رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حبقوق والخلاص من الله "1صَلاَةٌ لِحَبَقُّوقَ النَّبِيِّ عَلَى الشَّجَوِيَّةِ: 2يا رَبُّ قَدْ سَمِعْتُ خَبَرَكَ فَجَزِعْتُ. يا رَبُّ عَمَلَكَ فِي وَسَطِ السِّنِينَ أَحْيِهِ. فِي وَسَطِ السِّنِينَ عَرِّفْ. فِي الْغَضَبِ اذكُرِ الرَّحْمَةَ. 3اَللَّهُ جَاءَ مِنْ تِيمَانَ وَالْقُدُّوسُ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ. سِلاَهْ. جَلاَلُهُ غَطَّى السماواتِ وَالأرض امْتَلَأَتْ مِنْ تَسْبِيحِهِ. 4وَكَانَ لَمَعَانٌ كَـالنُّورِ. لَهُ مِنْ يَدِهِ شُعَاعٌ وَهُنَاكَ اسْتِتَارُ قُدْرَتِهِ. 5قُدَّامَهُ ذَهَبَ الْوَبَأُ وَعِنْدَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتِ الْحُمَّى. 6وَقَفَ وَقَاسَ الأرض. نَظَرَ فَرَجَفَ الأُمَمُ وَدُكَّتِ الْجِبَالُ الدَّهْرِيَّةُ وَخَسَفَتْ آكَامُ الْقِدَمِ. مَسَالِكُ الأَزَلِ لَهُ. 7رَأَيْتُ خِيَامَ كُوشَانَ تَحْتَ بَلِيَّةٍ. رَجَفَتْ شُقَقُ أرض مِدْيَانَ. 8هَلْ عَلَى الأَنْهَارِ حَمِيَ يا رَبُّ هَلْ عَلَى الأَنْهَارِ غَضَبُكَ أو عَلَى الْبَحْرِ سَخَطُكَ حَتَّى أَنَّكَ رَكِبْتَ خَيْلَكَ مَرْكَبَاتِكَ مَرْكَبَاتِ الْخَلاَصِ؟ 9عُرِّيَتْ قَوْسُكَ تَعْرِيَةً. سُبَاعِيَّاتُ سِهَامٍ كَلِمَتُكَ. سِلاَهْ. شَقَّقْتَ الأرض أَنْهَاراً. 10أَبْصَرَتْكَ فَفَزِعَتِ الْجِبَالُ. سَيْلُ الْمِيَاهِ طَمَا. أَعْطَتِ اللُّجَّةُ صَوْتَهَا. رَفَعَتْ يَدَيْهَا إلى الْعَلاَءِ. 11اَلشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَقَفَا فِي بُرُوجِهِمَا لِنُورِ سِهَامِكَ الطَّائرةِ لِلَمَعَانِ بَرْقِ مَجْدِكَ. 12بِغَضَبٍ خَطَرْتَ فِي الأرض بِسَخَطٍ دُسْتَ الأُمَمَ. 13خَرَجْتَ لِخَلاَصِ شَعْبِكَ لِخَلاَصِ مَسِيحِكَ. سَحَقْتَ رَأْسَ بَيْتِ الشِّرِّيرِ مُعَرِّيا الأَسَاسَ حَتَّى الْعُنُقِ. سِلاَهْ. 14ثَقَبْتَ بِسِهَامِهِ رَأْسَ قَبَائلهِ. عَصَفُوا لِتَشْتِيتِي. ابْتِهَاجُهُمْ كَمَا لأَكْلِ الْمِسْكِينِ فِي الْخُفْيَةِ. 15سَلَكْتَ الْبَحْرَ بِخَيْلِكَ كُوَمَ الْمِيَاهِ الْكَثِيرَةِ. 16سَمِعْتُ فَارْتَعَدَتْ أَحْشَائي. مِنَ الصَّوْتِ رَجَفَتْ شَفَتَايَ. دَخَلَ النَّخْرُ فِي عِظَامِي وَارْتَعَدْتُ فِي مَكَانِي لأَسْتَرِيحَ فِي يَوْمِ الضَِّيقِ عِنْدَ صُعُودِ الشَّعْبِ الَّذِي يَزْحَمُنَا. 17فَمَعَ أَنَّهُ لاَ يُزْهِرُ التِّينُ وَلاَ يَكُونُ حَمْلٌ فِي الْكُرُومِ يَكْذِبُ عَمَلُ الزَّيْتُونَةِ وَالْحُقُولُ لاَ تَصْنَعُ طَعَاماً. يَنْقَطِعُ الْغَنَمُ مِنَ الْحَظِيرَةِ وَلاَ بَقَرَ فِي الْمَذَاودِ 18فَإِنِّي أَبْتَهِجُ بِالرَّبِّ وَأَفْرَحُ بِإِلَهِ خَلاَصِي. 19اَلرَّبُّ السَّيِّدُ قُوَّتِي وَيَجْعَلُ قَدَمَيَّ كَـالأَيَائل وَيُمَشِّينِي عَلَى مُرْتَفَعَاتِي. لِرَئيسِ الْمُغَنِّينَ عَلَى آلاَتِي ذَوَاتِ الأوتَارِ" نبوة حبقوق – الفصل 3: 1-6و16-19 يا لها من حياة، حياة القسم الأخير من القرن العشرين. نحن ابناء البشرية الذين أعطينا أن نعيش في أيام الاكتشافات العظيمة والانتصارات الباهرة في عالم الفضاء، نحن الذين شاهدنا الإنسان يسير على القمر ويعود منه وكأنه كان مسافرا على بساط الريح... نحن ابناء هذه الأيام لا نعرف كيف نعيش! نحن لا نعرف كيف نعيش: عالمنا مليء بالمشاكل العديدة التي تقض مضجع الإنسان وتمنعه عن العيش بسلام ووئام. ما أكثر خيرات الأرض وما أحلاها ولكنها لا تستعمل في سبيل الخير بل كثيراً ما تبدر في ميدان الشر! تقدم الإنسان في مضمار العلوم وطبقها في سائر نواحي حياته وصار أكثر إلماما بشؤون الأرض والزراعة – ولكن لا يزال ثلث العالم يعيش في حالة العوز والجوع. خيرات الأرض كثيرة ولكن لا يستفيد منها سكان الأرض بأجمعهم! لابد لنا اذن من التساؤل لماذا؟ لماذا هذه التناقضات في حياة إنسان القرن العشرين؟ لماذا لم يأت النعيم إلى أرضنا هذه؟ لماذا تحطمت آمال الناس وأحلامهم، تلك الأمال والأحلام التي رأها العديدون من بني البشر منذ خمسة وسبعين سنة ومنذ خمسين سنة؟ أين هو الفردوس الذي وعدنا به اصحاب الفلسفات والنظريات الحياتية المدعوة بالعلمية؟ يقول البعض وهم لا يزالون يتشبثون بأهداب الفلسفات البشرية الواهية والمهترئة، يقولون: لايزال الإنسان بحاجة إلى وقت ليصل إلى غايته النشودة. أعطه وقتا كافيا ليقوم بترجمة أحلامه إلى الواقع، أعطه القليل أو المزيد من الوقت فيأتي بالفردوس المفقود إلى أرضنا هذه، أرض العذاب والآلام! ولكن الكثيرين اليوم لا يرغبون في الانتظار، بل انهم لا يستطيعون الانتظار، الوقت قصير! ربما لن يكون هناك غدا بعيد الأمد لنطبق فيه آراء ونظريات الفلاسفة وتلامذتهم. لقد مللنا الانتظار وسئمنا من الاستماع إلى الكليشهات الفارغة. نريد حلا لمشكلة الحياة اليوم، اليوم، لا غدا ولا بعد غد! لو كنا نحن بني البشر وحيدين في هذا الكون لكان من الأجدر بنا الاستسلام لموجة اليأس والقنوط التي هبطت علينا فنريح انفسنا العناء أي عناء البحث عن حل لمشاكلنا المستعصية. لكن الحقيقة العظمى هي اننا لسنا بوحيدين في هذه الدنيا. أن الله تعالى اسمه، خالق السماء والأرض والكون بأسره، أن خالقنا لا يزال على عرشه وهو المسيطر على كل شيء. وحتى في أحلك الساعات التي تمر فيها البشرية، على كل إنسان، من واجب كل بشرى أن ينظر إلى الله تعالى وينتظر منه العون والنجاة. الخلاص هو من الله. وهذا مانتعلمه من حياة ورسالة نبي الله حبقوق الذي