رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مار أفرام السرياني من الأرض السوريه المباركه يخرج عظماء التاريخ ليقدموا للانسانيه المجد والخلود مار افرام عينة فريدة من رجال الله القديسين، يدعوه السريان «قيثارة الروح القدس» و«ملفان الكنيسة الجامعة»، قدم للكنيسة أناشيد روحية حملت مع نقاوة الإيمان المستقيم روح العبادة التقية وعاطفة الحب المتأجج مع عذوبة الأسلوب وحلاوته، وقد جاءت حياته في مجملها مثل سيمفونية رائعة، تحمل ألحانها النسكية الحازمة مع اهتمام بخدمة الفقراء، وحزم في العقيدة والتعاليم الكنسية يرافقه تواضع شديد. إنه القديس أفرام، من أشهر الأدباء السريان، نُعت بـ «تاج الأمة السريانية معلم العلماء وقطب دائرة الشعراء، نبي السريان وعمود الكنيسة». قال عنه القديس يوحنا الذهبي الفم: «أفرام كنّارة الروح القدس.. ومرشد الشبان وهادي الضالين..»، وهو أحد آباء ومعلمي الكنيسة الذي تُجمع على قداسته جميع الطوائف المسيحية الرسولية. ولد مار أفرام في مدينة نصيبين في مطلع القرن الرابع للميلاد شمال شرق سوريا |
21 - 07 - 2020, 04:53 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس مار أفرآم السريانى (وصيته - مؤلفاته - كتاباته)
وقد ذكر في وصيته الأخيرة لتلاميذه: «لما كنت طفلاً رأيت في الرؤيا كرمة نابتة في لساني نمت وارتفعت في الفضاء وأينعت عناقيدها جمة وأوراقاً بلغت حدَّ الكثرة، وامتدت أفنانها وتبسطت حتى كادت تملأ الأرض جميعها وأقبلت طيور السماء فوقها وجعلت تلقط العنب من عناقيدها، وكلما التقطت منها ازدادت وكثرت»، وفسر مار أفرام هذا الحلم فقال: «إن العناقيد هي الأشعار، والخصل هي الأناشيد، مبارك من غرس الكرمة وكثر عناقيدها وخصلها». ثم تتلمذ، في شرخ شبابه، لمار يعقوب أسقف نصيبين الذي رُسم عليها أسقفاً عام 309م، وكان ناسكاً فاضلاً، أخلص العبادة لله منفرداً في مغارة قربها، واختير ليكون أول أسقف عليها، ووصف بالعلم والغيرة على تهذيب رعيته في أصول الدين المبين وارتقاء معارج الفضيلة، واعتمد مار أفرام على يديه وهو ابن ثماني عشرة سنة فأحبه هذا كثيراً واتخذه تلميذاً وكاتباً في آنٍ واحد ورسمه شماساً وألبسه الثوب الرهباني. واصطحبه عام 325م إلى مجمع نيقية، وعلى إثر عودتهما من المجمع أسس مار يعقوب في نصيبين مدرسة سلّم زمام التعليم فيها إلى تلميذه مار أفرام. وبعد انتقال مار يعقوب إلى جوار ربه سنة 338م تسلّم مار أفرام إدارة المدرسة، وفيها نظم القصائد البديعة والأناشيد الشجية التي تُعرف بـ «النصيبينية»، وتعدُّ صوراً رائعة لحياة ذلك العصر في تلك المنطقة، ففيها يصف لنا ما قاسته مدينته في الحصارات والحروب، حيث كانت بحكم موقعها على حدود الدولتين الفارسية والرومانية، تتعرض لحروب طاحنة، فتخضع لسلطان الفرس حيناً والرومان أحياناً، وقد عاصر مار أفرام هذه المآسي في الأعوام 338 و350 و359 و363م، ويظهر بكتاباته ما كان يكنه قلبه الكبير وقلب كل مواطن صالح من إيمان بالله واتكال عليه تعالى، كما أنه يقوّم ويثمّن مواقف رجالات الكنيسة المشرّفة، بتشجيع رعيتهم أوقات الحروب للدفاع عن المدينة ببسالة باذلين في سبيل ذلك النفس والنفيس كما يقرض أساقفة نصيبين وهم مار يعقوب (+338م) وخلفاؤه بابويه (338ـ349م) وولغش (349ـ361م) وإبراهيم (361م). |
