“ولـكِنْ، لَمَّا بَلَغَ مِلْءُ الزَّمَان”ّ!
وأَقُول: إِنَّ الوَارِثَ، مَا دَامَ قَاصِرًا، لا يَخْتَلِفُ عنِ العَبْدِ بِشَيء، معَ أَنَّهُ سَيِّدٌ على كُلِّ شَيء. لـكِنَّهُ يَبقَى تَحْتَ الأَوْصِيَاءِ وَالوُكَلاء، إِلى الوَقْتِ الَّذي حَدَّدَهُ الأَب. وهـكَذَا نَحْنُ أَيْضًا: لَمَّا كُنَّا قَاصِرِين، كُنَّا مُسْتَعْبَدِينَ تَحْتَ أَركَانِ العَالَم. ولـكِنْ، لَمَّا بَلَغَ مِلْءُ الزَّمَان، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَولُودًا مِنِ امْرَأَة، مَولُودًا في حُكْمِ الشَّرِيعَة، لِكَي يَفْتَدِيَ الَّذِينَ هُم في حُكْمِ الشَّريعَة، حتَّى نَنَالَ التَّبَنِّي. والدَّليلُ على أَنَّكُم أَبْنَاء، هُوَ أَنَّ اللهَ أَرْسَلَ إِلى قُلُوبِنَا رُوحَ ابْنِهِ صَارِخًا: “أَبَّا، أَيُّهَا الآب!”. فأَنْتَ إِذًا لَمْ تَعُدْ عَبْدًا، بَلْ أَنْتَ ابْنٌ، وإِذَا كُنْتَ ابْنًا، فأَنْتَ أَيْضًا وَارِثٌ بِنِعْمَةِ الله. قراءات النّهار: غلاطية ٤: 1-7 / متّى 12 : 46-50
التأمّل:
“ولـكِنْ، لَمَّا بَلَغَ مِلْءُ الزَّمَان”ّ!
حين نصغي إلى هذه العبارة، نشعر بنبض قلبنا يتسارع وكأنّنا في سياقٍ مشوّق تمهيداً لوصول من نحبّ!
لخّصت هذه الكلمات شوق النّاس وانتظار العباد للفداء الّذي بدأ يتمّ “حين أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَولُودًا مِنِ امْرَأَة”…
قمّة التواضع أن يصبح الله إنساناً “مَولُودًا في حُكْمِ الشَّرِيعَة” أي خاضعاً لما أوحى به وساهم الإنسان في تفصيله التي أودت إلى شريعةٍ أقرب إلى التعليمات منه إلى روح الحريّة التي أرادها الله لبنيه ولبناته ولذلك أتى “لِكَي يَفْتَدِيَ الَّذِينَ هُم في حُكْمِ الشَّريعَة، حتَّى نَنَالَ التَّبَنِّي”. ولم يكتف بتبنّينا بل جعلنا أَبْنَاء” إذ “أَرْسَلَ إِلى قُلُوبِنَا رُوحَ ابْنِهِ صَارِخًا: “أَبَّا، أَيُّهَا الآب!”.