أثِينَا
اسم يوناني وهو أصلًا اسم الآلهة "أثينا" ثم أطلق على المدينة التي كانت عاصمة أتيكا (وهي قسم من أقسام اليونان في القديم)، وقد اصبحت المدينة فيما بعد مركز الثقافة في العلوم والآداب في العالم القديم.
ولا يعرف شيء بالتحقيق عن التاريخ الذي أسست فيه، إلا أن الأساطير تشير إلى أن كيكرويس (أول ملوكها ويظن أنه جاء من مصر) أسسها حوالي سنة 1581 ق.م. وقد استمرت يحكمها ملوك إلى عام 1068 ق.م تقريبًا. حين انتقلت السلطة إلى ايدي أراخنة (أو رؤساء سياسيون).
وقد اشتهر من بين هؤلاء مشرعان هما دراكو الذي عاش حوالي سنة 620 ق.م وعرف بقسوته وجبروته، وصولون وعاش حوالي سنة 594 ق. م وقد وضع الدستور الأول لدولته. وقد انتصر الأثينيون في عام 490 ضد قواد داريوس هستاسبس ملك الفرس، بمعونة البلاتيين. أما في عام 480 ق.م فقد سلمت المدينة لزركسيس بن داريوس. ولكن اليونان اضطروا الغزاة إلى الانسحاب بعد معركة بحرية في سلاميس في نفس تلك السنة وقد ساعد هذا الانتصار الأثينيين على تأسيس امبراطورية صغرى عاصمتها أثينا كانت تعتمد في كيانها على قوة الأسطول البحري لا غلى الجيش. وقد برز في عام 459-431 ق. م. قائد ديمقراطي قدير وهو بركليس.
وقد كان من خصائص حكمه الخيّر أن أقيم في أثينا عدد كبير من الأبنية العامة الجميلة، وكذلك ازدهرت الآداب أثناء حكمه. وفي أواخر حكمه اندلعت نيران الحرب البلبونيسية ودامت إلى عام 404ق.م حيث انتهت بتسليم أثينا للأسبرطيين. ولما جاء فيليب المقدوني وتداخل في أمور اليونان لم تكن الأمور مستقرة ولكن بعد أن قتل فيليب وجاء ابنه الاسكندر وتسلم مقاليد الحكم استتب له الأمر ووصلت أثينا في عصره إلى الذروة من القوة والنفوذ. وبعد أن خضعت بلاد اليونان للرومان أصبحت أثينا تحت نطاق حاكم مقدونية، ولكنها منحت استقلالًا ذاتيًا تقديرًا لتاريخها الماضي المجيد.
ومع أنها كانت خاضعة للحكم الروماني فإنها صارت المدينة الجامعية في العالم الروماني ومنها شعّ نور روحي وحيوية فكرية إلى مدن أخرى مثل طرطوس وأنطاكية والاسكندرية، وقد ازدهت فيها أربع مدارس فلسفية: وهي الأفلاطونية، والمشائية، والأبيكورية والرواقية. وقد أقبل طلاب كثيرون إلى المدارس من بلاد اليونان ومن روما أيضًا وقد استمرت مركزًا للعلم إلى أن حرم جستنيان دراسة الفلسفة في عام 529 ميلادية.
وفي أثناء رحلته التبشيرية الثانية نزل بولس في بيرية وهي ميناء أثينا على البحر. وبينهما طريق طوله ميلان. ويرجح أنه وهو في هذا الطريق رأى المذابح المخصصة للإله المجهول- وقد أشار مؤرِّخو القرن الثاني الميلادي إلى وجود هذه المذابح على نفس هذا الطريق، وفي أماكن أخرى في المدينة. ويرجح أنه عند اقترابه من العاصمة رآها كما كانت حينئذ ولا زالت إلى اليوم مبنية حول تل الأكروبوليس الذي ارتفاعه حوالي 500 قدم فوق سطح البحر، وقد كان هذا التل قبلًا حصنًا ثم أصبح فيما بعد مركزًا دينيًا، حيث أقيمت أشهر وأعظم المذابح والهياكل وربما قضى بولس وقتًا ما وهو يسير في شوارع المدينة ينظر غلى الأبنية العامة والهياكل العديدة والاستاديوم (ساحة الألعاب) والسوق وقاعات الاجتماعات حيث كانت تعقد المجالس أو يلقن الطلاب العلم.
وربما اكتشف حينئذ أن الأثينيين يحبون الجلوس في السوق أثناء النهار للتحدث في أنباء اليوم أو للتناقش في الآراء الفلسفية والدينية أو للمناظرة. وقد رأى بولس في ذلك فرصة سانحة لينادي بالانجيل، ولكن بالإنجيل، ولكن لم تجد رسالته إذنًا صاغية لدى جميع السامعين فطلبوا منه أن يذهب معهم غلى أريوس باغوس ليدافع عن تعليمه. وقد ظهر دفاعه أمام أعينهم كأنه فلسفة جديدة تنادي بإله واحد. وقد وجدت رسالته أذنًا صاغية لدى دايونسيوس الأريوباغي. كما قد آمن بالرسالة عدد من المدينة ومن مجمع اليهود كما ورد في (أعمال 17: 15-34). ولا نعرف شيئًا عن كنيسة أسست في أثينا في زمنه أو أنه كتب رسالة لها كما كتب لغيرها من الكنائس، انظر أريوس باغوس.