منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 16 - 05 - 2021, 10:52 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

لماذا ترتَّل المزامير بألحانِ وترنَّم؟  للقديس اثناسيوس الرسولى



لماذا ترتَّل المزامير بألحانِ وترنَّم؟

للقديس اثناسيوس الرسولى





هذا أيضاً أمر يحتاج إلى توضيحٍ، لأنه يوجد قوم يرتجلون القول ولو كانوا متيقنين من ان المزامير مُلهَجٌ بها من الله، لكنّهم يتوَّهمون أنَّها تؤدّي ملحنَّة لغاية حسن النغمة والطرب. لكن الأمر ليس كذلك لأن الكتاب لا يروم التلذّذ وزخرفة الكلام، بل هذا قد ارتسم لأجل نفع النفس ولأنه واجبٌ أن تكون تلاوة الكتاب الإلهي لا دَرجاً وحسب بل سبحاً لله أيضاً على نحوٍ مُنَّسق وتمادٍ في الصوت.



وبهذا النوع تصان محبّة البشر وشوقهم إلى الله من كُلِّ قلبهم وقوّتهم، لأنه كما أن النظمَ يؤلف ما بين الألفاظ كذلك توجد في النفس شرعة مختلفة وهي التفكّر وقوّة الشهوة وقوّة الغضب، ومن هذه الحركة ينتشي فعلُ الجسَدِ. المراد بهذا المعنى، أن الإنسان عديمُ الإتفاق لأنه كثيراً ما يقول الشيء ويعمل عكسه، كما جرى لبيلاطس الذي قال عن المسيح أنّه لم يجد فيه علّةً تستوجب الموت ومع ذلك أسلمه لليهود. كذلك يشتهي الانسان فعل المساوئ لكنّه لا يقدر على إتمامها، كما جرى للشيوخ الذين حكموا على سوسانة. وليس الانسان أيضاً بريئاً من الفسقِ، ولا سارقاً وبريئاً من السرقة في آن، ولا قاتلاً وبريئاً من القتل معاً، او متكلماً بالتجديف. فلئلا يوجد فينا اختلال مثلُ هذا يحسن أن تكون النفس مالكه عقلاً جيداً، كما قال الرسول، وأن تسلّم لصاحبها قيادها وتضبط به أدوات انفعالها وتترأس على أعضاء الجَسَدِ لتخضع للنطق.




وكمثل الضرب في نظم المعازِفِ كذلك يجب أن يكون الانسان معزفة وينقاد بجملته للروح ويخضع بكلّ أعضائِهِ وحركاتِهِ كخادمٍ لما يطلبه منه. فاذاً تلاوة المزامير ترنيماً تكون مثالاً ورسماً لهدؤ النفس وسكونها. لأنّه كما نعرف هواجس النفس ومعقولاتها ونوضحها بألأقوال التي نتلفظ بها، كذلك أراد الربُّ أن يكون انتظام النفس الروحي عمارة له بترتيل الكلام والتلحين، فأمر أن تُقرأ المزامير بترنّمٍ. وهذه شهوة كان قد وضعها حسناً لأنه في وقت الترتيل كُلّ من كان فيه قلق واضطراب صار ممهّداً. وكلّ من كان محزوناً يتداوى عند ترتيله: " لماذا أنتِ حزينةٌ يا نفسي، ولماذا تقلقيني؟". والنفس تعرف خطأها وتقول: "أمَا أنا فعمّا قليل كادت خطواتي أن تزلّ".


وبالرجاء تُقوّي خوفها عندما تقول: "الربّ عوني فلا أخشى ماذا يصنع بي الانسان". وأما الذين لا يتلون التسابيح الإلهية بهذا المعنى فصلواتهم لا تكون بفهمٍ بل يُطربون أنفسهم، وعليهم مذمّة لأن السُّبْح لا يجمل في فم الخاطئ. أما الذين ينشدون المزامير بالمعنى المشار اليه أعلاه، الذين يبرزون نَغَمية الكلام من نَظْمَ النفسِ ومن الاتفاقِ بالروح، فهؤلاء يرتلون باللسان والعقل معاً ويسدون نفعاً عظيماً لا لأنفسهم فقط بل أيضاً للذين يرغبون في سماعه.



