عماد عبدالغفور رئيس حزب النور لـ«الوطن»: عملية «طنطاوى وعنان» تمت بمعرفة «السيسي و العصار»
حل أزمة التكفيريين فى سيناء يأتى بالنقاش معهم واستغلال تجارب «الزمر وعبدالغنى»
عماد عبدالغفور
أجريت حوارى مع عماد عبدالغفور، رئيس حزب النور، الجناح السياسى للدعوة السلفية فى سيناء بعد دعوة كريمة من الحزب وقياداته لمرافقته فى زيارة خاصة لسيناء رصدت خلالها رد فعله على قرار الرئيس مرسى بإقالة المشير والفريق الذى وصفه الرجل بالمرعب رغم أنه قال فيما بعد إنه يؤيد قرار إلغاء الإعلان الدستورى المكمل، ووصفه فى حواره مع «الوطن» بأنه كان يُعد «انقلابا عسكريا» من المجلس العسكرى على الشرعية والدستورية.
وأضاف أنه خشى من توابع قرار الرئيس الأخيرة، خصوصاً رد فعل المجلس العسكرى، إلا أن الأمر تجاوز اللحظات الحرجة، وأعرب عن تصوره أن المادة الثانية ستمر كما هى فى دستور 71.
وأكد أنه مع تطبيق حدود الشريعة الآن إذا كان المجتمع يتحمل تطبيقها، أما إذا لم يكن مستعدا فلا بد أن تبدأ عملية إعداد المجتمع لذلك، وقال: «أتصور أننا بحاجة لمزيد من الجهد لإعداد المجتمع ليكون مستعداً لمثل هذه القوانين». << أؤيد تطبيق الحدود الآن.. إلا أن المجتمع لا يتحملها فى الوقت الحالى
وشدد على أن حل أزمة التكفيريين فى سيناء يأتى عبر النقاش والحوار واستغلال تجارب مثل طارق الزمر وصفوت عبدالغنى، خصوصا أنهما لهما مراجعات سابقة.
* بداية.. كيف يرى حزب النور قرارات الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، الأخيرة، وأبرزها إلغاء الإعلان الدستورى المكمل من الداخل؟
- نرى أن إلغاء الإعلان الدستورى المكمل جيد، خصوصاً أنه كان من أغرب الإعلانات الدستورية، وسبقه حل مجلس الشعب بصورة استفزازية، لذلك نرى أنه خرج تعنتاً لإعاقة المسيرة الديمقراطية فى مصر، ومعظم السياسيين تناولوا الإعلان بأنه بمثابة الانقلاب الحقيقى من المجلس العسكرى على الشرعية والدستورية والنظام المدنى، وهو انقلاب عسكرى فى الحقيقة، لأنه سلب اختصاصات رئيس الجمهورية فى تعيين القائد العام للقوات المسلحة وتغييره، لذلك نحن نتفق مع قرارات رئيس الجمهورية فى إلغاء الإعلان المكمل، وباقى قراراته الأخيرة وندعمه فيها، أما توقيت القرارات فأنا لست مطلعا على المسرح بكامل عناصره، وأكثر شخص مطلع هو رئيس الجمهورية، ولعل هذه القرارات تكون مناسبة لهذا التوقيت، وأنا أميل إلى أنها كانت قرارات متعجلة وصادمة.
* هل كنت خائفاً من توابع هذه القرارات؟
- لا شك أن هذه القرارات مرعبة، وإذا لم تكن قد نالت الدراسة الكافية، فإنها كانت ستدخل البلد فى متاهات.
* وما أكثر النقاط التى ترى أنها مرعبة؟
- عدم انصياع المجلس العسكرى لهذه القرارات؛ لأنه سيعطى مشقة كبيرة فى البنية الأساسية لمصر، ومع ذلك فنحن مع إعطاء صلاحيات كاملة للرئيس فى اختيار وزير الدفاع ورئيس أركان حرب القوات المسلحة، لكن بعض الناس كانوا يرون ضرورة أن تكون هناك حلول تدريجية مثل الانتظار لاستكمال كتابة الدستور من الجمعية التأسيسية، ليحل الدستور الجديد محل الإعلان المكمل، ومن ثم إعطاء صلاحيات كاملة لرئيس الجمهورية، لكن يبدو أن الدكتور مرسى فضل استخدام جهاز الصدمات بإحالة المشير حسين طنطاوى والفريق سامى عنان إلى التقاعد وتعيينهما مستشارين له، وكنا نتخوف من أن يؤدى هذا إلى وجود شق بين الرئاسة والمجلس العسكرى، لكن يبدو أنه حدثت حسابات بين الجانبين.
