هَلْ يَحِلُّ في السَّبْتِ عَمَلُ الخَيْرِ أَمْ عَمَلُ الشَرّ؟
تَخْليصُ نَفْسٍ أَمْ قَتْلُها؟
إنجيل القدّيس مرقس ٣ / ١ – ١٢
عَادَ يَسُوعُ فَدَخَلَ إِلى المَجْمَع. وكانَ هُنَاكَ رَجُلٌ يَدُهُ يَابِسَة.
وكانُوا يُرَاقِبُونَ هَلْ يَشْفِيهِ يَوْمَ السَّبْت، لِيَشْكُوه.
فقالَ لِلرَّجُلِ الَّذي يَدُهُ يَابِسَة: «قُمْ في الوَسَط!».
ثُمَّ قَالَ لَهُم: «هَلْ يَحِلُّ في السَّبْتِ عَمَلُ الخَيْرِ أَمْ عَمَلُ الشَرّ؟ تَخْليصُ نَفْسٍ أَمْ قَتْلُها؟». فَظَلُّوا صَامِتِين.
فأَجَالَ يَسُوعُ فِيهِم نَظَرَهُ غَاضِبًا، حَزينًا لِقَسَاوَةِ قُلُوبِهِم، ثُمَّ قالَ لِلرَّجُل: «مُدَّ يَدَكَ». ومَدَّ يَدَهُ فعَادَتْ صَحِيحَة.
وفي الحَالِ خَرَجَ الفَرِّيسيُّونَ مَعَ الهِيرُودُوسيِّين، وأَخَذُوا يَتَشَاوَرُونَ عَلَيْهِ لِيُهْلِكُوه.
وٱنْصَرَفَ يَسُوعُ مَعَ تَلامِيذِه إِلى البُحَيْرَة، وتَبِعَهُ جُمْهُورٌ غَفِيرٌ مِنَ الجَليل، وَمِنَ اليَهُودِيَّة،
ومِنْ أُورَشَلِيمَ وَمِنْ أَدُومَ وَعِبْرِ الأُرْدُنّ، وَمِنْ نَوَاحِي صُورَ وصَيْدَا، جُمْهُورٌ غَفِير، سَمِعُوا بِكُلِّ ما صَنَع، فَأَتَوا إِلَيْه.
وأَمَرَ تَلامِيذَهُ أَنْ يُعِدُّوا لَهُ قَارِبًا، يَكُونُ بِتَصَرُّفِهِ، لِئَلاَّ تَزْحَمَهُ الجُمُوع،
لأَنَّهُ شَفَى كَثِيرين، فصَارَ كُلُّ مَنْ بِهِ دَاءٌ يتَهَافَتُ عَلَيْهِ لِيَلْمُسَهُ.
وكَانَتِ الأَرْوَاحُ النَّجِسَة، حِينَ تَرَاه، تَسْقُطُ أَمَامَهُ وتَصْرُخُ قَائِلَة: «أَنْتَ هُوَ ٱبْنُ الله».
وكانَ يَسُوعُ يُحَذِّرُهَا بِشِدَّةٍ مِنْ أَنْ تُشْهِرَهُ.
التأمل: «هَلْ يَحِلُّ في السَّبْتِ عَمَلُ الخَيْرِ أَمْ عَمَلُ الشَرّ؟ تَخْليصُ نَفْسٍ أَمْ قَتْلُها؟»
قدس اليهود يوم السبت، أكثر من الانسان وبالتالي أكثر من الله، فانقطعوا عن العمل ظناً منهم أن هذه هي الطريقة الأمثل لعبادة الله!!!
حَرّم اليهود الشفاء يوم السبت وعمل الخير فيه وقتلوا كل من خالف ذَلِك، فاستبدلوه من يومٍ للعبادة الى يوم شرّ وتنكيل وقتل..
أمّا يسوع فله رأيٌ آخر:
الحياة بالنسبة له أهم من الشريعة والفرائض والطقوس.. أليست اليد اليابسة دليل على الموت؟ كيف لصاحبها أن يعمل ليعيش ويؤمن له ولعائلته سبل العيش الكريم ؟
مع يسوع أصبح المريض هو المحور وليست الشريعة، أقامه في الوسط، رفعه الى مستوى يليق بالانسان بعد أن كان مهمشاً، معزولاً، مبعداً عن الحياة..
مع اليهود أصبحت الشريعة عبئاً ثقيلاً على المؤمنين، أما يسوع فقد حررنا من هذه العبودية بعد أن تمرّد على السبت وحرر صاحب اليد اليابسة لتعود له الحياة..
حرر يا رب عقولنا “لنعرف الحق، والحق يحررنا”(يوحنا ٨/ ٣٢)..
حرر يا رب قلوبنا”لنستفيق من فخ ابليس اذ قد اقتنصنا لإرادته”(٢ تيم ٢ / ٢٥)..
حرر يا رب أيادينا اليابسة كي تكون لنا القدرة على العطاء، القدرة على الدفع وليس القبض، القدرة على السلام وليس الخصام، القدرة على العمل من أجل خير الإنسان وراحته وسعادته وترقيه..
حرر يا رب نفسي المريضة كي أتمكن من العودة إليك وتبني سلوكك وجرأتك وثورتك على أمراء الشريعة، المترأسين في كنائسنا ومعابدنا، الذين حولوها الى محاكم تفتيش بدل أن تكون واحات خلاص..
“ما أكرَمَ أفكارَكَ عِندي يا اللهُ. ما أكثرَ عديدَها. أعُدُّها فتَزيدُ على الرِّمالِ. وفي فَهمِها أقضي أيّامي…. إختَبرْني يا اللهُ واعرِفْ قلبـي. واعرِفْ هَمِّي. أُنظُرْ إنْ كانَ في مَسلكي اعوِجاجٌ، واهْدِني في طريقِكَ على الدَّوامِ”(مزمور ١٣٩ / ١٧ و ٢٤)..آمين