رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
«رَئِيسٌ ... حَزِنَ، لأَنَّهُ كَانَ غَنِيًّا جِدًّا» (لوقا18: 23) «زَكَّا، وَهُوَ رَئِيسٌ لِلْعَشَّارِينَ وَكَانَ غَنِيًّا ... قَبِلَهُ فَرِحًا» (لوقا19: 1-6) المال يُعطيه الله للإنسان لبركته وخيره، ولكن كثيرًا ما يجعل منه البشر صنمًا يتعبدون في محرابه (مت6: 24) . والمال هو أكثر المقتنيات التي لا تُشبع صاحبها؛ إنه يستطيع أن يشتري أي شيء ما عدا الفرح والسعادة وراحة الضمير. إنه، ولا شك، يرفع عن الكاهل بعض الهموم ، ويحلّ بعض المشكلات، ولكنه يُجلب معه همومًا أخرى موازية للتي رفعها؛ فالتعب يُرافق عملية الحصول عليه، والقلق يُلازم محاولة الحفاظ عليه، كما أن استخدامه لا يخلو من تجارب، وسوء استعماله يقود إلى الشعور بالذنب ، وفي خسارته حزن وأسى، وكيفية إنفاقه واستثماره تصحبها الحيرة. ومحبته أصلٌ لكل الشُّرُورِ (1تي6: 10)، فهي تفجر الطمع، والحسد، والأنانية، والتنافس البغيض، والنزاعات والخلافات. والناس في سعيهم المحموم وراء المال يُهملون الأمور الروحية، وتضيع منهم فرصة خلاصهم. ولكن العجيب أن الناس يهتمون بالمال أكثر بكثير من اهتمامهم بالسماء. صحيح أنهم يرغبون في الوصول إلى السماء بعد الموت، ولكنهم يريدون أن يتمسكوا بهذه الدنيا بقدر إمكانهم ما داموا في الحياة. فهم يتمنون لو أنهم يرثون الحياة الأبدية، دون التفريط في متاع الحياة الدنيا. وفكر كهذا باطل، لأنه من المستحيل الجمع بين السماء والجحيم، المسيح والشيطان، النور والظلمة. وفي أصحاحين متتاليين في إنجيل لوقا نقرأ عن رجلين غنيَّين: رئيسٌ شابٌ غنيٌّ (لو18: 18-27)، ورئيسٌ للعشارين غنيٌّ (لو19: 1-10). وقف المال عثرة قاسية في طريق الرئيس الغنيّ. لقد جاء فرحًا إلى المسيح، ومضى حزينًا «لأَنَّهُ كَانَ غَنِيًّا جِدًّا». فصلت محبة المال بينه وبين المسيح، فظل بعيدًا عن دائرة ملكوت الله. لكننا في لوقا 19 نرى الصورة العكسية لرئيس عشارين غنيّ، [IMG][/IMG] يبدو أن كل ماله وثروته لم تحقق له البهجة والفرح، حتى التقى بالمسيح «وَقَبِلَهُ فَرِحًا». والرئيس الغنيّ يُعطينا صورة لهذا الفريق من الناس الذين يُريدون أن ينتفعوا بالدين والدنيا في وقت واحد. فقد كان ذلك الرئيس ينظر إلى الدين من الوجهة الناموسية، وفي الوقت نفسه كان مرتبطًا بمحبة المال . كان قلبه يُحب العالم، مع وجود مشاعر دينية تُسبب عدم راحة النفس . إنه لم يكن رجلاً فاسدًا يبحث عن الشهوات الجسدية، بل متدينًا، وفي الوقت نفسه يبحث عن المال ، ودائم التفكير في ثروته، وأيضًا في مستقبله الأبدي. كان الرجل لا يُدرك عمق تعلقه بالمال، فوضع المسيح أمامه امتحانًا كشف الضعف القاتل فيه: «بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَوَزِّعْ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». ولم يكن عيبه على الأرجح في طريقة تحصيل المال ، إذ لا يبدو من القصة أنه لجأ إلى أساليب فاسدة أو شريرة في تحصيله، لكن عيبه القاتل كان في مكانة المال من قلبه. كان عليه أن يُدرك - بالامتحان الذي وضعه المسيح أمامه – أن الله ليس له المكان الأول في قلبه، بل يأتي تاليًا وعلى مسافة بعيدة من المكان الأول الذي يحتله المال! وبناءً على ذلك نطق الرب بتعليم أدبي عظيم «مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ! لأَنَّ دُخُولَ جَمَلٍ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ! فَقَالَ الَّذِينَ سَمِعُوا: فَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟ فَقَالَ: غَيْرُ الْمُسْتَطَاعِ عِنْدَ النَّاسِ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ». أما زكا؛ رئيس العشارين الغني، الذي من أريحا، فهو يبرهن هذا الحق العظيم الذي نطق به الرب «غَيْرُ الْمُسْتَطَاعِ عِنْدَ النَّاسِ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ». لم يكن عدم راحة ضمير زكا هو المحرك له، ولكنه كان مُجتذبًا من الآب إلى الرب يسوع، ولذلك «طَلَبَ أَنْ يَرَى يَسُوعَ مَنْ هُوَ». لم يكن ينظر إلى نفسه بصفته عشارًا غنيًا، بعكس الرئيس الغني الذي لم ينسَ قط أنه غنيٌّ. وزكا في نسيانه لنفسه تمامًا، اخترق الجموع، وتسلق أحد الأشجار، مُستهينًا في ذلك بكل ما تُمليه عليه الكرامة والوقار. كان يُريد فقط أن يرى يسوع. وأعلن له المسيح بشارة الخلاص المُفرحة، رغمًا عن كونه عشارًا، وغنيًا، ومن أريحا. وظهرت نعمة الله العظيمة، أول ما ظهرت، في ذلك التحول العجيب في مشاعر زكا تجاه المال . لقد كان المال معبوده الذي من أجله طُوِّحَ به بعيدًا، لكنه بعدما تقابل مع الرب يسوع ، إذ به يذهب إلى النقيض، دون أن يطلب منه الرب شيئًا. لقد ترك نصف أمواله للمساكين، ومن النصف الآخر سدد ما كان قد أخذه، بل وعوَّض أربعة أضعاف. فماذا بقيَّ له، وهو يُطوح بالمال بهذا الأسلوب؟! كان له المسيح الكافي لشبع وفرح القلب |
14 - 09 - 2018, 11:41 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أفراحٌ وأحزانٌ أو رجلان غنيَّان
بل وعوَّض أربعة أضعاف. فماذا بقيَّ له، وهو يُطوح بالمال بهذا الأسلوب؟!
كان له المسيح الكافي لشبع وفرح القلب أفراحٌ وأحزانٌ. أو رجلان غنيَّان |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
جمالٌ بدل الرماد أفراحٌ بدل النواح |
رجلان ينامان في ظل كيس قماشي |
المرأة لا تنسى رجلان |
أفراحٌ وأحزانٌ. أو رجلان غنيَّان |
اول مائدة رحمان |