* هل ترى أن الأمور ستسير على ما يرام، أم ستكون هناك بعض التخوفات؟
- لا شك أنه مرت فترة قصيرة على القرار، لكن الصورة المبدئية تشير إلى أنه جرى تجاوز اللحظات الحرجة، إذا اعتبرناها عملية جراحية فى القوات المسلحة، فيبدو أنها مرت بنجاح.
* هل كنت تعلم هذه القرارات المفاجئة من الرئيس باعتبارك رئيساً لحزب النور ومرشحا لمستشار الرئيس؟
- الرئيس كان حريصاً على عدم الإبلاغ عن هذا القرار، لكن قبله بـ24 ساعة أبدى بعض المقربين من المجلس العسكرى لى تخوفهم من إحالة المشير طنطاوى إلى التقاعد، وأنا شخصياً تشككت فى أن يقدم الرئيس على هذه القرارات.
* هل سألت أحدا فى الرئاسة عن هذه القرارات؟
- حتى الآن لم يتسنَّ لى أن أتكلم مع أحد فى الرئاسة أو رئيس الجمهورية، لكن يبدو أن هذه العملية جرت بمعرفة بعض قيادات المجلس العسكرى، وتحديداً الفريق عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع الجديد، ومساعده اللواء محمد العصار، ومن ثم جاءت ترقيتهما، وكانا كفيلين بإنجاح العملية.
* هل ترى أن الأمور ستسير على ما يرام بين قيادات الجيش والرئيس بعد هذه القرارات وإحالة المشير طنطاوى والفريق عنان إلى التقاعد أم ستزداد توترا؟
- أتصور أنه حدث توفيق كبير فى اختيار قيادات الجيش؛ فاللواء العصار شخصية علمية ومدققة فى حساباتها وقراراتها، وكذلك الحال بالنسبة للفريق السيسى؛ فهو على خبرة بإدارة القوات المسلحة، وأتصور أنهما سينجحان.
* هل تتوقع حدوث معركة سياسية حول إلغاء الإعلان الدستورى المكمل؟
- الحقيقة أن الإعلان المكمل جاء فى ظل ولادة غير طبيعية وأوضاع كانت سيئة، وأتصور أن أحداً لن يبكى عليه، سوى المشير طنطاوى والفريق عنان، وكنت قد تحدثت مع قيادات المجلس العسكرى عن الجهة التى ستتولى سلطة التشريع بعد حل مجلس الشعب، خصوصاً أن الأصل فى ظل غياب البرلمان أن يضع الرئيس القوانين، وعلى كل حال أتصور أنه لن يوجد مقاومون لإلغاء الإعلان المكمل، لأنه لا أب له، فإذا ذهب لن يبكى عليه أحد.
* إلغاء الإعلان المكمل ربما يكون قد أوقف التهديد بحل الجمعية التأسيسية، فهل نحن مع وضع دستور قد لا يرضى عنه البعض؟
- الحقيقة أن الفترة الماضية شهدت نشاطا غير عادى للجمعية التأسيسية للدستور، واختيار المستشار حسام الغريانى لرئاستها كان فى غاية التوفيق وأضفى على الجمعية حيادية وقوة ووزناً، وهناك خبراء حضروا المناقشات، من أمثال المستشار أحمد كمال أبوالمجد والدكتور مجدى يعقوب، وأشادوا بعملها.
* لكن كانت هناك خلافات حول المادة الثانية من الدستور؟
- أتصور أن المادة الثانية ستمر كما هى فى دستور 71.
