منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 29 - 12 - 2016, 03:58 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,632

مسيحيو الشرق في 2016.. قليل من الفرح كثير من العنف
مسيحيو الشرق في 2016.. قليل من الفرح كثير من العنف
بين أمل في الإيجابيات واستمرار نزيف الدماء بين عودة وتهجير ولجوء يأتي حصاد مؤلم وبه قليل من الفرح لمسيحيي الشرق الأوسط في 2016، نبدؤه بالإيجابيات التي أهمها تحرير سهل نينوي بالعراق وتحرير أجزاء كبيرة من محافظة الموصل وعودة للكنائس التي خربها تنظيم داعش، كذلك تحرير حلب وإقامة أول قداس للكريسماس بعد 5 سنوات، كذلك انتخاب رئيس للبنان وإضاءة شجرة الكريسماس في قصر بعبدا بعد غياب 3 سنوات، هذه أهم المظاهر الإيجابية التي شهدها 2016، وفي إطار رصدنا للحصاد لا بد من الإشارة إلى:

احتفال مسيحيي العراق بأول عيد للميلاد قرب الموصل:

حيث احتفل المسيحيون بعيد ميلاد السيد المسيح في مدينة حلب السورية بعد سنوات من تعليق الاحتفالات بسبب سيطرة المسلحين على قسم من المدينة، فيما تشهد مدن وبلدات مسيحية في إقليم كردستان العراق وفي بعض مدن العراق مراسم الاحتفال وسط إجراءات أمنية مشددة.

وأقام المسيحيون الكاثوليك في حلب، السبت 24 ديسمبر، أول قداس منذ 5 أعوام في كاتدرائية "مار الياس" المارونية في المدينة القديمة، وذلك بعد يومين من إعلان الجيش السوري استعادة السيطرة بالكامل على أحياء شرق المدينة التي كانت في أيدي الفصائل المعارضة.

فيما شهدت بلدة برطلة شمال العراق، تدفق مئات المسيحيين العراقيين، للاحتفال بعيد الميلاد لأول مرة منذ 2013. وأخليت برطلة، التي كان يعيش فيها آلاف المسيحيين الأشوريين في أغسطس من العام 2014، عندما سقطت في يد مسلحي تنظيم "داعش" أثناء*** ‬‬‬حملته الخاطفة التي انتهت بالسيطرة على مناطق كبيرة في العراق وسوريا.‬‬‬‬‬‬

وواصل المسيحيون العراقيون في عاصمة إقليم كردستان مدينة إربيل احتفالاتهم بعيد الميلاد بعد انتهاء قداس التكريس بإطلاق الألعاب النارية، وكعكة ضخمة على شكل كنيسة يعلوها الصليب الأحمر. وأنشدت الجوقة أغنية ملؤها الشجن تحمل بين كلماتها حنينا إلى الماضي، هي "نشيد الوداع" باللغة العربية.

من جهتها، أولت الصحف الفرنسية اهتمامًا كبيرًا بمسيحيي الشرق الأوسط تزامنًا مع الاحتفالات بأعياد الميلاد ورأس السنة؛ حيث قالت صحيفة "لوبس" عشية الاحتفال: إن: "داعش كان يخطط لإبادة الأقليات المسيحية في محافظة نينوي (مركزها الموصل)، لكن منذ تحرير عاصمتهم قره قوش، استعاد مسيحيو المنطقة بعض الأمل". وتابعت: لكن "الأمل لا يلغي القلق على المستقبل"، ناقلة عن الأهالي خوفهم من "تجدد الاضطهاد والتهجير".

وخصصت الصحيفة الفرنسية حيزًا هامًّا في مقالها لشهادات بعض الأهالي الذين لم يكن بإمكانهم مغادرة مدينة قره قوش في شمال العراق لدى هجوم "داعش" الإرهابي عليها في أغسطس 2014، ليعيشوا أكثر من سنتين دون كهرباء وماء، إضافة إلى تجريدهم من ممتلكاتهم وإجبراهم على نبذ المسيحية واعتناق الإسلام.

وركزت الصحيفة على التدمير الممنهج للكنائس من طرف إرهابيي "داعش" فيما تحدثت عن تهديد النساء بالضرب والاغتصاب.

وقتل عشرات المسيحيين جراء تفجيرات داخل الكنائس أثناء إقامة طقوس دينية مقدسة، فيما قتل تنظيم "القاعدة" في العراق وحلفاؤه في المنطقة مئات المسيحيين، وهجروا أعداد كبيرة من منازلهم.

