نيقولاوس يعلّمنا اليوم
نعيّد اليوم للقديس نيقولاوس الذي تعتبره الكنيسة أسقفًا بارّا وجعلته نموذجا لرؤساء الكهنة وللكهنة بصورة عامة، وهو نموذج وقدوة للمؤمنين جميعًا.
ما يمكننا أن نستخلصه من سيرته هو انه عرّف بالدرجة الأولى عن الإيمان. لقد دُعي الى المجمع المسكوني الأول (نيقية ٣٢٥) حيث سُنّ دستور الإيمان: «أومن بإله واحد آب ضابط الكل» الذي نتلوه في القداس الإلهي. وقد اشترك القديس نقولاوس في وضعه وصياغته منذ نحو ١٧٠٠ سنة. نرتّل في طرروبارية القديس (ترنيمة العيد): «لقد أظهرَتْك أفعالُ الحق لرعيتك قانونًا للإيمان» أي ان إيمان نيقولاوس إيمان حق يُقاس به كل إيمان.
كان نيقولاوس راعيًا لمدينة صغيرة تُدعى ميرا تقع في مقاطعة ليكيا في جنوب تركيا ليست بعيدة عن مرسين. برز بالدرجة الأولى معلّمًا، وهذا ما يُطلب من المطران، ومن الكاهن بعامة، ان يُعلّم الإنجيل كما تفهمه الكنيسة المقدسة.
كان نيقولاوس منقذًا لشعبه عن طريق رفع الظلم عن المظلوم، ويهتمّ بكل فئات الشعب ولا سيما المحرومين منهم. كان يفتقد الأرامل واليتامى والصبايا والشباب ويهتمّ بالأطفال. ولهذا نطلب من المطران أن يكون قريبًا من الفقراء وكل من ليس لهم من يهتمّ بهم. ان عمل المطران، وبالتالي عمل الكاهن، أن يكون مع الصغار، أن يعلّم المساكين ويفتقدهم.
تقرأ علينا الكنيسة في عيده مقطعًا من الرسالة إلى العبرانيين يقول: «أَطيعوا مدبّريكم واخضعوا لهم فإنهم يسهرون على نفوسكم سهر من سيعطي حسابا».
يعرف بولس أن الرعاة في أيامه يسهرون على نفوس الرعية. الرعاة في كل زمان يحقّ لهم ان يطلبوا الطاعة الا إذا كانوا يسهرون على نفوس الرعية. وفي الحقيقة إذا عرفتْ هذه أن رؤساءها يسهرون عليها تُطيعهم.
هنا تذكير للكهنة ورؤساء الكهنة انه لا يحق لهم أن يطلبوا الطاعة الا إذا عرفوا أنفسهم ساهرين على الرعية. لماذا جيء بهم رعاة إن لم يكونوا كذلك؟
نيقولاوس جاهد الجهاد الحسَن وسلك على خُطى السيّد حتى سطع منه على رعيّته نورُ المسيح. وها هي الكنيسة اليوم في عيده تجتمع لتفرح بسطوع النور عليها من نيقولاوس، وإذا فرحت بالنور، تتعلّم بدورها وتستنير.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)