* هل هذا هو موقف حزب النور؟
- ليس هذا موقف حزب النور، لكن فى الوقت الحاضر سيرضى بهذا الأمر، لعدم حدوث تراجع للإسلام فى الدستور، فى ظل الخوف من تعديل الشريعة الإسلامية، وأرى أن اختزال معركة الدستور فى المادة الثانية ظلم للجمعية التأسيسية، فنحن ما زال لدينا أمل أن ندعم الدستور بمواد للحريات وأخرى تعمق استقلال القضاء والرقابة لأجهزة الدولة ومحاربة الفساد والقضاء عليه وتقسيم السلطات بين جهات تنفيذية متعددة، ومنها مجلس الوزراء مع رئيس الجمهورية، وأظن أن الجمعية قادرة على تحقيق ذلك.
* حزب النور كان يطالب بوضع مواد معينة لتطبيق حدود الشريعة الإسلامية، فإلى أين وصلت هذه المسألة؟
- تطبيق الحدود مطلب شرعى وشىء عظيم، لكن عند تنفيذ هذه الخطوة يجب أن نتأكد من نجاحها، بحيث تتوافر المقدمات التى تكفل نجاح هذه القوانين عند تطبيقها، ونرى أن لدينا فترة مهمة هى إعداد المجتمعات لتقبل العمل بمثل هذه القوانين التى نتصور أنها ستحقق الخير للمجتمع، والبعض يرى أن حد القصاص من القاتل فيه إهدار للنفس، لكن الله سبحان وتعالى يقول «ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون» ونحن متأكدون من أن ذلك رحمة للمجتمع.
* وما موقفك من تطبيق الحدود الآن؟
- أنا مع تطبيق الحدود الآن إذا كان المجتمع يتحمل تطبيقها، أما إذا لم يكن مستعدا فواجب أن أستعد وأعد المجتمع لذلك، وأتصور أننا بحاجة لمزيد من الجهد لإعداد المجتمع ليكون مستعداً لمثل هذه القوانين.
* ما رأيك فى مطالب البعض بشأن وضع مادة فى الدستور لعقوبة الإعلاميين، خصوصاً أن هناك حملة حالية لإغلاق صحف أساءت للرئيس؟
- لا أدعى أننى مطلع على جميع القضايا فى الدستور، لكن أمر الإعلام يُبحث فى عدة لجان، منها: لجنة الحقوق والحريات، التى تتضمن حرية للإعلام والتعبير، وأيضاً لجنة الأجهزة الرقابية والمستقلة، التى أشارك فيها، واقترح البعض وضع جهاز رقابى على الإعلام بحيث يحدد مسئوليات الدولة وواجبات الإعلام، ومنها المصداقية، وكانت هناك نقاشات حول تشكيل جهاز أو مفوضية أو مجلس أعلى للإعلام بحيث يضع معايير يلتزم بها الإعلاميون فى أعمالهم، ونحن نريد أن نكون مثل الدول التى تمارَس بها الحريات مع معرفة الثمن الذى يدفع إذا استخدمت بطريقة خاطئة وأضرت بأفراد أو هيئات، وظنى أن نقطة تقييد الحريات والأفواه فيها مبالغات؛ لأن الاتجاه يميل إلى الحصول على حريات واسعة مقابل مسئوليات ضخمة وإذا أسأت استخدام الحريات يكون الرد عبر مجلس أعلى للإعلام.
