رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كلمة شعانين عبرانية من "هو شيعه نان" ومعناها يا رب خلص، ومنها الكلمة اليونانية "أوصنا" التي استخدمها البشيرون في الأناجيل وهى الكلمة التي كانت تصرخ بها الجموع في خروجهم لاستقبال موكب المسيح وهو في الطريق إلى أورشليم. ويسمى أيضاً بأحد السعف وعيد الزيتونة، لأن الجموع التي لاقته كانت تحمل سعف النخل وغصون الزيتون المزينة فلذلك تعيد الكنيسة وهى تحمل سعف النخل وغصون الزيتون المزينة وهى تستقبل موكب الملك المسيح. ومن طقس هذا اليوم أن تقرأ فصول الاناجيل الأربعة في زوايا الكنيسة الأربعة وأرجائها في رفع بخور باكر وهى بهذا العمل تعلن انتشار الأناجيل في أرجاء المسكونة، ومن طقس الصلاة في هذا العيد أن تسوده نغمة الفرح فتردد الألحان بطريقة الشعانين المعروفة وهى التي تستخدم في هذا اليوم وعيد الصليب، وهى بذلك تبتهج بهذا العيد كقول زكريا النبى: "ابتهجى يا ابنة صهيون... اهتفى يا ابنة أورشليم... هوذا ملكك يأتى إليك ... وهو عادل ومنصور... وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن اتان" (زك 9: 9، 10) لماذا تتغير قلوبنا و تتبدد. لماذا تنهار قيمنا و تتفتتنحن الان لم نختلف عن شعب امس.لم نختلف عن شعب اورشاليم ايام وجود السيد المسيح فكلهم هللوا بدخوله اورشاليم كما هللت اهلنا بدخولنا فى المعموديه و هللانا نحن لابنائنا كلهم خلعوا ثيابهم و فرشوها امام السيد المسيح ليسير عليها مجمعين بانه الملك الفادى كما خلعنا نحن ايضا الحقد و الكراهيه فى ايام صبانا و ملائنا قلوبنا بالطهارة و النقاوة كلهم فرشوا الارض بالاغصان امام السيد المسيح قائلين اوصنا يا ابن داود مبارك الاتى باسم الرب كذلك نحن فرشنا مستقبلنا بالورود و بالعفاف متعهدين لله بحبه و السير معه اما الان !!!!! فماذا جرى بالنظر لحالى....... فانا ايضا صلبت السيد المسيح مع اهل اورشاليم نعم صلبته.....بل كلنا صلبناه عندما نسينا ماذا كنا و ماذا كانت قلوبنا عندما نسينا برائتنا و صفاء عقولنا تمام ..كما نسى ذاك الشعب معجزات الرب الكثيرة التى صنعها امام اعينهم و نسوا اعترافهم له بانه الملك الاتى كلنا رفعنا باعلى صوتنا..اصلبه اصلبه....و فضلنا الخطية (بارباس)على خلاصنا و خلاص نفوسنا لماذا وصلنا الى هذا الحال!؟ نعمد اطفالنا لنوال سر المعموديه ثم نبعدهم عن الكنيسة و عن الله و نشغلهم بالعالم اكثر و اكثر ناخذ سر الزيجة و نفرح به ثم سرعان ما نقلب حياتنا للجيم بانفسنا ندهن بزيت مسحة المرضى و عندما نشفى ننسى سيدنا و شافينا نصلى و نقول اغفر لنا زنوبنا و لا نستطيع ان نغفر حتى لاخواتنا .ماذا بك يا نفسى..و اين وخداكى الدنيا اتراها افضل من الاخره...........اتراها ابقى من الابدية............اتراها ورود و ازهار و ملاهى ليلية لا يا نفسى ** انها مثلى تراب سيدى .مع اورشاليم كنت اهلل فرحا بك و بدخولك قلبى ..انقطعت شويه !!و لكنى ساواصل التهاليل و حتى الغد و بعد ساظل ارحب بك فى قلبى سيدى اخواتى. الموضوع فى احد الشعانين مش زعفة نمسكها و نفرح بها و لا سنابل نجيبها و نضعها فى بيوتنا الموضوع هو صوت الله لنا يقول افتكر انا داخل قلبك انت مش داخل اورشاليم انا حضنى لك انت حتى ولو كنت عنى عقيم فهل تقبلنى بالتهاليل؟ام ترفضنى و تزودنى من الشوك اكاليل!!!!!!!!!!!!! إنه يوم عيد سيدي، نحتفل فيه بألحان الفرح، قبل أن ندخل في ألحان البصخة الحزينة. وفيه استقبل اليهود المسيح ملكاً على أورشليم، ويخلصهم من حكم الرومان، ولكنه رفض هذا المُلك الأرضي. لأن مملكته روحية... المسيح رفض أن يملك على أورشليم، ولكنه يفرح أن يملك على قلبك... قلبك عند الله، هو أعظم من أورشليم (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). إنه هيكل للروح القدس ومسكن للّه. فكّر كثيراً هل الله يملك عليك كلك: قلبك وفكرك وحواسك وجسدك ووقتك...؟ قل له تعال يا رب واملك. هوذا أنا لك... المرجع: موقع كنيسة الأنبا تكلاهيمانوت إن كانت مملكتك يا رب ليست من هذا العالم. فتعالَ. عندى لك مملكة تناسبك، تسند فيها رأسك وتستريح. لعلك تجد راحتك فى قلبى. وإن وجدت فيه عصاة أو متمردين عليك... تقلد سيفك على فخذك أيها الجبار. استله وانجح واملك (مز 44). لا تنشغل بالسعف في هذا اليوم، بل انشغل باستقبال المسيح في قلبك ملكاً عليه، فأنت تحتاج أن يملك الربِ عليك، لكي يدبر أهل بيتك حسنا. أحد الشعانين . هذا هو اليوم الذى رتب فيه المسيح أن يكون ملكا ويعلن فيه هذه الحقيقة ولكنه يعلنها فى صورة متواضعة فأى واحد منا يتصور أو يتخيل موكب ملك قادم فى الشوارع يظن فيه العظمة ولكن ملك الملوك ورب الأرباب لم يريد أن يدخل أورشليم كملك أرضى ولكنه يعلن لهذه المدينة أنه أتى ليكون ملكا متوجا على قلوبنا وللأسف لم يفهم سكان أورشليم هذا المعنى ولكنهم أرادوه ملكا أرضيا لأنهم كانوا ينتظرون المسيا المخلص ليخلصهم من العبودية الأرضية ومن يد الرومان – فبعدما دخل المدينة أراد البعض أن يختطفوه ويتوجوه ملكا ولكنه هرب لأنه يريد أن يملك على القلوب وليس على الأجساد . وهنا نتأمل بعض الشئ فى دخول السيد المسيح لأورشليم ورحلته حتى الصليب والقيامة :- لما أراد السيد المسيح أن يعلن عن حقيقته ما يريده منا وهو أن يملك على قلوبنا طلب من تلاميذه أن يحضروا جحشا وأتان وقال لهم عن مكانهم وما سيقول الناس لهم . وعندما أحضروا الجحش فرشوه التلاميذ بقمصانهم وجلس السيد المسيح عليه ودخل أورشليم كملك ولكنه ملك متواضع حقا وقيل أنه عند دخوله أرتجت المدينة كلها وتجمع كل من أمن به فى صورة غريبة لفد فهموا ما يريده منهم فعبر كل واحد بصورة مختلفة فنر الجموع قد خلعت قمصانها وفرشت بها الأرض لكى يدوسها الرب ونرى مجموعة أخرى قطعت سعفا من النخيل وأستقبلته به ونرى الكل فى سيمفونية فريدة من نوعها تسبح الله قائلا : أوصنا فى الأعالى أوصنا لأبن داود . ولكل هذا رمزا فى داخل كل أنسان . فالذين قدموا قمصانهم كأنهم يتنازلون عن برهم الذاتى الذين يتوشحون به يتنازلون عنه ويقذفونه إلى الأرض ليدوسه شمس البر ذاته كأنهم يقدمون نفوسهم عريانة أمام الله ليظهر لهم كل ما فعلوه من خطية . لقد خلعوا أنسانهم الخارجى وأظهروا ضعف الإنسان الداخلى لفد تخلصوا من المظاهر الخادعة الذين يقفون بها أما الناس لكى يروهم أبرارا . لقد تنازلوا للسيد المسيح عن هذا البر سواء كانوا فعلوه حقا أم أنهم يتوشحون بالبر الزائف كى يقولون له مهما فعلنا فنحن عبيد بطالون هؤلاء هم الذين قدموا له قمصانهم . وماذا عن الذين قدموا له سعف النخيل ؟ عندما ننظر إلى سعف النخيل نجد أنه أعلى جميع المزروعات على وجه الأرض ولكى تثبت النخلة فلابد لها من جذر قوى يضرب أعماق الأرض ثابتا فيه مغروسا فى ثرى الأرض يأخذ منها ما يبقيه حيا . وعند تأملنا فى النخلة نجدها تشبه تماما الإنسان العالمى ذو الشهوات القوية لدرجة أنه أنغرس فى وحل الشهوات وعمق جذوره لكى لا ينزعه أحد ولا يقدر هو نفسه أن ينزع جذره منها . لقد نما فى الخطية شيئا فشيئا كالنبتة الصغيرة إلى أن أصبح عملاقا كالنخلة وأفرخ ثمارا للخطية كما تفرخ النخلة ورقا . وأثناء دخول السيد المسيح أورشليم نرى الجموع تقدم له سعف النخيل كأنها تقدم له شهواتها بكل أنواعها المختلفة كأنها تقدم له تقريرا عن حالة الإنسان وروحه قبل عملية الفداء.وبنظرة أخرى إلى سعف النخيل نجد أنه يمثل الخطية المحبوبة التى تتملك على القلب يرفعها الإنسان إلى أعلى المراتب حتى نفسه وكأن الإنسان يقدم للسيد المسيح هذه الخطية المحبوبة التى فشل فى أنتزاعها من القلب ولكن كل محاولة كانت تتحول إلي فشل يرجع بعده الإنسان إلى أعماق الخطية –يقدمها له ليصلحها هو –نعم لقد عرف الإنسان أن يسوع المسيح هو الطبيب الحقيقى الذى يستطيع أن يعالج أى شئ فى النفس البشرية حتى هذه الخطية المحبوبة التى فشل فى أنتزاعها يقدمها ليقول له أنت القادر أن تنتزعها من قلبى وتضع مكانها حبا يفوق حب هذه الخطية ألا وهو حبك المقدس الذى إذا حل فى القلب حوله إلى أتون مستعر وقوده حبك أيها الإله القادر الطبيب الشافى الذى لنفوسنا وأجسادنا وأرواحنا . قد يرى البعض نظرة أخرى فى النخيل فقد يشبهها بالإنسان الروحى الثابت فى أرض الإيمان يمتص ماء الحياة ليحيا به إلى أن وصل إلى درجة عملاق فى الحياة الروحية وأفرخت حياته ثمرا وورقا وليس كالتينة التى لعنها