قداسة شعب الله ...
السيد المسيح ودورة فى تقديس شعبه ...على خلاف ذبائح وعبادة العهد القديم التي لم تكن لتطهَر الشعب إلا تطهيراً خارجياً (عبر 9: 11- 14، 10: 10)، فإن ذبيحة السيد المسيح على الصليب فى فاعليتها تقدس المؤمنين الى التمام وتبررهم بالإيمان ليصيروا ابناء الله المقدسين ويعملوا أعمال تليق بابناء الله { وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم ايضا} (1يو 2 : 2) { قدسهم في حقك كلامك هو حق} (يو 17 : 17) ان الرب يسوع المسيح يقدسنا لأن القداسة التي يمنحها للمؤمنين ليست "خارجية " بالنسبة لنا بل تدخل الى اعماق كياننا . ان المسيح القدوس هو فينا (يو14 : 23 ) ونحن في المسيح. فيشترك المسيحيون في حياة المسيح القائم من بين الأموات بالإيمان والمعمودية التي تمنحنا مغفرة للخطايا والمسحة المقدسة التى تقدس المؤمن {واما انتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شيء} (1يو 2 : 20) ثم تجددهم بالتوبة والاعتراف { ان اعترفنا بخطايانا فهو امين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل اثم} (1يو 1 : 9) . ان الروح القدس يقوم بتقديس المؤمن وبحلول الروح القدس يصبح المؤمن هيكل مقدسا للروح القدس{ اما تعلمون انكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم} (1كو 3 : 16) وكما أن جميع الذين ينقادون إلى روح الله يكونون حقاً أبناء الله { لان كل الذين ينقادون بروح الله فاولئك هم ابناء الله . اذ لم تاخذوا روح العبودية ايضا للخوف بل اخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا ابا الاب. الروح نفسه ايضا يشهد لارواحنا اننا اولاد الله. فان كنا اولادا فاننا ورثة ايضا ورثة الله ووارثون مع المسيح ان كنا نتالم معه لكي نتمجد ايضا معه} (رو8: 14- 17) . ان القداس الإلهى نسمية قداس القديسين وفى التناول نصلى ونقول القدسات للقديسين هذا يدعونا للسلوك بكل مخافة لله وقداسة لكى نستحق التناول من الاسرار المقدسة .
القداسة ضرورة عطية السيد المسيح للمؤمنين .. ان كان لابد أن نكون قديسين حتى نتمكن من الوجود مع فى ملكوت السموات ، واذ كان ذلك صعب على المؤمن فان السيد المسيح أخذ طبيعتنا وجعلها واحد مع لاهوته بغير أمتزاج أو أختلاط أو تغير والانسان المسيحى الذى يحب المسيح ياخذ الروح القدس مما للمسيح ويعطيه قدسة وحكمة ومحبة وسلام وتعزيه وصبر وكل ثمار الروح القدس التى تعين المؤمن على خلاص نفسه. ان ذلك يحمل محبة الله العميقة للنفس البشرية التى تعرت من الخطية فجاء الله ليدخل معها فى عهد مقدس ويسترها بدمه ويلبسها قداسته {لان كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح }(غل 3 : 27) لقد صرنا قديسين عندما لابسنا المسيح فى المعمودية ، وعلى هذا الاساس يقول الله كونوا قديسين ليس كأننا سوف نصنع القداسة فى نفوسنا نتيجة أعمال معينة ولكن نحن فعلاً صرنا قديسين بسبب أتحاد أبن الله القدوس بطبيعتنا ولم يعد أمامنا ألا أن نسلك فى هذه القداسة ونختبرها فى داخلنا كل يوم ونتمتع بها فنمجد الله القدوس فى قلوبنا وافكارنا وسلوكنا. ولا نشترك فى نجاسات العالم ونمجد الله القدوس باعمالنا الذى جعلنا قديسين فى أبنه يسوع المسيح . فهو أختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون فيه قديسين وبلا لوم فى المحبة {كما أختارنا فيه فيه قبل تأسيس العالم ، لنكون قديسين وبلا لوم فى المحبة} (أف 1: 4).لقد لبسنا الانسان الجديد ولابد ان نتجدد يوماً فيوم فى العشرة مع الله وننمو الى قياس ملء قامة المسيح{ ولبستم الجديد الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه} (كو 3 : 10)
لقد دُعى المؤمنين قديسين وشعباً مقدساً .. {يقيم الرب لنفسه شعباً مقدساً } تث 9:28. ويدعوهم العهد الجديد {امة مقدسة} 1بط9:2. وقد أطلق في البدء على المؤمنين الأول في أورشليم وخاصة على المجموعة الصغيرة التي حل عليها الروح القدس يوم العنصرة لقب قديسين (أع 9: 13، 1 كور 16: 1، أفس 3: 5)، ثم أخذ استعماله يمتد ليشمل الأخوة الذين في الارضى المقدسة (أع 9: 31-41)، ثمَ جميع المؤمنين فى كل أمة ومكان (رو 16: 2، 2 كو 1: 1، 13: 12). ان ذلك يعنى قطع الصلة بالخطيئة والتصرّفات الوثنية (1 تس 4: 3). فيجب أن يسلكوا بالقداسة الآتية من الله. ويعتبر مطلب الحياة المقدّسة هذا أساس التراث النسكي المسيحي كله وهذا يستند إلى أن المسيحي قد كرس بالروح القدس لله ودُعى عليه اسم المسيح القدوس، فيجب عليه أن يشاركه في آلامه ويتمثّل به في موته فيبلغ منه القيامة من بين الأموات (في 3: 10- 14).