* هل أنت راضٍ عن بعض القرارات الرئاسية بخصوص التعامل مع الإعلام؟
- دعنى أقُل إن بعض الإعلاميين يتصرفون بطريقة تسىء إلى الإعلاميين والمهنة؛ فقديماً كان الإعلام صحفا قليلة وقناة واحدة، ثم زاد العدد الآن؛ فى البداية كان الذين يمارسون الإعلام 100 فرد ثم أصبحوا مئات الألوف، وأصبحت مهنة من لا مهنة له، ويمارسها ناس بأخلاقيات تسىء إلى المهنة، وأقول إن هذا بعضهم، والحسنة تخص والسيئة تعم، وبعض الناس يتحدثون عن قنوات معينة تمارس الإرهاب الفكرى، وبعض الإعلاميين يمارسون سياسة الترهيب بالكامل، فمثلا ما تعرض له الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح ونادر بكار من اعتداء أثناء جنازة شهداء رفح، بعض الإعلاميين تعاملوا معه على أنه تعبير عن الرأى، فى حين عندما تعرض الكاتب الصحفى خالد صلاح، رئيس تحرير «اليوم السابع» للاعتداء قامت الدنيا، وبدأت 62 منظمة حقوقية تتحدث عن سياسة تكميم الأفواه ويقولون إنها لضرب الإعلام، رغم أن عمرو حمزاوى وحاتم عزام تعرضا للضرب خلال خروجهما من قصر الرئاسة، ولم نسمع أحداً يدين ذلك، فنحن نريد الإعلام الذى يحكم بموازين ثابتة ويميل إلى الحق، ونريد أن نصل إلى عصر الإعلام الصادق؛ لأن الرسول، صلى الله وعليه وسلم، علمنا آداب الإعلام؛ فليس كل كلام يقال يتردد ولا أى حديث ينقل مثل «مصادر مطلعة»؛ فهذا الكلام كذب، فنقل الكذب دون التأكد من المصدر نقل للكذب، فنريد من الإعلام أن يرجع لأصول الصدق والشفافية والأمانة وأتصور أن عمل مجلس أعلى للإعلام يحاول تعميق وتأسيس المصداقية والشفافية والصدق سيكون جيدا.
* نذهب إلى سيناء.. أنت كنت فى زيارة لها فى ظرف تاريخى تتعرض له بعد حادث رفح، فماذا وجدت هناك؟
- هناك أشياء كثيرة، منها أننا اعتبرنا أن مصر اختُزلت فى القاهرة لدرجة أن أهالى سيناء يشعرون أنهم يعامَلون مثل اليهود والخونة، وعند أى حادثة تلصق الاتهامات الكاذبة بهم، ويجب أن تحدث وقفة مع النفس ومحاولة ضم سيناء لحضن الأم الحنون مصر، خصوصاً أنها مفتاح مصر من البوابة الشرقية، والممر الذى منه أُقصى الغزاة، وجاءت منه أكثر المخاطر؛ لذلك يجب الاهتمام أكثر بسيناء، وأنا حضرت لقاءات فى مجلس الوزراء منذ عام تقريباً، وتحدثوا عن وجود مجلس أعلى لسيناء ولم يحدث شىء حتى الآن، وهذه الوعود التى لم تتحقق تولد مرارات ويأسا، وتأكدت من زيارتى أن سيناء موقع استراتيجى مهم ومكان فى غاية الخطورة على مصر، وأهلها للأسف يعتبرهم البعض ليسوا مصريين ومثل اليهود، مما أفقدهم الثقة فى معظم السياسيين، ونحن نحتاج مجهودا لاستعادة هذه الثقة، ولا بد أن يكون الموعد الآن وليس غداً، ويجب إصدار قرارات بإنصافهم ومشاركتهم فى الجيش وجهاز الدولة، واستخدامهم فى إدارة شئون سيناء.
* حزب النور له قاعدة عريضة فى سيناء وينظر له على أنه يختلف عن باقى الأحزاب وهو حزب يثق فيه الناس ويعتمد عليه البعض فى مواجهة الجماعات التكفيرية؟
- طبعاً.. الانحراف عن الفكر الإسلامى الوسطى موجود فى التاريخ، وفكر الخوارج والتكفير موجود، وهو ليس على درجة واحدة، لكنه متفاوت، وهذا يعتمد على ثقة الفرد فى نفسه واتهام غيره بالتكفير والخروج عن الصراط المستقيم، والعلاقة بين التكفير والعنف علاقة شبه متلازمة، فعندما يُرى أن الشخص أخطأ يصدر عليه حكم باغتياله، وللأسف البعض يقول: كيف يقتل مسلم أخاه فى رمضان؟ لكن هذا حدث من قبل؛ فعثمان بن عفان قُتل وهو يقرأ فى المصحف.