السيد المسيح . قد أكون متفقا مع هذا الرأى ولكن أقول هذا على إنسانى الداخلى الذى كلما وقفت أمامه أراه عملاقا قويا ثابتا كالنخلة ولكن عند النظر إلى أوراق النخلة أجدها يحوطها لون داكن على حوافها وفى منتصفها لون أبيض ناصع يدل على الاشتياق إلى الله والثورة الداخلية على حياة الخطية . ولذلك ولهذه الثورة وفى محاولة للإصلاح يقدم الإنسان الخاطئ هذه الأوراق لكى يقول له إن فى داخله ثورة عظيمة تريد أن تصحح من مسار حياة هذا الإنسان ولكن لضعف هذا الإنسان ولأجل أعتبارات كثيرة لا يستطيع أن يفعل شئ يقول له لقد أتيت إليك لتشفى جراحى . جراح نفسى التى سببتها الخطية . أعلم إنك قوى تستطيع أن تحررنى من خطاياى . وأخيرا نجد كل هذا الحشد الذى أجتمع حول السيد المسيح وتلاميذه يسبحونه ويمجدونه إذ أنهم عرفوا بعض الشئ عن خطة الخلاص الذى وضعها منذ البدء عندما أخطأ أدم وخالف الله . أرادوا أن يعبروا جميعا وبنفس واحدة أنهم يشتاقون للقائه يشتاقون أن يتوجوه على قلوبهم يتصرف كما يشاء فى أمور حياتهم الداخلية والخارجية . هذه هى الكنيسة بيت الله نراها فى كل وقت تسبح وتمجد الله الذى تألم من أجلنا حتى فى أثناء آلامه نراها تقف وهى حزينة لآلامه ولكنها ترى من على الصليب ليس بشرا ضعيفا ولكن ترى هناك على ربوة الجلجثة ملكا متوجا قويا فى ضعفه لذلك لم تختار المسيحية رمز للمسيح فى أبهى صورة له وهى فى التجلى لتكون شعارا لها ولكن أختارت أن يكون شعارها وشعار ملكها هو الصليب كما قال الكتاب المقدس الرب ملك على خشبة شعانين : كلمة عبرانية من ( هوشعنا ) أوصنا .. معناها ( يا رب خلص ) ( مت 21 : 9 ) و منها أخذت لفظة أوصنا اليونانية ( مت 21 : 9 ) التى ترتلها الكنيسة فى هذا العيد ... و هو يأتى قبل الفصح بأسبوع و هو الأحد الأخير من الصوم و اليوم الأول من أسبوع الآلام ... و فيه يبارك الكاهن أغصان الشجر من الزيتون و سعف النخيل و يجرى الطواف بالبيعة بطريقة رمزية تذكاراً لدخول السيد المسيح الاحتفالى أورشليم . و ذلك أن المسيح غادر بيت عنيا قبل الفصح بستة أيام و سار الهيكل فكان الجمع الغفير من الشعب يفرشون ثيابهم أمامه و آخرون يقطعون أغصان الشجر و يطرحونها فى طريقة احتفاء به و هم يصرخون ( هوشعنا لابن داود مبارك الآتي باسم الرب هوشعنا فى الأعالى ( مت 21 : 9 ) .. و قد كانوا يدعون هذا اليوم قديماً بأسماء مختلفة منها ( أحد المستحقين ) و هم طلاب العماد الذين عرفوا الدين المسيحى و أرادوا اعتناقه فكانوا يذهبون و يطلبون التنصير يوم سبت النور ( سبت لعازر ) طبقاً لاصطلاحات الكنيسة فىأول عهدها .. كذلك كانوا يدعونه ( أحد غسل الرأس ) و هى عادة كانت لهم فىذلك الزمان إشارة للتطهير و استعداد للتنصير ... كذلك يدعون ( أحد الأغصان ) ، أحد السعف ، أحد أوصنا ). و لأهمية هذا الحدث الجليل رتبت الكنيسة الاحتفال بذكراه كل سنه و جعلته عيداً عمومياً من أعيادها الكبرى منذ القديم لأسباب منها :- أولاً:- لتذكير بنيها بذلك الاحتفال العظيم الذى استقبل به يسوع حتى كلما حضروا يوم الشعانين حاملين بأيديهم سعف النخيل و أغصان الزيتون يمثلونفى الحال ذلك الموكب البهيج و الاحتفال المهيب و تلك الجماهير المحتشدة احتفاء بقدوم يسوع فترتقى عقولهم تلك الأيام التى تمت فيها أمور خلاصهم . ثانياً:- لترسم فى أذهانهم وجوب الاستعداد القلبى الدائم لاستقبال يسوع فى هيكل قلوبهم بمناولة جسده و دمه الاقدسين ببساطة ضمير و طهارة قلب كأطفال أورشليم ثالثاً:- لكى تعلمهم بهذا الاحتفال مطابقة يقة المثال فإن خروف الفصح كان يجب أن يؤتى به فى اليوم العاشر من الهلال و يبقى محفوظاً الرابع عشر منه .. و فىمثل هذا اليوم نفسه( العاشر ) داخل يسوع أورشليم بصفته حمل الله الرافع خطايا العالم ( يو 1 : 44 ) و فى الرابع عشر منه ذبح لأجلنا ( 1كو 5 : 7 ) . هذا و مع أن سعف النخيل و أغصان الزيتون استعملت فى الاحتفال الذى نعيد لذكراه .. و استعمالها إياها يكون تشبها بمن سبقونا نفس العمل .. و لكننا ننظر إليها نظرة روحية فإن سعف النخل يشير الظفر و الإكليل الذى يهبه الله للمجاهدين المنتصرين فيوحنا الحبيب رأى جمعاً كبيراً منتصراً فى أيدهم