||||
21 - 07 - 2020, 04:53 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس مار أفرآم السريانى (وصيته - مؤلفاته - كتاباته)
وعندما سلمت نصيبين إلى الفرس سنة 363م هجرها مار أفرام وبرفقته نخبة طيبة من أساتذة مدرستها وتلامذتها جاؤوا إلى الرها التي كانت من أشهر مدن بلاد ما بين النهرين العليا ومركزاً للتجارة بين بلاد العرب وآسيا الوسطى، وتسمى اليوم أورفا وهي تحت الحكم التركي. وكان مار أفرام تارة يتنسك في مغارة في جبلها المقدس، وتارة يتفرغ للتدريس في مدرستها الشهيرة التي كانت قد أسست في فجر المسيحية والتي تخرج منها برديصان الشاعر الكبير (154-202م)، ووافا الفيلسوف وأسونا العالم، فجدّدها مار أفرام وصحبه وازدهرت على أيديهم، ودامت حتى عام 489م. وكان تلامذتها ـ وأغلبهم من بلاد فارس ـ يتلقّون دروساً في شرح الكتاب المقدس بعهديه معتمدين بذلك على تفسير مار أفرام وهو أقدم من فسّر الكتاب المقدس عند السريان، كما كانوا يأخذون عنه العلوم اللاهوتية لإثبات حقائق الدين المبين ومناهضة تعاليم طيطيانس ومرقيون وبرديصان وماني وأريوس. فعُدت كتاباته مثالاً للتعاليم اللاهوتية في الكنيسة السريانية. واهتمّت مدرسة الرها أيضاً بتدريس الفلسفة على مذهب أرسطو و تلقين طلابها العلوم اللغوية والأدبية باللغتين السريانية واليونانية. وقيل أن مار أفرام قد زار الأنبا بشواي وغيره من النساك في مصر. كما زار بعدئذ القديس مار باسيليوس أسقف قيصرية قبدوقية (+379م)، ويستبعد بعض النقاد هاتين الزيارتين. |
||||
21 - 07 - 2020, 04:53 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس مار أفرآم السريانى (وصيته - مؤلفاته - كتاباته)
أما وفاته
فعندما حلّت المجاعة في الرها في شتاء عام 372 ـ 373م، ومات عدد غير يسير من أهلها أخذ مار أفرام يطوف دور الأغنياء ويحثّهم على أعمال الرحمة ويجمع منهم الصدقات ويوزّعها على الفقراء. كما أسس دوراً جمع فيها ثلاثمئة سرير وقيل ألفا وثلاثمئة سرير صارت ملجأ للعجزة، وكان يشرف بنفسه على الاعتناء بهم. وعلى إثر الجوع انتشر وباء الطاعون، فانبرى مار أفرام في تطبيب المرضى ومواساتهم حتى أصيب بدوره بداء الطاعون واحتمل صابراً آلامه المبرحة، وفاضت روحه الطاهرة في 9 حزيران عام 373م ودفن في مقبرة الغرباء في ظاهر مدينة الرها بناء على وصيته، وبني على ضريحه دير عرف بالدير السفلي ثم نقلت رفاته الطاهر إلى مقبرة الأساقفة في كنيسة الرها الكبرى، وقيل أنه نقل عام 1145م إلى أوروبا مع ذخائر بعض القديسين وعيّدت له الكنيسة شرقاً وغرباً. |
||||
21 - 07 - 2020, 04:54 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس مار أفرآم السريانى (وصيته - مؤلفاته - كتاباته)
وصيته