<< نجحنا فى إجراء مراجعات فكرية لجماعات تكفيرية فى مطروح وليبيا
* وكيف تكون التقسيمات بين الجماعات التكفيرية؟
- هناك تقسيمات؛ فبعض هذه الجماعات تكفر الحاكم فقط ويرون أنه كافر وبعضهم يزيد على هذا بإضافة الجيش عليه فيقولون إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين، وبعضهم يتمادى بالأمر فيقولون إن من رضى بالكفر فهو كافر، فيصل الأمر إلى أنه يعادى نفسه ويعتبر نفسه كافرا ومرتدا ثم يتوب، وعلى كل حال هذا الأمر يحتاج إلى نقاشات لإزالة مثل هذه الشبهات.
* لكن علماء الإسلام فى كل الأزمنة ردوا على مثل هذه الشبهات؟
- أنا أرى أن من أهم الحلول الاهتمام بهذه المناطق؛ فهناك صرف على كرة القدم بملايين، وهذا ليس إسلاماً؛ فهو كفر، وأحيانا تكون هذه الأمور مدخلا لتكفير الآخر؛ لذلك يجب الاهتمام بمثل هذه الأمور، وأقول إن نسبة كبيرة من هؤلاء الشباب يعانون البطالة؛ لذلك يجب توفير فرص عمل لهم وأن يندمجوا فى جماعة إسلامية وسطية لكى يجد الشاب فرصة للتعبير عن آرائه فى فكر إسلامى وسطى، يكشف فيه الفرد عيوبه ويسهم هذا التيار فى إيجاد البدائل للفرد بدلا من تكفيره للمجتمع، بحيث يتعلمون كيف يهتمون ببناء المجتمع، وبدلا من قتل شخص أعلمه وأنمى فيه الجانب الإيجابى؛ لأن بقتله لن أرجعه عن فكرة الكفر، ونحن لدينا مفكرون ومصلحون لديهم خبرات كبيرة يستطيعون الحديث مع هؤلاء، بحيث يحسنون توجيههم ليجدوا وسيلة للصلح مع المجتمع.
* ما الوسائل التى يراها حزب النور لعلاج مشكلة الجماعات التكفيرية فى سيناء؟
- نحن نرى أن إحدى وسائل حل هذه المشكلات جذرياً هى قدوم المفكرين وأصحاب الرأى وعقد لقاءات مع أصحاب هذه الاتجاهات ومحاولة تصحيح مساراتهم فى الاتجاه الصحيح، ونحن بدأنا فى هذا الأمر وإن كان بصورة متواضعة، لكن خلال الفترة المقبلة سيكون بصورة أكبر.
* كيف ترى شكل هذه التجارب مع الجماعات التفكيرية؟
- لدينا تجارب فى النقاش مع هؤلاء الأشخاص داخل مصر وخارجها؛ فبعض الدول مثل ليبيا كان فيها أصحاب هذه الأفكار وتناقشنا معهم وكانت نتائجها ممتازة، فبعض القبائل التى تعيش فى ليبيا لها امتداد فى مصر، وهناك علماء فى مصر تناقشوا معهم مثل الدكتور أحمد فريد والدكتور سعيد عبدالعظيم التقوا أفرادا منهم وسجلوا معهم نجاحا، وحتى الآن ما زالت هناك نقاشات، وعندما سافرت تونس من 6 إلى 9 يونيو الماضى كانت هناك نقاشات مع التيارات التى تميل إلى العنف وكانت لقاءات ناجحة معهم فى إقناعهم بالابتعاد عنه، ولا شك أن البداية صعبة، خصوصاً أنهم يشعرون أنهم على حق والباقى على باطل؛ لذلك يكون هناك قدر من الاستعلاء فى نظرتهم للآخرين لدرجة أنهم يكفرونهم، وحتى إذا لم نصل لنتائج فيكفى أنه يحدث تغيير فى السلوك العملى لدى هؤلاء الأشخاص تجاه المجتمع، وهم لديهم مرجعيتهم المنتشرة فى كل بقاع العالم وقد يكون الكثير من هذه المرجعيات قد حدث تغيير فى أوضاعهم للنظرة الوسطية للإسلام ولم تصل هذه التغييرات إلى القواعد الموجودة فى سيناء، ونحن يمكننا الاستعانة ببعض التجمعات الأخرى المحبة مثل الدكتور طارق الزمر والدكتور صفوت عبدالغنى؛ لأنهما خاضا هذه التجارب ووصلا إلى مواجهات مع الأجهزة الأمنية ثم قاما بمراجعات؛ لذلك حديثهما سيكون أعمق فى المعانى من غيرهما.
