رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خلقتني إنساناً كمحب للبشر كتبت فيَّ صورة سلطانك، ووضعت فيَّ موهبة النطق باركت طبيعتي فيك بهذه الكلمات البسيطة المُلهمة في نور أصالة عمقها اللاهوتيتنفتح أذهاننا على السرّ الفائق الخاص بنا نحن البشر، إذ تُعرفنا سرّ الخلق وحالة المجد الأول الذي كنا فيه، وتضعنا أمام الغاية والهدف الذي قصده الله في خلق الإنسان وعينه تاج الخليقة ورأسها؛ لكن فهم هذه الكلمات وإدراكها من جهة إعلان الحق وتذوق قوتها من الناحية الاختبارية في واقعنا المعاش تحتاج لاستنارة بالروح القدس، لأنه لا يُمكن بل ومن المستحيل أن يصل أحد لمعرفة الحق ويُعاين ويُشاهد غنى البركة والمجد الذي لهُ في المسيح – على نحوٍ خاص – حسب التدبير ويغرف منه ويشبع بدون فتح الذهن وإنارته بالروح القدس واستعلان غنى مجد الابن الوحيد المُعطى لنا في شخصه العظيم القدوس بسبب اتحاد اللاهوت بالناسوت. فدخولنا في طريق المعرفة الإلهية المُغيرة والمُجددة للقلبهو اقتياد بالروح للمسيرة في طريق الحق المُحرر للنفس، وهو يحتاج لتطهير وغسل الضمير من الأعمال الميتة لترتفع النفس بلا عائق أو مانع لتدخل لخدمة السماويات عينها حيث المسيح الرب جالس بجسم بشريتنا بمجد عظيم، لأنه أقامنا وأصعدنا معهُ وأجلسنا معهُ في السماوات، لكن هذه ليست نظرية وفكرة لاهوتية مخطوطة في الكتب بحبر على ورق، بل خبرة حقيقية يتممها فينا شخص المسيح الرب (بالتقديس والتنقية) حسب التدبير على مستوى الواقع في حياتنا الشخصية، لأن الآب لا يمنح أحد تلك المعرفة ويرتضي أن يسكن ذلك المجد وهو غير طاهر بطهر الإله الظاهر في الجسد، لأن المعرفة الإلهية النقية لا تسكن في حفرة وتُدفن في قبر مُدنس يكتنفه الظلام وتفوح منه رائحة الفساد، لأنها ستصير مثل النار الآكلة تُدين وتحرق، فمن صلاح محبته الفائقة الوصف ومعرفته لضعف طبيعتنا، فأنه لا يُعطي الأسرار الإلهية غير للذين تطهروا وتقدسوا في المسيح يسوع وتبرروا في الروح، وخرجوا من قبر الشهوات المنحرفة الرديئة والأهواء واستنشقوا قوة الحياة ودخلوا في حياة التجديد حسب القصد الأزلي والتدبير لكي يدخلوا راحته ويحيوا في مجده جالسين على مائدته الملوكية – بكل أريحية – مع جميع القديسين بكونهم رعية معهم من أهل بيت الله، لأن بكون المعرفة الإلهية تنبض بالحياة والقوة النقية فهي تحل بالمجد والبهاء في قلوب النفوس الشريفة التي اغتسلت وتطهرت بدم حمل الله رافع خطية العالم. فمعرفة شخص الله والأسرار الروحية السماوية،تختلف كلياً عن المعرفة الخارجية من جهة قراءة الكتب ودراستها بعمق على كل وجه مهما ما كانت صحتها، لأننا نتعرف من خلالها على الأفكار، وقد تجعلنا نتعرف على إله التاريخ في العهد القديم، أو مسيح التاريخ بالنسبة للعهد الجديد، وكل هذا لن يكون له أقل أثر في حياتنا الباطنية ولن يغيرنا عن شكلنا بتجديد أذهاننا لنختبر إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة، ولن ترفعنا لندخل