سعف النخيل ( رؤ 7 : 9 ) و وجوب الجهاد الحسن ( اى 6 : 2 ) لينل إكليل الحياة الذى وعد به الرب الذين يحبونه ( 1كو 9 : 25 ) ( 2تى 4 : 7 ، يع 1 : 12 ، بط 5 : 4 ، رؤ 2 : 10 ) أما أغصان الزيتون فتشير السلام كما أن عصيره يشير القداسة لهذا لما أرسل نوح الحمامة عادت و فى فمها غصن الزيتون اخضر ( تك 8 : 11 ) إشارة حلول السلام على الأرض .. و لذا فالكنيسة تحثنا على أن تتبع السلام مع الجميع و القداسة و التى بدونها لن يرى أحد الرب ( عب 12 : 14 ) فإن ثمر البر يزرع فى السلام من الذين يفعلون السلام ( يع 3 : 18 ) . أما ترتيل ( أوصانا ) فى أثناء الطواف ( الدورة التى تعمل فى باكر العيد ) فلأنها الترنيمة النبوية الوحيدة ( مز 118 : 25 ، 26 ) التى لاقى بها الشعب العبرانى رب المجد يوم دخوله أورشليم ( مت 21 : 9 ) . أما أن الكنيسة تقرأ فصلاً من الإنجيل فى كل زاوية من الزوايا الكنيسة فذلك لسببين : الأول : للدلالة على وجوب انتشار الإنجيل فى كل أقطار الأرض الأربعة . الثاني : لأن كلا من الأناجيل الأربعة روى خبر دخول الرب يسوع أورشليم فهى تقرأ فى كل جهة فصلاً منها إشارة أن بناء المسيحية يشيد على هذه الأعمدة الأربعة و بلتالى على يسوع نفسه حجر الزاوية ( اف 2 : 20 ) الذى نادى به الرسل فى كل مكان ( رو 10 : 8 ) ( كو 1 : 23 ) و تنشد به الكنيسة الأن و نهاية الزمان . كانت أورشليم تكتظ بالملايين في ذلك الوقت، جاءوا يشترون خرافًا يحتفظون بها لتقديمها فِصحًا عنهم، أمّا السيِّد المسيح - حمل الله - فتقدّم بنفسه متَّجهًا نحو أورشليم ليقدّم نفسه فِصحًا عن البشريّة بإرادته. إنه ليس كبقيّة الحملان التي تُذبح فتؤكل وتُستهلك، إنّما يقدّم جسده ذبيحة حب قادرة أن تقيم من الموت وتهب حياة أبديّة لمن ينعم بها. إنه الكاهن والذبيحة في نفس الوقت الذي يتقدّم إلى الصليب، كما إلى المذبح لكي يرفع البشريّة المؤمنة إلى الحياة الجديدة التي فيه، ويحملها معه إلى سماواته. لقد "جاءوا إلى بيت فاجي"، وهي قرية صغيرة جنوب شرقي جبل الزيتون، يسكنها الكهنة ليكونوا قريبين من الهيكل بأورشليم. يرى البعض أن "بيت فاجي" تعني بالعبريّة "بيت التين"، وقد سبق فرأينا في "التينة" رمزًا للكنيسة من جهة وحدتها حيث تضم بذورًا كثيرة داخل غلاف الروح القدس الحلو، خلاله يكون للكل طعمًا شهيًا، وبدونه تصير البذور بلا قيمة لا يمكن أكلها. هذه هي الكنيسة الواحدة المملوءة حلاوة خلالها يرسل السيِّد تلميذيْه ليحلاّ باسمه المربوطين، ويدخلا بالقلوب إلى أورشليم العُليا، أي رؤية السلام. ويرى العلاّمة أوريجينوس[750] أن "بيت فاجي" تعني "بيت الفَكْ"، وكأنها تذكرنا بالفكْ الذي يُلطم عليه المؤمن الحقيقي (الخد الأيمن) فيُحوّل الآخر لمن يلطمه، مقدّمًا له الحب ليكسر شرّه. كما يذكِّرنا بالفكْ الذي ضرب به شمشون الأعداء فأهلكهم، وقد أفاض ماءً أنعشه وقت عطشه (قض 15: 19). هكذا لا نستطيع أن نلتقي بالمسيّا المخلّص كفاتح لأورشليمنا الداخليّة ما لم نقدّم خدِّنا الأيمن وأيضًا الأيسر بالحب لمضايقينا، محتملين شرّهم بصبرٍ حقيقيٍ. هذا هو باب التمتّع بمسيحنا - الفِصح الحقيقي - الذي أفاض علينا ينبوع مياه حيّة كما مع شمشون (قض 15: 19) هو ينبوع ماء روحه القدّوس الذي يروي القلب ليحوِّله من بريَّة مقفرة إلى جنّة الله المثمرة. يقول الإنجيلي: "ولما قربوا من أورشليم وجاءوا إلى بيت فاجي عند جبل الزيتون" [1]... ما هو جبل الزيتون الذي جاء إليه السيِّد قبيل دخوله أورشليم الذي اكتظّ بأشجار الزيتون، إلا السيِّد المسيح نفسه، الذي هو نفسه "الطريق"، هو بدايته وهو نهايته. به يدخل إلينا، وفيه يستقر! وكما يقول القدّيس أمبروسيوس:[لعلّ المسيح نفسه هو الجبل، فمن هو ذاك الجبل إلا الذي يقدر أن يقدّم أشجار زيتون مثمرة، لا كالأشجار التي تنحني بسبب ثِقل ثمارها، وإنما تذخر بالأمم خلال كمال الروح؟! إنه ذاك الذي خلاله نصعد وإليه نبلغ. إنه الباب وهو الطريق؛ هو الذي ينفتح لنا، وهو الذي يفتح[751].] يقول أيضًا القدّيس أمبروسيوس: [لقد جاء إلى جبل الزيتون لكي يغرس الزيتون الصغير بقوّته السماويّة... إنه الزارع السماوي؛ وكل غرس يغرسه في بيت