلميذ لا يريد ان يعطيه شيئا فلما أرغم الشيخ تلميذه اعطاه .. بعد ذلك أتى انسان مسيحى ومعه كمية كبيرة من العسل أهداها للشيخ فدفعها الى التلميذ وقال :"انظر ياابنى كم تكون عطية الله لأنك أعطيت قليلا وأخذت كثيرا". فسجد التلميذ وضرب مطانية.
تجرده ورحمته حتى على اللصوص:
دخل الشيخ الى قلايته وإذا انسان بدوى قد سرق جميع ما فيها وجمعه فى قفة فأخذ الشيخ القفة ووضعها على رأس البدوى فأخذ القفة ومضى ومضى الشيخ ولم يتألم قلبه.
أخذ أحد الاشخاص عباءة الشيخ فلما أمسكه الاخوة ليأخذوا منه العباءة انكر الشيخ العباءة وقال ليست لى.
علم يوما احد الاخوة الرهبان ان جماعة منهم سوف يدخلون قلاية الشيخ فى غيابه ويأخذوا ما فيها بدون اذنه فلما شكاهم الأخ أجابه الشيخ:"ما بالك انت ، أيضا إذا عرض لك حاجة لشىء آما تدخل لتأخذه ولا تدين اخوتك وتشكوهم البتة".
يغسل وجهه بدموعه كل يوم:
غسل الاخوة قدمى الشيخ وكان مريضا لا يعى لذلك لما فاق مما كان عليه من مرض أخذ يخاصم الاخوة وقال :"بالحقيقة أقول لكم يا أولادى ان لى منذ صباى والى الآن ما غسلت جسدى بالماء ولا وجهى أيضا سوى بالدموع". وقد كان الشيخ ان تكلم او لم يتكلم تراه باكيا دائما وكان يضع بجانبه قطعة قماش ليجفف بها دموعه طوال الوقت.
أيها الطبيب الحقيقى الذى لأنفسنا وأجسادنا:
فى دفعة حضر عند الشيخ شاب حكيم من أولاده من مصر (طبيب) وأخذ فى السؤال الينا أن يداوى جسد هذا الشيخ لطول مدته فى الضعف فلم يقبل الشيخ بل بالاكثر كان يبكتنا على قلة ايماننا واتكالنا على مثل هذه المداوة الجسدية البائدة حتى أنه من كثرة تبكيته لنا أنه وضع الى جانبه وهو راقد ضعيف قدرا مملوء بصلا وكان لا يدخل اليه قط انسان منا وبه ضعف إلا وكان يعطيه من ذلك البصل المنقوع بالماء المنتن والخل فيبرأ لوقته.
ومرة عرض لهذا الحكيم مرض صعب بالدير وصار هذا الشيخ يدفع اليه لكل يوم من البصل ما يساوى اكله وكان الحكيم يقبله ويستعمله بأمانه فما انقضى اسبوع حتى شفى من مرضه.
عين الشفاء أو عين الانبا مرقس:
كان كثير من المرضى الذين يورون الدير طالبين الشفاء ، يأخذوا قليلا من الطين الذى بعين الماء التى حفرها الشيخ بنفسه حتى سميت عين الشفاء وهى تقع فى الناحية البحرية الغربية لكنيسته على بعد ثلاثة أمتار من جدار الكنيسة الخارجى.
يقظة عقله رغم كبر سنه:
حقا أقول لكم يا اخوتى (يقول كاتب السيرة) ولا أكذب أننا رأينا الشيخ بلغ هذه الشيخوخة الصعبة ومثل هذا الضعف الصعب ولم تتغير حاسه عقله ولا انتقص له ضوء بصر من البكاء قط بل حسنا كان يميز كل من يدخل اليه وهو راقد ضعيف وكان يعزى كل انسان كاستحقاقه.
يستر خطايا الناس ولا يدن احدا:
وكان اذا حضر اليه أخ خاطىء ومضى ذلك الأخ فإن الشيخ يمتدحه فى غيبته اكثر من حضوره وكان الكثيرون يتذمرون من الشيخ لهذا وكان يبكت جهلهم قائلا:"أما سمعتم المكتوب هكذا ياأولادى أننا لو قبلنا الأخ الخاطىء وسترنا خطاياه ستر الرب خطايانا وان رفضنا الأخ الخاطىء وشهرنا خطاياه شهر الرب خطايانا".
طوباك يامرقس لانك تشبهت بسيدك:
وفى مرة وبخ القمص إبرآم الفانى من أجل أنه لم يطلب الرحمة لشاب خاطىء مات وقال له كان يجب أن تتمهل عليه لعله يرجع عن خطاياه وتفرح لرجعته كما هو مكتوب ان الله يفرح واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين صديقا لا يحتاجون الى توبة ، من أجل هذه المحبة الكبيرة للخطاة كان الشيخ يشفق عليهم ويسأل الله عنهم دائما.
يعلم أولاده بكل الوسائل:
قال عنه احد تلاميذه انه كان ملازما النوح والبكاء وقد طلب ان يفتح له الطافوس (المدفن) لينزل ويسكن بين الموتى وقد بكى لما قاوموه وقال :"لا تخاصموننى فإن الشيوخ قالوا ان الذى يسكن بين الأموات لا يخطىء ابدا لكن ينظر من يخطىء قبله ويموت كيف صار ويبكى على ما هو صائر اليه مثله".
صومه :
كان اذا اضطره اخوته الرهبان ان يأكل على المائدة عسلا او قليلا من الزيت كان ينتهر الأخ قائلا :"كف عنى ياهذا لئلا تعمينى ، وكان لا يشير لعمى البصر بل أن يحقق لاخوته ان النفس التى تمتلىء بالشهوات الجسدانية تعمى فى ذاتها عن النظر الى الرب يسوع

