أخوتي الأحباء في الرب
سلام لنفوسكم جميعاً يا من تحبون ربنا يسوع
إذ رأيت أن اشترك معكم في ما قد قرأت مؤخراً للقديس اغريغوريوس الكبير في كتابة عن الرعاية ، وإذ شعرت أنه يتكلم لا عن زمانه بل عن زماننا واليوم وأنا أدعوا الجميع أن يتعمقوا في كلمات هذا القديس العظيم الذي أكد على عمل الرعاية وكيف ينبغي أن يكون الرعاة عن حق حسب القصد الذي دعاهم له الله ، وطبعاً الكلام يستشف منه كيف تكون الخدمة ...
أُأكد لكم لأن هذا الكتاب الرائع جداً ، فيه كل ما نريد أن نقول ، أترككم مع هذه الكلمات التي أتمنى أنها تصل لكل راعي وخادم يريد أن يرضي الله من له كل إكرام ومجد كل حين ...
في الرعاية للقديس اغريغوريوس الكبير
( الفصل السادس )
يجب أن يكون الراعي في تواضعه رفيقاً بمن يحيون حياة صالحة
وفي غيرته صارماً مع فاعلي الشرّ
ينبغي أن يكون الراعي متواضعاً رفيقاً بمن يحيون حياة صالحة ، وعليه كذلك أن يكون حازماً ضد فاعلي الشرّ وعليه إلا يتعالى على فاعلي الخير . كذلك عليه أن يُظهر قوة سلطانه في الحال حينما تستدعي خطايا الأشرار ذلك . وعليه أن يترك رتبته جانباً ويعتبر نفسه مساوياً لأصحاب الحياة الفاضلة وفي نفس الوقت عليه أن لا يتردد في تنفيذ قوانين الإصلاح ضد الأشرار والمعاندين .
... إن كل الناس خلقوا بطبيعتهم متساويين في البداية بينما تسببت الخطية في تقسيمهم إلى طبقات حسب أهوائهم المختلفة وهذا التقسيم إنما هو حكم إلهي ، فهناك رجل يحكم آخر حيث أنه لا يُمكن أن يكون جميع الناس على قدم المساواة .
لهذا السبب لا يجب أن ينظر أصحاب السلطان إلى قوة سلطانهم ولكن إلى الطبيعة المساوية بين البشر وعليهم ألا يجدوا لذتهم وسرورهم في التحكم في الناس ولكن في مساعداتهم لأننا نعلم أن آبائنا الأولين لم يكونوا ملوكاً بل رعاة غنم وعندما قال الله لنوح وأولاده : أثمروا وأكثروا واملئوا الأرض ( تك9 : 1 ) أضاف على الفور قائلاً : ولتكن خشيتكم ورهبتكم على كل حيوانات الأرض .
إن الخشية والرهبة فُرضت على كل حيوانات الأرض ، وليس على الناس . والإنسان بطبيعته يمتاز عن الحيوانات ولكن ليس على الناس الآخرين ، ولهذا قيل له أنه سيكون مرهوباً من الحيوانات ولكن ليس من الناس . ومن الواضح أن الخوف من شخص معناه سيادة هذا الشخص على الآخرين وهذا ضد النظام الطبيعي .
ومما يؤسف له أن الرعاة كثيراً ما يسقطون في الكبرياء نتيجة على الآخرين ، فعندما يرى الراعي أن كل أوامره في الخدمة تُنفذ بسرعة حسبما يُريد ، والرعية كلها تمدحه على حسن تصرفه وهي لا تملك نقد تصرفاته الخاطئة بل إنها تمدحه حيث كان يجب أن تذمه . إذ يرى الراعي كل ذلك يتصلف قلبه الذي ضل الطريق لسوء فهم رعيته .
وبينما هو محاط في الخارج بمظاهر الاحترام يكون قلبه خالياً تماماً من الحق إذ يتناسى قدر ذاته ، وهو ينصت إلى مديح الآخرين مؤمناً بما يقوله الناس عنه ، وليس بما ينبغي أن يحكم به هو على نفسه في باطنها ، وفي كل هذا يظن أن أفراد الرعية أقل شئناً منه وغير مساويين له حسب النظام الطبيعي ، معتقداً بأنه يمتاز بميزات شخصية في حياته عن أولئك الذين يفوقهم بحكم مركزه وهكذا يعتقد أنه أحكم جميع الناس لأنه يفوقهم في السلطان وأنه على جانب عظيم من الرفعة في عين نفسه ، ومع أن هناك حدوداً تفرض المساواة في الطبع البشري فإنه يكره أن ينظر إلى الآخرين على أنهم متساوين معه .
وهو في هذا يجعل نفسه شبيهاً بمن يقول عنه الكتاب المقدس " يشرف كل متعال. هو ملك على كل بني الكبرياء "( أي 41 : 34 )
ومثل ذلك الذي نظر إلى الكبرياء الذاتي واحتقر الحياة مع الملائكة قائلاً : " وأجلس على جبل الاجتماع في أقصى الشمال ، وأصعد فوق مرتفعات السماء ، وأصير مثل العلي " ( إش14: 13 )
وبينما هو في الخارج يرفع نفسه إلى قمة المجد والقوة كان في الباطن يحضر هاوية السقوط ، إن الإنسان يصبح كالملاك الجاحد حينما يحتقر كونه مثل بقية الناس رغم أنه إنسان عادي فعلاً ...