الله يعلن: "أمّا أنا فمثل زيتونة خضراء في بيت الله، توكّلت على رحمة الله إلى الدهر والأبد[752]" (مز 52: 8).] عند جبل الزيتون أرسل السيِّد تلميذين، قائلاً لهما: "اذهبا إلى القرية التي أمامكما". بعث بتلميذيه إلى قرية ليأتيا بالأتان والجحش المربوطين بعد حلّهما، ليستخدمهما في دخوله أورشليم. معلنًا احتياجه إليهما، وقد رأى آباء الكنيسة أن كل كلمة وردت بخصوص هذا الحدث تحمل معنى يمس خلاص البشريّة، نذكر على سبيل المثال: أولاً: الأتان والجحش يمثّلان رمزيًا العالم في ذلك الحين وقد انقسم إلى اليهود والأمم... فالرب محتاج إلى كل البشريّة حتى وإن انحطّت في فكرها إلى الأتان والجحش من جهة معرفتهم لله وسلوكهم الروحي. وكما يقول المرتّل:"صرتُ كبهيمة عندك، ولكنّني دائمًا معك" (مز 73: 22-23). في تواضع إذ يشعر الإنسان بعجزه عن إدراك أسرار الله يرى نفسه وقد صار كبهيمة عاجزة عن التفكير، فيحمل كلمة الله داخله، ويصير هو نفسه كأورشليم الداخليّة. إنه يتقبّل عمل السيِّد في حياته كما من خلال تلميذيه، يحلانه من الرباطات الأولى بالروح القدس ويقدّمانه للسيِّد كمركبة إلهيّة تنطلق في حرّية، نحو أورشليم العُليا (غل 4: 26) عِوض قريته الأولى وأعمال العبوديّة الحقيرة. يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [لقد شبّه البشر بهذين الحيوانين لوجود مشابهات معهما... فالحمار حيوان دنس (حسب الشريعة) وأكثر الحيوانات المستخدمة للحمل غباءً، فهو غبي وضعيف ودنيء ومثقّل بالأحمال. هكذا كان البشر قبل مجيء المسيح إذ تلوّثوا بكل شهوة وعدم تعقل، كلماتهم لا تحمل رقّة، أغبياء بسبب تجاهلهم لله، فإنه أيّة غباوة أكثر من احتقار الشخص للخالق وتعبُّده لعمل يديه كما لو كان خالقه؟! كانوا ضعفاء في الروح، أدنياء، إذ نسبوا أصلهم السماوي وصاروا عبيدًا للشهوات والشيّاطين. كانوا مثقّلين بالأحمال، يئنّون تحت ثقل ظلمة الوثنيّة وخرافاتها[753].] ويقول القدّيس كيرلّس الكبير في هذا: [لقد خلق إله الكل الإنسان على الأرض بعقلٍ قادرٍ على الحكمة، له قُوى الفهم، لكن الشيطان خدعه؛ ومع أنه مخلوق على صورة الله أضلَّه، فلم تعد له معرفة بالخالق صانع الكل. انحدر الشيطان بسكان الأرض إلى أدنى درجات عدم التعقّل والجهل. وإذ عرف الطوباوي داود ذلك، أقول بكى بمرارة قائلاً: "والإنسان في كرامة لم يفهم، يشبه البهائم بلا فهم" (مز 49: 12). من المحتمل أن الأتان الأكبر سنًا ترمز لمجمع اليهود إذ صار بهيميًّا، لم يعطِ للناموس اهتمامًا إلا القليل، مستخفًا بالأنبياء والقدّيسين، وقد أضاف إلى ذلك عصيانه للمسيح الذي دعاه للإيمان ولتفتيح عينيّه، قائلاً: "أنا هو نور العالم، من يؤمن بي فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة" (يو 8: 12). الظلمة التي يتحدّث عنها هنا بلا شك تخص الذهن وتعني الجهل والعُمى وداء عدم التعقّل الشديد. أمّا الجحش الذي لم يكن بعد قد اُستخدم للركوب فيمثِّل الشعب الجديد الذي دُعيَ من بين الوثنيّين. فهذا أيضًا قد حُرم بالطبيعة من العقل؛ كان هائمًا في الخطأ، لكن المسيح صار حكمته "المذخَّر فيه جميع كنوز الحكمة (وأسرار) العلم" (كو 2: 3). لذلك أُحضر الجحش بواسطة تلميذين أرسلهما المسيح لهذا الغرض. ماذا يعني هذا؟ إنه يعني أن المسيح دعا الوثنيّين بإشراق نور الحق عليهم، يخدمه في ذلك نظامان: الأنبياء والرسل. فقد رُبح الوثنيّون للإيمان بكرازة الرسل الذي يستخدمون كلمات مقتبسة من الناموس والأنبياء. يقول أحدهم للذين دُعوا بالإيمان لمعرفة مجيء المسيح: "وعندنا الكلمة النبويّة وهي أثبت، التي تفعلون حسنًا إن اِنتبهتم إليها كما إلى سراج منير في موضعٍ مظلمٍ، إلى أن ينفجر النهار ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم" (2 بط 1: 19)... فإذ تفجّر النهار بإشراق نور الحق لم تعد الكلمة النبويّة سراجًا صغيرًا بل صار يضاهي أشعة كوكب الصبح. لقد أُحضر الجحش من قرية، مشيرًا بذلك إلى حال فكر الوثنيّين غير المتمدِّن، إذ لم يكن كمن تعلَّم في مدينة، وإنما كمن عاش بطريقة ريفيّة خشنة وفَظّة... هؤلاء لا يستمرّون على هذا الحال بخصوص الذهن غير المتمدِّن، وإنما