لكن احتفالات أعياد الميلاد هذه السنة تأتي تزامنا مع حالة من الارتياح التي يعيشها مسيحيو العراق للمرة الأولى منذ سنوات عدة، إذ حرر عدد كبير من القرى والمدن في محيط مدينة الموصل من سيطرة الجماعات الدينية المتشددة التي كانت تمارس العنف بلا هوادة باسم تنظيم "داعش".نشرت صحيفة” التليجراف” البريطانية تقريرا جاء فيه إن المسيحيين الذين يعيشون في منطقة الشرق الأوسط ما زالوا يعانون يعانون من وضع صعب للغاية، حيث ترغب داعش في تطهير المنطقة من جميع المسيحيين.

وأضافت الصحيفة البريطانية في تقريرها أن المخاوف تتزايد لدى المجتمعات المسيحية في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما وأن عام 2016 يعتبر الأعنف بالنسبة للمسيحيين.

وأوضحت تليجراف أنه في جميع أنحاء الشرق الأوسط يعاني المسيحيين من مختلف الأعمار من الهجمات الإرهابية التي تتزايد، لا سيما في العراق وسوريا وهما البلدان اللتان يعاني فيهما المواطنين من ويلات الحرب، حيث قبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، كان هناك حوالي مليون مسيحي في العراق، اليوم هناك 200 ألف فقط.

واستطردت الصحيفة أن المجتمع في سهول نينوى التي تقع حول الموصل كانت توصف بأنها القلب النابض للمسيحيين،والتي تم تحريرها من داعش الا ان ها ما زالت خالية حيث واجهت معظم أنحاء المدينة الدمار والعنف على أيدي داعش. كما أنه فيما يخص مستقبل المسيحيين، قال المطران بشار وردة، رئيس أساقفة أربيل أن المسيحيون منقسمون اليوم إلى جزء حريص على العودة إلى دياره؛ وآخر يرغب في ترك العراق تماما.

وكانت سوريا موطن لحوالي 1.5 مليون مسيحي قبل اندلاع الحرب في عام 2011 ولكن في جميع أنحاء البلاد فرَّ اليوم أكثر من الثلثين، ولم يتبقَ بها اليوم سوى 500 ألف من أفقر المسيحيين فقط، وفقا لأسقف كاثوليكي من حلب. ومعظم الذين غادروا كانوا يحاولون الفرار من القتال والحرمان الذي يعصف بهم في سوريا، وكما هو الحال في العراق فإن المسيحيين تم استهدافهم من قبل داعش والجماعات الإرهابية الأخرى.الاان تحرير حلب قد يعطي امل ايضا في عودة المسيحيين

كما أن المسيحيين الفلسطينيين يعانون من العنف في البلدان المجاورة، وشرعوا في تساءل عما إذا كان يمكن أن يحدث لهم أيضا ما يجري للمسيحيين في باقي دول المنطقة.

كما أكبر أقلية مسيحية في الشرق الأوسط توجد في مصر، حيث هناك نحو 9 ملايين شخص يمثلون 10 في المائة من السكان- لايوجد رقم يعبر عن تعداد الأقباط رسميا تعرضوا أيضا لعدة هجمات إرهابية، وبرغم أن مسئولو الكنيسة القبطية كانوا يشعرون بالارتياح عندما أطيح بالرئيس الإخواني محمد مرسي عام 2013 وحل محله الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي قدم نفسه كمدافع عن الأقليات الدينية الا ان اعمال العنف الانتقامية من جماعة الإخوان تجاههم ما زالت مستمرة

وقال رئيس البطريركية اللاتينية في القدس، المطران بييرباتيستا بيزابالا، في مؤتمر صحفي: إن مسيحيي الشرق الأوسط يواجهون "مأساة" متهما المجتمع الدولي بالتقاعس في نجدتهم، وقال في مؤتمر صحفي آخر عقده قبيل حلول أعياد الميلاد: "إن وضع المسيحيين، وخصوصا في سوريا والعراق، عبارة عن مأساة.