ما سر عظمتك يا أبى
ماهو سر عظمة هذا القديس الذى عاش فى القرن الرابع عشر الميلادى؟!
هل هو توحد فى البرية مثل ايليا النبى ويوحنا المعمدان ومثل مارمينا! أم فى عمل النعمة الالهية فيه وإختيار الله له كمثال فى جيله ولأجيال أخرى كثيرة!!!
أم فى ارتوائه بالفضائل المسيحية من أمه البارة الارثوذكسية!!! أم فى استعداده الشخصي وجهاده الروحى وصومه وصلاته ودموعه!!!
ام فى استفادته من أب قديس وشيخ ومعلم هو القمص روفائيل النعناعى!!! ام فى ارشاده وتعاليمه وحبه ورحمته وحنانه الكبير لكل الخلائق!!!
ام فى صداقته لاثنين من كبار القديسين فى جيله هما البابا متاؤس (87) والانبا رويس (فريج)!!!
ام ان عظته سرها هو معجزاته اثناء حياته وبعد انتقاله؟!!
فى الحقيقة .. إن سر عظمة القديس الانبا مرقس الإنطونى الناسك المتوحد والذى يمر على نياحته فى صيف هذا العام ستة قرون ، يمكن فى كل هذه الأسباب فتعال بنا سويا نتنسم سيرته العطرة ونترسم خطواته الطاهرة ونتمتع ببركة هذا القديس الذى بكى يسيرا ثم ضحك على شر هذا الزمان وصبر واحتمل ومات قليلا لكى يحيا الى الأبد وفى اعلى مكان.

بركته مع جميعنا آمين.




رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
القديس مرقس الانطونى شفيع للمقلعين عن التدخين
صور الراهب الصامت القديس العظيم ابونا يسطس الانطونى
القديس العظيم أبونا يسطس الانطونى-الراهب الصامت
+القديس الانبا مرقس الانطونى...كيف ترهب ؟!!
سيرة الانبا مرقس الانطونى


الساعة الآن 02:40 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024