يتغيّرون إلى حالة من السلام والحكمة بخضوعهم للمسيح معلّم هذه الأمور. إذن، لقد أُهملت الأتان، إذ لم يركبها المسيح مع أنها سبق فاُستخدمت للركوب ومارست الخضوع لراكبيها، مستخدمًا الجحش الذي كان بلا مران سابق ولم يستخدمه أحد... وكما سبق فقلت لقد رفض المجمع اليهودي الذي سبق فامتطاه الناموس، وقبل الجحش، الشعب الذي أُخذ من الأمم[754].] هذا التفسير الرمزي للقدّيس كيرلّس الكبير أخذه عن العلاّمة أوريجينوس القائل: [رَمَزَ للمجمع اليهودي القديم بالأتان، إذ كان مقيَّدًا بخطاياه. وكان أيضًا معها الجحش مقيَّدًا، كرمز للشعب الحديث الولادة من الأمم. وإذ اقترب المخلّص وصار الطريق لأورشليم السماويّة مفتوحًا أمر بحلِّها خلال تعاليم تلاميذه الذين أعطاهم الروح القدس، قائلاً: "اقبلوا الروح القدس، من غفرتم خطاياه تُغفر له، ومن أمسكتم خطاياه أُمسكت" (يو 20: 22-23). كما يقول: [كان احتياجه هكذا أنه إذ يجلس عليهما يحرّرهما من الأتعاب، مصلحًا من أمْر من يجلس عليهما، لا بمعنى أنه هو الذي يستريح بواسطتهما[755].] ويقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [يعني بالجحش الكنيسة والشعب الجديد الذي كان قبلاً غير طاهر وقد صار طاهرًا، إذ استقرّ يسوع عليه[756].] ثانيًا: يتحدّث القدّيس جيروم عن التلميذين اللذين أرسلهما السيِّد، قائلاً: [أرسل تلميذيه، أحدهما لأهل الختان والآخر للأمم[757].] أمّا القدّيس هيلاري أسقف بواتييه فيرى أن التلميذين قد أرسلا إلى الأمم، أحدهما إلى السامرة التي كانت لها بعض المعرفة عن الله والآخر لبقيّة الأمم، قائلاً: [الأتان والجحش يشيران إلى دعوة الأمم المزدوجة. فالسامريّون عبدوا الله خلال طقوسهم، وقد أُشير إليهم بالأتان، أمّا الأمم فيُشار إليهم بالجحش إذ لم يكونوا بعد قد تدرّبوا على الحمل. هكذا أرسل (السيِّد) اثنين لتحرير من كانوا تحت رباطات الخزعبلات. فآمنت السامرة بواسطة فيلبس، وآمن كرنيليوس بالمسيح كبكر عن الأمم بواسطة بطرس[758].] لاحظ القدّيس جيروم في إنجيل لوقا البشير أن للجحش أصحاب كثيرون، وكأن هذا الشعب خاضع ليس لخطيّةٍ واحدٍ أو لشيطانٍ واحدٍ بل لكثيرين، هؤلاء الذين اِستسلموا خلال كرازة الرسل، تاركين إيّاه لسيِّده الحقيقي يسوع المسيح. ثالثًا: يتحدّث القدّيس أمبروسيوس عن السلطان الإلهي الذي وُهب للتلميذين ليحلاّ الأتان والجحش، قائلاً: [ما كان يمكن حلهما إلا بأمر الرب، فاليد الرسوليّة التي من قبل الرب تحلِّهما[759].] ويقول العلاّمة أوريجينوس: [هذه الأتان كانت حاملة أولاً بلعام (عد 22)، والآن تحمل المسيح، هذه التي حلّها التلاميذ، فتحرّرت من الرباطات التي كانت تقيّدها، ذلك لأن ابن الله صعد عليها ودخل بها في المدينة المقدّسة أورشليم السماويّة[760].] ويقول القدّيس جيروم: [كما أرسل (السيِّد) تلميذيه ليحلاّ الجحش ابن الأتان ليمتطيه، هكذا يرسلهما إليك ليحلاّك من اهتمامات العالم وتركك للّّبْْن والقش الذي لمصر فتتبعه بكونه موسى الحقيقي، وتدخل إلى أرض الموعد خلال البرّيّة[761].] رابعًا: طلب السيِّد من تلميذيه أن يقولا لصاحب الأتان والجحش: "الرب محتاج إليهما". حقًا إنه يتطلّع إلى البشريّة كلها لا كمن يتعالى عليها، بل كمن هو محتاج إلى الجميع، يطلب قلوبنا مسكنًا له، وحياتنا مركَّبة سماويّة تحمله. مصدر المقال: موقع الأنبا تكلاهيمانوت. لاحظ القدّيس يوحنا الذهبي الفم أن السيِّد لم يطلب منهما أن يقولا: "ربَّك محتاج إليهما"، ولا أن يقولا "ربّنا محتاج إليهما"، بل قال "الرب"، وذلك [لكي يُدركون أنه رب البشريّة كلها، حتى الخطاة منتمون إليه، وإن كانوا بكامل حرّيتهم قد اِنتموا إلى الشيطان[762].] والعجيب أن صاحب الأتان والجحش لم يجادلهما بل سلَّم بملكِه للسيِّد، وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [إن كان الذي لم يعرف المسيح خضع له، فكم بالأحرى يليق بتلاميذه أن يقدّموا له كل شيء[763].] خامسًا: يُعلن الإنجيلي متّى أن ما يحدث قد سبق فأنبأ به زكريّا النبي: "فكان هذا كلّه لكي يتمّ ما قيل بالنبي القائل: قولوا لابنة صهيون هوذا ملكك يأتيك وديعًا راكبًا على أتان وجحش ابن