رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المحبة الإلهية لا تُقيم وزناً للخطية
لِيُظْهِرَ فِي الدُّهُورِ الآتِيَةِ غِنَى نِعْمَتِهِ الْفَائِقَ بِاللُّطْفِ عَلَيْنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ؛ اذْكُرُوا أَنَّكُمْ أَنْتُمُ الأُمَمُ قَبْلاً فِي الْجَسَدِ، الْمَدْعُوِّينَ غُرْلَةً مِنَ الْمَدْعُوِّ خِتَاناً مَصْنُوعاً بِالْيَدِ فِي الْجَسَدِ، أَنَّكُمْ كُنْتُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِدُونِ مَسِيحٍ، أَجْنَبِيِّينَ عَنْ رَعَوِيَّةِ إِسْرَائِيلَ، وَغُرَبَاءَ عَنْ عُهُودِ الْمَوْعِدِ، لاَ رَجَاءَ لَكُمْ وَبِلاَ إِلَهٍ فِي الْعَالَمِ. وَلَكِنِ الآنَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، أَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً بَعِيدِينَ صِرْتُمْ قَرِيبِينَ بِدَمِ الْمَسِيحِ (أنظر أفسس 2)
والمحبة في الله، محبة أبوية تظهر في البنوة، فمحبة الله الآب متجهة للابن بكل كمالها وفيضها، والمحبة في الابن مشتعلة ومتقدة بروح الحياة، لذلك دعانا الآب دعوة عليا مقدسة في المسيح يسوع، لأن الغرض من مجيء الرب أن ندخل في الله، لذلك حدث عمادنا هو لبس المسيح، ومن هذا الارتداء، ارتداء المسيح نجد المحبة الأبوية متدفقة نحونا في الابن الوحيد، وفيه صرنا أبناء لله الآب، لأنه تبنانا في المسيح فصرنا أبناء، وبما أننا ابناء أرسل روحه الخاص ليسكن أوانينا ويقدسها له، وبذلك نحيا في شركة الثالوث القدوس.
قال الابن الضال برغبة إرادته "أقوم وأذهب إلى أبي" (لوقا 15: 18)، وقد قال هذا بعد أن خارت قواه وسقط على الأرض صريع الجوع والعُري، ورجع إلى نفسه واستفاق من غفوته وشعر بالهوة السحيقة التي نزل إليها، ومدى الهلاك الذي تعرض لهُ، فقد رأى نفسه غائصاً في وحل الخطية، فصرخ بشدة حاثاً نفسه: "أقوم الآن وأذهب إلى أبي"؛ فبالرغم من التيه وابتعادة بإرادته واختياره، قال (أبي) فـمن أين أتاه هذا الرجاء وهذا اليقين، وهذه الثقة؟ بالطبع من واقع ما يعرفه عن أبيه الذي عاش معاه وكبر. فمن واقع ما يعرفه عن أبيه، قرر أن يعود إليه دون وسيط بينه وبين أبيه، يتوسط إليه من أجله، وذلك لأن عنده يقين قاطع بأنه لم يفقد شيئاً من امتيازه كأب لهُ. لأنه كأب لا يحتاج إلى إنسان آخر غريب يتوسل لأجله لديه، فمحبة الأب الحانية هي التي تتوسط وتتوسل وتلح من أعماق القلب. إن أحشاءه الأبوية هي التي ستدفعهُ أن يتبنى من جديد ابنه بإصدار الصفح الكامل عنه ببساطة دون مشقة ولا عناء أو تغصب. فمهما ما كان حال الابن، هو ابن لأبيه، يحق أن يذهب إليه الآن متكلاً على محبته الأبوية.