عاش في فلسطين في أيام ما قبل الميلاد. كان الله قد دعاه وأعطاه الوحي المتعلق بمجيء الكلدانيين لمعاقبة اهل البلاد المقدسة الذين كانوا قد نسوا الله وخانوا عهده وعبدوا الآلهة الوثنية وعاشوا مثل عابدي الأصنام. وقد صعب على حبقوق النبي موضوع التأمل في جميع الأمور المحزنة التي طلب الله منه أن ينادى بها. ولكنه كمن كان قد اؤتمن على رسالة سماوية خاصة، لم يكن بوسعه الا وان يشهد بها أمام الملأ. فرفع النبي صلاة مبنية على الوحي الذي كان قد استلمه من الله، فابتدأ دعاءه قائلا"2يا رَبُّ قَدْ سَمِعْتُ خَبَرَكَ فَجَزِعْتُ. يا رَبُّ عَمَلَكَ فِي وَسَطِ السِّنِينَ أَحْيِهِ. فِي وَسَطِ السِّنِينَ عَرِّفْ. فِي الْغَضَبِ اذكُرِ الرَّحْمَةَ" لماذا قال النبي في صلاته"2يا رَبُّ قَدْ سَمِعْتُ خَبَرَكَ فَجَزِعْتُ"؟ تفوه حبقوق بهذه الكلمات لأنه رأي بعين النبوة دينونة الله التي كانت ستنقض على الناس الذين كانوا قد حادوا عن طريقة المستقيم ولا سيما ابطال الامبراطورية الكلدانية الذين كانوا قد نكلوا بالشعوب الضعيفة ولاسيما بسكان الأرض المقدسة. ارتعد النبي وخاف وجزع لأن دينونة الله كانت مخيفة. وقد وصفها بهذه الكلمات"3اَللَّهُ جَاءَ مِنْ تِيمَانَ وَالْقُدُّوسُ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ. سِلاَهْ. جَلاَلُهُ غَطَّى السماواتِ وَالأرض امْتَلَأَتْ مِنْ تَسْبِيحِهِ. 4وَكَانَ لَمَعَانٌ كَـالنُّورِ. لَهُ مِنْ يَدِهِ شُعَاعٌ وَهُنَاكَ اسْتِتَارُ قُدْرَتِهِ. 5قُدَّامَهُ ذَهَبَ الْوَبَأُ وَعِنْدَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتِ الْحُمَّى. 6وَقَفَ وَقَاسَ الأرض. نَظَرَ فَرَجَفَ الأُمَمُ وَدُكَّتِ الْجِبَالُ الدَّهْرِيَّةُ وَخَسَفَتْ آكَامُ الْقِدَمِ. مَسَالِكُ الأَزَلِ لَهُ" كان حبقوق النبي إنسانا مثلك ومثلي ومثل سائر البشر وهولم يكن ليسر بأخبار دينونة الله. من يرحب بكل هذه المصائب التي كانت ستنقض على الناس في تلك البلاد؟ طبعا كانت هذه الأمور المحزنة ستتم لأن الكلدانيين كانوا قد نسوا الله بصورة تامة وأهملوا شرائعه وأحكامه ونواميسه وصاروا ييثون بالأرض فسادا. والله لا يسمح بأمور كهذه بأن تستمر لأن عدله وصلاحه وقداسته – كل هذه تتطلب قصاص ومعاقبة العابثين بشريعة الله وبحقوق بني البشر الضعفاء. وحتى عندما يعاقب الله الأشرار والظالمين فإن ذلك قد يسبب متاعب عديدة للذين لم يستحقوا ذلك العقاب فعالمنا هذا عالم تتشابك فيه حقوق الناس ومصالحهم – بما فيهم الصالحين والطالحين. ولذلك فإن النبي الذي كان قد رأي قرب مجيء دينونة الله رفع دعاءه إلى الله قائلا ومتوسلا كنائب عن المؤمنين والمؤمناًت"فِي الْغَضَبِ اذكُرِ الرَّحْمَةَ"، يا لها من طلبة هامة"فِي الْغَضَبِ اذكُرِ الرَّحْمَةَ"حتى وان لم نكن نستحق الا القصاص والعقاب، ارحمنا يا الله وخلصنا!