رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لماذا يمر الوقت ببطء شديد في أوقات الخطر؟ عندما كنت صغيرة أنتظر مشاهدة مسلسلي المفضل كانت لحظات الانتظار طويلةً جدًا، ولحظات الاستمتاع بمشاهدته طويلةً أيضًا، وكلما تقدمت في العمر شعرت بسرعة مرور الأوقات وأنّ كل شيء يمر سريعًا لا يمكنني اللحاق به! يمر الوقت سريعًا عند مشاهدة فيلم مشوق أو قضاء إجازتك في مكان جميل، عند توجيه تركيزنا بالكامل على شيء محدد لا نشعر بمرور الوقت، فيبدو لنا الوقت أقل مما كان عليه في الواقع. فهل يمكننا التحكم في سرعة مرور الوقت؟ يمر الوقت ببطء شديد جدًا في المواقف المرتبطة بالخوف والخطر، وتشير دراسات عديدة أنّ الخوف والملل والانتظار تشعرك ببطء مرور الوقت بجانب بعض حالات اليقظة غير مرتبطة بالخوف يبطئ فيها الوقت أيضًا مثل أوقات التأمل العميق، أو تحت تأثير عقاقير الهلوسة LSD. ويمر الوقت ببطء في حالات الانتظار والملل؛ نتيجة عدم تركيزنا على أي شيء محدد خلال تلك اللحظات فينصب تركيزنا فقط على مرور الوقت ما يشعرك بأنّه يمر ببطء. عند إجراء بعض التجارب مثل قيام بعض الطلبة بالنظر إلى عنكبوت لمدة 45 ثانية وسؤالهم كم استغرقت التجربة، كان تقديرهم لوقت التجربة أكبر من الوقت الحقيقي، كذلك عند سؤال من يقومون ببعض المغامرات والرياضات الخطرة مثل: القفز من طائرة أو المشي على الأسلاك كان تقديرهم للوقت أطول أيضًا من الوقت الذي استغرقته المهمة. لاختبار فكرة رد فعل المخ السريع في لحظات الخوف، قام بروفيسور الأعصاب David Eagleman مع فريقه بكلية الطب في جامعة Baylor College بإجراء تجربة سقوط 15 متطوع من ارتفاع 150 قدمًا دون حبال، ولكن بوضعهم داخل شبكة خاصة تحميهم من الوقوع مع ربط جهاز هندسي محاكي للساعة حول معاصمهم يدعى “perceptual chronometer” يعمل على إظهار أرقام عشوائية بسرعة. يقول David Eagleman عن التجربة: “إنّها أخطر تجربة قمت بها رغم توفر عوامل الأمان فيها ولكنها الطريقة المثالية التي تضع المتطوعين في تلك الحالة التي يشعرون ببطء الوقت والخطر، مما يثبت فرضية مرور الوقت ببطء عند الشعور بالخوف”. فمع افتراض فكرة سرعة أداء المخ في أوقات الخوف سيشعر المتطوعون أثناء سقوطهم ببطء الوقت ما يجعلهم يقرأون الأرقام السريعة التي تظهر في الجهاز، وبالفعل هذا ما حدث لقد أدرك المتطوعون الأرقام التي ظهرت بأداء أفضل مما كانوا عليه في الوضع الآمن لهم بالمعمل. وعند سؤال المتطوعين عن توقعهم للوقت الذي استغرقته تجربة السقوط كان تصورهم للوقت أطول بنسبة 36% عن الوقت الحقيقي للتجربة. للتأكد من تلك الفرضية كرر “ديفيد” وزملاؤه التجربة مع زيادة سرعة ظهور الأرقام على الجهاز بالتدريج حتى يصل إلى سرعة تفوق قدرة استيعاب الإنسان العادي، تعرف المتطوعون على الأرقام حتى زادت سرعتها عن الحد لم يستطيعون إدراكها، ما يثبت عدم صحة تلك الفرضية. إذًا ما التفسير العلمي ببطء مرور الوقت عند الشعور بالخوف؟ اختلف العلماء في وضع تفسير الظاهرة لذا لدينا عدة احتمالات منها: افتراض تأثر الخلايا العصبية أو النفسية بالحدث المخيف فيرد المخ بهذه الخدعة كوسيلة مساعدة للبقاء على قيد الحياة، فتلك الخدعة توفر لنا فرصة أكبر للنجاة عند تعرضنا لموقف طارئ خطير لما تتيحه لنا من وقت يساعدنا على التفكير في إصدار رد الفعل المناسب للموقف. التفسير الآخر يفترض أنّ المواقف الخطيرة تسبب لنا الكثير من الانطباعات والتوقعات التي يحاول المخ استيعابها ما يسبب نشاط منطقة amygdala في المخ، فتصبح المواقف المخيفة مرتبطة باستدعاء عدد كبير من الذكريات المرتبطة بالتعامل مع المواقف المشابهة، وكلما كان لديك ذكريات كثيرة بخصوص موقف ما كلما مر عليك الوقت ببطء أكثر عن وقته الواقعي، كما تشكل تلك المواقف مجموعة كبيرة من الذكريات التي نسترجعها بعد انتهاء تلك الأوقات نشعر من خلالها كم كان الوقت طويلًا حقًا عند المرور بتلك التجربة! يتوقف إدراك حواسنا للوقت على مقدار الطاقة التي يستخدمها المخ في ذلك الموقف، ويبدأ المخ في استخدام آلية الطاقة لإدراك الأوقات منذ عمر الخامسة، وذلك سبب شعورنا بأن الأوقات تمر بسرعة كلما تقدمنا في العمر، لذلك يشعر الأطفال أن لحظات سعادتهم طويلة مثل إجازة الصيف، في حين أنّ الكبار يشعرون بأنّ الأيام تجري سريعًا، فكل تلك الحالات المختلفة تعتمد على حالات الوعي والإدراك. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|