*عطايا الصلاة*
تزهر شجرة الصلاة في كلّ وقت وزمن وتثمر وتفوح عطراً. فلنحاول، إذاً، أن نقطف ثمارها الناضجة والشافية لكي تبتهج نفوسنا وأجسادنا، ونمجّد الله القدّوس الذي يتنازل لحقارتنا ويسمع تنهّدات قلوبنا.
*ماذا تقتني النفس من الصلاة؟
يعود الذهن من طياشته وضلاله إلى القلب، فيما تجد النفس العطيّة الكبرى ألا وهي توحيد قواها.
*ماذا تهبنا الصلاة؟
تهبنا الصلاةُ الفرحَ، السلام، طول الأناة، التواضع، الإمساك، الشجاعة، النقاوة، المحبّة.
إنّ السلام الذي تمتلكه النفس عندما تتوحّد قواها، يمتدّ ليشمل العائلة كلّها الذي كثيراً ما يعتريها الاضطراب والتخبّط في أيّامنا هذه، ثمّ تمتدّ لتشكل الأمم كلّها، وهكذا تصبح الصلاة حافظة البشريّة جمعاء.
*ماذا تبعد الصلاة عنّا؟
تبعد الحزنَ، الانزعاج، القلق، الانتقاد واللوم، الحسد، الخوف، وحبّ الذات. فالنفس المصلّية لا تطلب أموراً كثيرة، لأنّها في شركة دائمة مع الله، الذي يغدو كلّ شيء بالنسبة إليها، وتصبح بسيطة مؤمنة بأنّها تتلقّى منه كلّ شيء: ما يبهج النفس والجسد.
*بماذا تغنينا الصلاة؟
بمواهب الروح القدس: روح الحكمة والفهم والمعرفة والتقوى وخوف الله.
*ما الذي يجعل الصلاة تشمل حياة المؤمن كلّها؟
ذكر الموت، ذكر الدينونة، الشعور بعناية الله، وحياة الإلفة معه.
*ماذا يعطّل الصلاة؟
الخطيئة. فعندما تنعطف النفس عن الطريق المستقيم يظلم نوسُها، ويتعطّل، تالياً، عمل الصلاة. إنّ الأفكار الشرّيرة التي تلوّث النفس وتستحوذ عليها، تتسبّب في ذبولها، فيدبّ فيها السقم والكسل، وتفقد نضارة صحّتها، ولا يعود لها القدرة على الصلاة باستمرار.
*ما علاقة الذهن المستنير بالصلاة؟
كلّما كانت النفس تصلّي بنقاوة، كلّما استنار الذهن. إنّ استنارة الذهن هي الملَكَة الأكثر عظمة التي تقتنيها النفس، لأنّ بها تستطيع النفس أن ترى الأشياء كلّها، وعلى الأخصّ أن ترى الخطايا، فتمتلك التواضع الحقيقيّ، ويصير استنارة النفس شيئاً فشيئاً. الأمر الذي نحتاج إليه هو عدم قطعنا إطلاقاً عمل النقاوة الذي له علاقة بالتوبة.
*ما علاقة الدموع بالصلاة؟
لا تكون صلاة نقيّة من دون الدموع، فالدموع هي النتيجة الطبيعيّة للصلاة الذهنيّة. إنّها البرهان الأكيد بأنّ النفس ليست في ضلال. إنّها إعلان عن محبّتنا تجاه الله الآب والفرح النابع عن هذه العلاقة.
*ما هي الخسارة الكبرى للنفس؟
عدم نموّ الصلاة الجسديّة. يجب أن تتجدّد النفس لتمسي شبيهة بنفس شابّ الذي عليه أن يفلح حقل نفسه بتعب وكدّ كبيرين كما يقول إشعياء النبيّ: "أمّا الراجون للربّ فيتجدّدون قوّة. يرتفعون بأجنحة النسور يعدون ولا يعيون يسيرون ولا يتعبون" (إشعياء 40: 31). تملأ الصلاة النقيّة الإنسان وتنشّطه وتؤهّله للمواهب بطريقة فضلى، ولا يدان لإخفائه الوزنة.
بالصلاة النقيّة يتسامى الإنسان على أناه. تقود الصلاة المؤمن إلى التسبيح والشكر. توحّد الصلاة الأرض مع السماء. ويصبح الإنسان الأرضيّ إنساناً سماويّاً.
(للراهب موسى الآثوسي)