* هل هناك توقيت معين للبدء فى جلسات الحوار مع الجماعات التكفيرية بسيناء بشكل فعلى؟
- المفروض أن نبدأ بعد عيد الفطر.
* لماذا لا يقوم أعضاء حزب النور فى سيناء بالحوار مع الجماعات التكفيرية؟
- إخواننا فى شمال سيناء أوضاعهم العلمية وخلفيتهم قد لا تؤهلهم لهذا الموضوع؛ ولذلك فسنبدأ زيارات لأصحاب الفكر لتحقيق التجربة ونجاحها.
* ماذا عن اللائحة الداخلية للحزب والاستعداد للانتخابات البرلمانية؟
- وقت تأسيس حزب النور شاركت مع بعض الزملاء فى وضع اللائحة وكنا قد وضعنا فترة انتقالية؛ لأننا كنا نعلم أنه بمجرد التأسيس ستكون هناك انتخابات برلمانية، فلن يكون هناك وقت لإجراء انتخابات داخلية، وهذه الفترة تستمر نحو من 8 إلى 9 شهور، ويكون فيها وكيل المؤسسين هو رئيس الحزب ويتولى اختيار النائب وأعضاء الهيئة العليا وأمناء المحافظات والمكتب السياسى، المهم أننا بدأنا الإعداد للانتخابات الداخلية وحددناها فى أخر أسبوع فى أبريل 2012 لكن حدثت مشكلة الجمعية التأسيسية للدستور والانتخابات الرئاسية والتطورات التى حدثت فى الجمعية التأسيسية الجديدة والإعلان الدستورى المكمل، فلم يسع الوقت لإجراء هذه الانتخابات الداخلية، كما أنه كان صعبا استكمال مؤسسات الحزب؛ نظرا لأن القرارات تصدر من عدد قليل من القائمين عليه، وكنت أرى مع عدد من القائمين على الحزب أن حل هذه المشكلات يكون عبر الانتخابات الواسعة، والآن الحزب أصبحت له قاعدة عريضة لا يكاد يملكها حزب آخر؛ فنحن بعد مناقشات طويلة توصلنا إلى أنه لا بد أن تكون هناك انتخابات داخلية عقب انتهاء إجازة عيد الفطر، وستبدأ على مستوى الأقسام؛ فمثلا شمال سيناء بها 10 أقسام فنبدأ بها، ويجرى تصعيد واحد من كل قسم رئيساً له ومعه 4 مساعدين وأمين الصندوق وسكرتير القسم، وكل الأشخاص الذين جرى تصعيدهم فى الأقسام بكل محافظة يجتمعون ومعهم أعضاء مجلسى الشعب والشورى وشخصيات عامة ينظمون مؤتمراً عاماً للحزب فى كل محافظة ويجرى من خلالهم انتخاب أمين للحزب فى المحافظة و4 نواب وأمين للصندوق الذى يجب أن يكون معه مؤهلات تؤهله لهذه الوظيفة وسكرتارية، ونشترط أن يكون هؤلاء الأشخاص تحت سن 35 عاماً، بحيث يكون عنصر الشباب موجودا فى الحزب، وسيجرى تصعيد 5 من كل محافظة وأيضا أعضاء مجلسى الشعب والشورى فى أخر انتخابات، ونسبة 1% من الأعضاء المؤسسين وأعضاء اللجان المتخصصة فى الحزب، وهم 15 لجنة، أبرزها: الصحة والاقتصادية والتعليم والإسكان والتعمير، وكلها تجتمع لعقد الجمعية العمومية فى 20 سبتمبر المقبل لانتخاب الهيئة العليا التى تشكل من 50 عضوا منتخبين، وهى تنتخب المجلس الرئاسى للحزب الذى سيكون رئيسا للحزب ونائبين أو 3 له وأمين عام الحزب، والمجلس سيتكون من 9 أفراد مهمتهم تسيير أعمال الحزب بمساعدة المكاتب مثل السياسى والإعلامى، وهناك جهات طلبت مراقبة الانتخابات وأظن أنها تجربة رائدة داخل الأحزاب، وهناك أشخاص يتخوفون من أن تفرز الانتخابات شخصيات جديدة تكون فى قيادة الحزب أو الهيئة العليا، ونحن نخوض هذه التجربة ونتمنى من الله أن تطور نتائجها عمل الحزب لكى يسهم فى النهضة الفكرية بعد ثورة يناير.
