شهد التاريخ المصرى منذ القدم ثورات قام بها المصريون على مر سنوات طويلة حتى وقتنا الحالى، وأن هذه الثورات لم تأت من فراغ أو بشكل عشوائى بل على العكس كانت لها جذور تمتد إلى أجدادنا الفراعنة وما شهده عصرهم من احتجاجات ومظاهرات تدل على أن الثورة كلمة نكررها دائمًا ولا نكترث بمعناها. عرفت البشرية أول ثورة فى تاريخها فى مصر القديمة عام ٢٢٨٠ ق.م، وذلك فى أعقاب الأسرة السادسة، وأطلق عليها الفراعنة اسم ثورة «الرعاع» كان الجيش مشغولًا فى الدفاع عن حدود البلاد وانتهز زعماء الثورة فرصة وأخذوا يعملون على تنظيم صفوفهم وبث دعوتهم وجمع السلطة فى أيديهم. وقد ساعدهم على ذلك، أن الملك «بيبى الثانى» حكم البلاد ٩٤ سنة فكانت شيخوخته الطويلة حافزًا لهم على التمادى والتمهيد للثورة، وعندما تولى ابنه الحكم خلعه الثوار فى السنة الأولى من توليه الحكم، ولم يرد نص تاريخي يؤكد مصيره. الملك بيبى الثانى، هو خامس ملوك الأسرة السادسة، ويعتبر أكبر ملك حكم فى التاريخ، حيث تجاوزت مدة حكمه ما يقارب ٩٣ عامـًا، وكان قد بلغ من العمر أرذله. تعرضت البلاد فى فترة حكمه لحالة من التدهور الكبير فى الناحية الاقتصادية الاجتماعية. هب الشعب المصرى غاضبًا ضد الظلم وضد فساد الملك نفسه وما حوله من حاشية ظالمة فاسدة، ونظموا إضرابًا عامًا شمل البلاد لكى يشل حركة الاقتصاد لإجبار الملك على تنفيذ مطالب الشعب. وكان المتظاهرون يعتصمون فى أكبر معابد مصر لكى يلفتوا النظر إليهم، ويقومون ببعض الأعمال التى من شأنها إجبار الملك على سماع مطالبهم كزلزلة بوابة المعبد والعصيان المدنى مثلما يفعل بعض المحتجين الآن. بدأت الثورة بمجموعة من المنشورات والشعارات كانت الأولى من نوعها فى العالم القديم، وجاء نص المنشور والمنقوش على إحدى لوحات الأوستراكا «الأرض لمن زرعها والحرفة لمن احترفها وليس للسماء وصاية على الأرض». قامت الثورة فى بدايتها بهجوم الرعاع على مخازن الحكومة فقتلوا حراسها واستولوا على ما كان بها ونهبوا الأسواق والتجار، ووصف الحكيم «أبيور» أحداث الثورة فى برديته التى تعتبر من أدق سجلات تاريخ الثورة