رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فجاءَتِ امرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ تَستَقي. فقالَ لَها يسوع: اسْقيني. تشير عبارة "فجاءَتِ امرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ تَستَقي" الى عمل من شأن المرأة في الشرق. لكن ساعة مجيء المرأة غير مألوفة. وكانت النساء يخرجن للاستسقاء من الآبار وجلب المياه مرتين يوميا صباحا ومساء. وقد جاءت هذه المرأة الى البئر ظهراً، ربما لتتجنَّب لقاء الناس، بسبب سمعتها السيئة، فجاءت بمفردها مما يدلُّ أيضا على انها كانت فقيرة وإلاّ أرسلت خادماتها ليستقن لها. وهذه المرأة هي إلى حد ما رمز لبشرية تائهة، ومتعبة من الركض وراء أشكال من الحب لا تروي العطش. واما القديس اوغسطينوس فيعلق " هذه المرأة صورة الكنيسة، لان الكنيسة سوف تأتي من الأمم الغريبة عن اليهود" (CCL 36, 154). ويذكر التقليد الأرثوذكسي ان اسم المرأة "فوتيني". أمَّا عبارة "فقالَ لَها يسوع: اِسْقيني" فتشير الى عطش يسوع من التعب في المشي واتخذ يسوع طلب الماء وسيلة الى بدء يسوع الحديث مع المرأة. ومن المعلوم أنك إذا سالت واحدا معروفا جعلته راضيا عنك، لان سؤالك هو دليل على اعترافك له بالفضل إذ يملك ما لا تملكه أنتَ. ويثير الاستغراب رؤية يسوع، معلم الشريعة يتحدث مع امرأة علنًا، إذ هو امر غير مُستحب في العالم اليهودي، بل الشرقي والأكثر استغراباً انَّ يهوديا يطلب جرعة ماء من سامرية. لكن يسوع تجاوز القواعد الاجتماعية (مرقس 7: 1-15)، كي يعطي هذه المرأة رسالة خاصة عن الماء الحي الذي يُروي ظمأها الروحي الى الابد دون أن يوبِّخها. ويُعلق القديس أوغسطينوس "ماذا تعني "أنا عطشان"؟ إني أتوق إلى إيمانكِ. ذاك الذي سأل أن يشرب كان في عطشٍ إلى إيمان المرأة نفسها " (CCL 36, 154). فطعام المسيح وشرابه هو اجتذاب النفوس ليُخلصها كما تنبَّأ أشعيا "يُبَرِّرُ عَبْديَ البارُّ الكَثيرين وهو يَحتَمِلُ آثامَهم " (أشعيا 53: 11)؛ يطلب يسوع خلاص النفوس وهو يعطش لا الى ماء البئر بل الى إيمان البشر وخلاصهم. وفي الواقع، لمَّا طلب يسوع من السامرية ان يشرب قال لها: "لو كُنتِ تَعرِفينَ عَطاءَ الله ومَن هوَ الَّذي يقولُ لَكِ: اسقيني، لَسَأَلِته أَنتِ فأَعطاكِ ماءً حَيّاً" (يوحنا 4: 10). طلب يسوع ان يشرب ووعد ان يسقي حيث يتحول واهب الحياة لمتسولٍ يعطي حياة. قد يطلب منا المسيح خدمة بسيطة ليمنحنا بركة كبيرة. ومن يُقدم خدمة للمسيح، يأخذ في مقابلها مئة ضعف كما وعد الرب " ومَن سَقى أَحَدَ هَؤلاءِ الصِّغارِ، وَلَو كَأسَ ماءٍ باردٍ لأَنَّه تِلميذ، فالحَقَّ أَقولُ لَكم إِنَّ أَجرَه لن يَضيع" (متى 10: 42). أن يسوع ليس إنسانا للماضي فقط ولكن بوسعنا نحن أيضا أن نقابله على طريقنا وعلى حافة بئرنا اليوم. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|