وأضاف بيزابالا: إن نحو ثلثي المسيحيين تركوا سوريا والعراق، وخص بالذكر الوضع في مدينة حلب إذ قال "كان يعيش في حلب قبل اندلاع الحرب نحو 300 ألف مسيحي، أما الآن فلم يتبق منهم إلا 5 آلاف بالكثير." واتهم حكومات العالم بالتقاعس في المساعدة في إعادة الاستقرار إلى المنطقة، واللجوء بدل ذلك إلى إطلاق "الشعارات"، حسب تعبيره. وقال: بهذا الصدد "اقتصر رد المجتمع الدولي على إطلاق الشعارات وقليل من الدعم الاقتصادي، وليس أكثر. إنه رد ضعيف جدا."

ومضى للقول إنه بالرغم من ندرة الهجمات التي تستهدف المسيحيين لدينهم تحديدا، فثمة امثلة على تعرضهم للاضطهاد على ايدي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.

وكان 29 قبطيًّا قد قتلوا في هجوم بالمتفجرات استهدف كنيسة البطرسية للأقباط في القاهرة، بينما قتل في سبتمبر الماضي كاتب مسيحي رميا بالرصاص في الأردن.. هو ناهض حتر.

ويقول مركز بيو للأبحاث: إن منطقة الشرق الأوسط تشهد أعلى مستويات من العنف الديني في العالم، إذ يتعرض المسيحيون للمضايقة في 16 من دولة الـ 20.

وقدم الباحث الدكتور حسن مصدق باحث بمركز أنظمة الفكر المعاصر، في جامعة السوربون حصاد متشائم لمصير المسيحيين العرب في الشرق الأوسط جاء فيه:

تنبئ الصراعات المحتدمة في عدد من بلدان الشرق الأوسط، والتي بدأت تتخذ أبعادا طائفية ومذهبية خطيرة، بمستقبل سوداوي يُهدد تواجد الأقليات ويضرب قيم التعايش التي طالما عرفت بها المنطقة في مقتل. وتجسد المعاناة التي يعيشها المسيحيون العرب، تحديدا، جراء ما لحقهم من تهجير وتشريد، شدّة هذه الأزمة متعددة الأوجه التي تمر بها المنطقة، والتي تنامت حدتها وما زالت تنبئ بالأسوأ، في ظل تفكك الدول وغياب مفهوم المواطنة.

أمام تحولات الشرق الأوسط وما يشهده الوضع من تصدع في الأنظمة السياسية والبُنى الاجتماعية والعلاقة بين الطوائف، تُثار وضعية حضور المسيحيين العرب في المنطقة، حيثُ يتأرجح مصيرهم اليوم بين وجود مهمّش وإقصاء وتهجير، يجعل من وضعيتهم الحالية بين المطرقة والسندان. وتنتاب المسيحيين العرب اليوم حالة من الخوف بسبب ما يتعرضون له من عنف لم يسبق له مثيل في تاريخ المنطقة، جراء ما يُفرض عليهم من إتاوات وما يطالهم من خطف وذبح وتقتيل وتهجير، حيث بات استهدافهم من طرف التنظيمات الإرهابية المتشددة عُملة رائجة.

وهو ما بات يهدد بإفراغ المنطقة من ثرائها الروحي والثقافي والفكري الذي عرفت به منذ قرون. وذلك في مقابل غياب تام لدور عربي وازن، يواجه خطر التحديات المرتبطة بحماية أقلياتها الدينية، واختلال توازن المشهد السياسي تحت ضغط السلاح والعنف واستخدام ميليشيات محلية طائفية.

والحال أنّ كل رؤية سياسية وإعلامية تدفع بوصف مُغاير للآخر وللأقليات، يُغذيه تنوع وتعقد التجمعات المسيحية نفسها، فضلا عن انقسام المسيحيين بين كنيسة أرثوذكسية مشرقية، وكنيسة أرثوذكسية شرقية منذ مدة طويلة.

حالة من عدم الوضوح تعدّدت معها التسميات بين “المسيحيون العرب”، “مسيحيو الشرق”، “مسيحيو الشرق الأوسط”، “مسيحيو المشرق” و”مسيحيو الشرق الأدنى”، وهي تسميات تستبطن رؤية سياسية غير بريئة، تقصد عزلهم عن انتمائهم العروبي، وتجعلهم أقليات دخيلة على النسيج الاجتماعي العربي، وقد تترتب عنها خرائط دينية وسياسية والتزامات إقليمية ودولية خطيرة.

