رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العار بقلم – محمد سليمان: من أكبر عيوب مهنة الكتابة هي أن تدرك انك غالبا لن تغير شئ بكلماتك.. تتحدث إلى شخص يضع ''اللاب توب'' او جهاز الكومبيوتر بالقرب منه، يستمع للاغانى الصاخبة.. يفكر فى مدفع الافطار والوليمة الشهية التى تنتظره.. يقرأ مقالك ويهز رأسه فى أسف ثم يواصل ما كان يفعله وقد تناسى تماما ما قرأه لتوه.. ولكنك رغم ذلك تكتب. تتساءل عن العار الذى اتحدث عنه.. أنه عارك يا صديقى.. عارنا جميعا.. عار البشرية الذى يلاحقها منذ مئات السنين والتى لازالت ترضى أن تعيش به لسنوات قادمة. أن توافق على ان تعيش حياة كتبت لك بيد غيرك.. أن تسير على طريق من الفقر والمرض والجهل وانت راض تتحدث عن الامر الواقع والنصيب .. ترى الاف يموتون يوميا جوعا وعطشا وخوفا وهربا من ظروف وضعنا فيها بايدنا وبيد اخرين، وانت غير عابئ غير قادر على أن تعترض.. هذا هو العار. فى مصر.. وصلت نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر الى 25% من نسبة السكان طبقا لاخر احصائية فى بداية 2012، أى أن نحو 20 مليون مصرى لا يجدون قوت يومهم. على مستوى القارة الافقر – افريقيا – فالجياع يمرون برحلة تتعدي العام الكامل، كى يصلوا لإحدى دول الشمال كى يعبروا نحو النجاة – كما يعتقدون – إلى أوروبا، ولكنهم غالبا من يقتلون على السياج الحدودية او يغرقون فى البحار. نحو 123 دولة من اصل 192 دولة هى كل دول كوكب الارض تتواجد فى النصف الجنوبى من الكرة الارضية، هذه الدول تعانى من ديون بغت اكثر من الف و200 مليار دولار. على مستوى العالم، يموت طفل دون العشر سنوات كل 5 ثوانى من الجوع، يفقد مواطن بصره كل 4 ثوانى بسبب سوء التغذية، ونحو 852 مليون شخص يعانون من نقص تغذية حاد. اللعبة الغربية تتضمن ان تحتفظ بنسبة ديون عالية على الدول النامية، التى بواقع اقتصاديتها الهشة والطاغة الافقين الحكامين لها، تتمكن بالكاد من الالتزام بسداد الفوائد المقررة على الديون فحسب، فلا تجد من الامكانات ما يؤهلها لتنفيذ اي خطط تنمية لتغيير الوضع السائد منذ مئات السنين. لا يكتفى الغرب بذلك، ولكنه ينفق مئات المليارات كدعم لشركات التصدير الزراعى، كى تتمكن من اغراق اسواق الدول النامية بالسلع الغذائية بأسعار لا قبل لشركات الاخيرة بمنافستها، لتواصل هذه ارباحها، وتفلس شركات الاخرى وتتوقف عن العمل وتنتشر البطالة ويزاد الفقر. منظمة الغذاء العالمية ''الفاو'' اعلنت فى تقرير شهير ان المحاصيل الزراعية المنتجة سنويا تكفى لاطعام اكثر من 12 مليار شخص، بينما كل تعداد سكان العالم لم يتجاوز الـ 7 مليار نسمة.. فلماذا يموت الالاف جوعا اذن؟ الفقراء مسؤولون عما يحدث بشكل شبه تام، لا تطلب من القوى الغنى أن يرحمك، وإنما عليك أنت أنت تصبح أقوى لتدافع عن نفسك من الانقراض، فما بالك بكونك لا تعترض حتى على ما تعانيه، تبقى على حكومات متواطئة او غبية أو مأجورة تواصل دفعك للموت جوعا، تبيع كل شئ للمستثمر الأجنبى الذى يفرض شروطه على الجميع. الغرب يسكت عن هذه المأسى لأنه من يفعلها، لأنه المستفيد منها، لأنها لا تؤثر عليه، ولكن لماذا نسكت نحن .. لماذا ترضخ الضحية فى انتظار السيف لينهى كل شئ؟ الجميع يعرف هذه الحقائق، بعضهم يخرج فى تظاهرات موسمية للاعتراض والشجب والادانة ثم يعود لمنزله راضيا عن نفسه، الاخرون يتحججون بالواقع والظروف ويواصلون العمل لنحو 15 ساعة يوميا للحصول على ما يكفي لسد الرمق، بينما يكتفى الباقية بالاستمتاع بما يملكون مغلقين أعينهم عن الواقع المرير المحيط بنا جميعًا الشئ الجميل رغم ذلك.. هو أنك بعد أن قرأت كل هذا، ستهز رأسك حزينا محبطا.. سينتابك الصمت لبضع ثوانى، ثل ستتحول لصفحتك على الفيسبوك لتجد بوست على صفحة صديق فتندفع للتعليق المرح وتنسى كل ما قرأت تماما، لتعود بعد أعوام من الآن عندما تريد الزواج أو تفقد وظيفتك، لتلعن الظروف والبلد والجميع، متسائلا فى حسرة، لماذا؟. للتواصل مع الكاتب |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|