رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الادعاء الرابع أن الأقباط رحبت بالعرب لتخليصهم من ظلم الرومان الادعاء الرابع ظهور البابا بنيامين بعد نداء عمرو بن العاص. يذكرنا هذا الموقف بموقف سابق مشابه له تماما، بين البابا أندرونيكوس [البابا 37 ] والملك خسرو ملك الفرس سنة 617م. وقد تساعدنا المقارنة الموضوعية بين الموقفين المتشابهين والمتقاربين زمنيا، على إجلاء وإظهار الحقيقة. فظهور البابا بنيامين بعد الفتح العربي بثلاث سنوات، يشابه موقف سلفه البابا أندرونيكوس بعد الغزو الفارسي لمصر سنة 617م. وتشابه الأحداث والمواقف، يقول كتاب البابا بنيامين ـ كامل صالح نخله ـ ص 21: "وبعد فتح الإسكندرية قتل الفرس من أهلها الكثيرون وأخذ بعضهم سبيا وأرسل إلى بلاد فارس، ولكنهم أباحوا للبطريرك البابا أندرونيكوس (616ـ623 ) الإقامة بها لسمو مركزه وبعد صيته... ولما استقر بهم الحال في البلاد استخدموا كبار رجال الدولة، ولا نزاع في أن المصريين الأقباط قد اشتركوا في إدارة البلاد، وما كان لهم أن يرفضوا ذلك الاشتراك لأنه كان يعد حماقة لا مبرر لها، ولكن هذا الاشتراك ليس معناه الترحيب بالفرس لأن الأقباط لم يعتبروهم رسل خلاص على ما ذهب إليه بعض الكُتاب الحديثين، لأن الفرس جاؤا إلى مصر وأيديهم ملطخة بما اقترفوه من النهب والقتل والسبي زمنا طويلا في الشام وفلسطين، وكان أكثر ضحاياهم من المسيحيين. ويفند بتلر التهمة التي أراد بعض الكتاب إلصاقها بالأقباط فيقول: "نستبعد أن يكون القبط قد اظهروا شيئا من المودة للكفار الذين كانت أيديهم ملطخة بدماء إخوانهم في الدين في إنطاكية وبيت المقدس .." بتلر ص 122 ...ولكننا لسنا في حاجة إلى القياس والتخمين لكي تظهر براءة الأقباط مما عزى إليهم، فانه لا شك في أن أكثر من هلك من الرهبان فيما حول الإسكندرية كانوا من القبط، ولو لم يكن لدينا من الأدلة إلا هذه الحقيقة لكانت كافية لدحض افتراء المفترين على القبط بأنهم رحبوا بالفرس، ولكن ليست هذه الحقيقة هي كل ما لدينا، فانا نعلم أنه بعد فتح الإسكندرية سار قائد جيوش كسرى بجنده وصعد إلى الجنوب محاذيا النيل لكي يفتح الصعيد، وكانت معاملته للقبط في كل مكان واحدة، يحل الموت والخراب حيث حل. بتلر ص 123 و كامل صالح ـ البابا بنيامين ـ ص 22 أبقى الفرس البطريرك الأرثوذكسي البابا أندرونيكوس على كرسيه، ولقي منهم الرفق في المعاملة ولم ينازعه منازع في رياسة الدين، ولكن أثر المصائب التي شهدها تحل بقومه والخراب الذي نزل بهم في جميع أنحاء أرض مصر في ابتداء الحملة لم يزل في قلبه يملؤه حزنا وأسى حتى قضى على حياته، وكذا تم انتخاب خليفته البابا بنيامين في 4 يناير 623م. في سلام وطمأنينة، واستظل بحكم الفرس في أول سني رياسته في هدوء وسكينة إذا قيست بساير مدة ولايته الطويلة المملؤة بالشدايد والعواصف والكروب. كتاب البابا بنيامين ـ كامل صالح نخلة ـ ص 25 ويذكر بتلر في كتابه فتح العرب لمصر ـ الفصل السابع والعشرون ـ ص 456:"وكان بنيامين في كل هذه المدة يتنقل خفية بين أصحاب مذهبه، أو يقيم مختبئا في أديرة الصحراء. وانه لمن الجدير بالالتفات أن هذا البطريق الطريد لم يحمله على الخروج من اختفائه فتح المسلمين لمصر واستقرار أمرهم في البلاد، ولا خروج جيوش الروم عنها. وليس أدل على افتراء التاريخ على القبط واتهامهم كذبا بأنهم ساعدوا العرب ورحبوا بهم ورأوا فيهم الخلاص، مع أنهم أعداء بلادهم. ولو صح أن القبط رحبوا بالعرب لكان ذلك بناء على أمر بطركهم. ولو رضي بنيامين بمثل هذه المساعدة