الشهيد في الكهنة القديس يوسف الدمشقي
المسيحية اولا واخيرا شهادة للمسيح "ونحن شهود له" (5،41/32)، وكلمة شهيد تعني شاهد، وكانت تطلق في البدء على الرسل فقط، بصفتهم شهودا لحياة المسيح وموته وقيامته، كما اوصاهم الرب، "وتكونون لي شهودا" (41:1/8). وايضا اطلقت على كل من قبل الموت من اجل المسيح، باعتبار انه دخل في رؤية فعلية لوجه الحبيب. فالشهادة للمسيح حب لا يقف ازاءه اي حب آخر في العالم ولكي لا يأتي حب الشهيد للمسيح من فراغ، يطرح الشهيد الخوف لان المسيح حقيقته العظمى التي امسك بها، ان غلبة الشهيد للخوف هي غلبة كل شهوة وكل العالم معا.
هذا ما فعله وطبقه في حياته الشهيد في الكهنة الاب يوسف مهنا الحداد (الدمشقي) العلامة واللاهوتي الكبير، والنموذج في الفضيلة والتقوى. لذلك في العاشر من شهر تموز تعيد الكنيسة الارثوذكسية ليوسف الدمشقي آخر قديس اعلنت قداسته في كنيسة الانطاكية (1993).
سيرته
هو الاب يوسف بن جرجس موسى بن مهنا الحداد المعروف اختصارا باسم الخوري يوسف مهنا الحداد. وهو بيروتي الاصل، دمشقي الموطن. ولد في دمشق خلال ايار من العام 1793 من عائلة فقيرة تقية، تعلم العربية واليونانية، صار يعمل في نسج الحرير، يعمل نهارا ويدرس ليلا، زوجه اهله من فتاة دمشقية تدعى مريم الكرشة لابعاده عن "دراسة اللاهوت" الا ان زواجه لم يمنعه من تحصيل المعرفة اللاهوتية. سيم شماسا فكاهنا في اسبوع وهو في الرابعة والعشرين (1817). امتاز في وعظه بقوة الحجة والجواب الدامغ. كان دؤوبا في مؤاساة البؤساء، صبورا متواضعا وهادئا.
استشهاده
بدأت مجزرة العام 1860، في دمشق، في التاسع من تموز. يومها لجأ عدد كبير من المؤمنين الى الكنيسة المريمية، بعدما سدت دونهم منافذ الهرب، وكان الخوري يحتفظ في بيته بالذخيرة المقدسة، فأخذها في عبه وخرج باتجاه المريمية فوق سطوح المنازل، من بيت الى بيت الى ان انتهى الى الكنيسة.
امضى النهار والليل يشدد المؤمنين ويشجعهم على مواجهة المصير بلا خوف من الذين يقتلون الجسد لان النفس لا يقدرون ان يقتلوها. في صباح العاشر من تموز حصلت على كنيسة المريمية هجمة شرسة واخذ المهاجمون بالسلب والقتل والحرق فسقط كثيرون شهداء وتمكن الخوري يوسف من الخروج الى الازقة والطرقات.
وبعدما وصل الى الناحية المعروفة بمأذنة الشحم، عرفه احد المهاجمين فلما وقع نظره عليه صاح بمن كانوا معه: "هذا امام النصارى. اذا قتلناه قتلنا معه كل النصارى "واذ صاح الرجل بهذا الكلام ادرك الخوري يوسف ان ساعته دنت، فاخرج لتوه الذخيرة الالهية من صدره وابتلعها واذ بالمهاجمين ينقضون عليه بالفؤوس والرصاص حتى شوهوه ثم ربطوه من رجليه وراحوا يجرونه سحلا الى ان تهشم جسده.
