موضع تأملنا اليوم هو
اَلْمَزْمُورُ الثَّالِثُ
مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ حِينَمَا هَرَبَ مِنْ وَجْهِ أَبْشَالُومَ ابْنِهِ
1يَا رَبُّ مَا أَكْثَرَ مُضَايِقِيَّ. كَثِيرُونَ قَائِمُونَ عَلَيَّ. 2كَثِيرُونَ يَقُولُونَ لِنَفْسِي: [لَيْسَ لَهُ خَلاَصٌ بِإِلَهِهِ]. سِلاَهْ. 3أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَتُرْسٌ لِي. مَجْدِي وَرَافِعُ رَأْسِي. 4بِصَوْتِي إِلَى الرَّبِّ أَصْرُخُ فَيُجِيبُنِي مِنْ جَبَلِ قُدْسِهِ. سِلاَهْ. 5أَنَا اضْطَجَعْتُ وَنِمْتُ. اسْتَيْقَظْتُ لأَنَّ الرَّبَّ يَعْضُدُنِي. 6لاَ أَخَافُ مِنْ رَبَوَاتِ الشُّعُوبِ الْمُصْطَفِّينَ عَلَيَّ مِنْ حَوْلِي. 7قُمْ يَا رَبُّ. خَلِّصْنِي يَا إِلَهِي. لأَنَّكَ ضَرَبْتَ كُلَّ أَعْدَائِي عَلَى الْفَكِّ. هَشَّمْتَ أَسْنَانَ الأَشْرَارِ. 8لِلرَّبِّ الْخَلاَصُ. عَلَى شَعْبِكَ بَرَكَتُكَ. سِلاَهْ.
مقدمة :
كما يذكر الكتاب المقدس عن ظروف كتابة هذا المزمور أنه كتب في التوقيت الذي كان يسعي فيه داود نحو الهروب من أبنه أبشالوم و ما أصعب أن يصل الأمر بنبي عظيم مثل داود ( من الؤكد أنه أدب أبنه و أحبه ) فكيف يضطهده أبنه و يسعي لقتله و التخلص منه لأجل الحصول علي المُلك // لو كنت حينها موجود لقلت له يا حبيبي لو كنت تبحث عن مُلك فالملك سيكون لك فأنت الوارث و لكن أبيك الذي يحبك كيف تغدر به // بالطبع هذا أمراً مُراً و بالتأكيد كانت حالته النفسيه صعبه مما جعل حياته متوتره أكثر فأكثر .
أجد في هذا المزمور عزاءاً لكل من هو في ضيقة
ففيه مناجاة لله الأب مخلصنا جميعاً
يبدأ معلمنا داود النبي المزمور بمناجاه من قلب يعصره الألم و يقول له
يارب . يارب . لماذا كثر الذين يحزنونني
يسأل الله باحثاً عن رداً عن سبب ما يلاقيه . يصرخ في آلم و حرقه لماذا . لماذا . لماذا يارب . كثر الذين يحزنونني ..... كثيرون قاموا ضدي ....
أظنه يتسأل ( هل هذا عقاب ؟؟؟ /// أم أنها تجربه تقصد بها تنقيتي ؟؟؟ /// أم أنها حسد من الشيطان ؟؟؟ )
كَثِيرُونَ يَقُولُونَ لِنَفْسِي: لَيْسَ لَهُ خَلاَصٌ بِإِلَهِهِ:3أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَتُرْسٌ لِي. مَجْدِي وَرَافِعُ رَأْسِي. بِصَوْتِي إِلَى الرَّبِّ أَصْرُخُ فَيُجِيبُنِي مِنْ جَبَلِ قُدْسِهِ.