وتعتبر تسمية “المسيحيون العرب”، من بين تلك التسميات، الأقدر حفاظا على الانتماء العروبي الملقح ضد الأيديولوجيات، فهي تعترف بالحق الديني وتجعل منه اعترافا بالحضور والوجود، مما يحفظ للتنوع الديني حقه وشرعيته في رباط الأخوة والمواطنة، وتجعل العرب المسلمين والعرب المسيحيين أخوة في المصير والمستقبل المشترك؛ فهم جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والسياسي والثقافي العربي المحلي، وهم أيضا، جزء من معاناة عامة أصابت جميع مواطنيهم على اختلاف انتماءاتهم دون استثناء.

والثابت أنّ الكل في الشرق الأوسط يعاني من ويلات الحرب الأهلية والتعصب ومخاطر انهيار الدولة الوطنية، بالإضافة إلى فوضى التفكيك التي ألمت بالأوطان جراء تدخلات عسكرية أجنبية كارثية، وضعت الاستقطاب الطائفي والمحاصصة على رأس أولوياتها لإضعاف الدولة المركزية.

معاناة متعددة الأوجه

أضحى جليا اليوم أنّ معاناة المسيحيين العرب تزداد بشكل كبير؛ حيث إن الصراعات وضعتهم في أتون خيارات لا يحسدون عليها؛ دفع الجزية أو الهروب أو تغيير الملة أو الموت. وفي ظل العنف الدائر في المنطقة وقع اعتبارهم مواطنين من درجة ثانية بفعل الجدل الدائر حول الوضع القانوني لغير المسلمين، بعد أن كانت الدولة الوطنية في الشرق العربي قد حسمت هذا الأمر بعد أن دفع المسيحيون العرب مع إخوانهم تضحيات كبيرة في سبيل تحقيق الاستقلال الوطني. لكن لا يمكن حصر أسباب معاناة المسيحيين وأوجهها في دائرة دينية بحتة، بل هي في الأصل معقدة ومركبة تختلط فيها أسباب سياسية واقتصادية واجتماعية، تقف في وجه التعايش المشترك واستمرار الحوار والتواصل، وهي كالتالي:

* أولا استمرار الاستقطاب السياسي الحاد في الوطن العربي، وعدم قدرة الدول على مسايرة تطلعات شعوبها بالشكل المطلوب والعمل على دمج الجميع، فضلا عن غياب أسس الحوار السياسي السليم والسلمي، وغياب رؤية تفصل بين الجماعة الدينية والجماعة السياسية، ممّا يحول دون اندماج واستيعاب الأقليات والمسيحيين بشكل خاص في نسيج الدولة ومؤسساتها على قاعدة المواطنة.

* ثانيا تنامي خطاب إسلامي إقصائي ومتخلف في فهمه لأسس الدولة المدنية الحديثة، يسعى إلى حكم المجال السياسي والمدني باسم الدين، واحتكاره في قاعدة الملة والذمة، فضلا عن إضفاء المقدس على خطابه ومحاولة إقصاء الآخرين، حيث يستوي كل المواطنين الآخرين المختلفين معه أمام هذا الإقصاء، فحتى المسلمون لم يسلموا من توظيف هذه الجماعات لشعارات دينية بغاية التهميش والتشويه والتكفير. فضلا عن حضور طاغ لفقه الذمية بشكل سطحي وفج، وعدم نجاح الإسلام السياسي الذي يدعي النشاط السلمي في تطوير فقه المواطنة.

* ثالثا محاولة بعض الأنظمة استغلال الأقليات الدينية وجعلها ملحقة وتابعة لنظامها بروح “أبوية” تبعية ومتوقفة عليها، حيث تدفع ببعض الأعيان والإكليروسات والزعامات إلى الواجهة على قاعدة “الزبونية” والمحاصصة، حيث تتحكم في طائفتها كإقطاعيات متوارثة، فيما تعاني الأغلبية من عدم المساواة القانونية.

* رابعا دخول إشكالية الأقليات في العالم العربي معترك الألاعيب الجيوسياسية والدولية، حيث تحاول القوى الكبرى استغلال أوضاع الأقليات الحالية لمزيد من التدخل والاستقطاب بسبب الوضع القانوني لغير المسلمين وعدم ترسيخ مفهوم المواطنة القانونية والسياسية، وخاصة عدم قبول شهادتهم في المحاكم.