ولم نسمع أنه أوقفه في مجلس القضاء ليحكم على أفعاله، فهو لم يواجهة كقاضي، لأن أبوته تغلب، إذ قدم الغفران وأعلن البراءة، هذا لأنه يوَّد رجوع الابن لا إهلاكه لذلك احتضنه (لوقا 15: 20)، فهذه هي الطريقة التي يقضي الأب فيها ويُصلح ويؤدب: أنه يعطي بدلاً من العقوبة قبلة. فقوة المحبة لا تُقيم وزناً للخطية، ولذلك فأن الأب بقبلة يعفو عن ذنب ابنه، وبعواطفه الأبوية يغمره. الأب لا يفضح ولده، ولا يُشهر بابنه، بل يُضمد جروحه ويقدم العلاج الفعال للشفاء التام، حتى لا تترك أثراً لأي غضن أو عيب: طوبى لمن غفرت زلته وسترت خطيئته (مزمور 32: 1). فإذا كان الماضي المُشين لهذا الشاب يُثير فينا الاشمئزاز، وشروده يبعث فينا النفور، ويجعلنا نحكم، فلنحترس إذن ألا نبتعد عن مثل هذا الأب المحب. فأن مجرد رؤية هذا الأب في هذا المثل تكفي لأن تجعلنا نفرّ (نهرب) من الخطية ونتجنب الإثم، ونجحد كل الشرّ وكل غواية، لأن الرب يسوع قصد يظهر محبة الآب من نحونا، لكي نأتي إليه بكل شجاعة وإقدام، لأن عمل المسيح الرب أن يجذبنا للآب. "وإذ كان لم يزل بعيداً، رآه ابوه فتحنن وركض ووقع على عنقه وقَبلهُ" انظروا أيها الأحباء للمشهد، واحكموا بأنفسكم، الأب رأى ابنه من بعيد أتي من نحوه، فركض بسرعة ووقع على عنقه وقبله، فأي مكان هنا لليأس؟ أو أي مجال حتى للاعتذار، أو مظهر الخوف؟، اللهمَّ إلا إذا كنا نعتقد أنه للانتقام وليس للترحيب والصفح أن يأتي الأب ويجتذب ابنه من يده، بل ويشده إليه إلى صدره ويطوقه بذراعيه ويقبله. ولكن هذا الفكر المُضاد لخلاصنا والمنافي لواقع الحال يُصبح غير ذي بال، وبلا فحوى إذا رأينا ما يتبع ذلك: "فقال الأب لعبيده: أخرجوا عاجلاً الحُلة الأولى وألبسوه، واجعلوا خاتماً في يده، وحذاء في رجليه، وقدموا العجل المُسمن واذبحوه فنأكل ونفرح. لأن ابني هذا كان ميتاً فعاش، وكان ضالاً فوجِدَ" (لوقا 15: 22 – 24)، فبعد أن سمعنا هذا كله، أيُمكننا (الآن) أن نتباطأ في الرجوع إلى الآب (بالمسيح)؟! فانتبهوا للمكتوب لأنه مرتكز على تلك المحبة الأبوية المعلنة في إنجيل خلاصنااطلبوا الرب مادام يوجد، أدعوه وهو قريب. ليترك الشرير طريقه، ورجل الإثم أفكاره، وليتُب إلى الرب فيرحمه، وإلى إلهنا، لأنه يكثر الغفران. (أشعياء 55: 6 – 7) انتبهوا لعهد أعظم وأكمل وأثبت، لأننا في وقت الإصلاح الذي بين الله فيه محبته لنا، لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح من أجلنا، مات في الوقت المعين لأجل الفجار، حتى يجعل البعيدين قريبين بدمه، ويُطهر ضمائرنا من أعمال ميتة لنخدم الله الحي. لذلك أتعجب كل العجب عن الذين يتكلمون عن الغضب والانتقام الإلهي الخالي من روح الأبوة الظاهرة في هذا المثل العظيم الذي يخص العهد الجديد بالدرجة الأولى، والمرشدين الذي يرشدون المسيحي تحت الناموس الأول ناموس الجسد، أفعل ولا تفعل، كل ولا تأكل، هذا حرام وهذا حلال، ألبس ولا تلبس صوم بهذا الشكل، اسمع ولا تسمع.. الخ، كما أن البعض يحكم بالرفض والطرد والحرمان لمن أخطأ، يُعير ويذل الخاطي، أو يتكلم عن الحكم على غير المؤمنين وخطاة الأرض.. الخ، لأن هذا كله يظهر أن الإنسان مازال في عهد الحرف الأول، المناسب لحياة الإنسان في الجسد، لأنه إلى الآن لم يدخل في الروح، ولم يرى مجد ملكوت الله، ولم يتعرف على أبوة الله الظاهرة في المسيح يسوع، ولم يختبر الانقياد بالروح القدس، روح التبني والإرشاد للحق في المحبة، لذلك لا يستطيع أن يُقدم رسالة الإنجيل بإلهام الروح والقوة، بل يُقدم ما هو حسب العهد الأول الذي عُتق وشاخ، الذي كل ما فيه يتناسب مع حالة الإنسان الجسداني: إِذاً لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَالسَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ، لأَنَّ نَامُوسَ رُوحِ الْحَيَاةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَدْ أَعْتَقَنِي مِنْ نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ وَالْمَوْتِ، لأَنَّهُ مَا كَانَ النَّامُوسُ عَاجِزاً عَنْهُ فِي مَا كَانَ ضَعِيفاً بِالْجَسَدِ فَاللَّهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الْخَطِيَّةِ وَلأَجْلِ الْخَطِيَّةِ دَانَ الْخَطِيَّةَ فِي الْجَسَدِ، لِكَيْ يَتِمَّ حُكْمُ النَّامُوسِ فِينَا نَحْنُ السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ؛ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَسْتُمْ فِي الْجَسَدِ بَلْ فِي الرُّوحِ إِنْ كَانَ رُوحُ اللهِ سَاكِناً فِيكُمْ. وَلَكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ رُوحُ الْمَسِيحِ فَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ فَالْجَسَدُ مَيِّتٌ بِسَبَبِ الْخَطِيَّةِ وَأَمَّا الرُّوحُ فَحَيَاةٌ بِسَبَبِ الْبِرِّ، وَإِنْ كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِناً فِيكُمْ فَالَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ أَيْضاً بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُم (رومية 8: 1 – 4؛ 9 – 11) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|