وفي الساعات الأخيرة من حياته المجيدة، وفي لحظات احتضاره الرهيبة، أملى على تلاميذه وصيته الأخيرة شعراً فاهتموا بتدوينها حالاً، وقد ترجمت إلى اليونانية بعد وفاته بمدة وجيزة، واستشهد بها القديس غريغوريوس النوسي (+396م) خمس مرات في تقريظه لمار أفرام السرياني. وقد اعترف مار أفرام بوصيته هذه بإيمانه، وبيّن تمسّكه بالعقيدة المسيحية، وحثّ تلاميذه على التشبه به. وجاء فيها ما تعريبه بتصرف: «أنا أفرام مائت لا محالة وأدوّن وصيتي هذه لتبقى من بعدي ذكراً لكل إنسان، الويل لي فإن أيام حياتي قد أوشكت على الانتهاء، لقد نفد الزيت في السراج وقرب يوم الموت، إنَّ الأجير قضى ساعة عمله ودنا موعد رحيل الغريب وأوبته إلى وطنه. ويلك يا أفرام من يوم الدينونة حيث إنك ستقف أمام منبر الابن ويحتاط بك من عرفك (في العالم السابق)، فتذوب خجلاً، أسألك يا يسوع ألا تدع سواك يدين أفرام لأن من كان ديَّانه الله لابد من أن ينعم عليه بالرحمة. هلمّوا يا تلاميذي وأغمضوا أجفاني فأنا مائت لا محالة. يا تلاميذي: اتخذوا مني مثالاً لكم، إنني لم أشتم ولم أخاصم أحداً البتة، ولكني كنت على نزاع دائم مستمر مع الكفرة، ذلك أنَّ الحكيم لا يبغض أحداً، وإن أبغض فإنما يبغض الجاهل، أما الجاهل فلا يحب أحداً أبداً، وإن أحب فإنه يحب رفيقه الجاهل. إنني لم أرْتَبْ بالعقيدة ولم أشكك بحقائق الإيمان، لم أملك كيساً ولا مزوداً ولا عصا إتماماً لوصية الرب. اقرئوني السلام يا أخوتي وسامحوني لأرحل عنكم [مطمئن البال]، اذكروني بصلواتكم وطلباتكم... استحلفكم يا أبناء الرها قسماً لا حل فيه ألا تحيدوا عن وصاياي ولا تبطلوا شرائعي، لا تدفنوا جسدي تحت المذبح ولا في الهيكل، ولا مع الشهداء. لا يضع أحدكم على جثماني ثوباً فاخراً بل واروا جسدي التراب بثوبي وقبعتي وذلك في مقبرة الغرباء لأني غريب نظيرهم وكل طير يأوي على شكله. لا يجدر البكاء على الصالحين عند رقادهم... إنما يليق بكم أيها الأخوة أن تسكبوا الدموع على أمثالي ممن بدد حياته بالأباطيل. أستودعكِ السلام أيتها الأرض، ولتحل النعمة على سكانك، صلاتي إلى الله أن يتوب الخطاة وينال التائبون برارا. هلم بسلام يا ملاك الموت يا من تفصل النفس عن الجسد، هلم افصلهما عم بعضهما حتى يحين موعد البعث». |
||||
21 - 07 - 2020, 04:54 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس مار أفرآم السريانى (وصيته - مؤلفاته - كتاباته)
مؤلفاته
أدرك مار أفرام اللغة السريانية نقية صافية خالية من العجمة وسائر الشوائب، وغنية واسعة وأداة طيعة في التعبير عن مختلف الأهداف الفكرية، وشتّى الأغراض الكلامية، فكتب فيها تفاسيره نظماً ونثراً، ودبّج روائعه وبدائعه التي صارت مفخرة الأدب السرياني. وكان له القدح المعلى في تقدم مدرستي نصيبين والرها السريانيتين حيث وجدت اللغة السريانية لها مرتعاً خصباً فنمت وازدهرت. ولشعر مار أفرام في مدينة نصيبين قيمة تاريخية فهو يدلنا على مقدار ما عانته المدينة من آلام حرب الفرس، وقد أخضع مار أفرام لفنه جميع الأوزان السريانية التي كانت معروفة في عصره، فنظم على المقاطع الخمسة والستة والسبعة والثمانية والتسعة والعشرة، وعُرف البحر السباعي باسمه، وأوزانه متعددة كالبسيط والمركب والمضاعف والأبجدي. وقد ميز أفرام بين نوعين من الشعر: المدراش والميمر. |
||||
21 - 07 - 2020, 04:54 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس مار أفرآم السريانى (وصيته - مؤلفاته - كتاباته)