أتان" [4]. وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [إذ عرف النبي، أعني زكريّا، حقد اليهود ومقاومتهم للمسيح عند صعوده للهيكل، سبق فحذَّرهم، معطيًا لهم هذه العلامة لكي يعرفوه[764].] لقد أعلن السيِّد المسيح حبّه لعروسه فتصاغر أمامها لكي يخدمها، فعند دخوله إلى أورشليم ليمد يده للنفس البشريّة كعروس له، لم يتَّخذ لنفسه مركبًا وخيلاً ورجالاً يجرون أمامه، كما فعل أبشالوم بن داود عند دخوله مدينة أبيه (2 صم 5: 1)، ولا اِتخذ لنفسه عجلات وفرسانًا كما فعل أدونيا (1 مل 1: 5)، ولم يبوِّق قدَّامه بالبوق والناي كما حدث مع سليمان (1 مل 1: 38-40). الجالس في سماء السماوات سبق فأرسل إلى إيليّا مركبة ناريّة، أمّا هو فركب أتانًا وجحش ابن أتان، مع أنه هو الذي رآه إشعياء جالسًا على كرسي عظمته على مركبة الكاروبيم على كرسي عال مرتفع وأذياله تملأ الهيكل (إش 6: 1) وكما ينشد القدّيس يعقوب السروجي قائلاً: [حبَّك أنزلك من المركبة إلى الجحش العادي. عِوض جنود الكاروبيم غير المفحوصين، يبجِّلك جحش متواضع في بلدنا! أنزلتْكَ المراحم من بين العجل والوجوه وأجنحة اللهب، لكي يبجّلك ابن الأتان في المركبة. يجاهر السمائيّون ببهائك، وهنا الجحش الحقير المزدرى به يحملك بين السمائيّين. كاروبيم النار يباركونك طائرين، وهنا الأطفال يمجّدونك بتسابيحهم. ملائكة النور... يهيّئون طريقه، والتلاميذ هنا يلقون قدامه ثيابهم. نزل الجبار من عند أبيه ليفتقد مكاننا، وبإرادته بلغ إلى منتهى التواضع. ركب الجحش ليفتقد بالتواضع شعبه. زكريّا النبي حمل قيثارة الروح، وأسرع قدّامه بترتيل نبوّته بابتهاج، شدّ أوتاره وحرَّك صوته وقال: "افرحي يا ابنة صهيون واهتفي واصرخي، لأن ملكك يأتي، وها يبلغ راكبًا جحشًا ابن أتان" (زك 9:9)[765].] ويُعلّق القدّيس يوحنا الذهبي الفم على استخدام السيِّد للأتان والجحش، قائلاً: [إن كان النبي قد عاش قبل مجيئه بزمان طويل يقول "هوذا" (زك 9:9)، ليوضّح أن من يتكلَّم عنه هو ملكهم حتى قبل أن يولد. متى رأيتموه لا تقولوا: ليس لنا ملك إلا قيصر، فقد جاء إليكم ليخلّصكم إن فهمتموه، أمّا إن لم تفهموه فيأتي ضدَّكم. جاء "وديعًا" حتى لا تهابوا عظمته، بل تُحبُّون رقَّتِه. لا يأتي جالسًا على مركبة ذهبيَّة، ولا ملتحفًا بالأرجوان، ولا راكبًا على فرس ناري، كمن يشتاق إلى الخصام والصراع، وإنما يأتي على أتان صديقًا للهدوء والسلام[766].] سادسًا: إلقاء الثياب تحته، "فذهب التلميذان وفعلا كما أمرهما يسوع. وأتيا بالأتان والجحش، ووضعا عليهما ثيابهما، فجلس عليهما. والجمع الأكثر فرشوا ثيابهم في الطريق" [6-8]. سبق فقلنا[767] أن تقديم الثوب إلى شخص يُشير إلى ترشيحه للرئاسة (إش 3: 6)، وهنا تقدّم التلاميذ نيابة عن الكنيسة يُعلنون قبولهم العريس رأسًا ورئيسًا. ألقوا بالثوب القديم ليتمتّعوا بالسيِّد المسيح نفسه كثوب البرّ الذي يلتحفون به ويختفون فيه. نزعوا ثوب السجن مع يهوياكين (إر 52: 33) حتى يقدروا أن يجالسوا العريس ملك الملوك، فيسمعوا مناجاته: "ما أحسن حبِّك يا أختي العروس... رائحة ثيابِك كرائحة لبنان" (نش 4: 11). أمّا هم فيردّدون: "فرحًا أفرح بالرب، تبتهج نفسي بإلهي، لأنه قد ألبسني ثياب الخلاص، كساني رداء البرّ، مثل عريس يتزيَّن بعمامة ومثل عروس تتزيّن بحليّها" (إش 61: 10). يتحدّث القدّيس جيروم عن هذه الثياب، قائلاً: [ثياب التلميذين التي وضعاها على الحيوان تُشير إلى تعليم الفضيلة أو تفسير الكتاب المقدّس وإلى الحق الذي للكنيسة، فإن لم تتزيّن النفس بهذه الأمور وتلتحف بها لا تستحق أن تحمل الرب[768].] سابعًا: استخدموا سعف النخيل وأغصان الزيتون، "وآخرون قطعوا أغصانًا من الشجر وفرشوها في الطريق" [8]. جاء في إنجيل يوحنا "فأخذوا سعوف النخل، وخرجوا للقائه" (يو 12: 13). أعلن الشعب عن فرحة الكنيسة بنصرتها بالرب. وقد اختلط سعف النخل بأغصان الزيتون، وكأن روح النصرة قد امتزجت بروح السلام، إذ دخل الأسد ليرقد في القبر، فيفزع الموت، ويفجِّر أبواب الجحيم، مقدّمًا سلامًا فائقًا للنفس بارتفاعها فوق الموت، ودخولها إلى حضن الآب في مصالحة أبديّة. يقول القدّيس أغسطينوس: [سعف النخيل