ما أصعب هذا علي نبي مثل داود ( الذي شهد عنه الله ذاته بقوله : أن قلبه مثل قلبي ) أي أنه قريب جداً جداً من الله /// صعب جداً عليه أن يدخل الناس ليتجسسوا علاقته بالله بل و يسخرون منه و من إلهه قائلين له أنك ليس لك خلاص بألهك /// أمراً في غاية المراره /// و من المؤكد أن حزن داود حينها كان بسبب أمرين مرتبطين ببعضهما البعض و لكن الظروف جعلت منهما أمران متضادان ( الثقه في الله / ظهور قوة الله و عمله ) .
أتسأل ؟؟؟
هل هم يسخرون من إله داود ؟؟؟ أم أنهم يسخرون من داود مشككين في علاقته بالله ؟؟؟
بالطبع كلاهما صعب و لكن لو وضعت نفسي في موقف داود
أجدني واثق تماماً من قوة الله /// و كل ما سيهزني و يتعبني حينها ( هل أنت غير راضي عني يا الله ؟؟؟ ) هل أنا لا أستحق حمايتك و أظهار قوتك لأجلي ؟؟؟ هل فعلاً أنا لا أستحق خلاصك ؟؟؟
و لكن يعود داود النبي يستجمع قوة أيمانه مره ثانية و يقول له يارب أَنْتَ تُرْسٌي و أنت مَجْدِي وَ رَافِعُ رَأْسِي /// لن أفقد ثقتي فيك /// ليس لي في غربة العمر سواك .
إليك يارب أصرخ فأجدك تجاوبني من موضعك المقدس
أَنَا اضْطَجَعْتُ وَنِمْتُ. اسْتَيْقَظْتُ لأَنَّ الرَّبَّ يَعْضُدُنِي
ثم يذكر نفسه في أحسانات الله عليه لكي ما يزداد أكثر فأكثر يقيناً في عناية الله به فيقول أنا أضجعت و نمت ثم أستيقظت /// و هذا ليس أمراً عادياً فكم من أناس ينامون ليلاً و لا يأتي عليهم صباح و قد يموتوا في خطيتهم و لكن من أحسانات الله عليه و من تعضيده له أنه أعطاه نعمة الحياة و القيام لملاقاة صباح جديد .
ثم يشدد من عزيمة ذاته قائلاً لن أَخَافُ مِنْ رَبَوَاتِ الشُّعُوبِ الْمُصْطَفِّينَ عَلَيَّ مِنْ حَوْلِي
ثم يوضح أن عدم خوفه هذا ليس لأجل قوته الخاصه أو قدرته لكن لأجل إيمانه بالله و بقوته فيصرخ حينها لله و يقول قُمْ يَا رَبُّ. خَلِّصْنِي يَا إِلَهِي لأَنَّكَ ضَرَبْتَ كُلَّ أَعْدَائِي عَلَى الْفَكِّ. هَشَّمْتَ أَسْنَانَ الأَشْرَارِ.
لاحظ أن في هذا التوقيت ( عدوه يظهر أقوي منه /// الأشرار يسخون منه )
أمن أين له هذا الأيمان الذي يكاد أن يظهر في كلماته كأنها حقيقه يراها ؟؟؟
خبرته السابقه مع الله جعلته يثق تماماً في قوة الله و في عنايته به ( معركته مع جليات و أنتصاره عليه /// معاناته مع الملك شاول الذي كان يريد قتله خشية من ضياع ملكه ) و غير ذلك من المواقف التي شعر فيها بقوة عمل الله معه ...
ثم ينهي المزمور بقوله لِلرَّبِّ الْخَلاَصُ. عَلَى شَعْبِكَ بَرَكَتُكَ.
فمن الرب الخلاص ( وبدون الله لا نقدر أن نعمل شيئاً ) /// ثم يطلب من الله أن يجعل بركته علي شعبه الذي يتقيه .
ملحوظه هامه : كل ما ذكر في هذا المقال هو عبارة عن تأمل شخصي و لا يزيد علي ذلك // فقط أردت أن أشارككم به /// ليباركني الله و يبارككم ///
منقول