فهكذا داود المغبوط عندما كان يرتّل لشاول كان يرضي الله ويطرد من شاول طرف جنونِهِ مسكِّناً نفسَهُ ومهدِّئاً لها. ومثل ذلك الكهنة عندما كانوا يرتّلون، كانوا يُهذِّئون نفوس الشعب ويستدعونها إلى موافقة المصاف السماوية. اذلً قراءة المزامير بالتلحين ليست للطرب بل هي علامة انتظام الأفكار في النفس. والتلاوة المنَغَّمة المرتَّبَة تشير إلى وضع الذهن وانتظامه. قديماً كانوا يسبّحون الله بصنوجٍ حسنة التلحين وقيثارةٍ ومعزفةٍ ذات عشرة أوتارٍ.



هذا كان دليلاٍ على ائتلاف أعضاء الجسد بانتظام شرعي كأوثارٍ، وعلى أفكار النفس كصنوجٍ، وأنها تتحرك وتحيا بصوت ونَفَس الفم وتميت أعمال الجسد. فالذي يكون ترتيلُه حسناً على هذا النحو نفسه ويقدمها لتكون مستقرة فيما يخصّ طبيعتها ولا تجزع من أحدٍ بل تكون حسنة المجاهرة وتشتاق بالأكثر إلى الخيرات العتيدة لأنها تتهيأ لترتيل الكلمات وتنسى الأذيّة وتحدِث تجديقاً ذهنياً في المسيح. ومتى فكّر قارئ هذا المصحف كان عليه أن يصغي بتأملٍ خاصٍ إلى الأقوال الملهم بها من الله ليستطيع أن يفتكر بطريقة فضلى ويجني الأثمار الإلهية من فردوس الاله المعطاة لمنفعتنا.



وإني أرى أن أقوال هذا المصحف تحتوي على كل سيرةٍ للبشرِ وأوضاع نفوسِهِم، وحركات أفكارهم وليس شيء غير هذا إن كان الانسان بحلجة إلى توبةٍ أو إلى اعترافٍ أو أصابهُ ضيقٌ أو محنةٌ أو طُرِدَ أو بُغِيَ عليه ونَجا أو حزن أو انزعج أو ابتُلي بشيء مما سبق ذكره أو ابصر نفسه ناجحا وعدوّه مقهوراً أو أن يحمد ويشكر ويبارك الرب كل ذلك يمكن أن يتعلمه الانسان من المزامير فيقرّب الأقوال المحرَرَة فيهِ إلى الله كأنها قيلت من أجلِهِ.


لكن حذارِ أن يغلِّفَ أحدٌ الأقوال الإلهية بالحكمة البشرية أو يغّير الألفاظ أو يبدِّلها بنوع ما، بل ليرتّلْها كما هي بلا تصنُّعٍ ناقلاً إياها، كما سبق فقيلت، إلتماساً لعضد الروح الذي نطق بالقديسين الذين تزيد أقوالهم فضلاً عما نألفه بمقدار كون سيرتهم أفضل من سيره غيرهم. وأنَّه لحق واجب أن نحسب أقوالهم أكثر قوة من أقوالِ سواهم لأنهم بها أرضوا الله وصنعوا مناقب على أحدِّ قول الرسول:



"قهزوا الممالك وعملوا البر ونالوا المواعد وسَدّوا أفواهَ الأُسُدِ وأخمدوا قوّة النار ونَجوا من حدِّ السيف وتأيّدوا من بعدِ ضُعفِ وصاروا أقوياء في الحروب وهزموا جيوشَ الغرباء، وأخذت النساء أمواتهنَّ بالقيامة". فهذه الأقوال إذاً، عندما يقولها أحدٌ فليكن واثقاً أنَّ الله يستجيب للذين يتضرعون بها إليهِ.



لأنَّهُ إن كان قائلها في ضنكٍ يلقى فيها تعزيةً عظيمةً وإن كان في محنة ورتّل على هذا المنوال يكتشف بالهبرة أن الرب الاله يستره كما ستر الذي تفوه بها في قبله، وعلى هذا النحو يَخْسأ الشيطان وتُطرد الأبالسة. وإن رددها المرء وكان خاطئاً يرى نفسه أنه قد انْسرَّ مبتهجاً بامتداده إلى قدّام. وإن كان مجاهداً يتقوى ويتأيد ويثبت في الحقّ إلى الابد ويوبِّخ المقبلين اليه الطالبين ضلال نفسه. وليس في كل ذلك من ضامن الاّ الكتاب الالهي نفسه.



