"وأما الرب فأعد حوتًا عظيمًا ليبتلع يونان، فكان يونان في جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالِ"
لم تسر الأمور بلا تدبير أو تخطيط إلهي، لكن الله الذي أرسل الريح الشديدة فحدث نوء عظيم يعلن غضب الله على العصيان هو الذي أرسل سمكة ضخمة بجوار السفينة تبتلع يونان لتهبه مبيتًا آمنًا لا موتًا، تكشف له عن رعاية الله به، يقول القديس چيروم: [أظهر الرب غضبه حين كان يونان في السفينة، وأظهر فرحه حين دخل إلى الموت]، معللًا ذلك بأنه يمثل السيد المسيح الذي أمات الموت بموته. حقًا لقد ظهر يونان كضحية للموت يبتلعه الجحيم، لكن لم يستطيع أن يحتمله في داخله أكثر من ثلاثة أيام وثلاث ليالِ بل قذفه من جوفه، ليقول النبي: "أين أوباؤك يا موت؟! أي شوكتك يا هاوية؟!" (هو 13: 14).
لقد أكد السيد المسيح ما حدث ليونان في جوف الحوت كرمز لما حدث مع السيد نفسه، بقوله: "لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام أيام وثلاث ليالِ هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليالِ" (مت 12: 40).
كيف بقى السيد المسيح في الأرض هذه المدة؟
أولًا: يرى القديس چيروم أن اليهود يحسبون الجزء من اليوم كيومٍ كامل، فتُحسب مدة الموت للسيد المسيح من الجمعة حتى الأحد، وإن كان قد مات في نهاية الجمعة وقام في فجر الأحد. ويرى القديس يوحنا الذهبي الفم أنه لو بقى السيد حتى نهاية يوم الأحد لكان الجند قد تركوا القبر وصدق اليهود أن خبر القيامة من صنع التلاميذ. إفتعلوه بعد ترك الجند للموقع، لذا قام والجند يحرسون القبر.
ثانيًا: يُقدم القديس چيروم رأيًا كان له من ينادي به هو اعتبار ساعات الظلمة على الصليب ليلًا جديدًا فريدًا من نوعه.
ثالثًا: يُحسب البعض مدة الدفن منذ اللحظة التي سلم فيها السيد جسده المبذول في أحشاء تلاميذه في العشاء الأخير، كمن هو مدفون في الأرض البشرية ليقيمها معه سماءً له بقيامته في فجر الأحد.
على أي الأحوال لقد دفن السيد ثلاثة أيام وقام، هذه هي الحقيقة التي شهدها التلاميذ وأكدها الرب ببراهين كثيرة لنعيشها كسرّ قيامتنا اليومية وغلبتنا على الموت والجحيم.
هذا وقد استخدم يونان بدخوله إلى الموت وخروجه كدليل حيّ على قيامة الجسد في اليوم الأخير