*تذكار بشارة سيّدتنا مريم العذراء*
قال لوقا الانجيلي: ي الشهر السادس ( من الحبل بيوحنا)، أرسل الملاك جبرائيل من قبل الله، الى مدينة في الجليل تسمى الناصرة، الى عذراء مخطوبةٍ لرجل اسمه يوسف من بيت داود، واسم العذراء مريم. فلمّا دخل الملاك اليها، قال لها:
" السلام عليك يا ممتلئة نعمة، الرب معك". فاضطربت مريم وجعلت تفكّر ما عسى أن يكون هذا السلام. طمأنها الملاك على حفظ بتوليتها، مؤكداً لها أن هذا السر يتم في حشاها بقوة الروح القدس. فوثقت بكلامه، وقالت متضعة:" ها أنا أمة الرب، فليكن لي بحسب قولك، وانصرف من عندها الملاك" ( لوقا 1: 26- 38). فبذلك أوضح لنا الانجيلي، بأجلى بيان، عن حقيقة سر التجسد الالهي التي عليها يرتكز الدين المسيحي. انها لأسعد بشرى تزفُّها السماء الى الارض. وبها أتمَّ الله وعده بخلاص الجنس البشري بعد السقطة الآدمية، اذ قال للحية اي ابليس:" وأجعل عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها، فهو يسحق رأسك..." ( تك 3: 15)، "ولما بلغ ملء الزمان، أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة، مولوداً تحت الناموس" ( غلاطيه 4:4).
وقد وعد الله ابراهيم بأن المخلص يأتي من نسله. وقال بلسان موسى:" ان الرب يقيم لكم مخلِّصاً من اخوانكم". " فالكلمة صار جسداً وحل بيننا" (يو 1: 14). وقد اعطى الملاك للعذراء علامة وهي حبل نسيبتها اليصابات العاقر. فقالت مريم:" ها أنا أمة الرب، فليكن لي بحسب قولك" (لو 1: 38). وقد حفلت النبوءات بسر التجسد منذ القديم، وحسبنا آية اشعيا الشهيرة:" ها ان العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل" (اشعيا 7: 14). وقد تم هذا السر في احشاء سيدتنا مريم العذراء بقوة الروح القدس. فَأَتحَدَ الكلمةُ الازلي طبيعتَنا البشرية بأقنومه الآلهي القائم بطبيعته الالهية والبشرية، كاملتين متميزتين بفعليهما الإلهي والبشري.
فقد تجلت محبة الله الغير المتناهية لنا في سر التجسد كما يقول يوحنا الرسول "لقد أحب الله خاصته والى الغاية أحبهم!".
أقر الله سلامه ونعمته في قلوبنا وضمائرنا. آمين!...