مؤلفاته النثرية
تناول مار أفرام الكتاب المقدس بعهديه شرحاً وتفسيراً، وقد اعتمد الترجمة البسيطة، ولكثرة شروحه صرّح بعضهم قائلاً: «لو نفدت ترجمة الكتاب المقدس بالسريانية الأصلية لتيسر جمع نصوصها من تصانيف مار أفرام»، وقد اتبع بالتفسير طريقة مدرسة أنطاكية بشرح النص آية آية بالمعنى الحرفي بمفهوميه الحقيقي والمجازي، خلافاً لمدرسة الإسكندرية بمصر التي كانت تتبع التأويل والأسلوب الصوفي الرمزي، ولم يبقَ من تفاسيره هذه سوى شرح سفر التكوين وجزء من سفر الخروج، وشذور متفرقة من أسفار العهد القديم نجدها في مجموعة الراهب سويريوس (+861م). ولأهمية مؤلفاته ترجمت إلى اليونانية في حياته أو في العقد الأول بعد وفاته، كما نقلت بعدئذ إلى لغات شتى، وقد نسب إليه كتاب وُسم بـ «غار الكنوز» وهو قصة آدم وحواء بعد أن طردا من الجنة، كما وضع عليه خطأ عظة في نهاية العالم ورد فيها ذكر غزوة الهون التي حصلت في تموز سنة 396م أي بعد وفاته بثلاث وعشرين سنة. وكذلك عزي إليه تأبين للقديس باسيليوس الكبير الذي مات بعد موت مار أفرام بست سنوات. |
||||
21 - 07 - 2020, 04:55 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس مار أفرآم السريانى (وصيته - مؤلفاته - كتاباته)
مؤلفاته المنظومة
يقسم الشعر عند السريان إلى نوعين، الميامر، والمداريش: أ - المدراش: في البداية كان المدراش عبارة عن جدل في ثوب شعري ثم استعمل للشعر الذي ينشد بوجه عام، ويتكون المدراش من عدة أبيات تتساوى في عدد مقاطعها أحياناً وتختلف في عدد المقاطع أحياناً أخرى، وهذه الأبيات يرتلها فرد وترد عليه فرقة (كورس) بعد كل بيت بردود معينة، وكل بيت من أبيات المدراش قائم بنفسه، وليس من الضروري أن تكون له صلة بالبيت السابق أو اللاحق له. وللمداريش أوزان وأنغام شتى، ويعد أفرام من خيرة ناظمي المداريش وقد حذا فيها حذو داود النبي في مزاميره، فنظم أبياتها تارة على ترتيب الحروف الأبجدية وتارة على ترتيب اسم يسوع أو حروف اسمه (أ ف ر ا م). فالمداريش تعني «الأناشيد» وهي أبيات من الشعر تصاغ على أوزان مختلفة وألحان شتى بلغ عددها الخمسمئة دبجها مار أفرام، أما مستنبطها فهو برديصان. واشتملت مداريشه مجموعتين في الجدل مكونتين من 56 مدراشاً، ومنها جدله ضد أتباع برديصان ومرقيون وماني وعنوانها «الرد على المارقين»، و«معارضات ضد الآريوسية»، وسبعة مداريش عن «اللؤلؤة» أي عن المسيح وسر خلق الإنسان، وخمسة مداريش في «الرد على يوليانوس» إمبراطور الروم الذي ارتد عن المسيحية إلى الوثنية، ومداريش جدلية أخرى كتبها في مدينة نصيبين في النصف الأخير من سنة 363م بعد وفاة الإمبراطور يوليانوس. وهناك بعض المداريش وجدت غير كاملة مثل «ميلاد السيد المسيح» و«الصوم» و«عيد الفطير» و«الصلب» و«شهر نيسان» بمناسبة الفصح، وكلها مداريش دينية تستعمل لإحياء أعياد الكنيسة. أما القصائد الشعرية التي كتبها مار أفرام فيبلغ عددها واحداً وعشرين قصيدة كتبها في مدينة نصيبين، زادها في الرها إلى ست وخمسين ثم زادها حتى بلغت سبعاً وسبعين قصيدة، كانت كلها عن نصيبين، لذلك أطلق عليها جميعاً اسم «نصيبيات» وهي قصائد تتناول موضوعات مختلفة عن تاريخ نصيبين في عصره. ونظم مار أفرام أيضاً نوعاً آخر من القصائد سماه «السوغيثا» وزنها بسيط وتصلح في صياغة المآسي للمسرح الديني، وتبدأ السوغيثا عادة بمقدمة مكونة من فقرة أو أكثر يدخل بعدها الشاعر إلى لب الموضوع في أبيات يلقيها فرد، وقد تكون حواراً بين اثنين وترد الفرقة بالإنشاد بالتبادل بين نصفي الفرقة والفقرات الأساسية ينشدها اثنان من المجموعة يتقدمان للإنشاد. |
