رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الخادم الامين
12: 32- 48 كونوا على استعداد، كأناس ينتظرون رجوع سيّدهم من العرس. ساروا كلهم في الليل دون أن يعرفوا ماذا ينتظرهم: ابراهيم، سارة، موسى، الانبياء. ولكنّهم سمعوا التعليمة الضرورية: إحفظوا مصابيحكم مشتعلة. وساروا بحسب هذه التعليمة. وحين وصل السيد (الرب) وجدهم في لباس العمل، وجدهم مستعدّين. كل هذا يوجّهنا لكي نعرف أهميّة الانتظار والفرح. الربّ سيأتي. بل نحن "نمتلكه" منذ الآن وهو يملأ حياتنا سعادة. إنه يسهر على الذين يخافونه. الجماعة الملتئمة حول يسوع لا تمثّل "جمعاً كبيراً". إنها "القطيع الصغير". ومع ذلك، فلها قد أعطى الرب الملكوت. اذن، هذا هو همّنا الأول. وكل غنى العالم يزول. ومن أجل هذا الملكوت الذي يقدّمه لنا الآب عطية مجانية، يجب أن نضحّي بكل شيء من أجل كنز يبقى. ما يميّز هذا الكنز عن الامور المادية، هو أن ما يصنعه الانسان لله يبقى، حتى بعد الموت. جعل متى ومرقس الخطبة الاسكاتولوجية (حول نهاية الأزمنة) في نهاية انجيلهما. أما لوقا فجعلها في وسط انجيله وتوسّع فيها عبر ثلاثة مواضيع. الأول: يقابل موقف التلاميذ مع موقف الخدّام المستعدّين الذين ينتظرون عودة سيّدهم من العرس. لباسهم (أوساط مشدودة) جعلهم جاهزين لاستقباله معلّمهم. تشير المصابيح الموقدة إلى مرافقي العريس الذي يعود في بداية الليل. وسيتجاوز جزاء سهرهم كل انتظار: فالسيد نفسه يصبح خادمهم. يقوم ويخدمهم. هذا وضع غير معقول. ولكن حين ندرك البعد الرمزي للخبر نفهم هذا الوضع: يسوع هو بين أخصّائه "كالذي يخدم" (22: 27). فالذي ينتظر مجيء يسوع "يسمع صوته ويفتح له الباب. وأنا أدخل عنده فأتعشَّى معه وهو معي" (رؤ 3: 20). قد يتأخر مجيء العريس فيكون الخطر الاكبر النوم والرقاد. ولكن قد يطول زمن الانتظار، فلا نترك الوضع يأخذنا على حين غفلة: "طوبى" للذين عرفوا أن يظلّوا ساهرين. الثاني: يقدّم لنا لوقا صورة السارق الذي لا نتوقّع مجيئه. فابن الانسان يأتي كالسارق. يأتي فجأة. إذن، لنكن مستعدين. الثالث: يبدأ لوقا الموضوع الثالث بسؤال يطرحه بطرس. إذن يتوجّه الجواب إلى شخص مسؤول، إلى ذلك الذي أوكله سيّده بالسهر على سائر الخدم. الموضوع هو دوماً موضوع السهر، وهو يعني بصورة خاصة المسؤولين عن "البيت". فغياب المعلّم لا يتيح لهم أن تصرّفوا كأسياد مستبدّين، ولا أن يتراخوا فيستسلموا للشرب والسكر. سيجازى الخادم الأمين أعظم جزاء. اما العبد الشرير فينال عقاباً مناسباً لخطيئته ويُجعل مع الكفّار والخائنين. عبر هذه الامثال الثلاثة التي وحّدها موضوع "البيت" (خدّام ينتظرون عودة سيدهم من العرس، خدّام يقفون بوجه السارق، وكيل البيت يبقى أميناً ولو تأخر سيده. لا ننسى أن البيت هو الكنيسة)، وموضوع السهر هناك مجيء يسوع. لا نعرف متى يكون! يجب أن نحيا الأمانة في أمورنا اليومية دون أن نهتمّ بالبحث عن علامات تسبق هذا المجيء. نعيش في الانتظار والسهر دون القلق والهمّ الذي نراه لدى الخائفين من مجيء نهاية العالم القريبة. "هنيئاً لهؤلاء الخدم الذين متى رجع سيدهم وجدهم ساهرين". هذا المثل الصغير هو في الوقت عينه درس في الأمانة والرجاء. إن الله يستغلّ الزمن والتاريخ ليقودنا إلى اكتشاف حبّه. فتلاميذ يسوع الاولون لم يتعرّفوا إلى مدى رسالته إلا شيئاً فشيئاً ومن خلال عيش هذه الرسالة. والسهر في نظرهم لا يعني التعلّق بالماضي المجيد، بل الانفتاح على المستقبل: نتقبل التطلّعات الجديدة التي يجعلنا يسوع نكتشفها بكلمته وأعماله. فالامانة المفتوحة على المستقبل هي ما نسمّيه حقاً الرجاء. ونعود إلى نفوسنا. فالله لا يعود عن مخطّطاته. وهذا ما يؤسّس أمانتنا. لكن علينا أن نقبل بأننا لا نعرف إلا جزءاً ممّا أراده الله في مخطّط حبّه بالنسبة إلى كل واحد منا. في الحقيقة، لا الشبان الذين يتزوجون، ولا الوالدون الذين يتقبّلون الطفل، ولا الرهبان الذين يكرّسون حياتهم بالنذور، يعرفون بالتدقيق مدى التزامهم والى أين يقودهم هذا الالتزام. ولكنهم يعرفون ما يكفيهم ليثقوا بالله وبالمستقبل الذي يهيّئه لهم. فلا يجب أن تكون امانتهم انغلاقاً على ما حلموا به حين انطلقوا. ففي الصفاء والصدق تجاه التزامهم، تصبح هذه الأمانة انفتاحاً على كل ما يريد الله أن يضع في مدى حياتهم. وكل هذا هو أمانة للمستقبل وتقبّل للرجاء. ولكن لا وجود للرجاء الحقيقي إن لم يتجذّر في قدرة المسيح مخلّصنا. وهذه القدرة لن تنقصنا إذا طلبناها بإلحاح. وفي النهاية إن أمانتنا العميقة ورجاءنا تكفلهما أمانة المسيح لتلاميذه. حين اختار البعض ليكونوا معه، ليكونوا أصدقاءه، فهو لا يعود إلى الوراء في خياره. كما أنّه يقدّم غفرانه حين يكون ذلك ضرورياً. هكذا غفر لبطرس بعد انكاره له وثبّته في المهمة التي أوكله بها. ولقد قال بولس الرسول: "أن كنا غير أمناء، فهو يظلّ أميناً، لأنه لا يستطيع أن ينكر نفسه". كالفلاّح الذي يشمّر عن ساعده، لنبق دوماً مستعدين للعمل في حقل الرب. فلا بطالة ولا تعطيل في مملكة الحب. وكالمسافر الذي يشدّ حقوبه، لنكن دوماً مستعدين لاتباع الرب الذي يدّق بابنا في أية ساعة من الليل أو من النهار. إجعلنا يا رب مستعدين لسماع همسات روحك الذي لا يني يقول لنا: أين تُداس الحياة؟ أين يُحتقر الانسان؟ اين يُهدَّد الرجاء؟ اين لم يصل بعد ملكوت الله؟ اجعل يا رب قناديلنا متقدة فنعدّ في الفرح مجيء ابنك يسوع |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|