ضعف ثقافة المواطنة

جعل قصور الدولة العربية الحديثة عن استكمال مقومات البناء الوطني وعدم تطور الوضع السياسي وفق قاعدة الانفتاح والإدماج وازدياد احتكار السلطة والثروة قابلية تلك الدولة للتأثر بالأخطار الموجودة والمحدقة كبيرة، حيث إن البناء المعرفي والثقافي والسياسي لم يعد مرتبطا بمرحلة التنوير، لدرجة لم تستطع الدولة معها أن تتحول إلى قوة ناعمة وجاذبة لكل الشرائح الاجتماعية والسياسية، بل إنّ الأخطاء السياسية التي وقعت فيها جعلت من مشاكلها المزمنة كرة لهب متوقدة، وأصبح مصعد السلم الاجتماعي معطلا، وتنامت وتيرة التفاوت الاجتماعي في ظل ازدياد تركز السلطة والثروة، وتوسع نطاق البطالة والتهميش، مما جعل الرايات المرفوعة لتغيير الأوضاع بيد “داعش” وغيره، في وقت تجاوز فيه الزمن هذا النوع من التغيير ووسائله.

والحال أنّ أدبيات الإسلام السياسي فاقمت الأمر، حيث لم تقدم نموذجا جديدا للحكم يراعي حقوق الأقليات الدينية وانتماءها الوطني، فهي تعاملت مع المسيحيين كجماعة دينية، وتجاهلت كليا المواطنة، فيما أسهمت في خلق استقطاب ثقافي وفكري حاد حول عاداتهم ومناسباتهم الدينية، ووصل الأمر ببعضهم إلى حد ترويج تصورات فقهية شديدة التعصب، تطالب المسلمين بعدم تقديم التهاني لهم في أعياد الميلاد وعدم مصافحتهم، فيما زاد التردي السياسي والاقتصادي وشيوع الفوضى مع حدة الولاء للانتماءات الأولى وتوظيفها في الصراع السياسي الأزمة استفحالا، بدلا من زرع قيم الدولة الوطنية الحديثة، والمواطنة القائمة على قاعدتي تكافؤ الفرص والمساواة.

والواقع أنّ عناصر الانقسام ما زالت مستمرة بأشكال مختلفة في العالم العربي، في تغذية البيئات المنتجة للتطرف والانتقام الأعمي والكراهية ونظرية المؤامرة، نتيجة للجمود والانغلاق على النفس، والعجز عن إطلاق الطاقات، وغياب روح المبادرة لدى الأجيال الجديدة، مما أسهم في انفجار سلوكيات متوحشة وإعداد كتل موقوتة وانفجارية.

أضحى جليا اليوم أنّ معاناة المسيحيين العرب تزداد بشكل كبير، حيث إن الصراعات وضعتهم في أتون خيارات لا يحسدون عليها

أمّا على مستوى الاستقطاب الديني داخل العالم الإسلامي، وبقدر ما ظل فضاؤه ساحة للانقسامات ثم النكسات، بقدر ما نلمس تفجر عنف وعنف مضاد بين الطوائف الدينية والمذهبية والعرقية، يسهم في تأليب من يجيدون الرقص على حبال احتكار الرحمة الربانية بالتقسيط، وبيعها في مزاد السوق الدينية لأغراض سياسية ومذهبية مقيتة.

وتاريخيا، لم تخرج الدولة العربية الحديثة من المعالجة العقيمة لمشاكل الأقليات، فهي ما زالت تتعامل بمنطق قديم ساد لدى السلطنة العثمانية، حيث تجعل كل طائفة مسئولة على رعاياها وملتها، وتمنح العطايا والمنح وفق مزاج القائمين على السلطة. وهو ما يدلّ على أنّ ما يعانيه المسيحيون اليوم هو جزء من ضعف ثقافة المواطنة ودولة الحق والقانون، ويجعل المشكلة أعقد من علاقة بين مسيحيين ومسلمين، ومسيحية وإسلام.

وقد أسهمت هذه العوامل، بالإضافة إلى العنف المتنامي، في تهجير المسيحيين العرب ودفعهم للرحيل، حيث لم يعد أمامهم من خيار سوى العزلة الشديدة في مناطق جبلية وعرة أو دفع الإتاوة صاغرين، وهو ما يجردهم من مواطنتهم وولائهم لأوطانهم بعدما استطاعوا أن يقيموا علاقات أساسها التعايش مع مواطنيهم من العرب المسلمين طيلة قرون.

ولا يخفى على أحد أنّ عروبة مسيحيي المنطقة ضاربة في القدم، وهي محصلة ألفي سنة من التواجد المتواصل، مما جعلهم متشبعين بعادات وتقاليد عربية محضة، حتى أنّ المبشرين فشلوا في “تمسيحهم” مرارا على الشاكلة الغربية، لأن مسيحيتهم أصيلة وقديمة.