||||
21 - 07 - 2020, 04:55 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس مار أفرآم السريانى (وصيته - مؤلفاته - كتاباته)
ب – الميامر: وهي شعر يقرأ ولا ينشد وهي الملاحم المسهبة التي تعد أبياتها أحياناً بالآلاف، تسرد فيها القصص الروحية وسير رجال الكتاب المقدس والكنيسة، وتكون أبياتها متساوية المقاطع غالباً، وهي من ذات المقاطع السبعة، وتكون عادة ذات دعامتين تتكون الأولى من ثلاثة مقاطع والثانية من أربعة. وقد نظم مار أفرام الشعر واستعمله سلاحاً ماضياً في جدله وكتب به مراثيه وعلم به سامعيه المسائل الدينية المختلفة، واستخدمه كذلك في كتابة الطقوس الدينية، ومن الملاحم التي ثبتت صحة نسبتها إليه ملحمة عن موعظة يونان النبي في نينوى، وموعظة «التوبة»، وله أيضاً 11 ميمراً عن الحصارين الثالث والرابع لمدينة نصيبين. والنظم قائم في كلا النوعين على اللحن لا على التفاعل، ومقيد بالنغم لا بالقافية، فيختلف في ذلك عن الشعر العربي ويقرب من الشعر المرسل، فهو في جوهره شعر غنائي ينشد على جميع الأوتار، متصاعداً من النبرة الخطابية إلى النفس الملحمي، ولذا فإنَّ أوزانه لا تحصى في حد ولا أبحره في عد، ذلك أن البيت لا يعتمد على تآلف المتحرك والساكن، ولا يتكون من الأسباب والأوتاد والفواصل، بل من تقاطع الكلم إلى أصوات متوازية تعادل التقاسيم الموسيقية، وقد تتراوح الأصوات بين المقطع الواحد والستة عشر مقطعاً، أو أكثر في البيت الواحد، تفصل بينها محطات وقف مما يجعل ضبط الأبحر متعذراً. ويذكر أنطون التكريتي (+840م) أن عدد البحور الشعرية لدى السريان هو ثمانية عشر بحراً بدءاً من ثلاث حركات حتى العشرين، ولكن ليس جميعها مستعملاً، ومن أشهرها ما جاء فيه البيت على خمسة مقاطع أو ستة أو سبعة أو ثمانية أو أحد عشر أو اثني عشر. لقد نظم مار أفرام الشعر السرياني على البحر السباعي خاصة، وارتأى بعضهم أنه قد استنبطه فسمي أيضاً بالأفرامي أو أنه أخذه عمن سبقه من الشعراء الذين فُقد شعرهم، وتعد أبيات بعض قصائده بالآلاف، ويكون الوقف عادة في البحر السباعي بعد المقطع الثالث أو الرابع، ويدخل على هذا الوزن ثلاثة أشكال مختلفة فيكون إما ثلاث حركات وأربع أو أربع حركات وثلاث أو حركتين وثلاث ثم اثنتين. ولم يعتمد مار أفرام القافية في نظمه، لأن السريان لم يدخلوها في شعرهم حتى صدر القرن التاسع متأثّرين بذلك بالعرب. |
||||
21 - 07 - 2020, 04:55 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس مار أفرآم السريانى (وصيته - مؤلفاته - كتاباته)