السماويات عينها ونتعرف على الأسرار المجيدة التي للإله الحي ونخدم الله ونعرفه نور مُشرق بالمحبة التي تنبض بالقداسة والطُهر الفائق للطبيعة، لأن أي محاولة للدخول للمعرفة الإلهية بظلمة النفس التي لم تدخل في سرّ الخلاص وشفاء القلب وحياة التجديد ستصير مثل من يتناول الدواء مرة واحدة فيصير كالسم القاتل، أو كمن يمسك ناراً حارقة في يده أو سيف ذو حدين ولا يعرف كيفية امساكه عند الاستخدام، فيطعن به نفسه طعنات نافذة تُصيبه في مقتل، ولو أن القراءة والبحث الجاد لمعرفة الله يولد الشوق في النفس – إن كان هناك إخلاص في البحث – فتجعلها تصلي وتطلب أن يُشرق عليها نور وجه الرب: يَا رَاعِيَ إِسْرَائِيلَ اصْغَ يَا قَائِدَ يُوسُفَ كَالضَّأْنِ يَا جَالِساً عَلَى الْكَرُوبِيمِ أَشْرِقْ؛ لأَنَّ اللهَ الَّذِي قَالَ أَنْ يُشْرِقَ نُورٌ مِنْ ظُلْمَةٍ، هُوَ الَّذِي أَشْرَقَ فِي قُلُوبِنَا، لِإِنَارَةِ مَعْرِفَةِ مَجْدِ اللهِ فِي وَجْهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ (مزمور 80: 1؛ 2كورنثوس 4: 6) لكن المعرفة التي تأتينا بالاستنارة،بالرغم من أنها معرفة جزئية (لأننا سنعرف بعض المعرفة)، هي معرفة نابضة بالحياة، مملوءة بالحق الذي لهُ القدرة والقوة والسلطان، فأقل قدر منها يُشرق جمال نور الحق في قلوبنا بكماله ويبدأ يشكلنا ويُغيرنا عليه، ويترك أثره فينا الذي يولد شوق المحبة في باطننا لنسعى ونطلب مزيد من إشراقاته لتتشرب نفوسنا منه وتزداد في القامة والنعمة، فنصير حقاً نور العالم وملح الأرض، وكل من يرى أعمالنا الصالحة المعمولة بالله يمجد أبانا السماوي ويشكره ويسعى أن ينال تلك القوة عينها النازلة من فوق من عند أبي الأنوار. أيها الأحباء نحن في أشد الحاجة لتلك الاستنارةلكي نعرف حقيقة أنفسنا وندرك القصد الإلهي في الخلق الأول، ولماذا لم يتخلص الله من الإنسانية التي لم تثبت في مجدها الأول وسقطت باختيارها، بل ظل يرافقها بهدوء ويواجه ضعف الإنسان الساقط وفكره الغبي المحاط بالظلام الدامس من كل جانب بالإخلاء واحتمال كل حماقاته ومسيرته المعوجة، فأدبه وقومه وأعطاه الناموس عوناً وأرسل له الأنبياء وكلمه بطرق مختلفة عديدة وكثيرة جداً حسب ما يتناسب مع كل إنسان في كل جيل، وفي ملء الزمان حسب التدبير المعلن في النبوات أرسل ابنه الوحيد لكي يكلمنا فيه، الذي أعلن لنا نور الآب وبين محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا، مات في الوقت المعين – حسب التدبير – لأجل الفجار مقدماً لنا دعوة شريفة بمجده وفضيلته لنكون شركاء الطبيعة الإلهية، مقدماً دمه كفارة وغفران لتطهير ضمائرنا من أعمال ميتة لنخدم الله الحي في السماويات عينها في المسيح يسوع ربنا. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
خلقتني إنسانًا كمحب للبشر |
خلقتني إنساناً باركت طبيعتي فيك |
خلقتني انسانا كمحب للبشر |
خلقتنى أنسان كمحب للبشر |
يا مَن لأجل محبَّتكَ للبشر أرتضيت أن تكون إنساناً لتُخلِّصنا، |