حاكموا «برهامى» حتى لا تركعوا له
هل الدولة، بكل مؤسساتها التشريعية والقضائية، لاتزال بحاجة إلى تعريف دقيق لمصطلحات: (التحريض على القتل، تهديد السلم الاجتماعى، إثارة الفتنة الطائفية)؟.. إذا كانت النيابة العامة (بحكم مسؤوليتها عن تمثيل المجتمع وتحريك الدعاوى الجنائية نيابة عنه) لم تضع يدها على تكييف قانونى لهذه المصطلحات، فليس عليها إلا قراءة بعض فتاوى «ياسر برهامى»، نائب رئيس الدعوة السلفية، الذراع السياسية لحزب «النور».
من فتاواه الهدامة للمجتمع: (الدولة أعطت المسيحيين ما لا يستحقون من المساواة بينهم وبين المسلمين، وإن المسيحيين إرهابيون ومتطرفون يستعدون بالسلاح والتدريب داخل الأديرة المحاطة بالأسوار الخرسانية العالية)، كما أفتى «برهامى» بهدم الكنائس، وعدم حرمانية ذلك، والمطالبة بفرض الجزية على النصارى.. وكل هذه الفتاوى جمعها المستشار «نجيب جبرائيل»، رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان، فى أسطوانة مدمجة، أرفقها ببلاغه إلى المستشار «نبيل أحمد صادق»، النائب العام، متهما «برهامى» بالتحريض على تفجير الكنيسة البطرسية، من خلال الفتاوى المتشددة! فرغم تخصص «برهامى» فى الفتاوى الجنسية، وتركيزه على إلهاء الشباب باللعب على أوتار غرائزهم، إلا أنه اتخذ الأقباط هدفاً لشذوذه الفكرى وفتاواه القاتلة، وهو دور مشبوه يؤكد أنه يعمل لحساب التنظيمات التكفيرية والإرهابية، ويشعل نيران الفتنة الطائفية التى هدأت بعد ثورة 30 يونيو. ورغم أن «برهامى» نفسه حزام ناسف يحاصر خصر المجتمع، وقنبلة موقوتة على لحظة غضب، إلا أن الدولة تحتضنه، ووزارة الأوقاف تجدد له تصاريح الخطابة فى المساجد ليتمكن من المنابر كلها سواء فى المساجد أو على الإنترنت أو وسائل الإعلام.. وهذا دليل إدانة دامغ على تورط بعض أجهزة الدولة فى دعم الإرهاب ورعايته ونشره بكل الوسائل الممكنة! كل كلمة ينطق بها «برهامى» هى إرهاب معنوى يؤدى إلى إرهاب مادى، ألغام يصمت عليها «الأزهر الشريف» والأمن الوطنى والنيابة العامة: (عدم إلقاء الزوج التحية على زوجته المسيحية ومعاشرتها كالمغتصبة، تحريم تهنئة الأقباط فى أعيادهم، وأخيرا فتواه بأن ضحايا الكنيسة البطرسية ليسوا شهداء)! وإن كان «برهامى» هو رأس الحربة فى نشر مناخ التكفير، وتأجيج الفتنة، فإن مؤامرة تفجير الوطن من الداخل تكتمل بعدة أسماء، أبرزهم: (الحوينى، العدوى، الشحات).. إلخ تلك الشخصيات التى تتصدر المشهد، وتزدرى الدين الإسلامى ليل نهار دون أن يحاسبها أحد. وقد تساءلت كثيرا- فى عدة مقالات- عن سر جبروت التيار السلفى وسطوته على الدولة، وهل هناك «صفقة خفية» بينهما، دفعت الدولة لمخالفة الدستور والإبقاء على الأحزاب الدينية، وفى مقدمتها حزب «النور»، أم أن التيار السلفى يتحكم فى الخلايا الإرهابية الموجودة بسيناء، مما يؤجل الصدام الطبيعى بين دولة تدَّعى أنها مدنية وأحزاب غير شرعية؟ فلم تُجِبْنى أى جهة!! وكأن الدولة التى ركعت من قبل لفاشية «الإخوان» الدينية لم تعد تهتم بطبيعة النظام، ولم تتعظ من اختراقها وأخونتها وما يشكله من تهديد للأمن القومى.. لأن الأقباط وحدهم فى وجه المدفع، يسددون ثمن مصريتهم من أرواحهم وممتلكاتهم ومستقبل أولادهم! لقد أصبحنا دولة عنصرية من الطراز الأول، المؤسسة الدينية تمارس سطوتها على العباد والمفكرين والمثقفين، ولا تمارس دورها فى تجديد «الخطاب الدينى»، لأنه يُسقط هالة «القدسية» عن رموزها (البخارى ومسلم)، ولأنها لا ترغب فى صدام مع التيار السلفى، ولا تخوض معركة ضد التنظيمات الإرهابية.. مكتفية بمكتسبات رجالها المادية والمعنوية!! وفى ظل غياب شبه تام لثقافة التسامح وقبول الآخر، يصبح الصوت الأعلى لـ«إرهاب برهامى»! إن شئتم القضاء على مناخ التطرف والإرهاب، فحاكموا «ياسر برهامى» وأمثاله، أغلقوا منابر تكفير الأقباط والطعن فى عقيدتهم، فعّلوا الدستور وحِلُّوا الأحزاب الدينية، أوقفوا اغتيال التيار السلفى للعقول المصرية ونزيف التجنيد فى كتائب الإرهاب بفتاوى متعفنة. تفجير «الكنيسة البطرسية» هو جرس الإنذار الأخير لدولة تشتعل نيران التعصب والتكفير فى أطرافها، لكنها فقدت حتى الإحساس بالألم.. دولة يسقط فيها آلاف الشهداء بفتوى من شيطان مختل مثل «برهامى».. فتتركه ينعم بغنائمه من غزوات الكنائس، وتُصدِّر للأقباط سياسة تطييب الخواطر وتبويس اللحى!!
هذا الخبر منقول من : المصري اليوم