كيفية فهم الكتاب المقدس
شخص الرب والكتاب المقدس:
وجود الكتاب المقدس هو نتيجة أساسية للتجسد الإلهي، لذلك فشخص الرب يسوع هو أساس لفهم الكتاب المقدس، هو بداية ومركز ونهاية للتفسير الكتابي، هو محور الكتاب. فالكتاب يتكلم عن شخص الرب، والنبوات تشير إليه وتتكلم عنه.
وبالتالي فإن أي سوء فهم لشخص الرب وطبيعته سيؤدي في النهاية إلي فهم خاطئ للكتاب المقدس، وبالتالي تفسيره بصورة خاطئة، لذلك وُجدت الهرطقات، والتي اعتمدت علي آيات الكتاب المقدس في محاولة اثبات معتقداتها الخاطئة.
الكنيسة والكتاب المقدس:
الكنيسة هي: “عمود الحق وقاعدته” (1تي14:3). حافظت علي التراث الإيماني الروحي الذي استلمته من الرب وخلفائه الرسل. وسلَّمته من جيل إلي جيل في تعاقب مستمر وحتى الآن . هذا التسليم أو التقليد يشتمل علي الكتاب المقدس والليتورجيا والمجامع التي عقدتها الكنيسة وأيضًا تعاليم آبائها والفن الكنسي.
ومن هنا فإن تفسير الكتاب لا بد أن يكون في إطار التقليد الذي سارت به الكنيسة وسلمته من جيل لآخر. فالكتاب المقدس ينتمي إلي الكنيسة ولذلك فهو يُفهم ويفسرَّ بشكل صحيح فيها وضمن جماعة المؤمنين. فلا يكفي مجرد الاستشهاد بنصوص كتابية دون معرفة المعني الحقيقي للكتاب والقصد منه بشكل كلي، والذي هو مبني علي إيمان الكنيسة وتعاليمها ومعتقداتها.
وحدة الكتاب المقدس:
ينكر بعض اتباع مدارس النقد الكتابية الحديثة التوراة، رافضين العهد القديم أو بعض اجزائه. وقد سبقت وظهرت هذه البدع منذ القديم في القرنين الثاني والثالث الميلادي ومثال ذلك بدعة ماركيون والغنوسية والمانوية.
لقد قاوم الآباء الإدعاءات القائمة علي فصل العهدين. فالقديس يوحنا ذهبي الفم هاجم إدعاءات المانويين في عظاته علي إنجيل متي. وبرهن علي أن كلا العهدين لهما نفس الإله الواحد معطي الشريعة، وإن العهد القديم كان سابقًا واعدادًا للعهد الجديد. والتأكيد علي وحدة العهدين نجده أيضًا في كتابات ق. كيرلس الأورشليمي، وترتليانوس. وأوريجانوس أيضًا كتب عن روحانية العهد القديم. كذلك شدد ايريناؤس علي وحدة الإعلان الكتابي.
العبادة والكتاب المقدس:
إن روح الكتاب المقدس تغلب علي كل العبادة الكنسية وأي رصد أو إحصاء للتعبيرات الكتابية الموجودة داخل الليتورجيا سيبين مدي الترابط بينهما.
من خلال الصلوات التي تشتمل عليها العبادة الجماعية للكنيسة نتذوق قول وعمل الله داخل الأسفار الإلهية من أجل خلاصنا.
القراءات الكنسية من خلال العبادة تركز انتباه المؤمنين ليس فقط علي البركات الحاضرة للأسرار وإنما أيضًا علي البعد الأخروي (الاسخاطولوجي) لها، لأن كل سر من الأسرار وكل ممارسة كنسية إنما تشكل في جوهرها محطة في مسيرة الكنيسة نحو السماويات.