وبالعودة إلى التراجع القوي الذي أصاب التواجد المسيحي العربي، يتجلى أن بدايته تزامنت مع الغزو الأمريكي للعراق سنة 2003، والذي كان له وقع كارثي على هذا الحضور التاريخي، جعل منه مصيدة وفخا في العراك الطائفي الذي تم تفجيره في العراق، حيث غادر 90 بالمئة من المسيحيين العراقيين أراضيهم بين عامي 2003 و2004. ولاحقا، ومع اندلاع الثورة السورية سنة 2011، سُجّل فرار حوالي 300 ألف مسيحي سوري هربا من سعير الحرب.

هذه الموجات المتتالية من الهجرة والتهجير، تسببت في تراجع كبير للحضور المسيحي في العالم العربي، وهو ما يؤشر على انهيار آخر الجسور التي تربط بين الغرب والشرق، مما يجعل من المنطقة صحراء قاحلة فكريا وروحيا، ومهددة بالانكفاء على ثقافة منغلقة ومنعزلة عن العالم. والحال أن الحضور المسيحي في المنطقة قد شكل على مدى قرون مضت رافدا مهما للحضارة العربية، تمتع فيه المسيحيون بخصوصية حافظت على تواجدهم الديمغرافي والجغرافي عبر مختلف الأحقاب والعصور.

سيناريوهات سوداء

يعود التوزيع الجغرافي للتواجد المسيحي في منطقة الشرق الأوسط إلى أسباب تاريخية، يفسرها تنوعهم الثقافي والديني الكبير. ويتوزع المسيحيون على كامل أنحاء المنطقة تقريبا، بمختلف تشكيلاتهم؛ حيث يحضر الأرثوذكس الشرقيون (الذين يتوزعون بين الأقباط الأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس) بكثافة، فيما يتواجد المارونيون في لبنان والأشوريون الكلدانيون في العراق والكاثوليك بين روم أنطاكية والإسكندرية بإفريقيا، والروم الأرثوذكس بالقدس، والروم الأرثوذكس بقبرص، كما يوجد الأقباط الإنجيليون، والأرمن الإنجيليون، وإنجيليو سوريا ولبنان، والأسقفيون في القدس ومصر وإثيوبيا وشمال إفريقيا وقبرص والخليج، والإنجيليون اللوثريون في الأردن، وإنجيليو إيران، وهناك أيضا الأقباط الكاثوليك، والكاثوليك اللاتين، والكلدان الكاثوليك.

ويشكل هذا التواجد التاريخي والجغرافي الممتد والمتنوع شهادة كبرى على انتمائهم المتنوع والضارب في جذور المنطقة، مما يكذب كل دعاوى إلحاقهم بالصليبية القديمة أو الجديدة، وتخوينهم أو جعلهم طابورا من طوابير الإمبريالية في المنطقة.

ويثبت هذا التنوع الشديد واستمراريته بأن الكتلة الدينية المسيحية متنوعة على الرغم من انتمائها إلى جغرافيا دينية مسيحية، كما يلاحظ أنّها انحازت في أغلبيتها إلى العروبة لغة وثقافة، إذا استثنينا كنائس الروم والأرمن الذين يتكلمون اللغتين الأرمنية واليونانية. وهو ما يجعلها حالة مسيحية عربية فريدة، لها ما يميزها من خاصيات؛ فهي ليست ناطقة بلغة واحدة، وتفرق بينها اختلافات عقدية وتغيب فيها قومية جامعة رغم مسيحيتها.

لكن هذه المسيحية العربية المتنوعة، لم تكن لتستمر في وجودها لولا مجتمعات مسلمة تميزت باحترامها لأصحاب الديانات الأخرى، كما أنّ الحكومات العربية المتعاقبة منذ الاستقلال من ربقة الاستعمار، حرصت على أن تستفيد العديد من الكنائس كما الجوامع والمساجد من مجانية مدّها بالماء والكهرباء، ولم تكن الحكومات تعترض في الغالب على بناء أو ترميم كنيسة، بل شاهدنا تسامحا دينيا وسعة صدر كبيرين في التعامل مع الأقليات الدينية ورعايتها.

