للسر الرابع من أسرار الفرح في المسبحة أهمية خاصة!
للوهلة الأولى قد يبدو سر تقدمة يسوع إلى الهيكل سرًّا مفرحًا إلى حدٍّ كبير. فهو السّر الرّابع من أسرار الفرح في نهاية المطاف حيث تتوّجه العذراء مريم حاملة ابنها إلى الهيكل للقيام بما يشبه المعمودية في أيّامنا الحالية.
ولكن لا يوجد أي مرحلة من مراحل حياة يسوع لا تحمل سمات الصّليب… عندما كان يسوع يبلغ من العمر ثمانية أيام فقط يقول لنا القديس لوقا إنّه تمت ختانه. أمّا عندما كان عمره 40 يومًا فذهب والداه إلى الهيكل وقدما زوجًا من الحمام كتضحية كان يقدّمها الفقراء عربون طهارة.
ما لا يأتي لوقا على ذكره هو وجوب تقديم مريم العذراء والقديس يوسف خمسة شواقل لفدية يسوع وتعود هذه التقدمة إلى زمن الخروج عندما دعا الله إسرائيل إلى تكريس جميع الأبناء البكر له:” قدس لي كل بكر كل فاتح رحم من بني اسرائيل من الناس و من البهائم انه لي”. (سفر الخروج 13: 2). “وفداؤه من ابن شهر تقبله حسب تقويمك فضة خمسة شواقل على شاقل القدس هو عشرون جيرة.”(سفر العدد 18: 16).
لم يستوفي يوسف ومريم هذا العنصر من القانون إذ إن يسوع لن يتم فداؤه بل سيقدّم نفسه فداءً للبشرية جمعاء.
“وَبَارَكَهُمَا سِمْعَانُ، وَقَالَ لِمَرْيَمَ أُمِّهِ: «هَا إِنَّ هذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ، وَلِعَلاَمَةٍ تُقَاوَمُ.
وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ…” (إنجيل القديس لوقا 2: 34- 35).
Public Domain
أن تقدّم العذراء ابنها للهيكل هو تعبير جديد منها على قبولها بمشيئة الله وبالحياة التي سيرفع خلالها ابنها على الصليب.
عندما أتأمل بحياة العذراء وبسر تقديم يسوع إلى الهيكل بالتحديد أدرك كيف جعلت العذراء مريم من هذا الحدث حدثًا مفرحًا علمًا أنّه كان يمهّد لطريق الجلجلة.
من خلال هذا السّر تظهر مريم مجددًا استسلامها لإرادة الله بفرح وثقة. حملت ابنها بثقة إلى الهيكل وقدّمته لله وهي تدرك جيّدًا أنها ستعود وتقدّمه على الصّليب فداءً للبشرية جمعاء. تراها تفتح ذراعيها لتقديم كل ما لديها لله فهو مانح كل النّعم ويحق له استعادتها.
عندما جلبت مريم طفلها إلى الهيكل كانت سعيدة جدًا بما قاله سمعان الشيخ بما في ذلك كلامه عن السّيف الذي سيجوز في نفسها مرددة ما قالته عند البشارة “فليكن لي بحسب قولك”.
هذا ما يطلبه الرب منا خلال القدّاس. عندما يقدّم القربان على مذبح الله فهو يدعونا إلى أن نضع حياتنا وأفراحنا ومعاناتنا على المذبح. إنّ الله يطلب منا أن تقدّم له كل ما لدينا وكل ما نحن عليه كما فعل يسوع على الصليب وكما فعلت مريم في الهيكل.
وعادة ما يلمس المرء أن كل ما قد يقدمه لله يعاد له مضاعفًا ومفعمًا بحب الله ورحمته اللامتناهية.
تحتفل الكنيسة في الثاني من شهر شباط/ فبراير بعيد دخول السيد المسيح الى الهيكل. وفي هذه المناسبة فلنقدم مع العذراء حياتنا للرب واثقين بأنه سيكرسها لمجده. وبعد الطلب منه بأن يقود حياتنا دعونا نفرح قائلين إن الرب راعينا فلا يعوزنا شيء.