هياج البحر:
لكن الله يُريد خلاص يونان وخلاص نينوى أيضًا، ولذلك استخدم الطبيعة ليُحاصر يونان، ويحميه مِن خطأه، ويُساعده على تتميم الرسالة التي دعاه إليها. واستخدم الرب كُل ما هو جميل مِن صفات الملاحين، بالرغم مِن أنهم أناس غير يهود، إلا أنهم كانوا ذو ضمير صالح، إذ اتجه كُل واحد إلى إلهه يستنجد به، في الوقت الذي نزل فيه يونان إلى قاع السفينة ونام نومًا ثقيلًا. وكانوا أيضًا غير مُتعصبين، إذ تركوا كُل واحد يصرخ إلى إلهه، بل وأيقظوا يونان ليصرخ هو أيضًا إلى إلهه. وكانوا أيضًا ذو قلب حنون، إذ أنهم بعد أن عرفوا أن هياج البحر عليهم كان بسبب يونان، وأن يونان أعطاهم الحَل بأن يُلقوه في البحر لكي يهدأ -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى- إلا أنهم رفضوا ذلك في البداية وجدًفوا كثيرًا ليُرجعوا السفينة إلى البر ولم يستطيعوا، وبعد أنْ تأكدوا أنْ ليس أمامهم طريق سوى أن يُلقوا بيونان في البحر، صرخوا إلى الله لكي لا يجعل الله عليهم دمًا بريئًا، إنهم مملؤون بمخافة الله حتى وهم غير مؤمنين به. فليتنا نتعلم منهم عدم التسرع بحلول سريعة غاضبة لكي نُنجى أنفسنا، وننسى أن هناك أطرافًا أخرى قد تتأذى مِن تصرفنا، ليتنا نطلب أولًا نجاتنا ونجاة منْ معنا في طريق الحياة ولا نتصرف بأنانية تجعلنا نخسر كُل شيء.