الموجات المتتالية من الهجرة والتهجير، تسببت في تراجع كبير للحضور المسيحي في العالم العربي، وهو ما يؤشر على انهيار آخر الجسور التي تربط بين الغرب والشرق

لكن الوضع اليوم، اختلف كثيرا في كلّ من العراق وسوريا، حيث لم تعد الدولة قادرة على حمايتهم. وقد دفعهم هذا الواقع الجديد إلى الفرار من مدن عديدة شأن الموصل العراقية ومعلولا السورية غداة الهجوم الذي نفذه تنظيم “داعش”، كما وقع تدنيس الكثير من كنائسهم وتدمير البعض الآخر، وهو ما جعلهم حائرين بين الوقوف في وجه الأنظمة الحالية أو دعمها (خاصة في سوريا)، حيث أضحى الوضع في غاية الصعوبة.

وبدأ الخوف من تقسيم كل من العراق وسوريا يجر إلى أذهانهم صور حرب أهلية قاسية، فضلا عن فقدانهم لأوطانهم وتشتيتهم لا محالة في كل أصقاع الدنيا، فالمسيحيون، على عكس العلويين والأكراد والدروز، لا يتواجدون في مناطق جغرافية واضحة المعالم، بل هم يعيشون في جزر سكانية لا تواصل بينها، تجعل وضعيتهم في غاية الهشاشة والضعف.

هذا المشهد السوداوي، وما سينجرّ عنه من تداعيات، بات يفرض على العالم العربي عموما القيام بثورة ثقافية تتوخى تقديم أجوبة سياسية تجعل من التعددية قيمة ثقافية راسخة تنبذ المفاضلة على قاعدة الانتماء الديني والمذهبي، بما يجعل أرض الأخوة الإسلامية والمسيحية العربية تسير على هدي البيت الشعري القائل: وقرآنها اليوم إنجيلها … وإنجيلها اليوم قرآنها.

عانى مسيحيو الشرق الأوسط، وخاصة في سوريا والعراق، خلال السنوات الأخيرة من ما سماه الكثيرون "حرب إبادة"، ليتقلص عددهم بصورة كبيرة بعد استهدافهم من قبل مجموعات تكفيرية وتهجيرهم عنوة.

وفي مصر

شهد عام 2016 العديد من الحوادث والفتن الطائفية، والتي تصاعدت بشدة في محافظة المنيا لدرجة إقالة المحافظ، وتعيين وأخر، كما بلغت ذروتها بتفجير الكنيسة البطرسية الذي أعاد إلى الأذهان تفجير كنيسة القديسين مطلع عام 2011. أما في عام 2016، فقد جاءت أبرز الأحداث كالأتي:

- 14 يناير قامت قوة أمنية بمنطقة الخصوص القديمة بإغلاق كنيسة الأنبا إبرام والأنبا كاراس بحجة عدم وجود ترخيص ووجود مشاكل مع الجيران المسلمين.

- في شهر يناير أيضا شهدت قرية أبوحنس في المحافظة اشتباكات بين الأقباط والمسلمين، بسبب قيام الأقباط ببناء سور للكنيسة، وقد فرضت قوات الأمن طوقًا أمنيًا، لمنع تجدد الاشتباكات. - وفي نفس الشهر تم اختطاف "صابرين سعد ميشيل"، 17 عامًا من قرية دلجا، التابعة لمركز دير مواس، وقد كانت الفتاة مخطوبة.

- أيضا في شهر يناير قام مجهولون ملثمون باختطاف شاب قبطي يدعى "سمسم صادق فهمي"، 23 سنة، وقد تلقت الأسرة اتصالا هاتفيا من الخاطفين يطلبون منهم فدية مالية مقابل إطلاق سراح نجلهم ، وحررت الأسرة محضرة بالواقعة يحمل رقم 87 لسنة 2015 إداري بندر ملوي".

- في شهر فبراير نظم عددًا من الطالبات بمدرسة ثانوية فنية للبنات، ضد تعيين مديرة مسيحية للمدرسة، وهي ميرفت سيفين، كما وقعت حادثة أخرى في نفس الشهر، في مدرسة الصنايع للبنين، حيث احتجوا أيضًا على تعيين مديرة مسيحية للمدرسة.

- في 25 فبراير قضت محكمة جنح أحداث بني مزار بالحبس لمدة خمس سنوات لكل من: (مولر عاطف إدوار، باسم أمجد حنا، ألبير أشرف حنا) وبالإيداع لدى مؤسسة عقابية للطفل (كلينتون مجدي يوسف) بتهمة ازدراء الأديان، بسبب فيديو مدته لا تتجاوز 30 ثانية يسخرون فيه من تنظيم "داعش" الإرهابي.