* البعض يرى أن هناك تدخلا من الدعوة السلفية فى الحزب، فهل إجراء هذه الانتخابات لإثبات غير ذلك؟
- قلنا من قبل: إن إجراء الانتخابات الداخلية للحزب كان مقررا عندما أسس الحزب، وإجراءها لا يعنى أننا نرد على ما يدعيه البعض حول تدخل الدعوة السلفية فى شئون الحزب، وقلنا إن انتخابات مجلس الشعب ستتضح فيها الصورة حول أداء أمناء المحافظات والأقسام، واللائحة تقول إن كل 5 سنوات تجرى انتخابات للحزب وتكون فيها مراجعة لسياساته ونشاطاته، وهذه الانتخابات ليست للرد على أحد، لكنها استعادة للموقف الأصيل للحزب الذى سجلناه فى لائحته الداخلية.
* كيف استعددتم للانتخابات البرلمانية المقبلة؟
- بالنسبة للانتخابات البرلمانية المقبلة سنعتبر أول خطوة لخوضها عملية إعادة بناء وهيكلة الحزب، وهناك عملية غربلة وإعادة تقييم واسعة النطاق لعناصر الحزب وقياداته والشخصيات البارزة منه فى أنحاء الجمهورية، بحيث يجرى انتقاء العناصر لتمثيل الحزب، ومن خلال اللجنة الثقافية سيجرى إنشاء معهد للدراسات السياسية، وأتمنى أن يكون معهدا على مستوى عال ويشارك فيه مجموعة من الأساتذة ليمنح شهادات للدارسين، وتدريجيا يشترط على كل شخص له منصب فى الحزب أن يكون حاصلا على درجة أو بعض الدرجات من هذا المعهد، وقبل انتهاء انتخابات العيد هناك منهج جاهز لكى يحصل عليه مرشحو الحزب فى الانتخابات البرلمانية من خلال برامج تتضمن مهارات فكرية وتفاعلية ونفسية، بحيث يجرى تمثيل الحزب بطريقة مشرفة، وهناك إشكالية كانت لدينا فى الانتخابات السابقة هى ضعف التمويل المالى للانتخابات ونحن نسعى للتوصل لآليات للتغلب عليها لتجنب الأزمات التى حدثت فى الانتخابات السابقة.
* هل سنرى تحالفا بين حزبى النور والحرية والعدالة فى الانتخابات المقبلة؟
- هذا الأمر من المفروض أن تقرره الهيئة العليا للحزب، ونحن نتعامل مع القيادات الحالية للحزب على أنهم مجالس مؤقتة لإدارته أو ما يقال حكومة تسيير الأعمال لحين الانتهاء من الانتخابات الداخلية للحزب وانتخاب هيئة عليا ومجلس رئاسى جديدين، لكن بناء على ما سبق أرى أن الخيارات مفتوحة، خصوصاً أن إخواننا فى حزب الحرية والعدالة لديهم مرونة وتفاعل، ومفروض أن نفتح الأبواب ويكون هناك استعداد لجميع الخيارات للدخول فى قائمة موحدة مع حزب الحرية والعدالة أو قائمة واحدة لحزب النور أو مع أحزاب أخرى، وأنا أميل أن أترك الخيار للهيئة العليا للحزب بعد انتخابها.
* لماذا لم يشارك حزب النور فى الحكومة الجديدة؟
- نزعم أن حزب النور لديه أسماء وكفاءات كان يمكن التقدم بها لتولى حقائب وزارية، لكن فى النهاية اختيار الوزراء حق أصيل لرئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، وكنا نرى أن الأنسب للفترة الحالية حكومة ائتلافية واسعة لتتحمل التيارات السياسية أعباء الوطن، لكن الأمر يُترك فى النهاية لرئيس الجمهورية لأنه الذى سيتحمل النتائج ويحاسب عليها.