وأقرها لما بقي في منفاه ثلاث سنوات بعد تمام النصر للعرب، ثم لا يعود بعد ذلك من مخبئه إلا بعهد وأمان لا شرط فيه. ولو لم يكن في الحوادث دليل على كذب هذه الفرية غير هذا الحادث لكان برهانا قويا، وان لم يكن برهانا قاطعا فهو حلقة نضمه إلى سلسلة ما لدينا من الأدلة، وقد أصبحت سلسلة لا يقوى على نقضها شئ. ويؤكد المؤرخ كامل صالح نخله في كتابه ـ البابا بنيامين 38 ـ رأى بتلر، فيقول: "كان البابا بنيامين في هذه المدة يختفي في صعيد مصر متنقلا بين أديرة الصحراء وفي اختفائه مدة ثلاث سنوات بعد الفتح العربي، الدليل على براءة قبط مصر مما افترى عليهم بأنهم ساعدوا العرب ورحبوا بهم ورأوا منهم الخلاص إذ لو كان هذا الاتهام صحيحا لكان ظهور البابا بنيامين من مخبئه عقب الفتح مباشرة، ولكن بقاءه مختفيا بعد تمام النصر للعرب بثلاث سنوات وعدم ظهوره إلا بعهد وأمان لا شرط فيه ولا قيد، لبرهان قاطع على كذب هذه الفرية". ص 108 وثمة ملاحظة يمكننا إضافتها هنا وهي أن عمرو قام بعمل نداء إلى البابا بنيامين، وهذا يؤكد أن عمرو بن العاص لم يكن يعرف مكان اختفاء البابا بنيامين وأن جميع من كانوا مع عمرو أو على صلة به، لم يكونوا يعرفون ذلك أيضا، وإلا لكان يكفي أن يرسل عمرو مع أحدهم رسالة شخصية إلى البابا، وهذا واضح أيضا من صيغة أمر الأمان هذا، كما يوردها بتلر في الفصل 27 ص455: "أينما كان بطريق القبط بنيامين نعده الحماية والأمان وعهد الله، فليأت البطريق إلى هاهنا في أمان واطمئنان ليلي أمر ديانته ويرعى أهل ملته". وكان البابا بنيامين ذا هيئة جميلة تلوح عليه سيما الوقار والجلال، وكان عذب المنطق في تؤدة ورزانة، فكان لذلك أثر عظيم في نفس عمرو، حتى قال لأصحابه: انني لم أر يوما في بلد من البلاد التي فتحها الله علينا رجلا مثل هذا بين رجال الدين. وكان البابا بنيامين قد ترهب في أحد الأديرة بجوار الإسكندرية، ويسمى دير قنوبوس وهو من الأديرة القليلة التي نجت من تخريب الفرس، ولكنه لم يسلم من نهبهم. وذات مرة اصطحبه رئيس الدير واسمه ثاؤنا إلى البابا أندرونيكوس البطريرك 37 فاستبقاه البابا عنده وجعله تلميذا له وأمين أسراره ومساعده في تدبير شئون الكنيسة، إلى أن تنيح البابا أندرونيكوس في3يناير سنة 623م. فاختير بنيامين للبطريركية في 4 يناير سنة 623م. عاصر البابا بنيامين ثلاثة حلقات متوالية من الغزو والاحتلال والفتح، ثلاث حلقات متوالية من الحكم الأجنبي المستبد لمصر. فقد تولى البطريركية في ظل الاحتلال الفارسي ثم البيزنطي ثم العربي، وهؤلاء الدخلاء الثلاثة، الفرس والبيزنطيين والعرب، يتشابهون في أمور كثيرة كما يختلفون في أمور أخرى . فقد جاء كلا منهم طمعا في خيرات مصر وثروتها، والسيطرة على موقع جغرافي واستراتيجي هام، واستخدم كلا منهم أساليب القمع والقهر للسيطرة على زمام الأمور، وقام كلا منهم بأعمال النهب والقتل والتخريب، لإرهاب الآهلين. التشابه في طريق الغزو ـ مذابح في الشام قبل مصر ـ التخريب والنهب والسلب والسبي ـ ظهور البطريرك في حالتي الفرس والعرب ـ الادعاء الكاذب بترحيب المصريين (الأقباط ) بهم .. وبالنسبة لأمور الدين أو العقيدة، لم يهتم الفرس بنشر ديانتهم، واتبع الرومان أسلوبا خاطئا بهدف إخضاع القبط لمذهبهم الخلقيدوني، ولو أنه في الحقيقة لا يوجد أى خلاف أو فروق في العقيدة بين الخلقيدونيين واللاخلقيدونيين، وانما ألبسوا السياسة ثوب العقيدة زورا. أما العرب فقد كان هدفهم الأول المعلن، هو نشر الإسلام وبأية وسيلة. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|