-12 مايو تعرض مبنى مؤقت للكنيسة السيدة العذراء بقرية الإسماعيلية البحرية، لحريق في الساعة الثانية فجر، واتهم الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا متطرفين بالوقوف وراء هذا العمل. - في نفس الشهر قام العشرات من أهالي قرية "الكرم" بالمنيا، بتجريد سيدة قبطية مسنة من ملابسها، وسحلها في الشوارع، إثر شائعة عن وجود علاقة بين نجل هذه المسنة، وسيدة مسلمة، وقد ثبت كذب هذه الشائعة.

17 يونيو اعتدى بعض الأهالي بقرية "البيضاء" في العامرية بالإسكندرية، على مبنى خدمات تابع للكنيسة عقب خروج شائعة باعتزام الأقباط تحويله إلى كنيسة، ما أسفر عن تحطيم سيارة رجل ديني مسيحي وإصابة شخصين بجروح، وترويع أهالي المنطقة.

- 29 يونيو.. قام المئات من مسلمي قرية كوم اللوفي بمركز سمالوط بمحافظة المنيا، بحرق منزل أيوب خلف فهمي تحت الإنشاء تحت مزاعم تحويل المنزل إلى كنيسة.

- 15 يوليو.. هاجم المئات منازل أقباط بنزلة أبو يعقوب التابعة لقرية منشأة الدهب بمركز المنيا عقب شائعة بتحويله من منزل إلى كنيسة.

- 22 يوليو قام العشرات من مسلمي قرية سفط الخرسة، بمركز الفشن، بمحافظة بني سويف بمهاجمة منازل أقباط، وهم: إسحاق فهيم ونادي يعقوب وعزت سمير، بحجة تحويل منزل للكنيسة، وقاموا برشقها بالحجارة مما أصاب أصحابها بالهلع بالإضافة لتكسير بعض النوافذ.

- في 7 أغسطس.. اعتدت قوة أمنية مكلفة بتأمين الكنيسة الإنجيلية على القس عزت عفيفي، واصطحبته مع آخرين لتحرير إداري قسم أول الإسماعيلية، حيث تم عرض المحضر على نيابة الإسماعيلية في الصباح 2016 لسنة 1386 محضر رسمي بما حدث حمل رقم فأصدرت قرارها بناءً على ما تقدم لها من أوراق تثبت أحقية الكنيسة الإنجيلية في تعيين راعى للكنيسة يقوم بإدارة شئونها الدينية.

-26 أغسطس ألقت قوات الأمن القبض على عدد من أقباط قرية أولاد إبراهيم مركز أسيوط للصلاة داخل مبنى، حيث كان الأهالي باستعمال منزل للصلاة به وقاموا بعمل "صبه" من الأسمنت والرمل للأرضية بغرض تجهيزها.

- في شهر نوفمبر تعرض المواطن مجدي مكين، بائع سمك للتعذيب حتى الموت في قسم المطرية، وقد أثبت الطب الشرعي موته نتيجة للتعذيب، وتم القبض على الضابط وعدد من أمناء الشرطة للتحقيق معهم، ورغم كون القضية جنائية إلا أنها اتسمت بطابع طائفي، مثل باقي الأحداث.

- 11 ديسمبر وقع انفجار في الكنيسة البطرسية، ما أسفر عن استشهاد 27 شخصا، وإصابة نحو 50 آخرين.

- 20 ديسمبر تم اختطاف أمير موريس إسحق، طبيب صيدلي، في قرية دير تاسا، التابعة لمركز ساحل سليم بأسيوط، وطالب الخاطفون بفدية إلا أنه تم إطلاق سراحه الأيام الماضية بعد تضييق قوات الأمن الخناق على الخاطفين.
هذا الخبر منقول من : البوابه نيوز
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
مسيحيو الشرق: أصالة التعددية
البطريرك بنيامين الأول لـ آكي مسيحيو الشرق مستهدفون
مسيحيو الشرق.. بين تهديدات داعش ووعود ترامب
كاتب أمريكي مسيحيو الغرب لا يكترثوا لذبح المسيحيين في الشرق
سيأتى فرح كثير ليس لأن الحزن قليل ولكن لأن الله كبير


الساعة الآن 10:56 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024