* لكن أنتم تقدمتم بأسماء مرشحين لحقائب وزارية إلى رئيس الجمهورية.
- لا أستطيع أن أقول إننا تقدمنا بأسماء؛ لأن بعد 30 يونيو وخطاب الرئيس فى جامعة القاهرة انقطع الاتصال بمؤسسة الرئاسة وحاولنا الاتصال بحزب الحرية والعدالة لكن كانوا يقولون إن الأمر مع الرئيس وقد يكون وصل لمؤسسة الرئاسة مرشحو حزب النور لكن بطريقة غير رسمية، خصوصا أن الهيئة العليا للحزب لم تتقدم بصورة رسمية وقد يكون أحد أفراد الحزب رشح أشخاصا، لكن لم تحدث اتصالات رسمية مع مكتب الرئيس أو مكتب رئيس الوزراء.
* لكن الهيئة العليا للحزب أصدرت قرارا بعدم المشاركة.. وماذا عن مشاركة الحزب فى الفريق الرئاسى؟
- كانت هناك مداولات بين الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء، مع نحو 80 شخصا، وكانت هناك أحاديث جانبية حول تولى أحد المقربين من الحزب وزارة البيئة، لكنه لم يكن من الشخصيات النشيطة والعاملة فى الحزب، ووزارة البيئة فعالياتها محدودة فى الوزارات السابقة، فكان الأفضل عدم المشاركة والانتظار لبعد انتخابات مجلس الشعب؛ فقد تكون الخريطة السياسية أكثر وضوحا، هذا بالنسبة للحكومة، أما الفريق الرئاسى فقالوا إنهم سينتهون من تشكيله قبيل شهر أغسطس، وكان الأمر هو اختيار 3 أشخاص ضمن الفريق الرئاسى، ونحن تعلمنا أننا لا نجزم بصورة نهائية إلا بعد صدور القرار، وواضح أن هؤلاء الأشخاص سيكونون من الشخصيات النشيطة فى الحزب، ومن ثم سيكون اختيارهم سببا لاستكمال التواصل القوى مع الدولة، ونحن نؤيد اختيار 3 أشخاص من النور ضمن الفريق الرئاسى.
* البعض يرى أن شعبية التيار الإسلامى تراجعت بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة.. ما رأيك؟
- الحديث عن تناقص شعبية التيار الإسلامى مغلوط؛ لأنه من خلال زيارتى للمحافظات، وأنا لا أكف عن هذه الزيارات، ولا يكاد يمر أسبوع إلا وأزور أكثر من محافظة، ولا أعتمد فقط على التقارير، يظهر لى أن انتشار حزب النور يزيد وعندما ألتقى شخصيات مرموقة ورؤساء جامعات وقيادات سياسية فى المحافظات، يؤكدون لى تقدم شعبية الحزب، وبين أغسطس 2011 وأغسطس 2012 أرى أن الشعبية تزيد على السابق وأقل شىء هو الضعف، وأنا متفائل أن أقل شىء هو تحصين ما فعلناه فى انتخابات مجلس الشعب الماضية.
* كيف تقيم حزب النور؟
- لدينا قيادات داخل الحزب لفتوا الأنظار بصورة واضحة، والمستقبل سيكون لحزب النور، وإذا قمنا بدراسة مقارنة بين حزب النور والأحزاب الأخرى سنجد أن أكثر الأحزاب تطورا وسرعة فى الأداء هو حزب النور الذى يعد أكثر الأحزاب تطورا داخليا وخارجيا؛ فعلى الصعيد الداخلى إعلاميا لو عقدت مقارنة بين أحزاب الوسط والوفد والحرية والعدالة سترى أن حزب النور يسير بخطوات ثابتة، خصوصاً أن عناصر الحزب واعدة وأمامها مستقبل باهر، وأنا لا أعمل للانتخابات البرلمانية فقط.
الوطن