لأن الله أوصى موسى أن يكتب التسبحة الكبرى ويلقنها للشعب. كما أمر بتحرير سفر تثنية الاشتراع لكل من تقلّد رئاسة، آمراً أن يكون حامله على يديه ويدرس فيه الأقوال كأنها كافية لايقاد الفضيلة فيه، ومساعدة الذين يقبلون النُّصح. وعندما دخل يشوع بن نون أرض الميعاد وأبصرَ مصافَ الأمم وملوك الأموريين، فعوض الأسلحةِ والسيوفِ كان يقرأ على مسمعِ الجميعِ مصحفَ تثنية الاشتراعِ مفطِّناً إياهم بما في الشريعة، وعلى هذا النحو سَلَّحَ الشعب وقهر المحاربين.



كذلك لما وجَدَ يوشيّا الملك المصحف وقرأ على مسامع الجميع لم يعد خائفاُمن أعدائه. وعندما كان الشعب يتعرض للحرب كان يتقدمهم التابوت الذي فيه مصاحف الناموس وهذا كان يغنيهم عن كل موكب ينصرهم. ويتضمَّن ذلك أن يكون حاملوه أو الشعب أبرياء من الخطيئة، لأنَّالشريعة لا تفعل فيهم الا على اساس الايمان والنية الصالحة. وأنا قد سمعت من أناس فهماء أنَّه لما كانت تُتلى الكتب في إسرائيل في الزمان القديم كانت تُطرد الشياطين ويُفتضَحُ مكرهم الصائر بين الناس.



فالذين يستهينون بالنقاوة ويؤلفون من خارج كلمات مزخرفة يستوجبون تحقيراً كلياً، وهم يكفرون بما أن فعلهم هذا لعب وتسلية وشأنهم السُخرية بالناس، كما جرى لبني "سكاوا " الوارد خبرهم في أخبار الرسل( 19: 13-16 )، لأنهم راموا أن يطلبوا الكفر بمثل هذا التصرف. وهؤلاء متى سمع بهم الشياطين يهزأون بهم، وأما أقوال القديسين فيرهبونها ولا يستطيعون احتمالها لأن الرب موجود في أقوال القديسين. ولعدم قدرة الشيطان على احتمال أقوال الرب كان يصرخ:



" أسألك ألاّ تعذبني قبل الزمان " لأنّه كان يحترق لرؤية ربنا حاضراً فقط. كذلك كان ينتهر الأرواح النجسة، والأبالسة كانت تخضع للتلاميذ أيضاً. وأليشع النبيّ عندما كان يرتّل حلّت عليه يدُ الرب وتنبأ لاجل المياه لثلاثة ملوكٍ. كذلك الآن كُلُّ من اعتراه روح خبيث فليقل هذه الأقوال لينتفع وليثبت إيمانه الحقيقيّ أيضاً، والرب الاله يمنح الشفاء كاملاً للسائلين. وداود لعلمه بذلك كان يقول في المزمور الماية والثامن عَشَرَ: " أهذُّ بأحكامك ولا أنسى كلامك "، "مرتَّلَةً كانت عندي حقوقك في موضع غربتي ". وبهذه أيضاً يخلُص القائلون: " لو لم تكن شريعتك تلاوتي لكنت قد هلكت في مذلتي ". كذلك كان بولس يستوثق تلميذه قائلاً: "إياها ادرس. وفيها كن. ليكن نجاحك ظاهراً ". فإن لازمتها دارساً واطّلعت على المزامير على هذا النحو، قدرت أن تفهم المعنى الذي تتضمنه ويرشدك الروح وتساير الرجال القديسين الملهمين من الله الذي له المجد، إلى الأبد، آمين.




رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كتاب المزامير مصنّفا للقديس اثناسيوس الرسولى
من كتاب تجسد الكلمة للقديس اثناسيوس الرسولى
اقوال جميله للقديس اثناسيوس الرسولى
أقوال للقديس اثناسيوس الرسولي
تصميمات للقديس البابا اثناسيوس الرسولي


الساعة الآن 03:34 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024