وتناول مار أفرام بشعره شتى المواضيع الدينية، العقائدية منها والروحية، فبجّل السيد المسيح، وطوّب أمه العذراء مريم، ومدح الأبرار والصالحين وغبط الزهاد والمتوحدين، ورثى النفس الخاطئة وحثّها على التوبة، وهجا الكفرة وكفرهم بشخص يوليان الامبراطور الجاحد، وقرّع البدع والمبتدعين خاصة ماني ومرقيون وبرديصان وآريوس، وأكثر من سرد الحكم في قصائده النفيسة، وأناشيده البديعة التي كانت تعبر عما احتواه قلبه الكبير من الإيمان، وما استوعبه عقله الجبار من الحكمة، وقد حازت مكانة القمة في الكنيسة السريانية فأدخلت الطقس البيعي وهو لا يزال على قيد الحياة، ذلك لأنها اعتبرت ذلك خير وازع للمؤمنين يدفعهم إلى العبادة، كما يشهد بذلك مار يعقوب السروجي بقصيدته التي نظمها فيه حيث يقول ما تعريبه: «إن مار أفرام كنارة الروح القدس ضارع موسى الكليم وأخته مريم بتلقينه العذارى والفتيات ولفيف المؤمنين أنغاماً محكمة بث فيها تعاليم الكنيسة الحقة وأحرز بواسطتها إكليل الظفر والانتصار على أعدائها». وأورد البطريرك أفرام الأول برصوم في كتابه اللؤلؤ المنثور ما تبقى من منظومات مار أفرام ذاكراً بالتفصيل عددها ومواضيعها، حيث قال: «ولا نعرف عدد قصائده التي ضاع جانب منها، والمعروف منها: 15 قصيدة في الدنح، و1 في الشعانين، و15 في الفطير، و5 في آلام ربنا، و2 في القيامة وتناول الأسرار في أحد القيامة، و1 في أحد الجديد وقصيدة أولها: عظيمة هي قوة المسيح، و2 في حبل العذراء الطاهرة ومار أندراوس الرسول وتبشير بلاد الكلخ أو القلتين، و3 في أيوب، و2 في مار سرجيس ومار باخوس ومار ديميط، و20 في الشهداء، و5 في وفاة الأساقفة والكهنة والشمامسة والرهبان الكاملين والأطفال وكل أحد، و7 في تركيب الإنسان والخلوة للعبادة والغربة والآخرة والنهاية والتواضع ومحبة الفضة، و11 في التعازي والآخرة، و7 في الطلبات وغيرها في الحكم والنصائح والإيمان والعلم والتوبة، و1 في قول أشعيا النبي: فلينزل المنافق لئلا يعاين مجد الله، و10 في الشكر على المائدة، و4 في يوليان الجاحد، و20 في مواضيع شتى، ونشر له السيد رحماني جزئين حوى أولهما 31 ميمراً وشذرات من ميامر أخرى في الشكر على المائدة وسقوط نيقوميدية ونقاوة القلب والندامة، وفي إنَّ الله ليس هو علة الآفات وعناية الله بنا والسهر والتوبة والظلم والنسك وأيوب الصديق ومجاهد الشيطان، ونقض برديصان وحصار نصيبين والتوبيخ وكيفية إغراء إبليس للناس على ركوب المعاصي، واشتمل الثاني على عدة ميامر أنشدها في احتباس الأمطار وله قصيدة خماسية نفيسة يخاطب فيها ذاته أولها: كم من مرة جعت، ووصية مشهورة منظومة، وإنما حشيت بزيادات ليست من الأصل بشيء، ودعاء منظوم». وورد في أقدم كتب الألحان أن «السبرت» أي مراقي أو سلالم المداريش التي حبكها مار أفرام هي خمسمئة، ودبج هذا الملفان أيضاً جانباً من الأناشيد المعروفة بالقالات السهرية والعنيانات، بل نَسَبَ إليه تخشفتات وقتتسمات، واستشهد فيلكسينوي المنجي 523م بكتابين له سماهما «فنيقيث نقض اليهود والأضاليل» وذكره صاحب «تاريخ سعرت»، و«فنيقيث شهداء النصيبيين» وهو مجموعة من مداريشه كفناقيث الإيمان والبيعة والفطير والنصيبيين التي استشهد بها أنطون التكريتي، ونسب إليه قصيدة من أجود الأشعار في يوسف بن يعقوب ذات اثني عشر لحناً. |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|