،، عاد حبقوق النبي إلى التأمل في دينونة الله القادمة على الأرض فما كان منه الا وان قال"16سَمِعْتُ فَارْتَعَدَتْ أَحْشَائي. مِنَ الصَّوْتِ رَجَفَتْ شَفَتَايَ. دَخَلَ النَّخْرُ فِي عِظَامِي وَارْتَعَدْتُ فِي مَكَانِي لأَسْتَرِيحَ فِي يَوْمِ الضَِّيقِ عِنْدَ صُعُودِ الشَّعْبِ الَّذِي يَزْحَمُنَا" دينونة الله مخيفة ولكن هل عاد اهل اليوم يعلمون بها؟ عندما تنظر إلى عالمنا اليوم وترى المصائب والنوائب التي تحل بالناس هل تظن انها تجري بناء على عوامل حتمية أو الية؟ هل تؤمن بأن الله هو مسير التاريخ؟ ما أكثر الذين وقعوا فريسة للفلسفات والايديولوجيات الدهرية والمعاصرة والذين يسخرون من أي ذكر لموضوع علاقة الله بعالمنا وبتاريخ البشرية! فلقد تعودوا النظر إلى كل شيء من وجهة نظر لا دينية بحتة ويدعونها بالنظرة العلمية. ولئلا تصبح حياتهم عبارة عن صحراء روحية قاحلة يتسلحون بتفاؤلية يوتوبية ليس لها أي أساس صحيح أو سليم ويبشرون بمجيء عصر ذهبي من صنع الإنسان. لكن المؤمن بالله يعترف بكل تواضع بأن الله هو المسيطر على دفة التاريخ وانه تعالى هو الذي يعاقب الأشرار والطالحين. وهذا المؤمن بالله الذي نتكلم عنه ليس بإنسان ابتدع عقيدته بل هو إنسان اختبر في صميم حياته عمل الله الخلاصي والفدائي عندما بزغ في قلبه نور الإيمان بالمسيح الفادي والمخلص. ليس المؤمن بكائن من كوكب آخر ولا هو من جبلة فوق بشرية. المؤمن هو إنسان حقيقي واقعي اختبر الخلاص والتحرير والانعتاق من الخوف واللا معنى والشر وصار متكلا على الله فقط في هذه الحياة والحياة الآتية. وهو يعلم علم الأكيد انه لا مفر من دينونة الله على عالم شرير كعالمنا وانه لا نجاة ولا خلاص الا في التوبة إلى الله والإيمان بمسيحه الذي جاء إلى دنيانا هذه لانقاذ الإنسان. وإذ يتسلح المؤمن بالصبر وإذ ينظر بعين الواقعية إلى عالم القسم الأخير من القرن العشرين ويرى بعين الإيمان اقتراب دينونة الله واكفهرار الجو العالمي بأسره ينضم إلى النبي حبقوق وإلى سائر الذين عاشوا بإيمان حي بالله القدوس القدير شاهدا امام الملأ وقائلا"17فَمَعَ أَنَّهُ لاَ يُزْهِرُ التِّينُ وَلاَ يَكُونُ حَمْلٌ فِي الْكُرُومِ يَكْذِبُ عَمَلُ الزَّيْتُونَةِ وَالْحُقُولُ لاَ تَصْنَعُ طَعَاماً. ينْقَطِعُ الْغَنَمُ مِنَ الْحَظِيرَةِ وَلاَ بَقَرَ فِي الْمَذَاودِ 18فَإِنِّي أَبْتَهِجُ بِالرَّبِّ وَأَفْرَحُ بِإِلَهِ خَلاَصِي. 19اَلرَّبُّ السَّيِّدُ قُوَّتِي وَيَجْعَلُ قَدَمَيَّ كَـالأَيَائل وَيُمَشِّينِي عَلَى مُرْتَفَعَاتِي" |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|