“أذكري جيّدًا هذه الكلمات التي يقولها الربّ، ولا يَغفلَنّ عنها تلاميذه أبدًا: “تعالوا إليّ، تعالوا إليّ، أنتم يا جميع المَنسيّين على الأرض، مِن أجل إلهكم، فأنا لم أنسَكم، تعالوا وادخلوا إلى الأبد، في فرح مُعلّمكم”.
“ثم رأيتُ ما يشبه تطوفًا يقوده مزيج من كهنة وعذارى وراهبات صالحات، يسيرون، وقد تألّقوا مجدًا، إلى جوار الفادي الإلهيّ. وإلى كل جانب كان يقف عدد غفير من الملائكة. وكان حشدٌ من الأطفال الأبرياء، يُحاكون الملائكة، ومن العذارى الصغيرات، ومن شتّى النفوس الطاهرة يلحقون بالموكب، ورأيت سائر المختارين غارقين في نشوةٍ وعبادةٍ”.
“وقالت لي رفيقتي العذراء: يا مريم، هذا العيد جديدٌ أبدًا، وسيدومُ أبديًّا، ستشتركين به يومًا، ولكن لم يحن بعد الوقت لذلك، فكتابك لم يكتمل. أفيدي جيّدًا من الحياة، فإنّ هي سوى لحظةٌ، أمّا هذه الحياة فتدوم أبدًا. وبالأخصّ، لا تفقدي رجاءك يومًا، وِسط المحن والآلام، بل اقذِفي بنفسك، مُغْمَضة العَينَين، بين ذراعَي الله، لكي تكوني، في السماء، أدنى قُربًا منه…
“وولجنا المطهر: مكانٌ تغشاه الخُضرة، فسيح، وكم مِن النفوس فيه على تقاربٍ في ما بينها، ولكن على تباينٌ (فرقٌ) شاسعٌ في المعاناة ! عذابُ بعضها يتجاوز أضرى صنوف الآلام، في حين أنّ آلام نفوس أخرى تُحاكي آلام الأمراض على الأرض. لا تُشاهَد نارٌ ظاهرةٌ، غير أنّ كل نفس تحمِل نارها فيها، وليس هناك مِن أبالسة.