شعار للمدح، يعني النصرة، فقد كان الرب قادمًا للنصرة على الموت بالموت، وهزيمة الشيطان رئيس الموت بصليبه الغالب[769].] ولعلّ أغصان الشجر هنا تُشير إلى نبوّات العهد القديم التي تقتطعها لكي تفرش لنا طريق دخول المسيّا المخلّص إلى قلبنا، فإنه ما كان يمكن للعالم أن يتقبّل ربّنا يسوع بكونه المسيّا المخلّص لو لم تُفرش هذه النبوّات أمامه في أذهاننا وقلوبنا تُعلن عن شخصه. ثامنًا: صرخات الجموع "والجموع الذين تقدّموا والذين تبعوا، كانوا يصرخون، قائلين: أوصانا لابن داود، مبارك الآتي باسم الرب، أوصنا في الأعالي"[9]. استقبلته الجماهير بفرح وتهليل كملك "ابن داود"، إذ وحده يقدر أن يخلّصهم، ويرتفع بهم إلى الأعالي. لكن ماذا يعني بالجموع التي تقدّمته والتي تبعته. يقولالقدّيس جيروم: [جموع الذين آمنوا بالرب قبل الإنجيل (التي تقدّمته)، والذين آمنوا به بعد الإنجيل (تبعته)، فالكل يسبّح معًا بصوت واحد ويشهدون له.] هذا التفسير الرمزي التقطه القدّيس جيروم عن العلاّمة أوريجينوس القائل: [يمكننا القول بأن الذين تقدّموه هم الأنبياء القدّيسون الذين عاشوا قبل مجيئه، أمّا الذين تبعوه، فهم الرسل الذين التصقوا به بعد مجيء الله الكلمة. أعلن الكل نفس الشيء، متّحدين معًا بصوت واحد: إن المخلّص قد تأنّس.] ويقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [السابقون أعلنوا بالنبوّة عن المسيح الآتي، والآخرون سبَّحوا معلنين أن مجيئه قد تحقّق.] هكذا استقبلته الجماهير، تقدّمته جماعة بالتهليل ممثّلة رجال العهد القديم الذين رأوه بعينيّ الإيمان خلال النبوّة، وتبعته جماعة خلفه تسبِّحه كممثّلة لرجال العهد الجديد الذين تمتّعوا بما اشتهاه الأنبياء. أما تسابيحهم فتركّزت في إعلان الخلاص، قائلين: "أوصنا" أو "هوشعنا"، وهي كلمة عبريّة تركت في أغلب الترجمات كما هي، لذلك يراها القدّيس أغسطينوس أداة تعجّب تكشف عن حالة ذهنيّة أكثر منها معنى خاص، وإن كان أغلب الآباء والدارسين يرون فيها معنى "خلصنا". وكما يقول القدّيس جيروم:[أنها تعني أن مجيء المسيح هو خلاص العالم.] أما قوله "أوصنا لابن داود... أوصنا في الأعالي" فكما يقول العلاّمة أوريجينوس: [مدحوا ناسوتيتّه بصراخهم: "هوشعنا يا ابن داود"، ومدحوا إصلاحه، هذا يعني أن الخلاص هو في الأعالي، مشيرًا بوضوح إلى أن مجيء المسيح يعني الخلاص الذي لا يمس البشر وحدهم بل المسكونة كلها، رابطًا الأرضيّات بالسماويات (في 2: 10).] ويُعلّق القدّيس أغسطينوس على قوله "مبارك الآتي باسم الرب قائلاً: [لنفهم من قوله "باسم الرب" بالأكثر "اسم الله الآب"، وإن كان يمكن أن يُفهم على أنه باسمه هو بكونه الرب... لقد قال بنفسه: "أنا قد أتيت باسم أبي ولستم تقبلونني، إن أتى أحد باسم آخر فذلك تقبلونه" (يو 5: 43). فإن المعلّم الحقيقي للتواضع هو المسيح الذي أخلى نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب (في 2: 8)، لكنّه لم يفقد لاهوته بتعليمه التواضع. فبالواحد هو مساوٍ للآب، وبالآخر هو مشابه لنا نحن. بذاك الذي هو مساوي للآب دعانا إلى الوجود، وبالذي صار به مشابهًا لنا، خلَّصنا من الهلاك[770].] تاسعًا: "ولما دخل أورشليم اِرتجَّت المدينة كلها قائلة: من هذا؟. فقالت الجموع: هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل" [10-11]. هكذا إذ دخل يسوعنا الحيّ إلى أورشليمنا الداخليّة ليُقيم ملكوته فينا بالصليب يرتج القلب كلّه مقدّمًا كل مشاعره وأحاسيسه وحبّه للملك الجديد، فيستعيد سلامه ويدخل إلى المصالحة مع السماء، بل ويصير سماءً جديدة! |
07 - 04 - 2017, 12:29 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: هوذا ملكك ياتيك راكبا على جحشا (احد الزعف )
ميرسى ربنا يبارك تعب محبتك
|
||||
07 - 04 - 2017, 01:36 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: هوذا ملكك ياتيك راكبا على جحشا (احد الزعف )
ربنا يبارك حياتك |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ها هو ملكك قادم إليك، راكبا على جحش ابن أتان |
دخل يسوع إلى اورشليم راكبا جحشا |
هوذا ملكك يأتيك |
هوذا ملكك يأتيك وديعًا |
هوذا ملكك |