رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الآب والإبن
آ25. في ذلك الزمان أجابُ يسوعُ قائلاً، أي زاد على قوله قولاً آخر، أو انثنى يتكلَّم، فإنَّ لفظة أجاب في اللغة العبرانيَّة لا تستعمل بمعنى الجواب عن السؤال فقط، بل بمعنى أنشأ الكلام أيضًا. وزاد لوقا أنَّ يسوع تهلَّل بالروح القدس إذ قال: أعترفُ لك، أي أمدحك وأشكرك، يا أبي، يا سيِّدَ السماء والأرض. ذكر ذلك لإظهار قوَّته لو أراد رجوع أهل كفرناحوم، إذْ أخفيتَ هذه، أي سمحت أن تختفي أسرار ملكوتك السماويّ ومواهب نعمتك العظيمة عنِ الحكماءِ والفهماء، يريد المدَّعين بالحكمة والفهم من الكتبة والفرّيسيّين، أهل كفرناحوم المتكبِّرين، وأظهرتَها للأطفال، أي لتلامذتي المتواضعين وللشعب الساذج. آ26. نعم يا أبتاه هكذا كانت المشيئةُ أمامَك. يعني هكذا أردتَ، أي نعم يا أبتاه. إن ما صنعتَه، صنعتَه بكلِّ استقامة، لأنَّك شئت أن تُواضع المتكبِّرين وتَرفع المتَّضعين. آ27. كلُّ شيء دُفِعَ إليَّ من أبي. قال المخلِّص آنفًا إنَّ أباه سيِّد السماء والأرض رذل الفرّيسيّين المتكبِّرين ورفع الرسل المتَّضعين، ولئلاّ يوهَم أحد أنَّ المسيح أصغر من الآب، فيعلِّم هنا أنَّ الله، أباه، قد دفع إليه كلَّ شيء. فمن حيث إنَّه قد أعطى الطبيعة الإلهيَّة بالميلاد الأزليّ، فقد أعطى معها كلَّ قوَّة وسلطة على جميع الناس وسائر الخلائق، حتّى يمكنه هو أيضًا أن يرفع الرسل والمتواضعين، ويبيِّن لهم ما يشاء، ويُذلُّ المدَّعين بالحكمة ويُخفي عنهم ما يشاء. وزاد ذلك وضوحًا بقوله: لا يعرفُ أحدٌ الابنَ إلاّ الآب، ولا يعرفُ أحدٌ الآبَ إلاّ الابنُ ومَن يريدُ الابنُ أن يُبيِّنَ له. كأنَّه يقول أنا أرسلني الآب لأكون معلِّمًا ومخلِّصًا للعالم، لأعلِّمهم الحقّ وطريق الخلاص. ومن حيث إنَّ ذلك أمر فائق الطبيعة، فلا يمكن إنسانًا ولا ملكًا أن يعرفه بقوَّة الطبيعة. ولذا، كما أنَّه لا أحد يعرف الابن إلاّ الآب ومن أراد الآب أن يبيِّن له، هكذا لا يعرف أحد الآب إلاّ الابن ومن أراد الابن أن يبيِّن له. فإنَّ الآب أشرك الابن بطبعه ومعرفته وبكلِّ شيء، وبواسطة الابن أشرك الناس بما شاء من أسراره. فإذًا من شاء الاقتراب إلى الحقِّ والنعمة والخلاص فليقترب بواسطة الابن ويؤمن به. وبقوله "إلاّ الابن"، لا ينفي الروح القدس. كما إنَّه بقوله "إلاّ الآب" لا ينفي الابن من معرفة نفسه. فالقاعدة عند اللاهوتيّين هي أنَّ الحروف النافية عند ملاحظتها أقنومًا إلهيًّا في صفات ذاتيَّة، لا تنفي الأقنومين الباقيين بل الخلائق فقط. كذا علَّم مار أغوسطينوس* في ك6 في الثالوث رأس 9 وكيرلُّس* وتوما* وباقي الآباء والجدليّين. آ28. تعالوا إليَّ يا جميعَ التعبين. قد بيَّن آنفًا عزَّة لاهوته، ولئلاّ يرتعد الناس منها، يستدعيهم هنا بكلِّ أنس قائلاً: تعالوا ولكن لا على أرجلكم، بل بانعطافات الإيمان والرجاء والمحبَّة والطاعة، أنتم والثقيلي الأحمال، أي إمّا أحمال الخطايا، كما فسَّر فم الذهب* وإيرونيموس* وأغوسطينوس*، إمّا أحمال الشريعة الموسويَّة، كما فسَّر تاوافيلكتوس*، ثمَّ أحمال مصائب هذه الحياة وتجاربها. وأنا أريحُكم من هذه الأثقال بالكلمات الطيِّبة وبأسراري، التي هي بمنزلة عقاقير كلِّيَّة الفاعليَّة، وأخيرًا بالمجد السماويّ. آ29. احمِلوا نيري عليكم، لأنَّه طيِّب كما سيجيء. وتعلَّموا منّي، فإنّي وديعٌ ومتواضعُ القلب. واثبتوا باختباركم أنّي لست بقاسٍ ولا متكبِّر أو ظالم، بل أنّي ربٌّ وديعٌ رؤوف، فتجِدوا راحةً لنفوسِكم تحت أجنحتي وفي ناموسي، وهذه الراحة تنتج من هدوء الضمير وصفائه ومن ترك الخطايا ،نظرًا إلى الذنب والعقاب، ومن إخماد سعير الشهوات ومنح الأيد لمقاومتها، ومن النعم والمواهب الروحيَّة والرجاء الوطيد بالسعادة السماويَّة. آ30. لأنَّ نيري طيِّبٌ وحملي خفيف، أي إنَّ تعليمي وناموسي الإنجيليّ، الذي أفرضه لكم، لا يؤذي عنقكم بصرامته وثقله، كنير الناموس القديم ونير العالم والجسد والشيطان، وذلك لأنَّ ناموسي الجديد يتضمَّن وصايا أقلّ وأسهل، ويمنح نعمة فيّاضة وفعّالة لإتمامها. ولأنَّ وصاياه لا تجبركم بمجرَّد الخوف من العقوبات، بل تقتاد بالمحبَّة وتسوق برجاء الثواب إلى تكميلها. وأخيرًا إن وُجد فيه مشقَّة أو تعب، فتعيض عنها التعزيةُ الروحيَّة والراحة والسعادة الخالدة. |
17 - 08 - 2012, 07:10 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: الآب والإبن
مشاركة مثمرة ربنا يباركك
|
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أيقونة الأبوة | الأب المرشد والإبن التائب |
رحمة الآب والإبن والروح القدس، نحونا |
بِاسمِ الآب البادي والإبن الفادي والرُّوح القُدُس |
إسم الآب، والإبن ، والروح القدس |
الأب المحب والإبن الضال |