الإرهاب المقنن ينطلق عبر الميكروفونات بأصوات متداخلة فيها الأئمة يتفننون فى الدعاء على هؤلاء
أحيانا يصحو الإنسان من النوم بعد كابوس أفزعه. كابوس لا علاقة له بالواقع. إلا أن هالة الفزع تظل ممتدة لبعض الوقت بعد الاستيقاظ. حدث لى الأمر نفسه. بعد أن قرأت رواية «بيت القبطية». للقاضى الروائى أشرف العشماوى. تتناول فى مجملها العلاقات بين المسلمين والأقباط فى مصر'>صعيد مصر. أحداث من نسج الخيال. تأتى تماما مثل الحلم. انتهيت من الرواية مفزوعًا. فكانت بالنسبة لى مثل الكابوس. انتبهت إلى شىء خطير. حدث فى غفلة منا ولم ننتبه إليه. هو أهمية وخطورة تطوير الخطاب الدينى. بالتأكيد هو ليس ترفاً ثقافياً. نحاول من خلاله أن نفهم الدين بطريقة تواكب العصر. الأمر أخطر من ذلك بمسافات. فتجديد الخطاب الدينى مسألة أمن قومى. إذا كان الإرهاب المباشر المرئى يتمثل فى جماعات أو أشخاص لديهم سلاح. يمارسون العنف والقتل ضد الأبرياء. بحجة أنهم على حق والجميع على باطل. هذا إرهاب نحاربه بوسائله. فى المقابل هناك إرهاب شرعى غير مباشر. إرهاب مقنن. فى غفلة منا تركناه ينمو بيننا. إلى أن تمكن من عقول المصريين. فأدى إلى تغيير وعيهم. جعلهم يرفضون الآخر بأنواعه. لهذا الإرهاب أدواته. تأتى جميعها بحماية الدولة ورعايتها. من خلال الزوايا التى تنتشر فى كل مكان كالنار فى الهشيم. زوايا يرعاها مبشرو الوعى الجديد. خريجو التعليم الدينى والمعاهد الأزهرية. التى كانت فى الخمسينيات لا تتجاوز 5 معاهد. اليوم تزيد على 15 ألف معهد أزهرى. لا يلتحق بها غير المسلمين. تمكنت أن يصبح لها كليات تشمل التعليم الجامعى بأنواعه. ممنوعة على غير المسلمين. من كل هذا يتم قذف مئات الآلاف من الطلبة بمفاهيم سلبية كارهة للآخر. فجاءت خطب الجمعة. تنطلق عبر الميكروفونات بأصوات متداخلة. فيها الأئمة يتفننون فى الدعاء على الكافرين. وتحديدهم باليهود والنصارى. أين نتوقع أن يصبح وعى الشباب من كل هذا؟. ثقافة تنفى الآخر. لم يعد الآخر هو فقط المختلف فى الدين. بل فى أحيان كثيرة تكفير الآخر من الدين نفسه. حتى لا نستغرب؛ مظاهر كثيرة أصبحت دخيلة على مجتمعنا. أزياء تغطى الوجه أو الرأس. تبادل التحية والسلام والعزاء أصبحت له مفردات بلغة جديدة. تمسكنا بتلابيب المظاهر والشكليات. وتركنا مقاصد الدين. كل دين وأى دين. فهل هناك ديانة تدعو مثلاً إلى القتل أو السرقة. أو الفتنة والكذب؟.
هذا الخبر منقول من : المصري اليوم